وكيل «حقوق النواب» يطالب بسرعة تطبيق «الإجراءات الجنائية»: هناك محبوسون ينتظرون الفرج    تزامنًا مع قرب فتح باب الترشح لانتخابات النواب.. 14 عضوًا ب«الشيوخ» يتقدمون باستقالاتهم    "الإصلاح والنهضة": صراع النواب أكثر شراسة.. ونسعى لزيادة المشاركة إلى 90%    لهجومه على مصر بمجلس الأمن، خبير مياه يلقن وزير خارجية إثيوبيا درسًا قاسيًا ويكشف كذبه    تنسيق لإنشاء نقطة شرطة مرافق ثابتة بسوق السيل في أسوان لمنع المخالفات والإشغالات    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    النقل: خط "الرورو" له دور بارز فى تصدير الحاصلات الزراعية لإيطاليا وأوروبا والعكس    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    السيولة المحلية بالقطاع المصرفي ترتفع إلى 13.4 تريليون جنيه بنهاية أغسطس    للحد من تسريب المعلومات.. وزارة الحرب الأمريكية تعتزم تنفيذ إجراء غير مسبوق (تفاصيل)    بعد القضاء على وحداتهم القتالية بالكامل.. القوات الروسية تأسر جنودا أوكرانيين    750 ألف وظيفة مهددة... أمريكا تواجه أسوأ إغلاق حكومي منذ عقود    قطر تستنكر فشل مجلس الأمن فى اعتماد قرار بشأن المعاناة الإنسانية فى غزة    الصحافة الإنجليزية تكشف موقف عمر مرموش من معسكر منتخب مصر    هالاند وجوارديولا ضمن قائمة الأفضل بالدوري الإنجليزي عن شهر سبتمبر    لقاء البرونزية.. موعد مباراة الأهلي وماجديبورج الألماني في بطولة العالم لكرة اليد للأندية 2025    برناردو سيلفا: من المحبط أن نخرج من ملعب موناكو بنقطة واحدة فقط    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    وست هام يثير جدلا عنصريا بعد تغريدة عن سانتو!    شقيق عمرو زكى يكشف تفاصيل حالته الصحية وحقيقة تعرضه لأزمة قلبية    «الداخلية» تضبط شخصًا هدد جيرانه بأسطوانة بوتاجاز في الجيزة    تصالح طرفى واقعة تشاجر سيدتين بسبب الدجل بالشرقية    شيخ الأزهر يستقبل «محاربة السرطان والإعاقة» الطالبة آية مهني الأولى على الإعدادية مكفوفين بسوهاج ويكرمها    محافظ البحيرة تفتتح معرض دمنهور الثامن للكتاب    «غرقان في أحلامه» احذر هذه الصفات قبل الزواج من برج الحوت    لدعم ترشيح «العناني» مديرًا ل«اليونسكو».. وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    بين شوارع المدن المغربية وهاشتاجات التواصل.. جيل زد يرفع صوته: الصحة والتعليم قبل المونديال    حب وكوميديا وحنين للماضي.. لماذا يُعتبر فيلم فيها إيه يعني مناسب لأفراد الأسرة؟    أسرة عبد الناصر ل"اليوم السابع": سنواصل نشر خطابات الزعيم لإظهار الحقائق    بدء صرف جميع أدوية مرضى السكري لشهرين كاملين بمستشفيات الرعاية الصحية بالأقصر    رئيس وزراء بريطانيا يقطع زيارته للدنمارك ويعود لبريطانيا لمتابعة هجوم مانشستر    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    تموين القليوبية يضبط 10 أطنان سكر ومواد غذائية غير مطابقة ويحرر 12 محضرًا مخالفات    الصحة بغزة: الوصول إلى مجمع الشفاء الطبي أصبح خطيرا جدًا    رئيس مجلس النواب: ذكرى أكتوبر ملحمة خالدة وروحها تتجدد في معركة البناء والتنمية    ياسين منصور وعبدالحفيظ ونجل العامري وجوه جديدة.. الخطيب يكشف عن قائمته في انتخابات الأهلي    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    