فى الوقت الذى تجاهلت فيه حكومة الحزب "الوطنى" عروضا جادة من ةمستثمرين مصريين وأجانب بشراء مشروع "مدينتى" بأسعار السوق، مع تخفيض الأسعار للحاجزين، بالإضافة إلى زيادة نسبة الدولة فى المنشآت إلى 40% بدلا من 7% فقط، حسب الاتفاق السابق مع مجموعة "طلعت مصطفى"، فيما يمثل إهدارا للمال العام بشكل غير مسبوق. وافق مجلس الوزراء على إنهاء العقد المبرم بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومجموعة طلعت مصطفى، بشأن أرض "مدينتى"، وإعادة بيعها للمجموعة بمقابل لا يقل عن 9 مليارات و979 مليوناً و200 ألف جنيه مصرى، وإعداد عقد جديد على هذا الأساس، تنفيذا لتوصيات اللجنة القانونية. يأتى قرار المجلس بعد اجتماع مطول أمس استغرق 4 ساعات، برئاسة أحمد نظيف. وقال الدكتور مجدى راضى، المتحدث باسم مجلس الوزراء، إنه تقرر إنهاء العقد الموقع فى 1 أغسطس 2005، طبقا لحكم المحكمة الإدارية العليا، ثم قيام الهيئة بالتصرف فى الأرض بالأمر المباشر للشركة ذاتها استنادا للمادة 31 مكرر، المضافة للقانون 148 لسنة 2006، بتعديل أحكام قانون المناقصات والمزايدات التى تجيز التعاقد بالأمر المباشر على أن يبرم العقد الجديد بين الهيئة والمجموعة بذات الأحكام والنصوص الواردة فى العقد السابق، وبما لا يتعارض مع أحكام القضاء الإدارى والمحكمة الإدارية العليا. يأتى ذلك فى الوقت الذى كشف فيه مستثمرون عقاريون عن تراجع بنحو 70% فى حركة الاستثمار العقارى، بسبب مخاوف الشركات من تكرار الأزمة.
وأضاف، يتم إبرام العقد الجديد بين هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والشركة العربية للمشروعات والتطوير العمرانى "ذات الشركة القائمة بالمشروع"، بذات الأحكام والنصوص الواردة فى العقد السابق وبما لا يتعارض مع أحكام محكمة القضاء الإدارى العليا بمجلس الدولة، وبحيث لا يقل الثمن عن تسعة مليارات وتسعمائة وتسعة وسبعون مليون ومائتى ألف جنيه مصرى ويتم إعادة العقد الجديد على هذا الأساس .
تطبيق صريح للقانون! من جانبه، زعم المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، إن قرار مجلس الوزراء اليوم بإعادة تخصيص أرض "مدينتى" لشركة "طلعت مصطفى" بالأمر المباشر مقابل 10 مليارات جنيه تقريبا، جاء تطبيقا للمادة 31 فى قانون المزايدات والمناقصات والتى تسمح بتكلفة هيئة الخدمات الحكومية بتحديد سعر الأرض.
وأضاف وزير الإسكان، فى مداخلة تليفونية مع الإعلامية لميس الحديدى ببرنامج "من قلب مصر" الذى يذاع على قناة النايل لايف، أنه من مصلحة الاقتصاد المصرى ألا يتم تعديل العقد، حتى لا نفقد ثقة المستثمرين والمساهمين فى اقتصادنا، مؤكدا أن ما أقره مجلس الوزراء هو تطبيق كامل للقانون والتزام بحكم المحكمة أيضا.
وأشار المغربى إلى أن العقد الجديد تضمن نفس بنود العقد القديم الذى تم إنهاءه مع الشركة وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا ببطلانه، مضيفا إليه تقدير حصة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بهذا المشروع والتى بلغت نحو 10 مليارات جنيه تقريبا.
وزعم وزير الإسكان عدم معرفته بالقيمة التى حددها الجهاز المركزى للمحاسبات من قبل والبالغة 7.8 مليار جنيه، لافتا إلى أن القانون يقول صراحةً إنه من حق الجهة الخدمية الحكومية تحديد ما تراه من سعر مناسب للأرض التى تقوم بتخصيصها.
وادعى المغربى، أن تحميل الشركة أى مبالغ إضافية أكثر مما تم إقراره يعد شيئا ضارا للدولة ووضع الاقتصاد المصرى، مشيرا إلى أن هناك تعديلا تشريعيا نهاية العام الجارى سيوضح أيا من القوانين سيتم العمل به الفترة المقبلة، هل قانون المزايدات والمناقصات بوجه عام؟ أم القانون الخاص بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والذى يكفل لها الحق فى تخصيص الأراضى وتحديد سعرها.
وأضاف المغربى، هذا التعديل التشريعى سيضمن عدم تكرار هذه الأزمة ويغطى الحالات المماثلة فى المستقبل، لافتا إلى أنه فى حالة تكرار حالة أخرى فى الفترة الحالية وقبل صدور التعديل سيتم التعامل معها وفقا للمصلحة الاقتصادية التى تقتضيها الفترة الحالية، وفق قوله.
