شهدت البلاد منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، أحداث دموية مرفوضة شكلاً وموضعًا بتفجير كنيستى مار جرجرس بطنطا، والكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية، والذين راح ضحيتهم العشرات، ونطالب أيضًا بمحاسبة مرتكبيها أين كانت شخصياتهم أو جنسياتهم، فالدم المصرى كله حرام، وإن كان سعينا ضد النظام تصاعد وسوف يستمر، فهو من أجل الحفاظ على وحدة الوطن من اجرام العسكر ورجالهم، ولعل هذا جزء من قصتنا هنا، كما ذكرنا فى العنوان عن الإعلامى الموالى للنظام عمرو أديب، الذى لا يتحدث ابدًا إلا بتعليمات من مكتب قائد نظام العسكر عبدالفتاح السيسى، والذى له دور كبير فى الأحداث التى شهدتها البلاد، والتى بالتالى تورط نظامه بشكل أو بآخر فى الحادث. فعلى غير العادة وحتى الآن لم تعلن أى جماعة مسلحة مسئوليتها عن الحادثين الإرهابيين، لكن كل المؤشرات تتجه إلى تنظيم داعش، ممثلاً فى تنظيم ولاية سيناء، الذى بايعه بمحافظة شمال سيناء، وتدور معه معارك مسلحة بينه وبين القوات المسلحة المصرية والشرطة، وذلك لتشابه تفاصيل تفجير الكنيستين بعمليات سابقة، يأتى على رأسها الكاتدرائية بالعباسية والتى أعلن التنظيم مسئوليته عنها، وسوف نحاول فى التقرير التالى توضيح الرؤيا حسب التأكيدات التى نشرت خلال الفترة الماضية. من أين جاء عمرو أديب بمسلسل التفجيرات الذى أعلنه الشهر الماضى؟.. ولماذا لم يتخذ الأمن الاحتياطات اللازمة؟ منذ أكثر من أسبوعين، أطل علينا الإعلامى الموالى للنظام عمرو أديب، عبر برنامجه، كل يوم المذاع على فضائية أون تى فى، ليتحدث عن مسلسل كبير من التفجيرات سوف تحدث خلال شهر أبريل، وتحدث أديب كما هو موضح بالفيديو المرفق بالموضوع، عن ذلك الأمر بثقة كبيرة وكأنه متأكد من حدوثه، لكن النظام لم يتحرك تجاه ذلك الأمر، على الرغم من وقوع انفجار قوى بمحيط معسكر الأمن المركزى بطنطا، التى شهدت الانفجار الثانى اليوم بكنيسة مار جرجرس. فإذا افترضنا حسن النية فى الأمر، وأن أديب قد علم ذلك المسلسل عبر مصدر خاص لا يحق لأحد أن يساله عنه، فأين النظام الموالى له الإعلامى من كل هذا؟، ولماذا لم يتخذ الاحتياطات اللازمة؟، مع التأكيد مرة آخرى، "أديب" لا يتحدث فى أى أمور مثل تلك إلا بموافقة من اللواء عباس كامل، مدير مكتب "السيسى". فهل النظام متورط فى الأمر إلى حد تنفيذه، وتسريب معلومات عنه قبلها حتى يظهر فى دور المجنى عليه خلال الفترة القادمة ويبرر القرارات التى سوف يتم اتخاذها بشأن سيناء تحديدًا، والتى تم الاتفاق عليها لاحقًا مع الصهاينة والأمريكان؟. التسريبات الاخيرة التى تحدثت عما تسمى بصفقة القرن التى أبرمها "السيسى" مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى تدخل سيناء فى حيزها تؤكد تلك الشكوك، بإن النظام ضالع فى الأمر بشكل كبير جدًا حتى وإن لم يكن هو المنفذ وسهل الإجراءات الأمنية للفاعلين حتى يكونوا ذريعة للتحرك. فحسب شهود العيان بكنيسة طنطا، فقد أزال الأمن الحواجز قبل يوم واحد من الانفجار، كما أنه نجح فى تفكيك قنبلة منذ أسبوعين بذات الكنيسة، أى أن الهجمة مرة آخرى كانت محتملة إن لم تكن مؤكدة. طريقة التفجير تشبه كثيرًا عمل داعش.. وعملية الكاتدرائية بالعباسية خير دليل الجزء الثانى من الأمر هو ضلوع تنفيذ تنظيم ولاية سيناء المبايع لتنظيم داعش للعمليتين، حيث أن شهادة الشهود تؤكد أن كلتا العمليتين تمتا عبر انتحارى يرتدى حزام ناسف، وهى ذات التفاصيل التى تم التأكد منها عبر الرواية الأمنية الرسمية ورواية التنظيم نفسه فى تفجير الكنيسة البطرسية بالكاتدرائية فى العباسية بالقاهرة، والتى راح ضحيتها العشرات. ويعزز تلك الرواية أيضًا، التسجيل المصور الذى بثه التنظيم منذ شهرين، والذى هدد فيه المسيحين بمصر لأنهم كانوا سندًا وعونًا ل"السيسى" ونظام العسكر، ضد المسلمين، وتحت عنوان "مصر"، نشرت صفحات مقربة من التنظيم على موقع تويتر تسجيلاً منسوباً للتنظيم، تضمن مشاهد يظهر فيها أحد تابعي التنظيم، قيل إن كنيته أبو عبد الله المصري، وهو يحرض على قتال المسيحيين في مصر. وبحسب المقطع المصور يظهر أبو عبد الله، المسؤول عن تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة، في ديسمبر الماضي، وهو يعرض رسالته قبل التفجير الذي أودى بحياة العشرات. كما هاجم التنظيم في التسجيل الرئاسة والقضاء ، والجماعات والحركات الإسلامية في مصر وعلى رأسها الإخوان المسلمين وحزب النور ، ورجال دين مصريين من بينهم شيخ الأزهر، أحمد الطيب، والداعية السلفي محمد حسان. والتسجيل الممتد لنحو 20 دقيقة، تخلله هجوم أيضاً على محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، ووصفه ب"الطاغوت". ويوجد تنظيم الدولة في مصر عبر ذراعه "ولاية سيناء"، الذي بايعه في نوفمبر 2014، وينشط في محافظة شمال سيناء بشكل أساسي، وفي بعض المحافظات الأخرى بشكل ثانوي، مستهدفاً شخصيات ومواقع شرطية وعسكرية. وفي 11 ديسمبر الماضي، استهدف انتحاري بحزام ناسف مكاناً مخصصاً للنساء بالكنيسة البطرسية الملحقة بمجمع كاتدرائية المسيحيين الأرثوذكس في حي العباسية؛ ما أسفر عن سقوط 28 قتيلاً، بينهم منفذ العملية، وأكثر من 40 مصاباً.