من المعلومات المتوفرة عن وحدة (كيدون) في الموساد الصهيوني (الاستخبارات الخارجية) قليلة للغاية، فالصحافة الصهيونية تمتنع عن نشر المعلومات عن هذه الوحدة النخبوية بأمر من الرقابة العسكرية، إذ أنّ النشر عنها، وفق المنطق الصهيوني، يمس مساً سافراً بالأمن القومي للدولة الصهيونية، وبالتالي فإنّ المعلومات التي تُنشر في الإعلام الصهيوني مقتبسة عن صحف غربية. بعد اغتيال القائد العسكري في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في دبي، الشهيد محمود المبحوح، نشرت الصحف العالمية أنباء مفادها أنّ أفراد الوحدة المذكورة هم الذين قاموا بتنفيذ الجريمة.
الصحافة الصهيونية نشرت المعلومات المقتبسة، وبطبيعة الحال فإنّ صنّاع القرار في تل أبيب من المنظومتين الأمنية والسياسية، التزموا صمت أهل الكهف، وما زالوا، إذ أنّه حتى اليوم لم تُعلن الدولة العبرية مسؤوليتها عن عملية القتل، وبالمقابل لم تنف أن يكون جهاز الموساد، التابع مباشرةً لرئيس الوزراء، نفذّ العملية في يناير من العام الجاري، وهذه السياسة، عدم التأكيد وعدم النفي، مشابهة لسياسة الضبابية التي تنتهجها الدولة الصهيونية في كل ما يتعلق بالأسلحة النووية التي تمتلكها.
في العام 1990، أصدر عميل الموساد السابق، فيكتور أوستروفسكي، وهو يهودي كندي، بالاشتراك مع الصحفي الكندي كليير هو كتاباً باللغة الإنجليزية بعنوان "بالحيل تصنع الحرب" والذي تمّ الكشف فيه عن هيكلة الموساد والوحدات التي تعمل فيه، الأمر الذي دفع الحكومة الصهيونية برئاسة إسحق شامير، إلى التوجه للقضاء لمنع نشر الكتاب، ولكنّ المحكمة رفضت الطلب الصهيوني، وكانت النتيجة أن تحوّل الكتاب إلى أكثر الكتب مبيعاً، في حين صرح المؤلف أنّ هدفه من نشر الكتاب هو "تحذير الشعب في إسرائيل من جنون العظمة ومن الأعمال غير الأخلاقية التي يُنفذها الموساد في مناطق عديدة في العالم".
وبحسب المصادر الأجنبية فإنّه من المهام الرئيسة التي يُكلف بها عملاء الموساد تنفيذ مهمات خاصة تتمثل في الخطف والإعدام والاغتيال، فقد خصص قادة الموساد وحدة خاصة تابعة له لغرض الاغتيال والقتل، حيث تقوم الوحدة بالتدريب مراراً على الهدف للوصول لعملية اغتيال ناجحة، حيث من أهم أهداف تأسيسها الردع والتخويف وإحباط النشاطات المعادية للكيان كهدف عام للموساد، وهذا الأمر ليس مخفياً، إذ أنّ المحلل للشئون الإستراتيجية، رونين بيرجمان، أشار في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أنّ مائير داجان، قائد الموساد منذ العام 2002، نجح في تأخير حصول إيران على القنبلة النووية.
وبحسب كتاب العميل السابق أوستروفسكي فإنّ كيدون، وهي كلمة عبرية معناها "الخنجر الذي يغمد في البندقية"، هي وحدة ضمن قسم العمليات الخاصة في الموساد (متسادا) والمسئولة عن الاغتيالات في جهاز الموساد، وتعتبر (كيدون) الوحدة الوحيدة في العالم المسموح لها رسمياً بتنفيذ الاغتيالات.
وبعد اغتيال المبحوح نشر الصحفي البريطاني جوردون توماس، خبراً جاء فيه أنّ الموساد هو الذي نفذّ عملية اغتيال المبحوح، معتمداً على مصادر رفيعة المستوى، وكان الرد الصهيوني عن طريق المحلل للشئون الإستراتيجية في صحيفة "هاآرتس"، يوسي ميلمان، الذي كتب مقالاً في الصحيفة حذّر فيه من مصداقية توماس، مشيرا إلى أنّه نفس الصحفي الذي نشر خبراً جاء فيه أنّ الموساد هو الذي قام بتجنيد الأمريكية اليهودية، مونيكا لوينسكي، بهدف الإيقاع بالرئيس الأمريكي.
وزاد ميلمان قائلاً "إن الصحفيين البريطانيين اللذين يعملان من إسرائيل لصالح صحيفة جارديان البريطانية، يتمتعان بمصداقية عالية، لأنّهما يعتمدان على مصادر أمنية في الدولة العبرية"، مشيراً إلى أنّ ما نشراه حول الموساد صحيح إلى حدٍ ما، وخصوصاً ما كتباه حول وحدة كيدون حيث أكدا على أنّ هذه الوحدة هي موساد داخل موساد. وزاد أنّ الوحدة تتكون من بضع عشرات من الرجال والنساء الذين خضعوا لتدريب دقيق وواسع في العديد من المجالات، مثل التدريبات على الأسلحة والمتفجرات والكفاءة حتى في قيادة أنواع مختلفة من المركبات، بما في ذلك الدراجات النارية، وبحسبه فإنّ الأنباء عن بطولات الوحدة وتدريباتها بعيدة عن الواقع، لافتاً إلى أنّ التدريبات التي يمر بها عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) هي أكثر صرامة وقسوة.
وتقول بعض التقارير ان عناصر الوحدة يعملون في فرق صغيرة، ويخضع أفرادها من الرجال والنساء، كباقي أفراد الموساد للإشراف النفسي من قبل اختصاصيين، ولكن الإشراف النفسي على أفراد الوحدة أكثر شدةً بسبب طبيعة العمل الخطير فيها، كما أورد الصحفي الصهيوني، استناداً إلى مصادر أجنبية.
وساق المحلل الصهيوني قائلاً إنّ أفراد الوحدة يتدربون سنوات طويلة، ومن بعد ذلك يقومون بتنفيذ المهام الملقاة على عاتقهم، ومن بين العمليات المشهورة التي نُسبت للوحدة: محاولة اغتيال رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، خالد مشعل في العام 1997 في العاصمة الأردنية حماس، وفي العام 1995، بحسب المصادر الأجنبية، وقامت الوحدة باغتيال الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في مالطا، الذي تمت تصفيته برصاصتين اخترقتا رأسه عن قرب، وأشارت تقارير أخرى إلى أنّ وزيرة الخارجية الصهيونية، تسيبي ليفني، كانت عملية للموساد ونفذّت في الثمانينات من القرن الماضي عملية اغتيال عالم نووي عراقي، إلا أنّ الناطق بلسانها ردّ على النشر في الصحافة الأجنبية بالقول إنّ ليفني ترفض التطرق إلى طبيعة عملها في جهاز الموساد.