ردت الصين بقوة على القرار بعقد صفقة بيع أسلحة لتايوان، إذ أعلنت بكين تعليق برامجها العسكرية الثنائية والمحادثات الأمنية مع أمريكا ومعاقبة شركات أمريكية معينة. ووفقا لبيان صحفي لوزارة الخارجية الصينية، فقد قررت بكين "تعليقا جزئيا لبرامج التبادل بين جيشي البلدين فضلا عن مشاورات نواب الوزراء بشأن الأمن الاستراتيجي والحد من الأسلحة ومكافحة الانتشار الذي كان من المقرر إجراؤها قريبا في الأصل".
وقال البيان الصحفي الذي نقلته وكالة الأنباء الرسمية "شينخوا"، إن الصين "ستفرض عقوبات على شركات أمريكية متورطة في مبيعات الأسلحة لتايوان، لافتا إلى أن صفقة مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان ستلحق "ضررا جسيما بالعلاقات، بين البلدين".
تدخل سافر وكانت الصين قد أعلنت عن "استيائها الشديد" من الصفقة، محذرة من "الأضرار" التي يمكن أن تلحق بالعلاقات بين بكينوواشنطن.
وتبلغ قيمة الصفقة 6.4 مليارات دولار بينها 2.5 مليار دولار لتمويل منظومة صواريخ متقدمة من نوع "باتريوت،" بينما يخصص باقى المبلغ لشراء 60 مروحية من طراز "بلاك هوك" وسفن متخصصة بكشف وتدمير الألغام البحرية وأنظمة اتصال حديثة.
ورأت الخارجية الصينية أن الخطوة "تخالف البيانات المشتركة الثلاثة بين الصين والولاياتالمتحدة، خاصة بيان '17 أغسطس' الذي تعهدت فيه الولاياتالمتحدة بعدم السعي لتنفيذ سياسة طويل الأجل لمبيعات أسلحة لتايوان وعزمت على خفض مبيعاتها من الأسلحة تدريجيا للجزيرة." وجاء في بيان وزارة الخارجية الصينية أن قرار الولاياتالمتحدة: "يمثل تدخلا سافرا في الشأن الصيني الداخلي، ويشكل خطرا جديا على الأمن القومي الصيني ويضر بجهود إعادة التوحيد السلمي للصين".
ودعت الخارجية الصينية واشنطن إلى "الإدراك الكامل لخطورة المسألة، وإلغاء القرار الخاطئ المتعلق بمبيعات الأسلحة لتايوان ووقف بيع السلاح للجزيرة".
وشنت وسائل الإعلام الصينية هجوما عنيفا على الولاياتالمتحدة بسبب صفقة الأسلحة الجديدة لتايوان، واصفة الإدارة الأميركية بالنفاق وازدواجية المعايير والحرص على إبقاء الوضع القائم في الجزيرة لضمان استمرار مبيعاتها من الأسلحة.
واعتبرت صحيفة "تشاينا ديلي" أن صفقة الأسلحة الجديدة إلى تايوان ستكون لها آثار سيئة حتمية على العلاقات الصينية الأمريكية، مشيرة إلى أنه من حق بكين الرد على أي خطوة تهدد أمنها القومي أو تضر بمصالحها العليا.
وأضافت الصحيفة التي تعتبر لسان حال الحكومة، أن التصرف الأمريكي يعكس نفاق واشنطن وازدواجية المعايير التي تتعامل بها بشأن المسائل والقضايا التي تمس المصالح الجوهرية للصين.
الحرب الباردة ولم تخرج صحيفة الشعب اليومية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم، عن هذا السياق بقولها إن صفقة الأسلحة الأمريكية إلى تايوان إنما تعكس "تفكيرا وقحا وطائشا يعود إلى أسلوب الحرب الباردة، وإن استمرار الولاياتالمتحدة في هذه السياسة سيهدد العلاقات الثنائية بين البلدين والأمن العالمي "وستحصد واشنطن نهاية المطاف ما تزرعه يداها".
يُشار إلى أن وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي اعتبر في تصريح له أن الصفقة الأمريكية إلى تايوان تضر بالأمن القومي الصيني، وتعرقل الجهود المبذولة لإعادة توحيد تايوان.
وتبعت هذه التصريحات تهديدات رسمية بمعاقبة الشركات المستفيدة من هذا الصفقة، بعد إعلان بكين وقفا جزئيا للمحادثات العسكرية ومن بينها لقاء كان مقررا مع وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس.
الأمن الإقليمي وكان الناطق الرسمي باسم الخارجية الأمريكية قد وصف في معرض رده على الموقف الصيني صفقة الأسلحة المقررة بأنها ستساهم في المحافظة على أمن واستقرار مضيق تايوان، وهو الموقف الذي أكد عليه بوقت سابق الرئيس التايواني ما ينغ جو.
ويُذكر أن الصفقة، التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" يوم الجمعة الماضي بقيمة أربعة مليارات دولار تضم صواريخ ومروحيات قتالية من طراز بلاك هوك وأنظمة توزيع المعلومات وسفينتين من طراز أسبري لكسح الألغام، لكنها لم تتضمن مقاتلات من طراز إف 16 كانت تايوان قد طلبتها مرارا من واشنطن.
تايوان والأمم المتحدة وتعود المسألة التايوانية في تاريخها إلى العام 1949 عندما انفصلت الجزيرة بعد نجاح الثورة الشيوعية في الصين، ولا تعتبر الخلاف الوحيد بالعلاقات بين واشنطنوبكين بل تتعداها إلى مسائل أخرى تتعلق بالتجارة الحرة والعلاقات الاقتصادية، وتنامي نفوذ الصين السياسي والعسكري على الساحة الدولية والانتقادات الأميركية لها على خلفية وضع حقوق الإنسان.
ولم يستبعد مراقبون أن تتسبب هذه الصفقة بمواقف صينية متشددة إزاء بعض القضايا التي تحتاج واشنطن إلى دعم بكين، وتحديدا فيما يتعلق بمشروع سيطرح على مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على إيران.