«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الوعي السياسي
نشر في الشعب يوم 10 - 02 - 2007

إن النظام الدولي والشرعيه الدوليه اللذان يسودان في أي مرحلة تاريخيه ما هُما إلا وليدا صراع دولي بين قوى عُظمى , فالدول التي تنتصر في هذا الصراع وبموجب قانون القوه تفرض النظام الدولي والشرعيه الدوليه التي تريد وبما يتناسب مع أهدافها ومعتقدتها ومُخططاتها وأساليبها في السيطره على العالم , وبما يخدم مصالحها بشكل فعال دون الأخذ بالإعتبار مصالح الشعوب والدول الأخرى الخاضعة لها ولو كانت حليفة لها ,فمثلاً عندما إنتهت (الحرب العالميه الأولى) بإنتصار (بريطانيا وفرنسا) على (ألمانيا والدوله العثمانيه) , قامتا بفرض نظام دولي جديد وشرعيه دوليه جديده بقيادتهما على الدول المُنهزمه وعلى العالم , بما يضمن سيطرتهما وبسط نفوذهما دون منازع في المناطق التي ورثوهما عن (ألمانيا والدوله العُثمانيه) , وكان ذلك يتمثل بفرض الإستعمار المباشرعلى هذه المناطق بالقوه العسكريه بواسطة الجيوش .

فبعد الحرب العالميه الأولى عُقد مؤتمرين في(باريس) الأول في عام 1919 سُمي (بمؤتمر الصلح) والثاني في عام 1920 وسُمي بمؤتمر(سان ريمو), ففي هذين المؤتمرين إقتسمتا مناطق النفوذ في العالم وخصوصا في العالم الإسلامي الذي كان يتمثل(بالدوله العثمانيه) وتم الاتفاق على تنفيذ إتفاقية(سايكس بيكو)التي مزقت بلاد العروبة والاسلام , وفرضتا في مناطق نفوذهما ما سُمي (بنظام الإنتداب ونظام الوصايه على الشعوب) بحُجة أن هذه الشعوب لاتستطيع حُكم نفسها بنفسها, ومن أجل تشريع هذا الإستعمار وإعطائه صفة الشرعيه أنشئتا(عُصبة الأمم) لتمثل الشرعيه الدوليه,لأخذ موافقتها على هذا النظام الدولي الوليد ليصبح شرعياً, وبما يضمن مصالحهما, وسيطرتهما على مناطق نفوذهما دون الأخذ بالإعتبار حُلفائهم من القوميين العرب الذين تحالفوا معهم ضد (الدوله العثمانيه الإسلاميه) , بل تنكروا لكل الإتفاقيات السريه الموقعه معهم .

وهكذا أصبح النظام الدولي بعد (الحرب العالميه الأولى) , يتمثل في (الإستعمار المباشر ونظام الإنتداب والوصايه)والذي شرعته(عُصبة الأمم).

وما أن جاءت (الحرب العالميه الثانيه) وإنتهت بإنتصار(دول الحلفاء) على (دول المحور) , حتى تولد نظام دولي جديد وتوأمه شرعيه دوليه جديده بقطب شرقي والمتمثل(بالإتحاد السوفياتي)وقطب غربي بزعامة(امريكا ويضم بريطانيا وفرنسا),أي ان القطب الغربي له ثلاثة رؤوس مما ولد صراع دولي في داخله إنحسم لصالح(أمريكا) ليصبح القطب الغربي برأس واحده, وسنأتي على هذا الصراع بإختصار فيما بعد, والذي اكثر ما كان واضحا بين (امريكا وبريطانيا), ففرنسا كانت رأس ضعيفه حيث أن (هتلر) إكتسحها في بداية الحرب , وبقية طيلة مدة الحرب تحت الإحتلال الألماني, مما إنعكس على قوة نفوذها بعد الحرب ودورها في الصراع الدولي فيما بعد .

