شهدت أزمة توتر العلاقات الإيرانية - الخليجية مزيداً من التصعيد أمس، حيث كشفت أوساط خليجية رفيعة المستوى عن عزم "مجلس التعاون الخليجى" التقدم بشكوى جماعية إلى الأممالمتحدة لمطالبة مجلس الأمن بالتدخل لحماية حقوق عرب الأهواز والسنة فى إيران، ووقف كل أشكال التمييز والتطهير الطائفى ضدهم، فى الوقت الذى حذر فيه اللواء يحيى صفوى، المستشار الأعلى لقائد الثورة الإيرانية آية الله على خامنئى، السعودية من أن تدخلها العسكرى فى البحرين سيكون "مقدمة وذريعة للتدخل الأجنبى فى السعودية" فى حالة تصاعد الاحتجاجات الشعبية فى أراضيها، وأكد فى الوقت نفسه أن الجيش الإيرانى "أقوى جيوش الشرق الأوسط"، معتبرا أن تواجد بلاده فى الخليج والمياه الدولية يعد مؤشراً على ضمان طهران لأمن المنطقة. وأكدت أوساط خليجية لصحيفة "السياسة" الكويتية، أمس، أن جهات عليا بدول مجلس التعاون تدرس توجيه رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن لمطالبته بالتدخل الفورى لحماية عرب الأهواز (8 ملايين نسمة) والمسلمين السنة (بين 14 : 18 مليون نسمة) فى إيران مما وصفوه ب"الاضطهاد العرقى" الذى بلغ أوجه فى التعامل الدموى مع المظاهرات التى شارك فيها الآلاف من عرب الأهواز ضمن ما عرف ب"جمعة الغضب" والتى أسفرت عن مقتل وجرح عشرات المتظاهرين.
وأشارت المصادر إلى ما وصفته ب"الغضب العارم" الذى يجتاح العواصم الخليجية بسبب الخطوات التصعيدية الإيرانية الأخيرة التى اعتبرت بمثابة "فجور فى الخصومة"، مؤكدة أن الشكوى المرتقب توجيهها إلى كى مون خلال أيام ليست إلا "بداية"، وأوضحت أن الخطوة التالية هى استصدار قرار جماعى بطرد كل السفراء والبعثات الدبلوماسية الإيرانية من عواصم الخليج، وسحب البعثات الخليجية كافة من طهران. وأكدت الأوساط الخليجية أن دول مجلس التعاون باتت الآن أقرب من أى وقت مضى إلى إصدار قرارين حاسمين بإعلان الكونفيدرالية وتعزيز قوة "درع الجزيرة".
وأماطت المصادر اللثام عن اتصالات أجرتها دول مجلس التعاون مع عدد كبير من دول العالم لإطلاعها على "خطط النظام الإيرانى لتفكيك المجتمعات الخليجية وتهديد أمنها".
وكانت دول مجلس التعاون طالبت المجتمع الدولى ومجلس الأمن بالتحرك من أجل "وقف التدخلات والاستفزازات الإيرانية السافرة فى الشئون الخليجية"، فى ختام اجتماع عقد فى الرياض الأحد الماضى، فى حين أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست عن رفض بلاده البيان الخليجى، واعتبره "يهدف إلى تضليل الرأى العام عن الأزمات الموجودة فى بعض دول المنطقة".
ورفض مهمانبرست ما وصفه ب"سياسة القمع" فى البحرين، وأكد أن بلاده ستواصل جهودها الدبلوماسية الرامية لإيقاف "المجازر" بحق الشعب البحرينى، منتقدا ما وصفه ب"صمت المحافل الدولية" فى هذا الشأن.
ومن جهته، رأى صفوى مستشار خامنئى أمس الأول أن "وجود وموقف السعودية فى البحرين يرسى سابقة خاطئة لحوادث مماثلة فى المستقبل، ويتعين على السعودية أن تضع فى الحسبان أن الشىء نفسه قد يحدث فيها وربما تتعرض لغزو على خلفية الذريعة نفسها"، معتبراًَ أن انتشار القوات السعودية فى البحرين، ضمن قوات "درع الجزيرة"، ينتهك القوانين الدولية "لأنه تدخل عسكرى فى شؤون البحرين الداخلية"، بحسب قوله.
وأشار صفوى من ناحية أخرى إلى أن القوات المسلحة الإيرانية تمتلك "القوة الرادعة التى ترد الصاع صاعين لكل من تسول له نفسه الاعتداء على إيران"، معتبراً أن جيش إيران "حالياً يعتبر أقوى جيوش منطقة الشرق الأوسط من ناحية العدة والعدد".
وفى الوقت نفسه، أكد رئيس مجلس الشورى الإسلامى فى إيران على لاريجانى أن "الدفاع عن الشعوب الإسلامية فى هذه المنطقة الحساسة للغاية، خاصة شعب البحرين.. واجب إسلامى على الجميع" معتبراً مواقف القوى الدولية إزاء التطورات الجارية فى المنطقة "مزدوجة"، وذلك لدى استقباله أمس الأول رئيس الوزراء العراقى السابق إبراهيم الجعفرى، الذى يزور إيران حاليا.
وفى مكالمة هاتفية أجراها مع نظيره الكويتى جاسم الخرافى أمس، أكد لاريجانى ضرورة العمل على إحباط ما سماه "مخططات الشياطين وإفشال مؤامراتهم الرامية لضرب العلاقات بين طهران والكويت". يأتى ذلك فى الوقت الذى يتدارس فيه عدد من النواب بمجلس الأمة الكويتى إمكانية تقديم طلب لعقد جلسة خاصة لمناقشة الخطر الإيرانى على الأمن القومى الكويتى.