أطفال كالزهور ممتلئون بالحياة وجوههم بريئة كالملائكة.. وللأسف أجسامهم نحيلة وأوردتهم ضعيفة نتيجة الفشل الكلوى الذى أصابهم. والذى منعهم من ممارسة حياتهم بصورة طبيعية.. تبدلت حياتهم، وربطت أيديهم في أجهزة الغسيل الكلوي لساعات طويلة أسبوعيا.. الكثيرون منهم تعذر عليه استكمال التعليم, وآخرون امتنعوا عن اللعب ومخالطة أصدقائهم.. كلهم أمل أن تمتد اليهم يد المساعدة وان يأتي دورهم في برنامج زرع الكلي الذي يطبقه مستشفي الاطفال أبو الريش في جامعة القاهرة, والذي نجح حتي الآن في اجراء71 عملية بالمجان, حتي يصبحوا اطفالا طبيعيين يلعبون ويمارسون حياتهم دون مخاوف او محاذير. في البداية تحكي والدة آلاء قصة ابنتها(7 سنوات) مع المرض, وتقول ان نموها توقف عند4 شهور وأصيبت بجفاف مستمر, وعولجت في مدينة طنطا في أكثر من مكان علي اساس انها مصابة بميكروب, وعلي مدار السنين أصيبت بقيء وسخونة مستمرين, وفي الشهور الاخيرة أصبحت هزيلة وضعيفة في النمو مقارنة بزملائها وفقدت قدرتها علي اللعب, وأخيرا أظهرت التحاليل إصابتها بالفشل الكلوي, ودلنا أهل الخير علي عمل الغسيل الكلوي في مستشفي الاطفال بجامعة القاهرة( أبوالريش) بالمنيرة, ومع الوقت تبين احتياجها لزرع كلي لضعف أوردتها التي لا تتحمل تكرار الغسيل, وبحمد الله وجدنا برنامجا لزرع الكلي بالمستشفي علي ان يكون المتبرع من الأقارب, وقررت علي الفور التبرع لها, وتم تحضيرنا للعملية بإجراء كل الفحوصات والتحاليل والأشعة بالمجان, وقدم المستشفي دعما ماديا لاجراء الأشعات غير الموجودة به كالمسح الذري وتحاليل الانسجة وأشعة الصبغة التي تتكلف وحدها0021 جنيه. وتستطرد والدة آلاء قائلة: كل ذلك تم بالمجان, وخلال شهرين من بداية الفحوصات تم الزرع, وتلقي ابنتي رعاية جيدة, خاصة ان الوحدة تمتاز بسرعة اجراء الجراحة, والمتابعة الشاملة بعد العملية. رجعت ألعب تاني! وفي فرحة شديدة تظهر فيها براءة الأطفال قال محمود محسن(21 سنة): زرعت كلي من شهور, ورجعت لحياتي الطبيعية ورحت مدرستي بعد ماسبتها وانقطعت عن الدراسة6 شهور, لأن ماكنش فيه امل وكنت متوصل بجهاز الغسيل3 مرات كل اسبوع من8 صباحا, وكنت دائما مرهق وماقدرش امشي علي رجلي, وبفضل الله ثم الأطباء الطيبين في وحدة زرع الكلي بأبو الريش بقيت في سنة ثالثة اعدادي, وتقول أمه انها كانت تتألم لتألم ابنها, وذلك لوجود صعوبات في الغسيل الكلوي حتي نصحني البعض باللجوء الي برنامج زرع الكلي في المستشفي, وقررت التبرع بكليتي بعد عدم موائمة والده للتبرع, وأجريت لي كل الفحوصات كمواءمة الكلي والفحوصات غير الموجودة بالمستشفي من حساب التبرعات, وخلال شهر أجريت عملية الزرع, وحتي الآن محمود بحالة جيدة وأصبحت معنوياته مرتفعة, ويتم صرف العلاج له بالمجان ومنها أدوية المناعة مرتفعة التكاليف, وترجو كل أب وأم عدم إهمال أطفالهم صحيا واللجوء للطبيب الصحيح حتي لايحدث لهم مثل ماحدث لابنها. زرع الكلي.. الحل المثالي للأطفال وعن أسباب تزايد إصابة الأطفال بالفشل الكلوي, توضح