الحكومة تُحذر المتعدين على أراضى طرح النهر من غمرها بالمياه    الجريدة الرسمية تنشر 6 قرارات جديدة لوزارة الداخلية (التفاصيل)    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    "نرعاك فى مصر" تفوز بالجائزة البلاتينية للرعاية المتمركزة حول المريض    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    " تعليم الإسكندرية" تحقق فى مشاجرة بين أولياء أمور بمدرسة شوكت للغات    حقيقة انتشار فيروس HFMD في المدراس.. وزارة الصحة تكشف التفاصيل    إنقاذ حياة طفلين رضيعين ابتلعا لب وسودانى بمستشفى الأطفال التخصصى ببنها    تحذيرات مهمة من هيئة الدواء: 10 أدوية ومستلزمات مغشوشة (تعرف عليها)    الرقابة المالية تصدر ضوابط إنشاء المنصات الرقمية لوثائق صناديق الملكية الخاصة    الداخلية تكتب فصلًا جديدًا فى معركة حماية الوطن سقوط إمبراطوريات السموم بالقاهرة والجيزة والبحيرة والإسكندرية    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    الجريدة الرسمية تنشر قرارًا جديدًا للرئيس السيسي (التفاصيل)    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    هل الممارسة الممنوعة شرعا مع الزوجة تبطل عقد الزواج.. دار الإفتاء تجيب    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025 فى المنيا    «الداخلية»: القبض على مدرس بتهمة التعدي بالضرب على أحد الطلبة خلال العام الماضي    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل بين الثوابت الوطنية والرؤية الصهيونية
بقلم: محمد سيف الدولة
نشر في الشعب يوم 20 - 08 - 2016

نتعرض منذ فترة إلى حملة رسمية مكثفة وموجهة للترويج للسلام مع إسرائيل وإحياء عملية التطبيع معها، بدءا بحديث المرشح الرئاسى عبدالفتاح السيسى فى حديثه للإعلاميين فى مايو 2014 الذى قال فيه إن السلام أصبح فى وجدان كل المصريين، ومرورا بأحاديث السلام الدافئ والثقة والطمأنينة المتبادلة وإعادة السفراء والدعوة إلى دمج إسرائيل فى المنطقة وتوسيع السلام معها، والتعاون والتنسيق الأمنى العميق بين الطرفين الذى يصفه نتنياهو بأنه وصل إلى درجة التحالف الإستراتيجى.
ولا يمكن قراءة وفهم مقالتى الدكتور طارق فهمى فى جريدة الشروق الداعيتين إلى مزيد من تطوير العلاقات مع إسرائيل، مع غيرها من المقالات المماثلة فى جرائد أخرى، إلا فى هذا السياق، وباعتبارها جزءا لا يتجزأ من هذه الحملة الموجهة.
جاءت المقالة الأولى بعنوان «التطبيع والسلام المصرى الجديد مع إسرائيل». ونشرت الثانية يوم الاثنين 15 أغسطس الحالى بعنوان «التطبيع.. تحول فى الرؤية وليس فى المقاربة».
فى المقالين دعوة صريحة إلى تطوير العلاقات المصرية الإسرائيلية. ولقد سبق أن قمت بالرد على المقال الأول بمقال منشور على مواقع التواصل الاجتماعى بعنوان «هل غيرت الأجهزة السيادية عقيدتها تجاه إسرائيل؟». أما اليوم فسأتوقف عند نقطة رئيسية وردت فى مقاله الأخير؛ وهى وصف «طارق فهمى» لأيدولوجية الرافضين للتطبيع بأنهم «متحصنون بسراديب الأيدولوجية القديمة عديمة القيمة التى تعيدنا إلى حقب سالفة كلفتنا الكثير».
***
وسأبدأ بالتأكيد على أنه فى الصراع المصرى والعربى ضد الكيان الصهيونى ومشروعه، لا توجد أيديولوجيات قديمة وأخرى جديدة، بل هناك الأيديولوجية الصهيونية والأيديولوجية العربية الوطنية.
