الغرب ليسوا عباقرة ونحن لسنا أغبياء؛ هم فقط يدعمون الفاشل حتى ينجح، ونحن نحارب الناجح حتى يفشل .. أحمد زويل من قال أن العبقرية حكرا على الغرب ، فلطالما وجد لدينا نحن العرب الكثير من النوابغ و أصحاب العقول الفذة ، علماء أبدعوا في مجالاتهم وسعوا لخدمة البشرية ، و لكن للأسف لا نسمع عنهم إلا قليلا.. لهذا دعونا نتعرف على أحد هؤلاء العباقرة ، و هو عالم الفيزياء المصري الدكتور على مصطفى مشرفة : طفولة مريرة لقد كنت أفني وأنا طفل لكي أكون في المقدمة، فخلت طفولتي من كل بهيج. ولقد تعلمت في تلك السن أن اللعب مضيعة للوقت – كما كانت تقول والدته -، تعلمت الوقار والسكون في سن اللهو والمرح، حتى الجري كنت أعتبره خروجاً عن الوقار ولد علي مصطفى مشرفة في 11 يوليو 1898 في مدينة دمياط بمصر، و كان والده أحد وجهاء تلك المدينة وأثريائها، ومن المتمكنين في علوم الدين ، تلقى دروسه الأولى على يد والدته ثم في مدرسة “أحمد الكتبي”، توفي والده في 8 يناير 1910، بعد أن فقد ثروته في مضاربات القطن وخسر أرضه وماله وحتى منزله. وبموت الأب صار الابن علي -الذي لم يكن قد تجاوز الثانية عشرة من عمره- عميدًا لأسرته ، التي انتقلت إلى القاهرة بعد ذلك.
طموح و تحدي لقد كان الدكتور مشرفة موسوعة بشرية، حوت الكثير من النبوغ الذي قلَّ مشابهته في العالم بأسره.. اينشتاين رغم ذلك العبء الذي وقع على عاتقه ،التحق علي بمدرسة العباسية الثانوية التي أمضى فيها سنة في القسم الداخلي المجاني انتقل بعدها إلى المدرسة السعيدية وبالمجان أيضاً لتفوقه ، فحصل منها على شهادة (البكالوريا) عام 1914، وكان ترتيبه الثاني على القطر المصري وله من العمر ستة عشر عاماً. هذا التفوق أهله للالتحاق بأي مدرسة عُليا يختارها كالطب أو الهندسة، لكنه فضل الانتساب إلى دار المعلمين ، حيث تخرج منها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى، فاختارته وزارة المعارف العمومية إلى بعثة علمية إلى بريطانيا على نفقتها. تعليمه العالي خارج مصر بدأت مرحلة جديدة من مسيرته العلمية بانتسابه عام 1917 إلى جامعة نوتنغهام الإنجليزية، التي حصل منها على شهادة البكالوريوس في الرياضيات. لفتت نتيجته نظر أساتذته الذين اقترحوا على وزارة المعارف المصرية أن يتابع مشرفة دراسته للعلوم في جامعة لندن.. فاستجيب لطلبهم، والتحق عام 1920 بالكلية الملكية هناك، وحصل منها على الدكتوراه في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير تشارلز توماس ويلسون، ثم حصل عام 1924 م على دكتوراه العلوم من جامعة لندن وهي أعلى درجة علمية في العالم لم يحصل عليها سوى 11 عالماً في ذلك الوقت. انجازاته العلمية لا أتصور أمة لها وجود بدون فكر.. مشرفة كان الدكتور مشرفة مثابرا في إعداده لبحوثه العلمية ، إذ نشر سنة 1932م بحثا بعنوان: هل يمكن اعتبار الإشعاع والمادة صورتين لحالة كونية واحدة ؟ فذاع صيته في جميع الأوساط و صار ذكره في كل مكان. اثبت د/ مشرفة فى بحثه بالفعل صورتان لشيء واحد بهذا أصبحت القاعدة العلمية التي تقول بأن المادة والطاقة والإشعاع ليست إلا شيئا واحدا. في عام 1945م قدم بحث عن معادلة حركة جزئي متحرك. في عام 1948م قدم بحث عن النقص في كتلة نواة الذرة. كان للدكتور مشرفة رؤيته الواضحة حول نسبية الأشياء، وقد استفاد العالم الشهير أينشتاين من تلك الرؤية في تطوير نظريته عن النسبية. كان الدكتور علي أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب، بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الهيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة. من اهم كتبه الميكانيكا العلمية والنظرية 1937 الهندسة المستوية والفراغية 1944 حساب المثلثات المستوية 1944 الذرة والقنابل الذرية 1945 العلم والحياة 1946 نحن والعلم 1945 النظرية النسبية الخاصة 1943 وفاته توفي في 15 يناير 1950م ، اثر أزمة قلبية ، ويشاع أنه توفي مسموما وقيل أن أحد مندوبي الملك فاروق كان وراء وفاته بسبب ما عرف عن غيرة فاروق ، كما قيل أيضا أن جهاز الموساد الإسرائيلي ربما يكون متورط في وفاته و ذلك بسبب إصرار د. مشرفة علي إدخال تطبيقات علم الذرة إلي مصر… يذكر أن ألبرت أينشتاين – الذي كان يتابع أبحاثه – قد نعاه عند موته قائلا : ( لا أصدق أن مشرفة قد مات ، إنه لا يزال حياً من خلال أبحاثه. الدكتور علي مصطفى واحد من الكثير من النماذج المشرفة في بلادنا العربية ، أولئك الذين أضافوا فكرا و علما فريدا ،لم يسبقهم إليه أحد ، فكانوا نبراسا أضاء لنا العالم بأسره.