في مشهد ينم عن أن الانقلاب ينتوي في الاستمرار في سياسته القمعية وحجب شمس الحرية عن أبناء هذا الوطن، ومزيد من عدد المعتقلين داخل سجون العسكر الذي فاق عددهم عن 60 ألف معتقل ، دون ذنب ولا جريرة. فقد أعلن وزير داخلية الانقلاب ، مجدي عبد الغفار، عن إنشاء سجن مركزي جديد بمديرية أمن القلوبية، باسم" سجن العبور المركزي". ويندهش المرئ حينما يتطلع إلى ذلك الخبر الذي نشر في صحف العسكر، نفسها، في يناير الماضي، أن المساحة التي خصصها قائد الانقلاب، لإنشاء سجن مركزي آخر تقدر بنحو مساحة 103.22 فدان، تعادل 433610 م2 من الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لصالح وزارة الداخلية بدون مقابل. السجون في عهد الانقلاب يفوق عدد ما بناه الحكم منذ فجر البشرية إذ يقول الدكتور نادر فرجاني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن عدد السجون التي بنيت منذ الانقلاب العسكري، يزيد على عدد السجون التي بناها حكام مصر منذ فجر البشرية؟ متسائلًا: "كيف يكون بناء السجون علامة على النهضة؟". ويمضي الدكتور نادر قائلا: "يُقدّر أن عدد السجون الجديدة التي أنشاها الحكم العسكري منذ 2013 تعدى العشرين (22)، وبذلك زاد عدد سجون مصر ليصبح 42 سجنًا، فضلًا عما يتردد من أن الحكم العسكري قد دشن العديد من السجون السرية في معسكرات الأمن المركزي ومقرات الاحتجاز داخل أقسام الشرطة والبالغ عددها 382 مقرًا". وأعرب عن دهشته قائلًا: "الكارثة أنه لم يبن مدرسة أو جامعة أو مستشفى واحدًا، كما تقلصت عمليات صيانة المستشفيات والمدارس والجامعات إلى درجة كبيرة جدًا تكاد تصل إلى العدم". مزيد من السجون يعكس وجه السلطة القمعي قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن بناء النظام المصري مزيدا من السجون "يعكس وجه السلطة القمعي، التي في ظلها تردت حالة حقوق الإنسان إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق". وذكرت المنظمة في بيان لها، أن النظام في مصر افتتح بعد الثالث من يوليو 2013 خمسة سجون؛ كان آخرها سجن "15 مايو"، مشيرة إلى وجود سجنين تحت الإنشاء من المقرر الانتهاء منهما خلال أشهر. وكانت السلطات المصرية قد افتتحت بتاريخ 12 أبريل 2014 سجنين، الأول "ليمان المنيا"، ويتبع دائرة مديرية أمن المنيا، حيث يتم إيداع الرجال المحكوم عليهم بعقوبتي المؤبد والسجن المشدد. أما السجن الثاني فهو "سجن شديد الحراسة بالمنيا"، وهو عبارة عن سجن عمومي يتبع أيضا دائرة مديرية أمن المنيا. وبتاريخ 30 ديسمبر 2014 تم افتتاح سجن بمحافظة الجيزة، هو سجن الجيزة المركزي الذي يقع على طريق مصر إسكندرية الصحراوي بمدينة 6 أكتوبر، وكل هذه السجون من تعهد وبناء شركة المقاولين العرب. وقد أشار بيان المنظمة إلى وجود "سجون سرية في المعسكرات والمخابرات، قضى فيها عدد كبير من المصريين؛ بسبب التعذيب، وسوء الأوضاع المعيشية، والإهمال الطبي".
