"حملة إعلانية جديدة في أنحاء مصر تمجد التقشف".. تحت هذه العنوان سعت وكالة "أسوشيتد برس" الإمريكية لرصد الخطوات التي تتخذها حكومةالانقلاب لإعداد المصريين للإصلاحات الاقتصادية الشاملة، والتي تعكس "القلق من أن تلك الإصلاحات يمكن أن تثير ثورة شعبية". وفيما يلي نص التقرير.. لوحات ولافتات في شوارع العاصمة المصرية تمجد التقشف، وهي جزء من حملة للعلاقات العامة للحكومة تهدف إلى إعداد المصريين للإصلاحات الاقتصادية الشاملة. الحملة جاءت عقب الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي لمنح مصر قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات لمساعدة حكومة عبد الفتاح سيسي في إصلاح الاقتصاد المتداعي. الاتفاق لم يقره المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي حتى الأن، ولكن من المتوقع حصول مصر على الدفعة الأولى من القرض في وقت لاحق من هذا العام . الشعار الرئيسي للحملة هو: "مصر مع إصلاحات جريئة لتقصير الطريق"، بجانب رسائل أخرى منها "الخوف والشك يطيل الطريق .. وترشيد استهلاكنا، يحد من وارداتنا". ومن المتوقع أن ترفع الحكومة بشكل تدريجي دعمها للوقود، والخدمات الأساسية، والمواد الغذائية كجزء من برنامج مصر الإصلاحي، بجانب خفض قيمة أو تعويم عملتها، لدعم الصادرات، والقضاء على السوق السوداء المزدهرة وخاصة في الورقة الخضراء. الاجراءات تساعد على عدم احتياج مصر لمليارات الدولارات من المساعدات الاجنبية معظمهما قادمة من دول الخليج التي دعمت الاقتصاد منذ قيادة السيسي للحركة العسكرية في 2013 للإطاحة بالرئيس محمد مرسي. قرار الحكومة بالحملة الإعلانية في الشوارع يعكس القلق من أن الأصلاحات التي من المرجح أن تؤدي لارتفاع الأسعار، يمكن أن تثير اضطرابات شعبية، حيث واجهت الحكومات السابقة الاحتجاجات والاضرابات عندما سعت لتقليل الدعم السيسي حذر مرارا المصريين في الأسابيع الأخيرة من أن القرارات الاقتصادية "الصعبة" تنتظرنا، وتعهد باتخاذ تدابير لحماية الفقراء من ارتفاع الأسعار، السيسي رفع الدعم جزئيا عن الوقود عام 2014 دون إثارة أي اضطرابات كبيرة، وفي الشهر الماضي حكومته رفعت جزئيا الدعم عن الكهرباء. وقال خلال حوار مع عدد من الصحف القومية:" يجب أن يكون هناك حلول مناسبة لتحقيق الإصلاح حتى لو كانت مؤلمة مؤقتا .. لكننا نعمل لتخفيف العبء على ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى". الخميس الماضي، تظاهر العشرات من الأمهات وسط بكاء الأطفال الرضع بسبب النقص الحاد في حليب الأطفال المدعم، الاحتجاجات في القاهرة، وإن كانت صغيرة، تقدم لمحة عما يمكن أن تواجه السلطات في حالة تخفيض الدعم على السلع الرئيسية أو رفعه. وأدى نقص حليب الإطفال لتزايد الحديث عن الفساد، وأن تدخل الجيش لحل الأزمة -التي تم افتعالها- جزء من حملة لتعزيز صورته كمنقذ للبلاد المتحدث باسم الجيش العميد محمد سمير، رفض هذه المزاعم، قائلا على صفحة الفيس بوك :" القوات المسلحة ووزارة الصحة كانوا يعملون معا لكسر احتكار المستوردين لحليب الأطفال". وعاني الاقتصاد المصري خلال السنوات الخمس منذ ثورة يناير 2011، حيث دمر قطاع السياحة الحيوي، وانخفضت التحويلات المالية، بجانب ارتفاع التضخم، وتزايد البطالة والأسعار، بعد تخفيض قيمة الجنيه. الحكومة في الوقت نفسه شنت حملة واسعة النطاق ضد المعارضة منذ عام 2013، وسجنت الآلاف من المتظاهرين والمعارضين الآخرين بينما تقاتل المتشددين الاسلاميين في سيناء. ويسعى أنصار الحكومةلأرجاع أي اضطرابات بسبب ارتفاع الأسعار إلى المؤامرات الخارجية، دون تقديم أي دليل، ويحذرون من أن مصر يمكن أن تلقى نفس مصير سوريا التي مزقتها الحرب أو العراق. آخرون يقولون يجب على الحكومة أن تكون مثالا يحتذى إذا كانت تتوقع من المصريين العاديين ترشيد الانفاق. وقال الكاتب عبدالله السناوي:" ليس من الممكن إقناع رجل جائع أن يتحمل المعاناة حتى يمكن للدولة أن تقف على قدميها مرة أخرى، ولا ترى مؤسسة واحدة من مؤسسات الدولة تسير على طريق التقشف".