منذ مايقرب من أسبوع، وقف قائد النظام العسكري، عبدالفتاح السيسي، بجوار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في العاصمة الفرنسية "باريس" متحدثًا بصوت عالٍ: "معندناش علاج سليم " ليؤكد أن البلاد تعاني فعليًا من ازمة طاحنة في كثير من المجالات من بينها العلاج والإهمال الصحي. وفي مصر من لم يمت من المرض مات من الإهمال والتقصير في تقديم الخدمة الطبية، وهو بالفعل ما جرى لمرضى الكلى، الذين أجروا عمليات زرع الكلى، لكنهم اصطدموا بنقص حاد في الأدوية اللازمة بعد العملية، خصوصًا الأدوية المثبطة للمناعة، حيث يضطر المريض للحصول عليها مدى الحياة؛ لكي يحافظ على الكلى المزروعة له، بدلا من أن تفشل مرة أخرى وتتعرض حياته للخطر. وانتاب عدد كبير من زارعي الكلى، حالة من الاستياء، لعدم توافر الأدوية ونقصها في السوق، وأكدوا أنها غير متوفرة سواء في الصيدليات أو المستشفيات، وعلى رأسها معهد الكلى بالمطرية، التابع لهيئة المعاهد التعليمية بوزارة الصحة. عشرات الآلاف من المرضى بين الألم والموت تؤكد الإحصائيات، أن عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر يقدر بما يقرب من 60 ألف مريض، هم من يجرون غسيل كلوي، جميعهم بحاجة إلى عمليات زرع كلى، إلا أنه نظرا لارتفاع تكلفة عمليات الزرع، إضافة إلى صعوبة الحصول على متبرع، لا يوجد أمام المريض إلا الاستمرار في الغسيل الكلوي. وبحسب وزارة صحة العسكر، فإن عدد عمليات زرع الكلى سنويا في مستشفيات التأمين الصحي يبلغ ما يقرب من 600 عملية سنويا، بينما تصدر قرارات علاج على نفقة الدولة لما يقرب من 500 مريض سنويا؛ لإجراء عمليات الزرع بجانب العمليات التي تجرى في الأماكن الخاصة. وليد جابر مريض يبلغ من العمر 32 عاما من محافظة قنا، أجرى عملية زرع كلى في معهد الكلى بالمطرية، وتبرعت له والدته بكليتها، وليد الذي يحصل على أدوية للحفاظ على الكلية المزروعة له روى معاناته مع غيره من المرضى، خاصة ممن جاءوا إلى القاهرة من محافظاتقنا والأقصر وسوهاج لصرف العلاج إلا أنهم منذ شهرين لا يجدونه ولم يحصلوا عليه، والإجابة الوحيدة لهم بصيدلية معهد الكلى أن الدواء غير متوفر، بحجة عدم توريد وزارة الصحة الأدوية لهم، واللى عايز يمشي ويجيب الدواء من مكان تاني يجيبه، بحسب ما ذكر موقع "فيتو" . وتابع، أنه يحصل على أدوية «سيلسيبت، السانديمون، برجراف» وغير موجودة بمعهد الكلى، وإن توفر نوع لا يجد النوع الآخر، ويضطر لشرائه من الخارج بأسعار باهظة الثمن، لا يقدر عليها، فيضطر المرضى للانتظار وتضيع عليهم الجرعات. وألفت أن قرار العلاج على نفقة الدولة يصدر لهم ب7500 جنيه لمدة 6 أشهر، أي 1250 جنيها لكل شهر، أدوية لا تكفي للعلاج، إضافة إلى أن الشهر الذي لا يصرف العلاج فيه من المعهد يضيع عليه قيمة قرار نفقة الدولة، ويصرفها المعهد، وهو أمر يتكرر مع عدد من المعاهد سواء الكلى أو معهد ناصر. أدوية مرضى الكُلى "ناقصة" محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء قال: إن أدوية المرضى ما بعد زرع الكلى تشمل، برجراف، مايفورتك، سليسبت، ساندميون، مشيرا إلى أنها تشهد نقصا حادا في السوق حتى في المستشفيات، مشيرا إلى أن معهد الكلى التابع لهيئة المعاهد التعليمية أكد نقصانها على الرغم أنه يخدم آلاف المرضى. وتابع، أن وحدة