لم تكتفى مافيا الدواء بالارتفاعات الكبيرة والمبالغ فيها بأسعار الدواء، ولا السوق السوداء التى باتت عُرف لحظى يعيش عليه المرضى وأهاليهم بعد خلو صيدليات المستشفيات من الأدوية وبالأخص المحاليل، والتى كانت قد تسببت فى كارثة كبيرة الفترة الماضية فى محافظة بنى سويف، وأدت إلى تسمم 8 أطفال، لكن الوزارة والجهات الرقابية هدأت من الأمر بعد صمت الإعلام عنه. ففي 2015، شهدت محافظة بني سويف كارثة طبية تمثلت فى وفاة 8 أطفال من بين 36 أصيبوا بارتفاع مفاجئ فى درجات الحرارة وإسهال وقيء وغثيان وفقدان للوعى، عقب تعاطيهم مستحضر "ميتاهايدريل" الوريدي. عقب تلك الواقعة، أصدر وزير صحة العسكر قرار رقم 86 لسنة 2015 بضبط وسحب كل ما يوجد بالسوق المحلية "صيدليات، مخازن، مستودعات" خاصة وحكومية من جميع مستحضرات مصنع المتحدون "فارما"، وإيقاف خط إنتاج مصنع المتحدة فارما للمحاليل الطبية، لأن "المصنع خالف قواعد التصنيع الجيد رقم 539 لسنة 2007، الذى ينص على أنه فى حالة المخالفات الجسيمة والحرجة طبقًا لتعريف المخالفات بمدونة منظمة الصحة العالمية WHO يتم وقف الإنتاج ولا يستأنف إلا بعد الالتزام باشتراطات التصنيع الجيد الواردة بالمدونة وموافقة اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية" بحسب قرار الوزير. وأشارت إيمان الحصري مقدمة برنامج "مساء دي إم سي" أمس الإثنين، إلى أن سبب الإعدام هو أن المادة المستخدمة في تصنيع المحاليل لا تصلح للاستخدام الآدمي، وتسبب الوفاة. وأكدت أنها حصلت على عبوات من المحاليل التي كان من المفترض أن تعدم، وهي تستخدم في السوق السوداء وسعر الكرتونة 600 جنيه.وعلقت على الواقعة قائلة:" ده سم ده موت، اللي فيها المفروض محلول للشفاء، بس للأسف ده بيسبب الموت". من جانبه، كشف الدكتور عبدالله محفوظ، رئيس مجلس إدارة شركة المتحدون-فارما، عن أن كل عبوات المحاليل الطبية التابعة للشركة والبالغ عددها 3 ملايين عبوة محرزة من قبل وزارة الصحة منذ 27 يوليو 2015. وأضاف "محفوظ" -خلال مداخلة هاتفية مع برنامج "مساء دي ام سي" عبر فضائية "دي ام سي" الاثنين- أنه لا توجد محاليل طبية تابعة لشركة فارما في الأسواق، لافتًا إلى أن وجود هذه العينات يعني تسريب كميات من المحاليل المحرزة إلى الأسواق، وأن إعدام العينات يتم في حضور ممثل من وزارة الصحة. خلال أكتوبر 2016، قرَّرت نيابة بنى سويف حبس رئيس مجلس إدارة وصاحب الشركة ورئيس التشغيل فى المصنع، 15 يومًا على ذمة التحقيق وتبين فساد إحدى التشغيلات الخاصة بمحلول معالجة الجفاف "ريهايدران الوريدى"، وغير مطابق لعدم وجود عناصر الصوديوم والبوتاسيوم مع ارتفاع نسبة الجلوكوز مما عرض حياة الأطفال للخطر والموت، ثم حُرّز نحو 3 ملايين عبوة غير صالحة داخل مقر الشركة والمستشفيات الجامعية ومستشفيات وزارة الصحة وشركات التوزيع. وتم رصد آلاف العبوات تتم بيعها وتداولها عبر مواقع تجارة الأدوية بوسائل التواصل الاجتماعى، وتواصلنا مع بعض من عرضوا بيع كميات من "كراتين" محلول ملح أو رينجر أو جلوكوز المتحدون، رغم قرار حظر بيع وتداول تلك المحاليل، ووصل سعر الكرتونة إلى 400 جنيه.وفق موقع مبتدأ. الكارثة أن هذه المنتجات، المعروضة للبيع وغيرها، هي التى كان من المفترض أن تُعدم، بعد قرار وزير الصحة، الصادر فى 19 أكتوبر 2016، لكن القرار لم يزل مجرد حبر على ورق حتى الآن؛ فما زالت المستشفيات وشركات التوزيع بها قرابة 3 ملايين عبوة غير مطابقة للمواصفات، يمكن تسريبها إلى سوق الدواء فى ظل ندرة المحاليل الطبية. وبالفعل شهد بداية العام الحالى موافقة صحة الانقلاب على منحة رخصة التشغيل مرة أخرى لمصنع "المتحدون"، طبقا لتصريحات خاصة للدكتورة رشا زيادة، رئيس الإدارة المركزية للشؤون الصيدلية التابعة لوزارة الصحة والسكان، وهو ما يناقض قرار الوزير، رقم 86 لسنة 2015 بعدم الموافقة على إعادة فتح المصنع إلا بعد إعدام المنتجات غير الصالحة.وفق مبتدا وانتقد الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، تلك القرارات قائلا: "من المفترض أن وزارة الصحة أصدرت قرارًا بإلزام شركة المتحدون بسحب منتجات المحاليل المحظور تداولها، من السوق، وتحريز ما بالمستشفيات، وما كان يجب أن يتأخر قرار إعدامها رغم إدانة القضاء له". وحذر رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، فى تصريحات صحفية مؤخرا ،من خطورة تسريب وتداول هذه المنتجات، لأن تلك المحاليل لم تخضع للتحليل ولا الرقابة على التصنيع، وقد ثبت أن المصنع أنتج كميات مضاعفة، غير مسموح له بإنتاجها، وكان جدير بقطاع التفتيش الصيدلى زيادة عمليات المراقبة على المحازن لضبط تلك الكميات والإسراع فى إعدامها منعا لتسريبها لسوق الدواء وخصوصا الأقاليم. وفى هذا الصدد، قال مصدر مسؤول بشعبة الأدوية، فضل عدم ذكر اسمه، أنه "بالفعل المستشفيات الجامعية خاطبت وزارة الصحة أكثر من مرة لسحب المنتجات التى فى عهدتها، ولكن الوزارة لم ترد عليهم، وما زالت تلك الكميات على مدار قرابة عامين بمخازن تلك المستشفيات وشركات التوزيع، تواجه مخاطر تسريب أغلبها للسوق السوداء". وتابع: فى تصريحات صحفية مؤخرا "على وزارة الصحة أن تعلن أين ال3 ملايين عبوة التى جرى تحريزها، خصوصاً أن هناك أنباء عن سرقة 300 ألف عبوة من شركتها رغم نفى الشركة.منتقدا سماح وزارة الصحة ببدء التشغيل التجريبى للمصنع فى ظل وجود منتجات فاسدة داخل السوق وربما تم تخزينها، ومن ثم فإنه فى حال نزول منتجات جديدة، قد يختلط المحاليل القديمة الفاسدة بإنتاج المصنع الجديدة، وهو أمر قد يسبب كارثة فى ظل غياب دور التفتيش الصيدلى".