ولقد وُلد هذا النظام الدولي وشرعيته الدوليه عندما كانت الحرب على وشك أن تضع أوزارها ,حيث تم عقد مؤتمر في شهر شباط من عام 1945 ضم( تشرشل ) رئيس وزراء بريطانيا والرئيس الامريكي (فراكلين روزفلت) والزعيم السوفياتي(ستالين) وذلك في منطقة (يالطا)على البحرالأسود, لذلك سُمي (بمؤتمر يالطا) ففي هذا المؤتمر تم الإتفاق بين المؤتمرين على إعادة توزيع غنائم الحرب ومناطق النفوذ في العالم بينهم , حيث كانت حصة الأسد من نصيب (أمريكا) القوه العظمى الصاعده والقادمه للعالم دون هواده , والتي كانت شهيتها مفتوحه بشراهه لوراثة نفوذ (بريطانيا وفرنسا)في العالم والحلول مكانهما , حيث إعتبرت نفسها السبب الأساسي والحاسم في تحقيق النصر على (دول المحور), وانه لولا تدخلها في هذه الحرب ودعمها الكبير ل(بريطانيا)ما كان ليتحقق النصر وماكان (لفرنسا) أن تتحرر من (المانيا النازيه) , فلذلك يجب أن تحصل على النصيب الأكبر من الغنيمه وبما يتناسب وحجم دورها في الحرب وقد كان لها ما ارادت , حيث إقتطعت الجزء الأكبر من مناطق نفوذ (بريطانيا وفرنسا )في العالم , أما (الإتحاد السوفياتي)فتم إعطاؤه (أوروبا الشرقيه)بالكامل , وسُميت ب (المنظومه الإشتراكيه).

