دعا الدكتور يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، فى حوار مع جلايدة الشروق المصرية اليومية، د.محمد بديع المرشد الثامن لجماعة الإخوان المسلمين أن يكون مرشدا لكل الإخوان، وطالبه بالاستعانة بمحمد حبيب النائب الأول السابق للجماعة وعبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد الذين «أبعدا» فى انتخابات الجماعة الأخيرة.
حراك شعبى وقال أن التصرف الشعبى تجاه حصار غزة ينم عن نوع من الحركة بدلا من النوم المطلق ويبشر بأن الشعوب قد بدأت تتحرك وتقول «لا»، ومازلنا نأمل خيرا أن تتحول هذه الاستفاقات الجزئية إلى شىء عام يرفض هذه الأوضاع ويحاول تغييرها ويجبر الحكام على التغيير، لأنه مهما كانت ملاحظتنا على الحكام فهم إفراز الشعوب، وهذا ما جعل بعض السلف يقول «كما تكونوا يولى عليكم» فلابد أن يكون الشعب عنده قابلية ورغبة فى التغيير، كما يقول المفكر الجزائرى مالك بن نبى "الذى جعل الاستعمار يستأسد ويحتل بلاد المسلمين هو قابلية هذه الشعوب للاستعمار".
وأيضا اختلافات الفلسطينيون مع بعضهم البعض أصبح وضعا غير مقبول، فهم دائما يعتبون على لأننى أقول إن الفلسطينيين مختلفون ويقولون أنى أساوى بين الظالم والمظلوم وبين المعتدى والمعتدى عليه، لكنى أقول إن الكل يجب عليه أن يعمل على وحدة الصف واستعلاء ما أصاب إخوانه، والقرآن لم يمتدح الذل إلا فى موضوعين ذل الإنسان لأبويه وذل الإنسان لإخوانه فهذا مطلوب من إخواننا الفلسطينيين عليهم إن يعملوا بكل ما يستطيعوا على لم الشمل وجمع الصف وتوحيد الكلمة والوقوف صفا أمام العدو.
تركيا والدور المصرى وأضاف أن الدور تركيا بدأت فى سحب البساط من تحت أقدام مصر، ف "هذا هو الواضح، فمواقف تركيا القوية الحقيقية ظهرت بقوة فى المرحلة الأخيرة، فكما قالت بعض التقارير أن رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى ومعه هوجو شافيز رئيس فنزويلا وبعض الشخصيات العالمية، سيذهبون على رأس قافلة إغاثة إلى غزة هذا موقف غير مسبوق، وقبل ذلك كانت لهم مواقف عديدة مشرفه ضد إسرائيل كانسحاب أردوغان من بعض المؤتمرات بسبب إسرائيل، وفى أيام محنة غزة العام الماضى شكلنا وفدا من علماء المسلمين وزرنا بعض البلاد منها تركيا التى استقبلتنا وكان لها موقفها مشرف وفى غاية الوضوح".
وأوضح أنه سيقيم دور مصر من خلال الموقف السابق "حينما شكلنا وفد علماء المسلمين السابق الإشارة إليه، اقترحنا زيارة عدة دول ذات صلة بالقضية الفلسطينية ومنها السعودية والأردن ومصر وسوريا وتركيا وقطر، كل البلاد سمحت لنا بالدخول لعرض القضية، لكن للأسف مصر وبدون أى سبب معلن قالت لنا "نأسف لا نستطيع استقبالكم"، وكان موقف غير مفهوم. وأكد أن حال مصر قد وصل إلى حد بناء جدار لتجويع أهل غزة وتمويتهم.
الفتوى السياسية وعن منقدى فتاواه واتهامهم إياه بإصدارها لأسباب سياسية، قال "عليهم أن يقولوا ذلك للأزهر فالعالم إذا سئل فى أى موضوع عن حكم الشرع فيه فعليه أن يفتى بما يراه فبإجماع المذاهب والفرق المختلفة أن الشريعة تطبق على جميع أفعال المكلفين فلا يخرج فعل من المكلفين سواء كان صاحبه حاكما أو محكوما فقيرا أو غنيا رجلا أو امرأة إلا ورأى الشرع مستحب أو غير مستحب فلا يوجد بالشرع ما يسمى بأن السياسة بعيدة عن الدين.. ولماذا تلجا الدولة لاستفتاء علماء الدين لاستشارتهم فى أمور بعينها عند الحاجة كما حدث بقضية زرع الأعضاء وختان الإناث، السادات قال لا سياسة فى الدين مع ذلك كان يدخل السياسة فى الدين ودعاه البعض أمير المؤمنين".
وأضاف "وفيما يخص الجدار فالأمر لا يحتاج إلى الرجوع لمتخصصين، فقد قال لى الشيخ معز عبدالستار وهو من كبار العلماء (المسالة لا تحتاج إلى فقهاء فهى بديهية فهل يجوز للإنسان أن يحاصر إخوانه حتى يموتوا جوعا)".
