العملة الخضراء الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 14-8-2025 بعد آخر انخفاض    "يديعوت آحرونوت": وزير الدفاع الإسرائيلي يبحث مع رئيس الأركان خطة احتلال غزة    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارتين على منطقة جزين جنوب لبنان    خالد الغندور: جهاز منتخب مصر يتواصل مع ياسر إبراهيم لحسم موقفه من معسكر سبتمبر    الزمالك يعلن تسوية أزمته مع جوميز    درجة الحرارة تصل إلى 49.. تحذير من الأرصاد بشأن حالة الطقس غدًا قبل هدوء الموجة    كليكس إيجيبت تكشف تفاصيل تطبيق "مصر قرآن كريم" بالتعاون مع الشركة المتحدة    «ركب صور فنانات على حاجات مش كويسة».. نقيب الممثلين يعلن التقدم ببلاغ رسمي ضد أحد الأشخاص    آخرها «ما تراه ليس كما يبدو».. مسلسلات الحكايات المنفصلة تزين أحداث الدراما    «طاجن الصيادية بجزل السمك والبصل».. حضريه على سفرة يوم الجمعة (الطريقة والخطوات)    السيسي يصدق على قانون قواعد تصرف واضعى اليد فى أملاك الدولة    لقاء فكرى مع الفنان ميدو عادل وحوار عن حرفية الممثل ب"الأعلى للثقافة"    استعدادًا للعام الدراسي الجديد.. "تعليم القاهرة" توجه بتفعيل "الأتوبيس الطائر"    جولات تفقدية علي وحدات الرعاية الصحية بالحسنة والبرث بوسط سيناء    رئيس جامعة المنوفية يعلن إجراء عملية زراعة كبد ناجحة لطفل 7 سنوات    جارناتشو يقترب من الانضمام إلى تشيلسي    ساندي على موتوسيكل من أحدث ظهور على السوشيال ميديا والجمهور يعلق    سيارة وسط البحر وقالب تورتة.. هاجر الشرنوبي تحتفل بعيد ميلادها (صور)    نهاية الجولة 13 والتوقف الدولي.. متى يقام السوبر المصري بعد إعلان رابطة الأندية؟    استشارية نفسية: تصرف الأهلي زعزع انتماء عبدالقادر.. ويجب حمايته من شوبير (خاص)    انطلاق الاختبارات الشفوية للخاتمين في القرآن الكريم والتجويد والقراءات بالإسكندرية لدور يوليو 2025    الإعلام المصرى قوى    وزير الخارجية يلتقي وزير الاستثمار والتجارة الخارجية    هل دفع مخالفة المرور يسقط الإثم الشرعي؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ أحمد خليل: حادث الواحات جرس إنذار.. جريمة جمعت الأذى والتحرش والرعونة    رمضان عبد المعز يحذر من السرعات الجنونية وحوادث الطرق: "المتهور يقتل نفسه والآخرين"    النيل «ماجاشى»    تعاون بين "الأوقاف" وجامعة بنها لتعزيز الوعي الديني ومواجهة التطرف (صور)    «بحر وميه ولقمة هنية» |انطلاق مهرجان الأجبان المصرية برأس البر    القائمة الشعبية تبدأ تلقى طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب 2025    السودان بين تصعيد الميدان وحراك السياسة... مجلس الأمن يرفض السلطة الموازية والجيش يجدد العهد في العيد المئوي    دمشق تشيد بتقرير لجنة التحقيق الأممية حول أحداث الساحل وتتعهد بدمج توصياته في مسار العدالة والإصلاح    رسميا انطلاق نظام البكالوريا المصرية الجديد بعد تصديق السيسي على قانون التعليم - التفاصيل كاملة    تأهل 4 لاعبات لنهائي السيدات ببطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عاما    شعبة مواد البناء: سعر طن الحديد أعلى من قيمته العادلة في مصر ب16 ألف جنيه    كوريا الشمالية تحذر إسرائيل من احتلال غزة وتطالبها بالانسحاب فورا    رمضان عبد المعز: الإسلام جاء لرعاية مصالح الناس وحماية الأرواح    حكم مرور الطريق من أماكن غير مخصصة للمشاة؟