ومن اجل إعطاء النظام الدولي الجديد شرعيه دوليه, ومن أجل أن تكون(لأمريكا) اليد الطولى والنفوذ الاقوى في النظام الدولي الجديد عملت على إلغاء(عُصبة الأمم)التي شرعت النظام الدولي القديم وأنشئت بدلا منها (هيئة الامم المتحده)لتشريع النظام الدولي الجديد وعلى ان يكون مقرها في(الولايات المتحده)وصار الرؤوس الاربعه الذين يتكون منهم النظام الدولي الجديد هم اصحاب القرار في(هيئة الامم المتحده), والذين أطلق عليهم الأربعة الكبارفلهم حق نقض أي قرار يصدرعنها بما يعرف بحق النقض (الفيتو), أما باقي الأعضاء في (هيئة الأمم المتحده)فليس لهم أي قيمة أو وزن اوإعتبار بموجب قانونها ودستورها, بل هم منظومه من الاصفار وشهاد للزور, ونتيجة لهذه التقسيمه لمناطق النفوذ بين الشرق والغرب نشأ بينهما ما سُمي (بالحرب البارده)أي الصراع الأيدولوجي والسياسي والاقتصادي القائم على التجسُس بدلاً من الصراع العسكري , ونتيجة لوجود اكثرمن رأس في منطقة النفوذ الغربي نشأ صراع بين هذه الرؤ وس والذي أرادت(امريكا)من وراءه ان تستفرد بقيادة منطقة النفوذ الغربي بقطع الرأسين الإضافين وبإزاحة (بريطانيا)من مناطق نفوذها نهائيا بتخليصها أملاكها في العالم التي كانت لاتغيب عنها الشمس ووراثتها نهائيا في قيادة العالم الغربي , وكان هذا الصراع الدولي يدور بصوره غير مباشره بينهما , فإعتمدت (امريكا) أساليب جديده في إدارة الصراع لزحزحة (بريطانيا)عن مناطق نفوذها , فكانت الإنقلابات العسكريه أحد هذه الأساليب الناجعه , فبدأت مناطق النفوذ البريطاني تشهد إنقلابات عسكريه متتابعه سُميت ب(الثورات) , وكان أبطال هذه الإنقلابات هم(العسكر المغمورون),وكان نصيب منطقتنا من هذه الإنقلابات ما لا يُعد ولا يُحصى والتي كانت تحد ث تحت شعارات براقه تنادي بالتحرير والإنقاذ ومُحاربة الإستعمار والوحده والاشتراكيه, وما إلى ذلك من شعارات ثبت كذبها وزيفها , وكان ذروة هذا الصراع داخل منطقة النفوذ الغربي بين(أمريكا وبريطانيا وفرنسا)في عام 1956عندما أممت أهم أملاكهما في المنطقه وهي (شركة قناة السويس) والتي كانت في معظمها مُلك(لبريطانيا), وذلك بإيعاز من وزير الخارجيه الأمريكيه (جون فوستر دلاس)ورئيس المخابرات المركزيه الأمريكيه في ذلك الوقت (ألن دلاس) , وذلك بموجب سيناريوتم إعداده بدقة من أجل هذه الغاية , مما أدى إلى هجوم (بريطاني فرنسي إسرائيلي على مصر)لإستعادة (قناة السويس)وإستُخدمت(إسرائيل) في هذا العدوان لأنها كانت لاتزال ضمن الحاضنه البريطانيه وإحدى أدواتها,ولكن الإتفاق (الأمريكي السوفياتي)على الإستفراد بقيادة العالم وقف حائلاً دون نجاح عملية الإستعاده , حيث تم عقد مؤتمربين الرئيس الأمريكي(أيزنهاور) والزعيم السوفياتي(خرتشوف)في حزيران من عام 1955 في (جنيف), تم فيه الإتفاق بينهما على الإستفراد بقيادة العالم , وعلى أن يدعم (الإتحاد السوفياتي) التوجه الأمريكي للسيطره على منطقة النفوذ الغربي بقطع رأس(بريطانيا وفرنسا) مُقابل أن يُسمح (للإتحاد السوفياتي)ببيع السلاح غير الإستيراتيجي و بالدولار في منطقة النفوذ الغربي , وبهذا الدولار يقوم(الإتحاد السوفياتي) بدفع ثمن القمح الذي يشتريه من(امريكا)حيث ان(الاتحاد السوفياتي) كان يعتمد إعتماداً كبيراًعلى القمح الامريكي ,وبالفعل بدأ (أبطال الإنقلابات) في العالم العربي وغيره يتجهون لشراء (السلاح السوفياتي)بموجب هذاالإتفاق ,فبعد هذا المؤتمر بشهرين تم عقد صفقة السلاح الشهيره مع(مصر)والتي سُميت بصفقة (ا لسلاح التشيكي)والتي صورها الاعلام بأنها إنتصار وضرب لإحتكار الغرب لسوق السلاح ,ونتيجة لهذا الإتفاق بين(أمريكا والإتحاد السوفياتي) الذي حصل في (جنيف) وذلك قبل عام تقريبا من (أحداث السويس)قام (الإتحاد السوفياتي)بتوجيه إنذار شديد اللهجه ل(بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)من أجل وقف الهجوم على (مصر)وإلا تعرضوا للضرب بالقنابل الذريه , وعندما إستنجدت (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل )ب(أمريكا) بإعتباره تهديد لمنطقة النفوذ الغربي,كان جواب الأمريكان على لسان الرئيس الأمريكي (أيزنهاور)إن هذا الإنذار لا يعني (أمريكا), فهو ليس مُوجه ضدها , مما جعل (إيدن) رئيس وزراء (بريطانيا)في ذلك الوقت يكتشف اللُعبه والنوايا الأمريكيه .