زراعة الكلى في مستشفيات جامعة المنصورة أعلنت منذ فترة عن توقفها عن إجراء عمليات الزرع؛ لعدم وجود أدوية المناعة اللازمة للمريض، وبدونها تفشل تلك العمليات لضرورة حصول المريض على أدوية مثبطة للمناعة. الأزمة بدأت مع "التعويم" وأكدن فؤاد، أن الأزمة بدأت منذ قرار الحكومة بتحرير أسعار الصرف، مما أدى إلى أن إحجام الشركات عن الاستيراد من الخارج والتوريد للمستشفيات، لكن عدم وجود سياسة لحل الأزمة من قبل وزارة الصحة أدى إلى تفاقم المشكلة التي تضاف إلى أعباء مرضى الكلى في مصر، الذين تحملوا مشقة نقص المحاليل الطبية أكثر من عام كامل. الدكتور كريم كرم عضو المركز المصري للحق في الدواء قال فى تصريح صحفى، إن الأدوية المثبطة للمناعة ناقصة في السوق، منها عقار براجراف ويبلغ سعره 1600 جنيه، بالإضافة إلى أدوية ساندميون 50 مجم 700 جنيه، وميفورتك 360 مجم 2580 جنيها، وميفورتك ب1380 جنيها. فيما، أكد الدكتور حاتم السمري استشاري أمراض الكلى، أن مرضى زرع الكلى يواجهون صعوبات في مرحلة ما بعد الزرع، أهمها توفير الدواء الذي يعتمد عليه كفاءة الكلى المزروعة. وألفت، إلى أن جميع الأدوية المستخدمة بعد الزرع مستوردة، إلا أنها أنواع منها الأمريكي والألماني وهي الأدوية الأصلية، ومنها البدائل المستوردة صناعة صينية بمادة خام أقل في الكفاءة، وهي أقل في السعر من الأمريكي. مؤكدًا، أن ارتفاع أسعار أدوية ما بعد الزرع ويصل منها الصنف الواحد إلى 1500 جنيه، مشيرا إلى أن الأدوية البديلة للصينية، يمكن أن تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 3 سنوات، بينما الأدوية الأمريكية الصنع يمكن أن تطيل عمر الكلى المزروعة إلى 10 سنوات وأكثر، لافتًا، إلى أن مريض زرع الكلى الذي تفشل عملية الزرع له يضطر إلى إجراء عملية غسيل كلوي من جديد، ويكلف الحكومة قرارات نفقة الدولة أو علاج بالتأمين الصحي، ويضطر لإعادة الزرع من جديد، والبحث عن متبرع جديد، ويضيع على المتبرع الأول له كليته. وألمح، إلى أن التأمين الصحي يوفر تلك الأدوية بنسبة 60% للأدوية المستوردة البديلة، و40% أدوية أصلية، موضحا أنها تتوفر على مراحل، ومن أهم التحديات التي تقابل المرضى إهمالهم لأنفسهم، وعدم الحصول على الدواء بانتظام والاستمرار فيه يؤدي إلى عودة الفشل الكلوي مرة أخرى، إضافة إلى عدم وجود سبب وراثي يجعل الفشل الكلوي يعود مرة أخرى، مؤكدا أن فشل زراعة الكلى السبب الرئيسى فيه يرجع إلى الدواء. وأفاد، أن تكلفة قرار نفقة الدولة التي تصدر للمرضى في مرحلة ما بعد الزرع 15 ألف جنيه، لا تناسب قيمة الأدوية التي يحتاج إليها المريض، مشيرا إلى أن عمليات زرع الكلى حاليا أصبحت مكلفة للغاية، تصل إلى 90 ألف جنيه كتكلفة مستلزمات وأجرة مستشفى وفريق طبي في حالة إذا كان المتبرع قريب المريض في الأماكن الخاصة، بينما في حالة شراء الكلية، وهو أمر مخالف للقانون في أماكن خاصة، تصل التكلفة إلى 200 ألف جنيه للعملية. وفي السياق ذاته، أكد، الدكتور "أحمد شقير" أستاذ أمراض الكلى بكلية الطب جامعة المنصورة، إختفاء مثبطات المناعة التي يحتاج إليها مريض زرع الكلى مدى الحياة، لافتًا إلى أن جميعها مستوردة، وأسعارها مرتفعة يصل سعر الحقنة التي يحتاجها بعض المرضى ل5 آلاف دولار، وألا يتم طرد الكِلية من الجسم وغير متوفرة.