الدكتور فتينة فاضل أستاذ طب الأطفال ومدير مركز طب وزراعة الكلي في مستشفي( أبوالريش) أن02% من الإصابة ترجع لأسباب وراثية كتكلس او تحوصل الكلي, او نتيجة الإصابة بالتهابات متكررة ومزمنة في الجهاز البولي كالالتهابات الميكروبية المسببة لالتهابات مناعية بالكلي, او تناول الأدوية بصورة خاطئة مثل بعض المضادات الحيوية الضارة بالكلي, والمؤثرة في أنسجتها ووظائفها. وتزايدت في الآونة الأخيرة الحاجة لزرع الكلي للأطفال, حيث يحتاج52% من أطفال الفشل الكلوي للزرع نتيجة صعوبات الغسيل, ومنها طول فتراته وتكلفته المرتفعة التي تتعدي002 جنيه للجلسة الواحدة, وكذلك ضعف أوردة الطفل, وتفاقم بعض الامراض مع الغسيل كأمراض العظام والقلب, ونلجأ في بعض الأطفال للزرع مباشرة قبل الغسيل نتيجة اصابتهم ببعض الأمراض كالفيروسات. وتضيف انه عند اتخاذ قرار العملية تبدأ أولي الخطوات بقبول المتبرع من الاب أو ألام او الأقارب فقط, ثم نبدأ في إجراء التحاليل والفحوصات للمريض والمتبرع, كما تجري بعض الفحوصات غير الموجودة بالمستشفي كالأشعة المقطعية والصبغة علي الشرايين, والمسح الذري للكلي وهذه تدفع تكلفتها من أموال التبرعات. الجدير بالذكر.. أن تكلفة العملية تبلغ51 ألف جنيه يتحملها المستشفي بالكامل, ويمتد دور المستشفي بعد نجاح العملية الي متابعة الطفل مدي الحياة بصورة دورية, كما تصرف للطفل ادوية مثبطات المناعة التي تتكلف02 الف جنيه سنويا, يسهم فيها التأمين الصحي في بعض الحالات بنسبة محددة, وقد نجحت وحدة طب وزراعة الكلي في المستشفي حتي الآن في اجراء71 عملية مجانية ناجحة بنسبة09%, وذلك بالتعاون مع جراحي المسالك البولية بقسم مسالك الأطفال في مستشفي قصر العيني, وسبقها52 عملية للاطفال في وحدة الملك فهد بقسم الكلي بالكبار. وتناشد الدكتورة فتينة التأمين الصحي بزيادة مشاركته في تغطية نفقات زرع الكلي, وأدوية مثبطات المناعة, وتدعو الجمعيات الأهلية ورجال الاعمال بالتبرع لدعم برنامج زرع الكلي علي حساب رقم9/054/90288/9 بالبنك المركزي. طفل طبيعي001% من ناحية اخري, يتحول الطفل المصاب بالفشل الكلوي, من طفل مربوط بالأجهزة3 مرات أسبوعيا, ويحضر للمستشفي من الريف في السابعة صباحا, ويمارس حياته بمحاذير, الي طفل طبيعي تماما, كما يقول الدكتور هشام محمد سافوح أستاذ طب الأطفال ورئيس وحدة كلي الأطفال في مستشفي أبوالريش بل وينمو بصورة افضل, حيث يعتبر زرع الكلي هو الحل المثالي والنهائي للفشل الكلوي والبديل عن الغسيل الكلوي, علي جانب آخر فإن المتبرع لايضار ويمارس حياته بكلية واحدة وبصورة طبيعية. ويشير الي تزايد نسب الاصابة بالفشل الكلوي نتيجة اسباب مرضية غير معروفة, وخاصة بأطفال الدول النامية, وتكمن مشاكل الزرع في ارتفاع تكلفة العملية ومتابعة المريض والمتبرع بعد الجراحة, ويتحمل المستشفي كل التكاليف ويقدم لهم الخدمات بالمجان, وفي بعض الحالات النادرة قد يصاب الطفل بفيروسCMV والذي تصل تكلفة علاجه الي61 الف جنيه, كل ذلك يظهر العبء الملقي