أما الأيديولوجية الصهيونية التى لم تتغير منذ بدايات الحركة الصهيونية فى نهايات القرن التاسع عشر وحتى اليوم فتنطلق من المبادئ التالية:
أن اليهود فى كل العالم وعلى مر التاريخ يمثلون شعبا واحدا وأمة واحدة.
أن أرض فلسطين التاريخية هى أرض اليهود، التى طردوا منها منذ آلاف السنين والتى تم احتلالها من الآخرين، وآخرهم هو الاحتلال العربى الإسلامى الذى دام ما يقرب من 1400 عام.
وأن الحركة الصهيونية هى حركة تحرر وطنى استطاعت أن تحرر جزءا من أرضها المحتلة وتقيم عليها دولة إسرائيل، فى يوم يقدسونه ويحتفلون به كل عام اسمه عيد الاستقلال.
وأنهم لن يتنازلوا عن حقهم فى باقى أرضهم التى لم تتحرر بعد، والتى يحددونها فى غالبية أدبياتهم بالأرض الواقعة بين النيل للفرات، وفى بعضها الآخر بأرض يهودا والسامرة التى تعنى الضفة الغربية بما فيها القدس الموحدة.
وأن هذا التحرير لا يمكن أن يتحقق ويستمر إلا بإخلاء الأرض من المحتلين العرب، بالقتل والمذابح والإرهاب والتهجير، وإخضاع من بقى منهم فى أرض إسرائيل ليعيشوا كمواطنين من الدرجة الثانية، مع تجريد وإخلاء كل المناطق العربية المحيطة بإسرائيل من السلاح والقوات بموجب ترتيبات أمنية وقرارات دولية، والحفاظ على تفوق عسكرى نوعى على جميع الدول مجتمعة، بما فى ذلك احتكار السلاح النووى فى المنطقة.
بالإضافة إلى حتمية العدوان واحتلال أراضى الدول العربية المجاورة بالقوة، فى حماية الولايات المتحدة ومجتمعها الدولى، بهدف أقصى هو ضمها وهضمها وابتلاعها واستيطانها، أو بهدف أدنى هو إكراه الدول العربية على الاعتراف بإسرائيل والصلح والتطبيع معها نظير إعادة أراضيها المحتلة مقيدة أو منزوعة السلاح.
وأن على الحركة الصهيونية العالمية ودولة إسرائيل العمل على تحريض الشعوب الأخرى من أصحاب الأرض الحقيقيين الذين تعرضوا هم أيضا لاغتصاب واحتلال أراضيهم من الاستعمار العربى (وفقا للنظرية الصهيونية)، ودعم مشروعاتهم للتحرر الوطنى (الحركات الانفصالية)، لإقامة دويلات طائفية مماثلة للدولة اليهودية، تعيش بجوارها وفى حمايتها.
***
أما الأيديولوجية أو الثوابت الوطنية والعربية، فتنطلق من أن:
فلسطين أرض عربية وهى جزء من الأمة العربية التى تبلورت واكتملت تكوينا مع الفتح العربى، والتى تعنى اختصاص الشعب العربى وحده دونا عن غيره من الشعوب الأخرى بالأرض العربية، وهى الأمة التى استطاعت أن تضم وتهضم وتستوعب كل الجماعات القبلية أو الشعوبية التى كانت تعيش فى المنطقة قبل ذلك، وتصهرها فى بوتقة واحدة.
أما الجماعات اليهودية القديمة فى فلسطين فقد اندثرت أو انصهرت مثلها فى ذلك مثل جماعات قبلية قديمة كثيرة كالكنعانيين والسلوقيين والفلستينيين (بالتاء وتسمى بشعوب البحر) وغيرهم، ومنها من رحل كالآشوريين والبابليين والفراعنة والفرس والبطالمة والرومان الذى قام كل منهم باحتلال فلسطين لفترات طويلة قبل الفتح العربى. وأى ادعاءات بحقوق يهودية فى فلسطين بناء على هذه الأزمنة والعصور الغابرة فيما قبل الميلاد، ستكون بمثابة مطالبة الإيطاليين اليوم ببريطانيا لأنها كانت تحت احتلال وسيطرة الدولة الرومانية فى الأربعة قرون الأولى بعد الميلاد، أو مطالبة اليونانيين بمصر لأنها كانت تحت احتلالهم لمدة 300 عام فى عصر البطالمة، والأمثلة كثيرة لا تحصى.
