يجري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مباحثات في السعودية مع الملك عبد الله بن عبد العزيز تتركز حول الملف النووي الذي يتوقع أن يصدر بشأنه قرار جديد من مجلس الأمن الدولي خلال أيام. فى عودته من الخرطوم زار الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد الرياض، وسط تصاعد المخاوف الخليجية من المشروع النووى الإيرانى، كما تأتى تتويجا لتحركات البلدين على الملفين العراقى واللبنانى. وقد قرر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست تأجيل اجتماع كانوا يعتزمون عقده اليوم في السعودية لمناقشة برنامج إيران النووي إلى يوم الاثنين المقبل أي بعد انتهاء زيارة أحمدي نجاد. وكان محمد خاتمي -عضو مجلس خبراء القيادة الإيراني- قد اتهم فى وقت سابق كل من باكستان وست دول إسلامية أخرى من بينها السعودية بالتواطؤ مع مع المخطط الأمريكى الصهيونى لعزل إيران. وقال خاتمي إن اجتماع الدول السبع في إسلام آباد مؤخرا كان يهدف لدفع البلدان الإسلامية للاعتراف بإسرائيل.
حمى تصعيد العقوبات
تأتى هذه الزيارة فى الوقت الذى أعلن رئيس مجلس الأمن الدولي دوميساني كومالو أن المجلس بصدد إنهاء مشاوراته لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي, مشيرا إلى أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد جلسة حاسمة فى ها الشأن.. وأضاف كومالو -الذي يتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن- إن الدول الكبرى تحاول ضم كل الأعضاء في المناقشات خلافا للعام الماضي عندما أجرت محادثات فيما بينها فقط حتى قبيل فترة وجيزة من التصويت. وأشار إلى أنه بحلول الاثنين أو الثلاثاء "يتوقع أن تكون هناك مسودة لمشروع القرار".
وقد لمح السفير البريطاني إيمير جونز باري لوجود خلافات بين الدول الأعضاء الدائمين بإعرابه عن إنه خلال الأسبوع الحالي سيصاب "بخيبة أمل" إذا لم يكن هناك مشروع قرار. وتعبيرا عن نفس المخاوف قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك إنه لا يتوقع أن يكون مفاوضون كبار من الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا قد أكملوا المسودة التي ستناقش في نيويورك, ولكنه قال إنه يتوقع الانتهاء من هذه المهمة خلال ساعات. وتوقع دبلوماسيون أميركيون وأوروبيون أن تتضمن العقوبات "فرض حظر إجباري على سفر المسؤولين الإيرانيين المتورطين في البرنامج النووي وتوسيع قائمة المواد والتكنولوجيا النووية المحظورة". كما تسعى الضغوط الأمريكية، إلى تضمين العقوبات توسيع قائمة المسؤولين الإيرانيين الذين جمدت أرصدتهم في القرار الذي صدر في ديسمبر الماضى، ولكن مبعوثين قالوا إنه سيتم استبعاد مقترحات فرض حظر شامل على السلاح بسبب اعتراضات روسية بالإضافة إلى فرض حظر على تأشيرات دخول الطلاب الذين يدرسون التكنولوجيا النووية في الخارج. تفاؤل فى بيروت وفى بيروت كشف محمود قماطي عضو المجلس السياسي لحزب الله عن أن المبادرة العربية والمساعى السعودية الايرانية المشتركة وصلت إلى حلول تقضى بتشكيل حكومة وحدة وطنية وفق معادلة "19-11" (19 وزيرا للموالاة و11 وزيراً للمعارضة) ، وبضرورة الاخذ بعين الاعتبار الملاحظات حول اقرار مسودة المحكمة ذات الطابع الدولي. واعتبر قماطي، اليوم السبت، أن هاتين النقطتين هما الأساس فى الحل المطروح، لكن هناك دائما "عقبات منتظرة" خاصة من الادارة الامريكية وبعض الدول الاوروبية ، مشيرا الى أن المعارضة تنتظر تذليل هذه العقبة.
وأكد قماطى أن حزبه ينظر بايجابية كبيرة الى اللقاء الإيرانى السعودى ، وقال أن المسؤولين سيبحثان فى الامور والازمات والمشاكل العالقة على مستوى المنطقة ومن ضمنها لبنان.
وقد توقع المراقبون ان تؤدى زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى السعودية اليوم السبت الى اتفاق بين القوتين الاقليميتين من شانه ان يؤدي الى حلحلة الازمات في العراق ولبنان. وقال انور عشقي الذي يرئس مركز الشرق الاوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية في جدة ان السعودية وايران تتفقان على انه "لا يجب ان يسمح لحرب اهلية ان تقع بين السنة والشيعة في لبنان". واكد عشقي في حديث مع وكالة فرانس برس ان الدولتين "من دون شك تسعيان للتوصل الى حل في لبنان وقد تسفر زيارة احمدي نجاد عن مبادرة مشتركة" للخروج من المأزق في الازمة السياسية الحادة بين الحكومة اللبنانية التي يراسها فؤاد السنيورة والمعارضة وعلى راسها حزب الله. كما اعتبر عشقي ان محادثات احمدي نجاد مع الملك عبدالله بن عبد العزيز "ستؤدي الى تفاهم سيخفف من حدة الصراع في العراق". وتاتي زيارة الرئيس الايراني الى المملكة قبل انعقاد لقاء للدول المجاورة للعراق والقوى الدولية في بغداد في العاشر من مارس وقبل القمة العربية التي ستستضيفها الرياض في 28 و29 مارس وبالتالي ستسعى المحادثات التي "تنسيق المواقف" بحسب عشقي. وقال بندر العيبان الذي يراس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي.. فى أشارة واضحة لدخول السعودية بكل ثقلها على خط المشكلات فى المنطقة.. ان زيارة احمدي نجاد "تعني ان ايران وصلت الى قناعة بان المخرج هو في الحوار والتفاهم مع المملكة السعودية في محاولة للخروج من الازمات في العراق ولبنان". واضاف في حديث مع وكالة فرانس برس "في نهاية المطاف لا بد لايران ان تعيد حساباتها (..) وان تعرف ان استمرارية عدم التفاهم لايجاد المخارج للازمات في لبنان والعراق وايضا حول مشروعها النووي سيزيد من الحصار الدولي عليها". وتاتي هذه الزيارة في اعقاب سلسلة من اللقاءات عقدت بين مسؤولين رفيعي المستوى في ايران والسعودية التي تعد من اهم حلفاء واشنطن في المنطقة. وترتبط السعودية احدى اهم الدول المانحة التي تساعد لبنان بعلاقات متينة مع الحكومة اللبنانية المدعومة من الغرب والتي تطالب المعارضة باسقاطها عبر تنظيم تحرك شعبي غير محدد زمنيا. وأوضح عشقي ان السعودية "لا تريد تصعيدا" قد يؤدي الى تدخل عسكري اميركي ضد ايران "يهدد حركة الملاحة في منطقة البترول". وقال ان الرياض ولو انها لا تملك حلا للازمة النووية لكن لديها "اوراقا لتهدئة التصعيد" بين الطرفين و"التحول الى الحوار".