وأكدت أن "أوجه الإنفاق الحكومي في مصر، وإنجازات السلطة في زيادة عدد السجون؛ تعكس انهيار الحالة التي تعيشها مصر، ومدى التردي في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الإنسان"، مشيرة إلى أن "الدولة المصرية تنفق مليارات الجنيهات لإنشاء سجون جديدة، في ظل عجزها عن توفير أسرّة للمرضى في المستشفيات، أو مقاعد لطلاب المدارس والجامعات، أو أماكن سكن للأزواج، أو لأولئك الذين يعيشون في العشش والعشوائيات والمقابر". وأشارت إلى أن تكلفة إنشاء هذه السجون باهظة جدا، مقارنة بحالة مصر المتردية اقتصاديا، "فقد بلغت تكلفة إنشاء سجن جمصة وحده 750 مليون جنيه مصري، أي ما يعادل تقريبا 100 مليون دولار أمريكي"، مضيفة أن وزارة الداخلية تكتمت على تكلفة إنشاء بقية السجون، وسط توقعات بأنها كلفت مليارات الجنيهات، "فميزانية وزارة الداخلية تساوي خمس أضعاف ميزانيتي وزارتي الصحة والتعليم معا". وقالت المنظمة العربية إن أزمة السجون ومقرات الاحتجاز المصري ليست في قلة عددها، وإنما في الزج بعشرات الآلاف داخلها دون مبرر، ما سبب خللا في الطاقة الاستيعابية للسجون؛ أدت إلى وفاة عدد من المعتقلين، منوهة إلى أن السلطات المصرية "توسعت في عمليات الاعتقال التعسفي بسبب الرأي السياسي المعارض. وأوضحت أن السلطات في مصر تحتجز "آلاف الشباب من أصحاب المستقبل الواعد، وآلاف الخبرات في كافة التخصصات"، مؤكدة أن السجون المصرية تحوي "نساءً وأطفالاً ومرضى". انتقاد غربي للسيسي بعد قرار التوسّع في بناء السجون تتسبّب سياسة النظام المصري التوسعية في إنشاء السجون، في اتّساع فجوة الثقة بين عبد الفتاح السيسي، ونظرائه الغربيين، خصوصاً الدول التي سبق أن انتقدت الأوضاع المتردية للملف الحقوقي والإنساني في مصر، كالولايات المتحدةوبريطانيا وفرنسا وألمانيا. ووصف مصدر دبلوماسي مصري في ديوان وزارة الخارجية سياسة الحكومة، التي أدت لصدور قرارات إنشاء مايزيد عن 18 سجناً جديداً، خلال نحو 3 أعوام، أنها "غير إيجابية، وتُصعّب موقف مصر الحقوقي أمام القوى الغربية، لا سيما وأن المسؤولين الغربيين لا ينظرون إلى موضوع إنشاء السجون باعتباره منفصلاً عن باقي الأزمات الحقوقية، بل ينظرون له في إطار عام من تراجع أوضاع حقوق الإنسان في مصر وارتفاع أعداد المختفين قسرياً والمعتقلين دون محاكمة، بالإضافة لحادث خطف وقتل الطالب الإيطالي، جوليو ريجيني، مطلع العام الحالي". وأصدرت الحكومات المتتابعة في عهد السيسي 10 قرارات تقضي بإنشاء 16 سجناً جديداً، خلال عامين ونصف العام فقط، افتتح بعضها رسمياً، وأخرى لا تزال تحت الإنشاء. ومن أهم السجون التي افتتحت أو التي يتم إنشاؤها حالياً سجن الصالحية العمومي، الذي خصص له محافظ الشرقية، سعيد عبدالعزيز، مساحة 10 أفدنة بمدينة الصالحية في 27 نوفمبر 2014، بناء على طلب الأجهزة الأمنية ليكون بديلاً عن سجن الزقازيق العمومي. وافتتحت وزارة الداخلية سجن 15 مايو المركزي التابع لقطاع أمن القاهرة بمدينة 15 مايو على طريق الأوتوستراد، في 4 يونيو 2015، على مساحة 105 آلاف متر مربع، ويتسع ل4 آلاف سجين، بمعدل 40 نزيلاً داخل كل عنبر. وفي منتصف عام 2013 أصدر وزير الداخلية الأسبق، محمد إبراهيم، قراراً بإنشاء سجن بني سويف المركزي بقسم شرطة بني سويف في محيط مديرية الأمن. هناك شعور غربي، أن زيادة أعداد السجون تأتي لتواكب الزيادة المطردة في أعداد المعتقلين " وأقيم في أغسطس 2013، بمحافظة الدقهلية، سجن ليمان شديد الحراسة، ويقع السجن بجوار مدخل مدينة جمصة وأنشئ على مساحة 42 ألف متر، وقد بلغت تكلفة إنشائه نحو 750 مليون جنيه بحسب المنظمة العربية لحقوق الإنسان. ثم