| أمين الفتوى يجيب    خطة وزارة الاتصالات لتطوير بناء أبراج المحمول خلال النصف الثاني من 2025    السكة الحديد: تخفيض مؤقت لسرعات القطارات لهذا السبب    المشدد 3 سنوات لعاطل بتهمة حيازة سلاح في المنيا    عميد كلية الصيدلة بجامعة الجلالة الأهلية تعلن عن مميزات برنامج "Pharm‐D"    وزارة الإسكان توافق على تشكيل مجلس أمناء مدينة أسوان الجديدة    وزير الإسكان: 18 و19 أغسطس الجاري..إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة    السجن المؤبد لأفراد تشكيل عصابى تخصص فى الاتجار بالمخدرات بالقناطر الخيرية    ضبط سائق سيارة فارهة حاول الهرب بعد ارتكابه حادثا مروريا بكوبرى أكتوبر.. فيديو    أسامة نبيه: حققنا مكاسب كثيرة من تجربة المغرب    الرقابة المالية تصدر معايير الملاءة المالية للشركات والجهات العاملة في أنشطة التمويل غير المصرفي    السيسي يوجّه بتحويل تراث الإذاعة والتلفزيون المصري إلى وسائط رقمية    عمر الشافعي سكرتيرًا عامًا وإيهاب مكاوي سكرتيرًا مساعدًا بجنوب سيناء    الليلة.. انطلاق فعاليات الدورة الثالثة من «مسرح الغرفة والفضاءات» بالإسكندرية    حلول "فورية وسريعة".. وزير الصحة يبحث تجاوز عقبات صناعة مشتقات البلازما    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    العراق تخصص 300 سيارة لمواجهة الحالات الطارئة خاصة الحرائق    ب22 مليون جنيه.. الداخلية تضبط قضايا اتجار غير مشروع بالنقد الأجنبي    منتخب السلة يواجه السنغال في ثاني مبارياته ببطولة الأفروباسكت    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى حسين يكتب من الخرطوم .. الانتعاش الاقتصادى السودانى .. هل يهدده انفصال الجنوب؟
نشر في الشعب يوم 22 - 07 - 2011

التحالف الاسرائيلى مع الحركة الشعبية يظهر الى العلن
لن يعرف ما الذى جرى فى السودان عام 2011 الا الذى زارها لأول مرة منذ 26 عاما مثلى . فالخرطوم تغيرت كثيرا وهى مرآة السودان كأى عاصمة ، حقا لقد زرت السودان قبل ذلك عدة مرات آخرها عام 2006 ، ولكن هذه المرة حرصت على المقارنة الزمنية. ان سنوات حكم الانقاذ بادية للعيان ، ومهما كانت الملاحظات حول أدائه ، فلا شك كما قال لى الطبيب السودانى الجالس بجوارى فى الطائرة المتجهة الى الخرطوم : ان هؤلاء الذين يحكمون السودان الآن هم أفضل من حكم السودان منذ الاستقلال. جاءت زيارتى فى وقت يبدو حزينا ، فقد أعلن رسميا عن استقلال جنوب السودان كدولة ، ولكن السودان لم يكن فى مأتم رغم قتامة اللحظة . بل شعر كثيرون بالفرح للخلاص من مشكلات الجنوب التى أقضت مضجع الشمال على مدار أكثر من نصف قرن . ولكن الأمر لايستدعى الفرح ولا الحزن من وجهة نظرى فمشكلة الصراع بين الشمال والجنوب تلونت وأخذت شكلا سياسيا جديدا فحسب ! والأمر يستدعى اعمال الفكر والتدبر لمعالجة المشكلات القادمة من كل بد .
