لا يزال الحديث قائمًا، حول القرار التاريخى الذى اتخذه مجلس الأمن، الجمعة الماضية، بشأن إدانة بناء المستوطنات الصهيونية، ووقف بنائها، وذلك بعد موقف مخجل من قِبل سلطات العسكر بقيادة الجنرالات والسيسى، والذين عزموا أمرهم بإرضاء أمريكا والكيان الصهيونى وقاموا بسحبه قبل التصويت عليه بساعات يوم الخميس. ورغم الغضب الصهيونى الظاهر على الساحة، إلا أن التحليلات تكشف أنهم هم أكبر المستفيدون من خطوات "السحب والطرح والموافقة" أيضًا على مشروع الإدانة، فالعمليات الثلاثة، تربحت الصهاينة من أولهم بقوة، وسوف تتغير ملامح الشرق الأوسط حسب رؤيتهم وربما بما يفوق أحلامهم الإجرامية. سحب مشروع قرار "السيسى" والجنرالات موقع "أروتز شيفا" العبرى، المتخصص فى تحليل القرارات السياسية العالمية، قال أن قيام الجنرالات فى مصر، بسحب مشروع القرار من مجلس الأمن، والذى أدان الكيان فى عمليات الاستيطان، هو أمر مبشر بميلاد جديد، سوف ينتشر قريبًا فى الشرق الأوسط، فالجنرالات تحدوا قوميتهم فى العلن من أجل تحالفهم معنا، حسب الموقع. وربط الموقع أيضًا انحياز دونالد ترامب، إلى الكيان الصهيونى، مستشهدًا بحديثه عن نقل السفارة الأمريكية فى الأراضى الحتلة، وتحدث عن مهاتفة "السيسى" من أجل مشروع القرار، والذى رضخ إليه الاخير، فى صورة تعكس مدى اهتمام الجنرالات فى مصر، بفتح صفحات جديدة وأكثر قوة وترابط مع الكيان، لذلك كان موقف سحب القرار، ذو مكاسب عظيمة للكيان الصهيونى، بعدما فعلها النظام المصرى بالتحجديد، حسب الموقع. وتابع الموقع: " ترامب يدعم إسرائيل بقوة, ولذا سيضغط على القاهرة لتعزيز تعاونها مع تل أبيب، ليس على المستوى الأمني فقط, وإنما في كافة المجالات, لدرجة تصل حد التحالف بينهما ", على حد ادعائه. وأشار إلى أن اختيار ديفيد فريدمان من قبل ترامب, ليكون سفيرا لأمريكا لدى الكيان الصهيونى, يدعم أيضا ميلاد الشرق الأوسط الجديد, الذي يحقق مصالح تل أبيب, خاصة أن فريدمان من أشد المؤيدين لنا. ونسب الموقع إلى فريدمان, قوله :" إن دعوة الرئيس الصهيونى الراحل شيمون بيريز لشرق أوسط جديد، سنحقق ما هو أفضل منها لصالح تل أبيب". طرح القرار والموفقة عليه.. كيف سيتربح الكيان الصهيونى منهما؟ وبعد ظهور خيبة أمل للجنرالات فى مصر، وحليفهم الصهيونى، كان لطرح مشروع القرار مرة آخرى عن طريق فنزويلا وماليزيا والسنغال ونيوزلندا، وهو ما تم الموافقة عليه، ليمثل صدمة، ممن يرون أن من شان القرار أن يؤخر تآمر الصهاينة وحليفهم الأمريكى الذى الذى امتنع فى خطوة نادرة عن التصويت بشأن أى قرار يخص قاعدتهم العسكرية فى الشرق الأوسط (إسرائيل). إلا أنه بالنظر خلف الأمر، سيكون له وجه آخر سوف يستفيد الكيان الصهيونى منه، الذى ربح ورقة الضغط على السلطة الفلسطينية من الناحية الأمريكية والمصرية والأوروبية أيضًا، فالسلطة قد أكدت فى السابق أنه لا استئناف لمحادثات السلام مع لكيان الصهيونى إلا بوقف عمليات الاستيطان، التى يقوم بها الاحتلال، وهو ما رفضه "نتنياهو" الذى تقوم شعبيته داخل الاحتلال على اكتساب أراضى جديدة يغتصبها من أصحابها الفلسطينيين، لكن من شأن القرار أن يفقده تلك الورقة، التى سيتربح من ورائها بجزء آخر. وهو الموافقة على المشروع الفرنسى، أو إضافة تعديلات ترضى الكيان الصهيونى، بشأن تلك المبادرة، التى كانت تنص على اكتساب الصهاينة مزيدًا من الأراضى الفلسطينية، وبشرعنة دولية كما فعلوها بالسابق، عام 54 والأعوام التى تلته. وقد أكدت سلطات العسكر فى مصر، أنها تتبنى المشروع الفرنسى، وكذلك أمريكا، إلا أن نتنياهو قد عطله حينها، وتراجع العسكر عن الحديث عنه مؤقتًا، بعد تسريب بعض بنوده والتى كانت تُدخل الأراضى المصرية فى الأمر، بعد الكشف عن عملية تبادل بين سيناء وصحراء النقب، حتى ينتهى الأمر حسب رائيهم. فإذا تم هذا الأمر أو خروج مبادرة جديدة تقوم عليها استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، فإن الصهاينة لن يوافقوا عليها مالم تضمن لهم شرعنة الأراضى التى اغتصبوها فى السابق وحاليًا، وبهذا تكون هى الرابح الأكبر من تلك العملية، ويظهر أن مشروع القرار هو مجرد عملية تمويه ل شرعنة المفاوضات التى قد تقضى بالتنازل عن مزيد من الأرض لصالح الكيان. ويجدر بالإشارة هنا أنه فى مساء الجمعة الموافق 23 ديسمبر, أقر مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة مشروع القرار, الذي قدمته السنغالوفنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا, لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد سحب مصر لمشروع قرارها تحت ضغط من إسرائيل ومن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب, حسب مزاعم صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية. ولأول مرة منذ 36 عاما، وافق 14 عضوا بمجلس الأمن على القرار، بينما امتنعت الولاياتالمتحدة وحدها عن التصويت. ويؤكد القرار عدم شرعية إنشاء الكيان الصهيونى للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدسالشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل. كما يطالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي المحتلة، معتبرا أن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين، ومطالبا دول المجلس بالتمييز في معاملاتها بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة عام