تكريس الفرقة وفند مزاعم السلطات المصرية بأن الجدار لحفظ أمن مصر القومى، قال "هذا خطأ يكرس القطرية ولا تقوم به عروبة ولا إسلام، لقد حاول البعض أن يروج لشعار (مصر أولا) فرد عليهم أبو خلدون ساطع الحصرى المفكر السورى وأحد مؤسسى الفكر القومى العربى بعدة مقالات، وقال (العروبة أولا، فدعاة تمصير مصر لا يعرفون أنها ليس لها أى اعتبار وحدها)، فلا يمكن أن تأمن مصر وغزة غير آمنة، والحكم الشرعى يقول فى ذلك (إن احتل بلد على أهله أن يقاوموا ويقاتلوا العدو فإذا قدورا فبها، وإن لم يقدروا فعلى جيرانها الأقرب فالأقرب حتى يشمل المسلمين جميعا)، والأقرب لغزة هى مصر، ويجب ألا ننسى أن مصر كانت تحكم غزة لسنوات، وكانت جزءا منها فالأمر بديهى).
وعن مطالبة وزير الأوقاف الفلسطينى للقرضاوى بالاعتذار لمحمود عباس، أجاب "هذا يدل على أن أبو مازن ليس رجلا حكيما فقد نسب إليه أنه طالب إسرائيل بضرب غزة حتى يتخلص من حماس وعندما قال له بعض الفتحويين عندما تضرب غزة سيكون هناك ضحايا من العامة والناس البريئة، فرد قائلا: (يستاهلوا لأنهم هم من انتخبوا حماس)، وعندما سمعت هذا الكلام قلت إذا كان أبو مازن قال ذلك حقا فلا يكفى إعدامه ولابد من أن يرجم، وكلامى هذا ليس بفتوى، كما أنه معلق على صحة ما نسب إليه، ولا يجوز أن يزج وزير الأوقاف الفلسطينى الخطباء وأئمة المساجد فى مثل هذا الأمر ويطالبهم بالرد على ويرد عليهم المصلون فتتحول إلى فتنة".
وعن الضغوط الأمريكية على مصر فيما يخص بناء الجدار، قال "أمريكا لا تستطيع أن تفرض شيئا على أى دولة إذا لم يكن لدى هذا البلد قابلية للاستجابة، ويمكن أن تستجيب لضغوط فى مقابل تمرير كذا أو غض الطرف عن كذا أو تأييد كذا، بمعنى (شيلنى واشيلك).
الكنيسة والخوف من الإسلام وقال القرضاوى أن الكنيسة المصرية فى بعض الأوقات تأخذ دور الانكماش والتخويف والتهويل، مثلها فى ذلك مثل دول الغرب التى تخشى من ظاهرة أطلقوا عليها «الإسلاموفوبيا» وهذا لا أصل له.
وروى قصة كان بطلها جورج اسحق المنسق العام السابق لحركة كفاية، عندما قام جورج إسحق، فى نهاية إحدى محاضرات الشيخ، وطرح على سؤالا خاصا بدور المسيحيين فى المشروع الحضارى الإسلامى؟ فأجابه بقوله "دورهم كدور المسلمين فمطلوب منهم أن يساهموا فى البناء الحضارى وهم إخوة للمسلمين"، وشرح له وللحضور القضية وبعد أن صفق الناس جاء جورج بعد المحاضرة، وقال للشيخ "ليتك يا شيخ تزور الكنائس وتقول لهم هذا الكلام لأنه هناك خوفا من الإسلام وسوء فهم يهيئ للبعض أنه لو انتصر الإسلام سيبيدهم، فهذه مفاهيم تقال لهم وتعبئهم ويساعد على هذا بعض المسلمين والمشايخ الذين لا يفهمون الدين".
مقاومة أم تفاوض وعن الخلافات بين الفلسطينيين، قال "للأسف هناك مدرستان مختلفتان فى الفكر فهناك من يرى بوجوب التفاوض مع الصهاينة، لأنه لا معنى ولا جدوى من المقاومة، ويرى أن السبيل الوحيد لنيل الحقوق هو التفاوض ولا شىء غير التفاوض، وهناك من يرى أن المقاومة هى الأساس وهذا صحيح فالكيان الصهيونى لا يعطى لمن يريد أن توهب إليه الحرية، والذين صاروا فى طريق التفاوض من مدريد إلى اليوم لم يحصلوا على شىء فالقضايا الكبرى علقت لتناقش فى النهاية غير المنظورة، كقضية القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود". وتساءل "إذن ما الذى يسعون إلى حله فهذه القضايا شىء أساسى وبدونها لن يحصلوا على شىء".
كابوس ثقيل ونصح الشيخ القرضاوى فى حواره مع «الشروق» جمال مبارك نجل الرئيس والأمين العام المساعد للحزب الوطنى بأن يعلن انسحابه من معركة الرئاسة المقبلة، فحسبه 30 عاما قضاها فى بيت الرئاسة. على حد تعبيره.
ورأى القرضاوى أن مصر تعيش فى كابوس لن تتخلص منه ولن تستعيد دورها ومكانتها التى فقدتها خلال العقود الأخيرة إلا بالديمقراطية الحقيقية، وبفتح نوافذ الحرية.
وطالب الشيخ النخب السياسية والثقافية بأن تضغط لتعديل الدستور حتى يسمح بفتح الباب أمام جميع المصريين بالترشح فى انتخابات الرئاسة المقبلة.
وفى النهاية دعا لمصر قائلا "ربنا يأخذ بأيد مصر ويخلصها من الكابوس، فمصر قوة لها ثقلها بالمنطقة إلى جانب تركيا وإيران". وختم بقوله "مصر البلد الوحيدة التى أرتاح فيها وأحب أن أستقر به.