وبناء عليه فإن كل الادعاءات الصهيونية هى ادعاءات مختلقة وباطلة، فاليهود لا يمثلون شعبا واحدا ولا أمة واحدة، وإنما هم مثلهم مثل باقى كل أصحاب الديانات فى العالم، لهم أوطانهم التى ينتمون إليها ويختصون بها.
وأن الكيان الصهيونى المسمى بدولة إسرائيل هو كيان استعمارى استيطانى عنصرى باطل وغير مشروع وغير طبيعى، وأنه لا يجب تحت أى ظرف الاعتراف بشرعيته وشرعية وجوده على أرض فلسطين أو التنازل له عن أى جزء منها، فالأوطان هى ملكية مشتركة بين كل الأجيال الراحلة والقادمة، ولا يجوز لأى جيل أن يفرط فيها أو يتنازل عنها، وكل ما يملكه هو حق الانتفاع بأرض الوطن والاحتفاظ بها كوديعة لديه يحافظ عليها ويحميها ويسلمها آمنة حرة مستقلة إلى الجيل التالى لها وهكذا.
وأن الكيان الصهيونى ليس سوى مشروعا استعماريا غربيا بقيادة إنجلترا ثم أمريكا، تم زرعه ورعايته ودعمه وحمايته وتسليحه ليكون بمثابة قاعدة عسكرية إستراتيجية رخيصة ومتقدمة فى العالم العربى، وليكون شرطى تأديب لأى نظام عربى يخرج عن طوع الولايات المتحدة ويتحداها، ويكون أيضا حاجزا بين مصر والمغرب العربى وبين المشرق العربى للحيلولة دون قيام دولة عربية واحدة كبرى تتحدى نفوذ الدول الكبرى فى المنطقة والعالم.
وأن الاختلال المؤقت فى موازين القوى لصالح العدو الصهيونى الذى لا يتعدى عمر دولته 70 عاما، لا يجب أن يدفع العرب والفلسطينيين إلى التفريط فى أوطانهم، خاصة أن فى التاريخ العربى الحديث، استطاعت الجزائر أن تتحرر من استعمار استيطانى استمر لأكثر من 130 عاما والأمثلة كثيرة، كما أن هناك سوابق تاريخية عديدة أهمها الانتصار على الغزو الفرنجى المشهور باسم الحروب الصليبية وإنهاء مشروعه الاستيطانى وتطهير الأرض العربية منه تماما، رغم بقائه ما يقرب من 200 عام (1096 1291).
وبناء على كل ذلك فإن أى اعتراف بشرعية إسرائيل أو أى صلح وتطبيع معها، هو هدم للحقائق التاريخية وللثوابت الوطنية العربية والمصرية، واعتناق واستسلام للأيديولوجية الصهيونية فى الصراع.
***
وعلى ذلك فإنه أمام من يدعى أن الأيديولوجيات العربية القديمة المعادية لإسرائيل ومشروعها الصهيونى، قد عفا عنها الزمن، ثلاثة خيارات:
الخيار الأول هو أن يأتى لنا بما يثبت تخلى إسرائيل عن صهيونيتها وثوابتها المبدئية ومشروعها الاستعمارى العنصرى العدوانى.
والثانى لا قدر الله هو أن يعلن قبوله واقتناعه بثوابتها ومنطلقاتها.
والاختيار الثالث هو أن يخبرنا بمواطن الخطأ والخلل والقدم وعدم الصلاحية فى حقائق التاريخ وفى منظومة ثوابتنا الوطنية والعربية.
بعد ذلك فقط وليس قبله، أى بعد أن نضع النقاط على الحروف، ونحدد المنطلقات المبدئية لكل منا، نستطيع أن ندير حوارا علميا وموضوعيا، حول استراتيجيات المواجهة والصراع وتكتيكاتها وأدواتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.