وعندما طلب (إيدن) رئيس وزراء (بريطانيا) في ذلك الحين أن يتحدث مع (أيزنهاور)على الهاتف رُفض طلبه بإزدراء فألح (إيدن)بأنه يريد أن يأتي إلى (واشنطن)ومعه رئيس وزراء (فرنسا)للإجتماع ب(أيزنهاور) فرُفض طلبه أيضاً مع الطلب منه ومن رئيس وزراء (فرنسا) في ذلك الحين (جي موليه)أن يوقفا الهجوم على (مصر)اولامع بدء الإنسحاب فوراً ودون تأخير وبعدها يتم النظر في طلبهما للحضور إلى (واشنطن) , فما كان من (بريطانيا وفرنسا) وأداتهما(إسرائيل) إلا أن إنصاعوا لهذا الطلب فوراًولتخرج(بريطانيا)من المنطقه نهائياً في عام 1956 , وأصبحت (أمريكا) تستفرد بقيادة منطقة النفوذ الغربي دون منازع , وأخذ نفوذ (بريطانيا)بالإضمحلال رويداً رويداً , حتى أصبحت اليوم تبعاً ل(أمريكا) تهرول ورائها أينما توجهت وتحذوا حذوها (حذو القذه بالقذه) حتى انها اصبحت تسمى بذنب (امريكا) .

وهكذا أصبح العالم بعد (أحداث السويس) عام 1956 يُحكم بنظام دولي جديد يتكون من قطبين (أمريكي غربي)وقطب (سوفياتي شرقي), وبعد أحداث عام 1956 ايضاُ إنتقلت (إسرائيل) من الحضانه البريطانيه إلى الحضانه الأمريكيه , ونشأ بين قطبي النظام الدولي الجديد ما سُمي (بالوفاق الدولي) , وكان أبطال هذا الوفاق (أيزنهاور وخرتشوف), حيث قام (خرتشوف) بعدة زيارات (للولايات المتحده الأمريكيه) أثناء تلك الفتره في نهاية الخمسينات .

وفي حزيران من عام 1962 عُقد إجتماع مُغلق في (النمسا) بين الرئيس الأمريكي الجديد (جون كنيدي) والزعيم السوفياتي (خرتشوف) إستمرهذا الإجتماع حوالي ست ساعات مُتواصله , خرج بعدها الزعيمان ليُعلنا للعالم أنهما إتفقا على إقتسام العالم من جديد, وذلك بعد إنتهاء النفوذ البريطاني بصورة شبه كامله من العالم , حيث بقيت لها بعض الجيوب في أنحاء مُتفرقه من العالم .

وبدأ ت (الولايات المتحده الأمريكيه) بتنفيذ سياستها الإستعماريه , والتي لا تعتمد على الإستعمار المباشر, وإنما على إستعباد جميع الدول التي تقع في منطقة نفوذها إقتصادياً , حيث أنشأت من أجل هذه الغايه بعد (الحرب العالميه الثانيهصندوق النقد الدولي والبنك الدولي) , حيث كانت مهمة (البنك الدولي) تمويل برامج وخطط التنميه في مناطق نفوذها ودول العالم الثالث , وذلك من أجل إغراقها بالديون وبالتالي رهن إقتصادياتها للبنك الدولي , وبالتالي التحكم بقرارها السياسي ,وهذا ما عرف (بالإستعمار الإقتصادي الإمبريالي) .

وإستمر هذا النظام الدولي ذو القطبين إلى أن سقط (الإتحاد السوفياتي) سقوطا مدويا مع غروب شمس أخر يوم من عام 1991 , لينشأ نظام دولي جديد .

فبعد إنهيار(الإتحاد السوفياتي) كان رئيس الولايات المتحده الامريكيه يومئذ ( جورج بوش) الأب وكان في أخر سنه من فترة حكمه اليتيمه , إجتمعت عصابه من الأشرار يُسمون أنفسهم (بالمحافظين الجدد)والذين لا يؤمنون إلا بالقوه, وانهم بموجب قانون القوه قادرين على تحقيق احلامهم الشيطانيه وما يريدون في هذا العالم , فبناءً على ذلك قرروا إعادة صياغة العالم صياغة جديده مستغلين إنفراد (الولايات المتحده الأمريكيه) بقيادة العالم بما يتناسب وعقيدتهم الشيطانيه التلموديه اليهوديه بايجاد نظام دولي جديد قائم على الخيار (صفر), والذي يعني ان (الولايات المتحده الأمريكيه) يجب أن تمتلك العالم بنسبة 100% وباقي العالم بما فيها (أوروبا)يمتلك نسبة(صفر)وهذا ما عُرف فيما بعد (بالعولمه), أي أن هذا النظام الدولي يجب أن يكون أمريكياً بالكامل وكل من يعترض على ذلك يُعتبر خارج على الشرعيه الدوليه , ولكن سقوط (جورج بوش) الأب في انتخابات عام 1992 عطلت تنفيذ هذا النظام الدولي الجديد إلى عام 2001عندما جاء (جورج بوش)ألإبن ليحكم (الولايات المتحده الأمريكيه )ومعه عصابة الأشرار التي وضعت إستراتيجية الخيار (صفر) وقررت تنفيذ هذه الإستراتيجيه بالقوه.