ورغم هذا الحدث الكبير فى حياة وتاريخ السودان ( انفصال الجنوب) فانه لم يغط على مشهد الخرطوم الذى يوحى بالثقة والتفاؤل. فى عام 1985 وجدت الخرطوم قرية ريفية بالمعنى الحرفى للكلمة ، الطرق ترابية فى معظمها ، وسائل المواصلات بائسة والفنادق الكبيرة تعد على أصابع اليد الواحدة معظمها متهاوى ، لاتوجد أرصفة حول نهر النيل ، بل مجرد طرق ترابية ، الشوارع معظمها مظلم ، والناس تنام عقب المغرب ، وتصبح الخرطوم قرية مهجورة هادئة. الوصول الى جزيرة توتى يحتاج لمعديات ،وحول الخرطوم أحزمة من المناطق الفقيرة العشوائية ، وعشش منكوبى التصحر والجفاف والمجاعة. وكان المطار يشهد هبوط طائرات ليبية تحمل معونات القمح فى بلد به 200 مليون فدان صالحة للزراعة ، ومع ذلك اذكر أننى كنت منبهرا بالانسان السودانى الطيب المتحضر وبالنخبة السودانية المثقفة. فى عام 2011 وجدت الخرطوم نظيفة منسقة متسعة ممتلئة بالبنايات الحديثة من كل شاكلة وطراز ، بينما تلحظ أن الاعمار متواصلا وأن الكثيرمن المبانى الخاصة والحكومية يجرى بناؤها أو تجديدها. ( لاحظت بوادر ذلك فى زيارة 2006) أن أحدث أنواع السيارات تعج بها الشوارع معظمها يتم تصنيعه فى السودان، كبارى لاتقل عن ستة تربط بين ضفاف الخرطوم ، ومنها كوبرى يربط جزيرة توتى بالخرطوم فلم يعد هناك وجود للمعديات. كورنيش للنيل يمتد عدة كيلومترات يعج بالمتنزهات التى لاتصادر النيل عن عامة الشعب.
طوابير من السيارات الحديثة على ضفاف النيل مساءا حيث تتجمع العائلات للتنزه وشرب الشاى والقهوة والعشاء فى يوم الجمعة . عدد غير مسبوق من المطاعم المتعددة الأنواع والمستوى على أحدث طراز. الشوارع والمتنزهات تعج بالناس حتى منتصف الليل .مستشفيات جديدة عامة وخاصة . وسائل المواصلات أكثر رقيا وبدأت تعرف الحافلات المكيفة. جامعات ( شهد السودان قرابة سبعين جامعة ومؤسسة تعليمية عليا فى عهد الانقاذ وكان عددها 5 جامعات قبل الانقاذ كما قالت لى سعاد عبد الرازق وزيرة الدولة للتعليم ) وكان عدد طلاب الثانوية الذين يدخلون الجامعات قبل الانقاذ 4% ارتفعت نسبتهم الآن الى 70% . حالة من الرواج والازدهار التجارى والرفاهية الاجتماعية توضح اتساع حجم الطبقة الوسطى وأن أحوال الشعب السودانى أصبحت أكثر يسرا بكثير بالمقارنة مع عام 1985 .السودانيون العاملون بالخارج وهم كثر يجدون المناخ ملائما لاستثمار مدخراتهم.. وهكذا. وهناك مؤشرات تلخص أشياء كثيرة ، فالجنيه المصرى كان يساوى 12 جنيها سودانيا أما الآن فان الجنيه السودانى يساوى 2 جنيه مصرى ونصف الجنيه!!
ولاشك أن الطفرة الاقتصادية السودانية اعتمدت على البترول ، وقد كان استخراج البترول وتصديره ملحمة وطنية كتبنا عنها فى حينها ، ولكن الأهم أن السودان استخدم هذه الأموال لاحداث طفرة تنموية ، وليس لمجرد الاستهلاك.
ولعل انفصال الجنوب وما أخذه معه من بترول سيحفز السودان بل بدأ يحفزه بالفعل للمزيد من الاهتمام بالزراعة والصناعة والتعدين، واعتقد أن السودان قادر على ذلك لأنه خرج من عنق الزجاجة وخرج من الدائرة المفرغة للفقر.وعرف طريقه الى التنمية المعتمدة على الذات وبالتعاون مع القوى العالمية التى لاتفرض شروطا سياسية وعلى رأسها الصين.ولكن قبل الاستطراد فى الوضع الاقتصادى السودانى لابد من التوقف عند حدث الساعة وهو انفصال الجنوب . كما قلت فان انفصال الجنوب لايستدعى الحزن ولا الفرح ولكن يستدعى التفكر والتدبر على مختلف الأصعدة الداخلية والخارجية. لايستدعى الحزن لأن الجنوب لم يكن يوما جزءا حقيقيا من السودان ، الا فى فترة قصيرة من عهد محمد على . ومنذ مجيىء الاستعمار البريطانى فقد حرص عبر سياسة المناطق المقفلة أن يمنع التمازج بين الشمال والجنوب ، وبين مصر والسودان ( راجع كتابى مصر والسودان). وعندما استقل السودان وضع الانجليز القنبلة الموقوتة بين الشمال والجنوب بتشجيع بداية التمرد الجنوبى فى عام 1955 . وهكذا دخل الشمال والجنوب فى حروب متقطعة ، منعت قيام حياة طبيعية بين الجانبين . فلا طرق مواصلات ، ولا وسائل اعلام موحدة ، ولاتزاور بين مواطنى الطرفين، ولا مشروعات اقتصادية مشتركة .