علي المستشفي, علما بأن زرع الكلي يعد أقل تكلفة مقارنة بالجراحات الأخري كزرع الكبد, كما تحتاج جراحات زرع الكلي لفريق من المتخصصين, ولهذا يتم التعاون بين الوحدة في مستشفي الاطفال وجراحي المسالك البولية وأطباء طب وكلي الاطفال في مستشفي قصر العيني, ويؤكد ان الاطفال في كثير من دول العالم لهم الأولوية في زرع الأعضاء خاصة انهم يعودن اطفالا طبيعيين يمكنهم استكمال تعليمهم وحياتهم, ولهذا يطالب بتفعيل قانون زراعة الاعضاء من المتبرعين الأقارب وحديثي الوفاة وإعطاء الأولوية للطفل, والتأكيد علي عدم الإضرار بالمتبرع الذي يوهب الحياة لغيره من الأطفال. تكامل ما الذي تقدمه جامعة القاهرة وإدارة المستشفي من دعم لإنجاح برنامج زرع الكلي.. وما الصعوبات التي تواجه برنامج زرع الكلي للأطفال؟! تساؤلان طرحناهما علي الدكتور نبيل عبد العزيز مدير مستشفي الاطفال الجامعي ابوالريش, فأجاب قائلا: ان قسم الكلي من اول الأقسام والتخصصات التي أنشأدها المستشفي, وخصص للقسم الدور الرابع بالكامل علي مساحة نصف المستشفي, ويضم وحدة للموجات الصوتية, وقسم الحجز المرضي, و02 جهازا للغسيل الكلوي منها3 أجهزة تعمل لغسيل الطوارئ علي فترتين وهذه الأجهزة تم توفيرها للأطفال قبل اللجوء للزرع, وقد بدأ برنامج زرع الكلي وفقا لقواعد تنظيمية وخصص له ميزانية خاصة منذ بدايته, الي جانب تحمس كل الاطباء متبرعين بوقتهم, ومجهودهم لإنجاح البرنامج وبهدف وضع ابتسامة علي وجوه هؤلاء الأطفال, ويظهر نجاح البرنامج في النسب المرتفعة لنجاح العمليات نتيجة الإعداد والتجهيز الجيد للمرضي. ويستطرد قائلا: يمتاز المستشفي بتكامل كل تخصصات الأطفال, الي جانب وجود كوادر المسالك البولية وطب كلي الأطفال, كما تمت الاستعانة بخبرة وحدة الملك فهد بطب قصر العيني لتبادل الخبرات وهو تعاون لايزال مستمرا, وتكمن الصعوبات التي يواجهها برنامج زرع الكلي في زيادة اعداد الاطفال علي اجهزة الغسيل الكلوي فهناك002 الي003 طفل سيحتاجون قريبا لزرع كلي, وهذه الاعداد في تزايد مستمر نتيجة زيادة اقبال اطفال الريف علي المستشفي, وايضا ارتفاع تكلفة التحاليل والادوية خاصة ادوية مثبطات المناعة التي تتضاعف اسعارها سنويا. ويشيد الدكتور نبيل بدور مؤسسات المجتمع المدني, وجامعة القاهرة في دعم أقسام الرعاية المركزة وتجهيز غرف العمليات, ووجود تكامل بين المستشفيات الجامعية لإنشاء وحدات للغسيل الكلوي للأطفال, كما تشارك وزارة الصحة والتأمين الصحي والجامعة في دعم برنامج الغسيل الكلوي بإصدار قرارات العلاج علي نفقة الدولة, وحول مايجري الاتفاق عليه فهناك اتجاه لإصدار قرارات لدعم عمليات زرع الكلي, وينتظر الاتفاق مع وزارة الصحة والتأمين الصحي لزيادة نسبة مشاركتهم في رعاية المرضي بعد الزرع ودعم الأدوية. ويناشد الدكتور نبيل منظمات المجتمع المدني, ورجال الاعمال المشاركة بالتبرع لدعم برنامج زرع الكلي علي حساب9/054/90288/9 البنك المركزي, وصيانة أجهزة الغسيل التي تحتاج الي عمل تجديدات وإحلال كل5 سنوات.