فالعالم منذ عام 1992 يعيش في(نظام دولي) مُختل يقوده عصابه من الأشرار لا تعرف إلالغةالقوه والبلطجه والظلم والعدوان, فمن يُحاول أن يعترض على سياستهم, أو يُحاول أن يخرج عن طوعهم ,أو يتحدى إرادتهم, أو يُخالف قراراتهم الظالمه يُتهم من قبلهم تلقائياً بشتى أنواع التهم وأفظعها , فيُصبح خارجاً على الشرعيه الدوليه والمجتمع الدولي , ومُهدد للسلم العالمي وإرهابياً , ويُتهم بعدم إحترام حقوق الإنسان وذلك أضعف الإيمان .

(فأمريكا)اليوم بموجب(النظام الدولي الجديد)هي الشرعيه الدوليه ,وهي المُجتمع الدولي , والإراده الدوليه,والقانون الدولي , لذلك فإن هذا النظام الدولي القائم على شريعة الغاب وجنون العظمه يحمل في طياته أسباب وعوامل إنهياره وسقوطه , لأنه(قائم على قوة العضلات وليس على قوة العقل والمنطق والحكمه), فأي قوة في الدنيا لا يحكمها ولا يُسيطرعليها العقل وتفقد الحكمه فإنها ستنحر نفسها , فأخطر ما يُميزقادة النظام الدولي الجديد اليوم بأنهم ليسوا من العقلاء بل من الجهلاء وغيرالمثقفين سياسيا ولا تاريخيا , و كلمات العقل والتعقل والحكمه والبصر والبصيره والرحمه وماتعني ممسوحة من قاموسهم وليس لها وجودعلى الاطلاق في افكارهم وعقيدتهم الشيطانيه الشريره, مما جعلهم يُشكلون خطرا حقيقياعلى البشريه بل خطراً داهماً على مستقبل( الولايات المتحده الأمريكيه) نفسها .

ففي الذكرى الأولى لاحداث 11// أصدر(2000)شخصيه امريكيه بيانا ضد السياسه الأمريكيه في العالم قالوا فيه (ان هذه السياسه تهدد البشريه وتشكل خطراً على امريكا, فأمريكا ليس من حقها أن ترسل قواتها إلى أي مكان في العالم في أي زمان وأي مكان فهذه سياسه خطره , وأن جورج بوش لا يتمتع بصفات القياده حيث أنه لا يحمل كثير من تفاصيل القضايا العالميه), فهاهم فعلا قد اوقعوها في شراعمالهم بأحتلالهم (للعراق وافغانستان)الذي جلب لهم ولأمريكا الكارثه, فهاهم يبحثون عن طريق للنجاة وانقاذ (امريكا) واخراجها من هذا المستنقع الذي تغرق فيه يوما بعديوم ,فلن تخرج بإذن الله إلا وهي مخذولة مدحوره .