وورث الحلف الصهيونى الأمريكى الدور البريطانى فى تشجيع تمرد الجنوب ومده بكل سبل الحياة المادية والعسكرية والاعلامية والسياسية. وتحولت بريطانيا الى أسد عجوز مهمته تقديم المشورة لهذا العمل الشرير. وأذكر أننى عندما سألت فى الثمانينيات عن امكانية وكيفية زيارة الجنوب ، قالوا لى لاتوجد وسيلة اتصال مع الجنوب الا من خلال رحلة جوية أسبوعية تقوم بها طائرة عسكرية!! ولم يسمح وقتى للقيام بهذه الرحلة لجوبا. وقالوا لى ان الطرق البرية والنهرية غير آمنة وتستغرق وقتا طويلا ، هذا اذا وصلت وعدت حيا! وهكذا اذا سألت مواطن شمالى : هل زرت الجنوب؟ فالاجابة تكون عادة بالنفى . كذلك لاحظت أن معلومات الشماليين عن الجنوب جد قليلة. والتفاعل الانسانى الأساسى بين الطرفين كان من خلال استيطان وهجرة مليون أو 2 مليون جنوبى للمعيشة فى الخرطوم، هربا من جحيم الفقر أو القتال. ولكن معظم هؤلاء كانوا من المهمشين والذين عملوا فى أعمال يدوية بسيطة وهذا لم يكن أفضل شكل للتفاعل الانسانى ، وان كان قد برهن أنه لايوجد عداء عنصرى بين الطرفين. ولم تشهد الخرطوم أى أعمال عدائية بين الشماليين والجنوبيين، فيما عدا الحادث الذى أعقب مقتل جون قرنق فى حادث جوى غامض ، لم يكن للشمال يد فيه. باختصار فان المواطن السودانى فى الشمال لايعرف عن الجنوب الا أنه جبهة لاستنزاف الشمال فى الأرواح والأموال. وانفصال الجنوب كان محتما فى ظل تخلى مصر عن دورها الاستراتيجى فى السودان وافريقيا ، وتخلى حكام العرب والمسلمين عن مسألة مساندة السودان ، وكانت أعباء السودان أكبر من أن يتحملها للأبد وان لم يكن بالضرورة بهذا الاتفاق المجحف فى نيفاشا، ولكن الجنوب كان مستقلا كأمر واقع.
ولكن فى المقابل فان انفصال الجنوب رسميا لايستدعى الفرح ، لأن السودان لن يهنأ بالراحة والسكينة ، بل ستصبح الدولة الجديدة شوكة ان لم تكن سيفا فى خاصرته. ويكفى أن نشير لهذا التقرير المهم الذى لايوجد فيه أى مفاجأة ولكننا ننشره للتذكرة والتحذير والاستعداد :
أعلن مكتب رئيس الوزراء "الاسرائيلي" الأربعاء14/7/2011، أن بنيامين نتنياهو عرض في اتصال هاتفي أجراه مع رئيس جنوب السودان سلفا كير مساعدة "إسرائيلية" لبلده الذي استقل حديثاً.
ونقل البيان عن نتنياهو قوله لسلفا كير بعد أربعة أيام على إعلان استقلال جنوب السودان: "إن شعب "إسرائيل" يتمنى النجاح لبلادكم، نعلم إلى أي حد يصعب البدء من لا شيء".
وأضاف حسبما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب": "لدينا الخبرة وقدمنا مساعدات للكثير من الدول الافريقية في مجالات البنى التحتية والتنمية والزارعة"، كما ورد في البيان الصادر عن مكتب نتانياهو.
واعترفت "إسرائيل" رسمياً بدولة جنوب السودان غداة إعلان استقلالها، وكان نتانياهو وصف جنوب السودان الفقير والذي يملك ثروات طبيعية كبيرة على انه "بلد يبحث عن السلام" وقال: "إن "إسرائيل" سيسرها التعاون معه لتأمين تطوره وازدهاره".
ويشير انفتاح "إسرائيل" على جنوب السودان الى سعيها لاقامة علاقات دبلوماسية مع جوبا، ولا تقيم إسرائيل علاقات مع الخرطوم التي تتهمها بأنها تستخدم قاعدة لناشطين اسلاميين.