خصص إبراهيم قطعة أرض بمنطقة شطا، بمركز دمياط، لمديرية أمن دمياط، بغرض إنشاء سجن دمياط المركزي عليها، والذي لم يفتتح حتى الآن. بعدها أصدر الوزير قراراً آخر بإنشاء وتشغيل سجن مركزي بنها بقسم ثاني شرطة بنها، وفي خطوة أخرى لتوسيع السجون القائمة، قرّر إنشاء طرة 2، شديد الحراسة بمجمع سجون طرة. وفي 12 أبريل 2014، تم تدشين سجنين جديدين هما ليمان المنيا، ويتبع دائرة مديرية أمن المنيا، حيث يتم إيداع الرجال المحكوم عليهم بعقوبتي المؤبد والسجن المشدد، أما السجن الثاني هو سجن شديد الحراسة بالمنيا، وعبارة عن سجن عمومي يتبع أيضاً دائرة مديرية أمن المنيا. ثم افتتح سجن الجيزة المركزي بمحافظة الجيزة 30 ديسمبر 2014، ويقع على طريق مصر إسكندرية الصحراوي بمدينة 6 أكتوبر. وفي 13 يناير الماضي، خصص السيسي 103 أفدنة حوالي 434 ألف متر مربع) بصحراء الجيزة، على طريق مصر/أسيوط الغربي، لإنشاء سجن ضخم وملحقاته ومعسكر لإدارة قوات أمن الجيزة ومركز تدريب وتبة ضرب نار وقسم لإدارة مرور الجيزة، وسيحمل اسم سجن الجيزة المركزي". كما يجري حالياً بناء سجن النهضة بمنطقة السلام في القاهرة، ويتكون من طابقين على مساحة 12 ألف متر بعد إصدار قرار من مجلس الوزراء، نهاية العام الماضي، ببنائه، إضافة إلى سجن مركزي بمبنى قسم شرطة الخصوص بمديرية أمن القليوبية. "ميدل إيست آي": السيسي لم ينجح إلا في بناء السجون "نظام عبد الفتاح السيسى ، لا يتقن عمل شيء سوى بناء سجون جديدة لكي يدفن بها المصريين وهم أحياء"، بحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطانى. لكنه (أي نظام عبد الفتاح السيسي) ، في الوقت نفسه، يجعل من السجون فنادق 7 نجوم لكي يقيم فيها المخلوع مبارك وأولاده وحاشيته كشيوف شرف. ويقول الموقع إنه من المثير للصدمة هو إصرار المجتمع الدولي على غض البصر ليس فقط عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها (نظام السيسى)، بل أيضا عن استخفاف عبد الفتاح السيسى بحقوق الناس. ويضيف تقرير "ميدل إيست آي" ليس سرا أن السجون المصرية تعج بالمسجونين، فمنذ عام2013، تزايدت الاعتقالات التعسفية ضد النشطاء السياسيين لتحطم جميع الأرقام القياسية التي سجلتها الأنظمة الاستبدادية الشمولية في العالم العربى. كما يتم إلقاء القبض على أى شخص ، دون ذنب ، في السجن دون محاكمة عادلة، سوى أنه تجرئ وتحدث ضد نظام السيسى. ويقول موقع "ميدل إيست آى": والمعتقلون القابعون في سجون العسكر، من تيارات مختلفة ، فمنهم من ينتمي إلى الجماعات مثل جماعة الإخوان المسلمين، ومنهم ناشطين سياسيين ومنهم صحفيين ومنهم برلمانيين، جنبا إلى جنب مع أول رئيس منتخب ديمقراطى، د. محمد مرسي، الذي مازال محبوس فى سجون العسكر. ويشير التقرير إلى أن العشرات من هؤلاء المعتقلين السياسيين قتلوا في الحجز، وآخرين ما زالوا يعانوا من ظروف غير إنسانية داخل أعتى السجون في العالم. ويضيف التقرير: "تبدأ رحلة العذاب في هذا الجحيم، بتجريد السجناء المكبلين من ملابسهم الداخلية ثم يساقوا إلى السجون ب "حفلة ترحيب" وهي طقوس من الجلد والإذلال المتعمد للسجناء السياسيين من قبل الحراس الذين اصطفوا على جانبي السجن". الحقيقة المرة هي صمت المجتمع الدولي على استمرار نظام السيسى في انتهاك حقوق الانسان.