فالمجاهدون في سبيل الله في(العراق وافغانستان) يصطادون(أمريكا) بفك مُحكم ويأتونها من حيث لا تحتسب ويُجبرونها على تغيير إستراتيجيتها, وهاهي تفكر وتدبر وتبحث عن وسيله للهروب والنجاة فتستبدل إسترتيجية الإقتحام و إعادة صياغة العالم إنطلاقاًمن (العراق) بإستيراتيجية الإنكفاء والهروب من (العراق), فكثير من المُحللين السياسيين والمراقبين والمتابعين والإستراتيجيين والقاده الأمريكان السابقين والحاليين يُجمعون على أن (امريكا) قد هُزمت في (العراق) وأن نظاماً دولياً جديداً سينشأ بعد هزيمة (امريكا) في (العراق ) لن يكون فيه أية سيطره أونفوذ(للولايات المتحده الأمريكيه)عليه بل سيكون تحت نفوذ وسيطرة (المُجاهدون المسلمون) الذين يُحققون الإنتصار العظيم الأن في صراعهم مع صاحبة (النظام الدولي الجديد) الحالي والذي يُوشك أن ينهارعلى ايدي الأشرار الذين سيطروا على (الولايات المتحده الأمريكيه) فأخذوها إلى (العراق) لتلاقي مصيرها على أيدي (المجاهدين الموحدين لله رب العالمين) وهذا مصير كل ظالم.

ولقد أكدت مجلة (فورين إفيرزالإستراتيجيه الأمريكيه) في عدد نوفمبر وأكتوبر لعام 2006 أن الهيمنه الأمريكيه على(الشرق الأوسط) إنتهت وبدء عهد جديد في هذه المنطقه , وكتب(ريتشارد هاس) مستشار وزير الخارجيه الأمريكي السابق (كولن باول) ورئيس مجلس العلاقات الخارجيه المؤثر في السياسه الأمريكيه في مقال بعنوان (الشرق الأوسط الجديد) أن الإنهيار بدء مع غزوالعراق في مارس 2003 وقال إننا سنترحم على الشرق الأوسط القديم,وأن سيطرة الولايات المتحده الأمريكيه على الشرق الأوسط تشهد نهايتها وأن الحرب على العراق كانت بداية النهايه , وأن حقبة جديده في تاريخ المنطقه قد بدأت , وقال أن الحقبه الجديده في الشرق الأوسط سيصنعها لاعبون محليون على حساب اللاعبين الخارجيين,وأن صياغة شرق أوسط من الخارج ستكون أكثر صعوبه ).

وقال(جورج بوش) في الذكرى الخامسه لأحداث 11/9 أن مصير الولايات المتحده الأمريكيه يتقررالأن في المعارك الدائره في شوارع بغداد, وإذاهُزمنا في هذه المعارك ستقوم إمبراطوريه إسلاميه من الصين الى الأندلس يحكمها الإرهابيون وهو يقصد المجاهدين (لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير)57 النور.

لذلك فنحن على أبواب ظهور(نظام دولي جديد) يقوده المسلمون قائم على العدل وشرعيه دوليه جديده يحكمها الإسلام قائمه على الرحمه ,فهذا ليس حُلم أو خيال أو تمني بل هو الحقيقه , فنور الإسلام يُوشك أن يبزغ من جديد على الأرض ليُنقذ البشريه من بين فكي الوحش الأمريكي الذي إستفرد بالبشريه ويُريد أن يبتلعها ثم يهضمها ويُخرجها على شكل (فضلات أمريكيه) , فهذا الوحش جعل من العالم غابة أمريكيه تحكمها شريعة الغاب , ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى تم إستدراج هذا الوحش من حيث لا يحتسب إلى قفص قوي شديد (سنستدرجهم من حيث لا يحتسبون) .

وها هو يُحاول أن يخرج من القفص ولكن هيهات هيهات فهذه نهاية كل ظالم ومستكبر ويتحدى الله بملكو ته وجبورته(وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوماً ءاخرين * فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون *لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون *قالوا يا ويلنا إنا كُنا ظالمين *فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيداً خامدين * وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين).

ابشروا ان نصر الله قريب فسنعود لنقبض على زمام التاريخ من جديد.

الكاتب والباحث والمُحلل السياسي

المُختص بالقضايا الإسلاميه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.