لا تقتصر الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والعدو الصهيوني على السلاح، ولكنها تمتد إلى حرب عقول وأعصاب. وفي ظل نفي قادة الاحتلال أن تكون حماس قد أسرت جنودا أحياء، والحديث عن جثة جندي وضابط فقط، إضافة إلى إثيوبيين دخلا غزة بالخطأ، تسعى حماس لإرسال رسائل غير مباشرة بأن لديها أسرى أحياء، تمهيدا لصفقة تبادل لأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال. آخر هذه الرسائل، كانت التأكيد غير المباشر لحماس بأن الجندي الإسرائيلي آرون شاؤول على قيد الحياة، حيث نقلت صحيفة فلسطينية إلكترونية، عن مصدر فلسطيني، قوله: إن الجندي الإسرائيلي الذي تحتجزه حركة حماس، منذ نحو عامين، "انهار لدى مشاهدته جنازة والده"، في تأكيد غير مباشر للحركة أن الجندي الإسرائيلي المحتجز لديها هو على قيد الحياة. وقالت وكالة الصحافة الفلسطينية "صفا"، المقربة من الحركة، على موقعها على شبكة الإنترنت، اليوم الإثنين، في خبر مقتضب، "مصدر خاص لصفا: الجندي الأسير آرون شاؤول انهار عند مشاهدة جنازة والده أمس". وأضافت "كشف مصدر خاص ل(صفا)، رفض الكشف عن هويته، أن الجندي الإسرائيلي الأسير لدى كتائب الشهيد عز الدين القسام في غزة آرون شاؤول، انهار عند مشاهدته جنازة والده". ولم تدل الصحيفة بمزيد من التفاصيل، كما لم تعلن عن الجهة التي ينتمي إليها المصدر الذي نقلت عنه، والذي يعتقد أنه يتبع حركة حماس. وهذه المرة الأولى التي تقدم فيها مصادر مقربة من حركة حماس، إشارات على أن الجندي شاؤول على قيد الحياة. وتوفي "هرتسل شاؤول" (56 عامًا)، والد الجندي آرون، يوم الجمعة الماضي، بعد صراع طويل مع المرض، وشارك المئات من الإسرائيليين في جنازته، بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي روبي ريفلين، وقائد أركان الجيش غادي آيزنكوت، وصدرت تعهدات إسرائيلية في الجنازة بإعادة "جثتي الجنديين". وكانت كتائب القسام، الجناح العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد أعلنت في 20 يوليو/تموز 2014، عن أسرها الجندي آرون شاؤول، خلال عملية شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة، إبان الحرب التي شنتها إسرائيل. وأعلنت إسرائيل وقتها عن أن شاؤول قد قُتل خلال المعارك، وأن حماس تحتفظ بجثته. لكن شقيق الجندي شاؤول "أفيرام شاؤول"، شكك بالرواية الرسمية الإسرائيلية، وقال خلال كلمة ألقاها في الجنازة: إن والده "توفي وهو نادم وحزين على إجباره (من قبل الحكومة) على الاعتراف بأن ولده قد قتل". قبل هذا وفي رمضان الماضي، نشرت صحف قريبة من حماس أنباء تؤكد أنه مع دخول ثاني شهر رمضان له، يجلس الجندي شاؤول آرون وهو في الأسر في غرفته المظلمة ذهابا وإيابا، يراجع ما جرى خلال عملية أسره، في إشارة ثانية غير مباشرة على أنه حي. وقالت "أسودت الرؤية أمام شاؤول، وطارت ذاكرته إلى مذكرات صديقه شاليط، التي نشرها بعد إطلاق سراحه. وقتها، اندفع مسرعا برفقة الملثمين، وساعدهم بإزالة السلك الشائك الذي اعترض حركتهم، محاولا الهروب من القذائف والنيران التي اشتعلت بالمنطقة، ثم انقاد إلى الطريق الذي رسموه له". وتابع "انعزل المجند عن آسريه، وفضّل عدم الحديث معهم، وقبل أن تنقضي أربع وعشرون ساعة من أسره، تناول شاؤول وجبته الأولى برفقة آسريه، يُعتقد أنها شملت الشوربة والحمص حين رُفع صوت آذان المغرب، ودخل موعد الإفطار". وقالت "في الليلة الأولى التي قضاها المجند في الأسر، استبدل بزته العسكرية بملابس مدنية، وتناول الدواء الذي منحه إياه آسروه، وبعدما أرهقه الانتظار غطَّ في نوم عميق لم يخْلُ من الكوابيس التي ترسم سيناريو مصيره في حال لم يبادر قادته مسرعين للبحث عن وسيط يلبي شروط المقاومة من أجل إخلاء سبيله". وقال الموقع، إن الجندي أصيب بالإحباط حينما عرف أنه لن يخرج من هذا المكان إلا بعد تحقيق شروط المقاومة الفلسطينية كاملةً، وإن قادة إسرائيل "زعموا أنك ميت ولم يتحدثوا عنك إلا قليلا"، كما قال له أحد حراسه. وعرضت الكتائب، خلال فيلم حمل اسم "الضباب" بثته "فضائية الأقصى" التابعة لحركة حماس، 25 أغسطس/آب، مشاهد قالت إنها تعود لعملية أسر الجندي "شاؤول"، نفذتها وحدة النخبة التابعة لها في حي التفاح، شرقي مدينة غزة. وأظهر الفيلم مقطعا مصورا ليلة أسر الجندي، قال أحد عناصر القسام إنها مشاهد لكمين محكم استهدف ناقلتي جند، وأسفرت عن مقتل 14 جنديا إسرائيليا، وإن هذا الكمين أسفر عن وقوع الجندي الإسرائيلي "آرون شاؤول" أسيرا في قبضة القسام. وكانت كتائب القسام قد كشفت لأول مرة، في مطلع أبريل الماضي، عن وجود أربعة جنود إسرائيليين أسرى لديها، دون أن تكشف إن كانوا أحياء أم أمواتا، كما لم تكشف عن أسماء الإسرائيليين الأسرى لديها، باستثناء الجندي "شاؤول". وترفض حركة "حماس"، بشكل متواصل، تقديم أي معلومات حول الإسرائيليين الأسرى لديها. وكانت الحكومة الإسرائيلية أعلنت عن فقدان جثتي جنديين في قطاع غزة، خلال الحرب الإسرائيلية في العام 2014، هما "آرون شاؤول"، و"هدار جولدن"، لكن وزارة الدفاع عادت وصنفتهما مؤخرا، على أنهما "مفقودان" و"أسيران". وإضافة إلى الجنديين، تتحدث إسرائيل عن فقدان إسرائيليين اثنين، أحدهما من أصل إثيوبي والآخر إسرائيلي من أصل عربي، دخلا غزة بصورة غير قانونية خلال الأشهر الماضية.