وذكرت وسائل الاعلام "الإسرائيلية" أن عدداً من الخبراء "الإسرائيليين" موجودون في جنوب السودان خصوصاً في مجال الزارعة. وكانت "إسرائيل" دعمت الجيش الشعبي لتحرير السودان.
وكان بعض المحتفلين بانفصال جنوب السودان قد رفعوا العلم الإسرائيلي في الاحتفالات التي أجريت في مدينة جوبا، وقد نقلت مصادر صحفية عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية في وقت سابق أن إسرائيل ستكون من أوائل الدول التي ستعترف بالجنوب السوداني دولة مستقلة.
تحضيرات سابقة
وكان مصدر دبلوماسي عربي رفيع كشف أنه في يوم الخميس 16 كانون الأول الماضي كانت "تل أبيب" تستعد لاجتماع استثنائي، وتستقبل 4 إلى 5 مسؤولين مهمين من مجلس وزراء جنوب السودان، وكان هذا اليوم هو الأخير لرسم التفاصيل النهائية لما بعد الاستفتاء على انفصال الجنوب، والترتيبات المتعلقة بعمليات تسليح الدولة الجديدة رغم محاولات إسرائيل الإيحاء لأطراف إقليمية ودولية بأنها "تساعد فقط الدولة الجديدة في الجنوب".
وكانت المفاجأة، حسبما ذكرت صحيفة "الخليج" الاماراتية سابقاً في الدور الروسي الذي يعرف جيداً الزعماء والدبلوماسيون العرب حقيقته في ملف السودان، فحسبما كشف المصدر الدبلوماسي العربي الرفيع المستوى فإنه في هذا اليوم كان المبعوث الروسي الخاص للسودان ميخائيل مارغيلوف على رأس وفد يستقبل في سفارة بلاده في تل أبيب وفداً رفيع المستوى مكوناً من وزراء ومسؤولين مهمين في حكومة الجمهورية الجديدة التي ستضاف إلى قائمة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعد إعلان انفصال جنوب السودان.
ويراوح عدد أعضاء الوفد بين أربعة وخمسة أشخاص، إضافة إلى مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس موظفي وزارة الدفاع رئيس مكتب السياسة العسكرية عاموس غلعاد، وعدد من قيادات جهاز الاستخبارات "موساد"، ومبعوث "إسرائيل" الى جنوب السودان.
ووضع اجتماع 16 كانون الأول اللمسات النهائية لما ستكون عليه تفاصيل العلاقات الدولية، والمواقف المحتملة للأطراف بما في ذلك مصر التي تقلقها أوضاع المنطقة ما بعد يوم 15 كانون الثاني وعدم السماح لمصر بتمرير محاولاتها الضغط لتأجيل موعد استفتاء الانفصال.
تسليح
وتضمن الاجتماع السري في تل أبيب، وفق المصدر، الاتفاق على قيام إسرائيل بتمويل صفقة طائرات مروحية هجومية لتسليح جيش الجنوب الجديد في إطار استكمال منظومة تسليح الجنوب التي شملت من قبل أسلحة وذخائر، وقاذفات مضادة للدبابات، ومنظومة صواريخ ومدافع مضادة للطائرات، ودبابات وسيارات وعتاداً عسكرياً، على الرغم من تسريبات إسرائيلية ذكرت أن الاجتماع مخصص فقط لترتيب "صفقة طائرات مروحية".
ولم تتوقف الترتيبات الإسرائيلية مع الجمهورية الجديدة في جنوب السودان عند هذه الحدود، بل جاوزتها إلى ترتيب أوضاع السفارات في مختلف أنحاء العالم، وستقوم بعض الدول بإهداء الدولة الجديدة مقار لسفاراتها، فيما تتم عمليات تمويل واسعة بوساطة إسرائيلية لشراء مبانٍ وإعدادها لتكون مقار سفارات الجنوب.
وكشف المصدر الدبلوماسي أن الأمر لن يتوقف على انفصال الجنوب وأن رئيس مكتب السياسة العسكرية ورئيس أركان وزارة الحرب "الإسرائيلية" عاموس غلعاد يقودان دوراً خطيراً في السودان، وأن في إسرائيل، حسب تقديرات رسمية غير معلنة، نحو 15 ألف لاجئ سوداني، لكن الأخطر من ذلك المؤامرة الكبرى في دارفور.