عروض لشراء المشروع بسعر السوق وعقد المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مؤتمراً صحفياً أمس، للرد على موقف الحكومة من قضية مدينتى، حضره عدد من نشطاء المجتمع المدنى والخبراء. وقال الدكتور حسن نافعة، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، فى بيان ألقاه نيابة عنه الدكتور عبدالجليل مصطفى "إن النظام الحاكم ارتكب جريمتين فى تعامله مع هذه القضية، أولاهما حين تنازل عن أصول مملوكة للدولة بثمن بخس، والثانية حين سعى لإيجاد مخرج يحمى حقوق رجال الأعمال".
وفجر المهندس حمدى الفخرانى، صاحب حكم "مدينتى" مفاجأة من العيار الثقيل، أثناء المؤتمر، حيث أكد وجود عروض من مستثمرين مصريين وأجانب جاهزين لشراء باقى مساحة مشروع مدينتى أو المشروع بأكمله بالأسعار الحالية، مع تخفيض سعر الوحدات ورفع نسبة حق الدولة من 7% إلى 40%، مضيفا إلى أن المساهمين الأجانب الذين تتحدث عنهم مجموعة طلعت مصطفى هى شركات متواجدة فى جزر كيمن "أيلاند" وتقع بالمحيط الأطلنطى قرب السواحل الأمريكية، وهى جزر تدير عمليات غسيل الاموال وتمتلكها عصابات المافيا العالمية وحجم مساهماتها لا يزيد عن ربع مليار جنيه فقط.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى، الذى عقده المركز لعدد من القوى السياسية ورافعى دعوات بطلان عقود أراض عدة مشروعات منها "مدينتى"، و"بالم هيلز" والمنطقة الصناعية بالسويس وأرض توشكى المخصصة للوليد بن طلال.
دعوى لسحب أراضى توشكى من جانبه كشف المحامى خالد على عن أن الحكم لن يمس من قريب أو بعيد حقوق الحاجزين، منتقدا فى الوقت ذاته اللجنة، مؤكدا أن لمادة 31 مكرر التى استندت إليها اللجنة وضعت لتصحيحى أوضاع واضعى اليد من صغار المزارعين، وبالتالى هشام ليس واضع يد، كما أن "مدينتى" ليست أرض زراعية، مضيفا إلى أن المساحة التى جرى عليها أعمال هى البناء كلها لا تزيد عن 800 فدان من أصل 8 آلاف فدان وذلك طبقا للتقارير التى أودعتها شركة طلعت مصطفى بالمحكمة.
من ناحية أخرى كشف شحاتة محمد شحاتة الذى حرك دعوى سحب توشكى من الأمير الوليد بن طلال، عن أحد بنود العقد والتى تنص على أحقية الوليد بن طلال فى استقدام أية عمالة أجنبية للعمل بمصر، كما لا يحق للحكومة المصرية الاعتراض على دخولها البلاد، كما يحق للوليد أن يستغل المطارات المصرية دون أية مصاريف، بل الأكثر من هذا أن العقد أتاح له إقامة أرصفة خاصة به على الموانى أو ممرات لطائراته بمطارى أبو سمبل وأسوان، مضيفا أن الوليد لم يستصلح سوى ألف فدان فقط من 228 ألف فدان، أى ما يقرب من مساحة 3 محافظات مصرية وعن المرافق فقد بلغ سعر المياه 6 قروش حد أقصى و4 قروش حد أدنى.
وخلال المؤتمر، وجه الدكتور حسن نافعة، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، رسالة إلى الحضور حملت توقيعه قال فيها إن النظام ارتكب مخالفتين الأولى حين تنازل عن أصول مملوكة للدولة بثمن بخس عكس، فصلا جديدا من فصول فساد كبير أفرزه زواج السلطة بالمال، والمخالفة الثانية حينما سعى لإيجاد مخرج لهذه "الأزمة" قد تصور بسطاء الناس أن الهدف الرئسى من تدخل الدولة هو استعادة أموال الشعب المنهوبة، ووضع الأمور فى نصابها الصحيح، لكنهم سرعان ما تبينوا أن النظام يتحدث رسميا باسمها ولم يعد معنيا إلا بحماية حقوق رجال الأعمال وكبار الأغنياء وطالب نافعة فى نهاية كلمته بإلغاء توكيل انتزعه النظام غصبا يخول له التصرف فى أموال الشعب وبصياغة عقد اجتماعى جديد.
من جانبه حذر المستشار محمود الخضيرى من سيناريوهات تدار فى الخفاء بغرض ترسية العقد مرة أخرى على شركة طلعت مصطفى دون أن يتغير فى الأمر شى، لكنه حذر من دعاوى أخرى قضائية لن يكون رافعها شخص أو آخرين، بل سيتصدى لها جموع الشعب المصرى.