اعترف زعيم الفاتيكان البابا بنديكت الخميس (15-4)، بأن فضيحة الانتهاكات الجنسية التي هزت الكنيسة الكاثوليكية قد أظهرت أن هذه الكنيسة بحاجة للتكفير عن خطاياها. وقال البابا في قداس بالفاتيكان "نتعرض لهجوم الآن من العالم الذي يتحدث عن خطايانا ونرى أن قدرتنا على التكفير نعمة ونرى ضرورة التكفير وبذلك نعترف بالأمور الخاطئة في حياتنا". وكان قس أمريكي قد اتهم بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر بالكذب في فضائح الاعتداءات الجنسية التي تعصف بالكنيسة في الولاياتالمتحدة وعدد من دول العالم، مطالبًا إياه بالاستقالة فورًا. وأعرب القس جيمس ساكهيل عن اعتقاده بأن "تسترًا ما وعن قصد قد حدث بغرض حماية صورة المؤسسة وصورة القساوسة وسلك الرهبنة حتى لو كان ذلك على حساب الأطفال". وأكد ساكهيل أن الكهنة حتى في أصغر الكنائس على علم بأن زملاءهم لهم عقود من السلوك غير اللائق مع الأطفال. ورأى أنه "من السذاجة أن نعتقد أن أعلى المناصب في الكنيسة لم تكن على علم". وتابع القس الأمريكي أنه "بنقل المسيئين والمعتدين على الأطفال من أبرشية إلى أخرى، فإنهم يضعون الأطفال الأبرياء الذين لا يدرون شيئا في طريق الخطر والضرر، وكذلك هم يضعون هؤلاء الرجال الضعفاء من القساوسة أمام المزيد من الإغراء".
خمسة أعوام من الأزمات ويحتفل البابا بنديكتوس السادس عشر الاثنين وسط أجواء من التوتر على خلفية فضائح التحرش الجنسى بالأطفال التى تهز الكنيسة الكاثوليكية، بمرور خمسة أعوام على حبريته شابتها أزمات متكررة مع المسلمين واليهود والأوساط السياسية وحتى التقدميين فى الكنيسة الكاثوليكية. وقال الخبير فى شئون الفاتيكان ماركو بوليتى "لم نشهد يوما فى عهدنا المعاصر ولاية بابوية تخللتها أزمات دورية باتت دائمة"، مشددا على أن فضيحة التحرش الجنسى بالأطفال هى الأخطر "لأن السلطات الكنسية غطت الجرائم التى ارتكبها كهنة"، مضيفا "ليست خطايا معزولة بل خطيئة كبرى هى الصمت"، مشيرا إلى أن البابا وجه شخصيا "كلاما قاسيا" منتقدا هذا الصمت "فى رسالته إلى الأيرلنديين". وأضاف "بسبب العديد من خياراته التى سببت أزمات، أحدث البابا شرخا فى العالم الكاثوليكى وأصبحت الكنسية الكاثوليكية اليوم مقسومة حتى وإن لم يكن ذلك الأمر يظهر جليا"، موضحا أن "البابوية فقدت قدرتها فى جذب الرأى العام والتأثير عليه، كما كانت عليه فى عهد البابا يوحنا بولس الثانى". من جهته، قال جون آلن من "ناشونال كاثوليك ريبورتر" إنه "فى مجال إدارة الأعمال تواجه السلطة البابوية الحالية أزمات متعاقبة". وشهدت السنوات الخمس أزمات متتالية، بدءا بتصريحات البابا فى ريجنسبورج فى سبتمبر 2006 التى ربط فيها الإسلام بالعنف ما أثار غضبا عارما فى العالم الإسلامى، وانتهاء بآخر تصريحات واعظ القصر الرسولى التى أثارت أزمة مع اليهود بعد إنكاره الهولوكوست، ومثليى الجنس والسياسيين. وما زاد الأمور سوءا هو مضى الفاتيكان قدما فى مسيرة تطويب البابا بيوس الثانى عشر، المتهم بالتزام الصمت حيال محرقة اليهود، وكذلك التصريحات التى أدلى بها البابا بنديكتوس السادس عشر فى أوشفيتز فى مايو 2006 وحمل فيها "مجموعة مجرمين" مسئولية جرائم النازية ليعفى الشعب الألمانى الذى ينتمى إليه من أى مسئولية. وأثار البابا، الذى يحتفل الجمعة بعيد ميلاده ال83، جدلا داخل الكنيسة الكاثوليكية من خلال قراره فى يوليو 2007 بإحياء القداس باللاتينية أو برفعه الحرم الكنسى فى يناير 2009 عن أربعة أساقفة من أخوية سانت بيوس العاشر الكهنوتية وهى حركة منشقة تتسم ب"معارضتها للحداثة" ورفضها للتعددية الدينية. وأحدث البابا أزمة جديدة فى مارس 2009، بسبب تصريحاته حول الواقى الذكرى الذى "يفاقم" مشكلة مرض الإيدز. وقال بوليتى "إنها المرة الأولى التى تنتقد فيها حكومات غربية رسميا البابا وحتى أن البرلمان البلجيكى أطلق مذكرة ضد الفاتيكان".