لقاءات دورية
ويجتمع رئيس حركة تحرير السودان المعارضة عبد الواحد محمد نور بشكل دوري مع غلعاد، بخلاف جواز سفره الممتلئ بأختام تل أبيب، ومكتب تمثيل حركة تحرير السودان في تل أبيب. ولأنه يعرف طبيعة دوره فإنه خلال إقامته في باريس يحظى بتأمين دائم من "موساد"، ويخشى العودة إلى دارفور، أو المشاركة في أي مفاوضات لأنه يريد أن يبقى "حياً"، ويدير حركته بأربعة هواتف نقالة وهاتف "ثريا"، وجهاز عالي التقنية يشارك عبره في "اجتماعات مهمة".
وأكد المصدر أن السودان يمثل خياراً استراتيجياً ل"إسرائيل"، يمكنها من الحصار النهائي لمصر، وتغييبها عن امتدادها الطبيعي والاستراتيجي..
كذلك من المفيد قراءة هذا التقرير الثانى الذى نشر قبل اعلان دولة الجنوب بأيام :
ذكرت تقارير صحافية بريطانية أن "جنوب السودان"، التي تستعد لإعلان "استقلالها" بعد أسبوع، باعت لمستثمرين أجانب نحو 9% من أراضيها التي تعد من بين الأخصب للزراعة في إفريقيا.
وقالت جمعية مساعدة الشعوب النرويجية، وهي مؤسسة غير ربحية: إن العديد من الصفقات أبرمت بين مؤسسات حكومية وشركات وافراد وصناديق مع حكومة جنوب السودان لتأجير أراضي تستثمر لاحقا في مشاريع زراعية، وتوليد الوقود الحيوي او إقامة مساحات ضخمة من الغابات.
ونقلت صحيفة ذي تايمز البريطانية عن تقرير للمؤسسة النرويجية تأكيده أن تلك المشاريع ستقام على مساحة 2.6 مليون هكتار، وهو مايعادل مساحة ويلز، وتقع في أخصب المناطق من دولة جنوب السودان الفتية.
وجاء في تقرير المؤسسة النرويجية "إن الأرقام صادمة، فمساحة بعض الصفقات فلكية، ولم نكن نتوقع أن نرى شيئا مثل هذا"، مضيفا أن ذلك يحصل حتى "قبل أن يبزغ الفجر على الناس" في جنوب السودان.
وفي ظل الأزمة المالية العالمية، تتطلع صناديق التحوط والتقاعد الى فرص استثمار بعوائد جيدة، وهو ماخلق إقبالا على شراء الاراضي.
وأشارت التايمز إلى أنها حصلت على وثائق تكشف أنه تم إبرام بعض الصفقات بمبالغ رمزية، فقد دفعت شركات أمريكية مثلا 4 بنسات على الهكتار الواحد.
وحصلت شركة "نايل للتجارة والتطوير" ومقرها مدينة تكساس الأمريكية على 600 ألف هكتار مقابل 17 ألف جنيه إسترليني لاستغلال تلك الأراضي لمدة 49 عاما. مع خيار رفع إجمالي المساحة المستغلة إلى مليون هكتار.
وكان مجلس اللوردات البريطاني قد أصدر، الشهر الماضي، تقريراً يسلط فيه الضوء على القضايا التي يمكن أن تعكر صفو العلاقات السودانية الشمالية الجنوبية.
وخلص التقرير إلى أن خطر ميلاد دولة جنوبية فاشلة وارد بشكل كبير، حتى لو استمرت مستويات دعم المجتمع الدولي للجنوب على ما هي عليه. انتهى التقرير.
وأشار تقرير ثالث أن اسرائيل كانت من بين الدول التى اشترت أراض من جنوب السودان لاستخدامها فى اقامة قواعد عسكرية.
اذن لقد دخل التمرد الجنوبى مرحلة جديدة ، مرحلة محاربة السودان ومصرمن موقع الدولة المستقلة ، وتحولها رسميا الى حليف استراتيجى لاسرائيل. بل لقد بدأت دولة الجنوب فورا أعمالها التخريبية فى السودان استمرارا لدورها السابق. فماذا فعلت حتى الآن ؟ وهل ستنجح فى تحقيق مالم تستطع أن تحققه خلال الفترة الماضية فى القضاء على عروبة واسلام السودان ؟
هذا ما سوف نتناوله فى الأسبوع القادم ان شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.