كسرت الفضائيات المصرية كل القواعد المهنية "بالضربة القاضية"، عندما تحولت الحوارات المتبادلة بين الضيوف ومقدمي البرامج إلى "وصلة ردح دائمة". فمن غير المعقول أن تحاور إحدى القنوات رجل أعمال مصرياً هارباً بالخارج مثل أشرف السعد، وتفرد له كل هذه المساحة من البرنامج، في نفس الوقت الذي يقر فيه المذيعون أنه سارق لأموال الشعب، والأكثر صدمة، أن يعلن أشرف السعد أنه قدم رشاوى لعدد كبير من المسئولين المصريين، ومن بينهم مقدم البرنامج الذي يجلس أمام المشاهدين أيضاً، وبهذا حرق أشرف السعد كل الأرض تحت مذيعي قناة "المحور"، الإعلامي سيد علي وهناء السمري مقدمي برنامج "90 دقيقة". وهذا ما دعا فريق الإعداد بالبرنامج إلى استدعاء فتوة الفضائيات الكبير مرتضى منصور للرد على اتهامات أشرف السعد. ففي كثير من الأحيان، استعان برنامج "90 دقيقة" بمرتضى منصور لتصفية خصوم البرنامج بالإنابة، لأنه يستطيع أن يقوم بما يعجزون عنه، وهذا ما حدث بالفعل خلال الحلقة التي عرضت في 26 نوفمبر، عندما خرج مرتضى منصور ليقوم بتوجيه أفظع السباب لأشرف السعد، للرد على اتهاماته برشوة المسؤولين الكبار، وكذلك اتهامه لسيد علي بالحصول على 5 ملايين جنيه كرشوة هو الآخر.. ومن هنا بدأت حلقة البرنامج التي كشفت عن مخزون جديد من السقطات، كما كشفت جميع عورات من تحدثوا في هذه الحلقة، والذين ظهروا وكأن على رأسهم " بطحة". بداية اشتعال هذه الحلقة، عندما استضاف البرنامج أشرف السعد، رجل الأعمال المقيم بلندن، للرد على ما يقوله في فضائية "المستقلة" التي تبث من لندن، والتي وصفت الإعلام المصري بالمضلل، ودافع السعد عن ما قاله في "المستقلة" وقال إنه اضطر إلى أن يقول هذا بعدما اتهمه البعض بإهانة مصر إثر مبارة مصر والجزائر، مشدداً على أنه لم يوجه إهانة لمصر أو للمصريين، لكنه طالب بتهدئة الأوضاع، مشيراً إلى أن الإعلام الحكومي هو سبب الأزمة. رافضاً كلمتي "جزائري" و"مصري" مشدداً أنه "عربي" ولا يسمح لأي إنسان أن يهين مصر، وطالب السلطات الجزائرية بالتحقيق مع الجزائريين الذين أهانوا مصر، وقال إنه لا يستطيع أن يسمع أحداً يعمم قضية فردية على دولة بأكملها. واعترض على مقولة "إن من صنع أشرف السعد هو الإعلام الذي يتهمه الآن بالتضليل" قائلاً: "أنا مواطن مصري زي علاء مبارك تماماً"، مؤكداً أن خطاب علاء مبارك في عدد من برامج التوك شو الأسبوع الماضي هو خطاب تحريضي، وحول الاستشهاد بموقف من فيلم "طباخ الرئيس" حين كان الناس أسفل الكوبري بينما الرئيس يسير فوق الكوبري، وذلك خلال لقاءاته على قناة "المستقلة"، قال أشرف السعد إنه سخر عندما تردد أن علاء مبارك عاد من السودان وسط الجماهير الكروية. تحدثت مذيعة البرنامج في محاولة منها لوقف حديث أشرف السعد الذي تحول إلى نزيف، وقالت إنها لاحظت أن هذه القناة متحاملة عن قصد وترصد ضد المصريين، ومنحازة بغير حدود إلى الجزائر، بدليل أن القناة كانت تبث خمس ساعات يومياً، وتوظف هذه الساعات الطويلة في شحن الجاليات العربية المقيمة بالخارج ضد مصر. ولم تكن تستضيف من المصريين غير أشرف السعد. وكان الأخير يسايرهم. بل ويزايد عليهم في العداء للنظام المصري. ويتحدث باستهتار شديد عن قيادة مصر، وعن جمال وعلاء مبارك. تحدث أشرف السعد باستعلاء، واتهم الإعلام المصري بالجهل، والانحياز الأعمى، وتضليل الجماهير، وهنا رد سيد علي: "يا أشرف، لا توجه اتهاماً واحداً إلى الإعلام المصري. ولا تنسَ أنك صنيعة الإعلام المصري"، فقال السعد "الإعلام المصري لم يصنعني، أنا اللي صنعت الإعلام بفلوسي" .. قال سيد علي: "فلوسك ولا فلوس المصريين الغلابة الذين ضحكت عليهم، وسرقتهم، وهربت بفلوسهم من مصر"، فرد السعد مستنكراً وقال: "إنت تتهمني بسرقة أموال المصريين. وأنا أقول أمام كل الناس أنك طلبت مني رشوة خمسة ملايين جنيه" ! ورد عليه سيد علي: "سوف أتقدم ببلاغ ضدك إلى النائب العام. أنت تاجر عملة، وسرقت أموال المصريين، وتاجرت في المحرمات. وهربت من مصر بطريقة غير شرعية، وكنت مؤسسة فساد كاملة في مصر". إلى هذا الحد، كان الحوار بين سيد علي وأشرف السعد قد وصل إلى نقطة الذروة، وكان سيد علي يحتاج إلى الأخذ بثأره والانتقام من الرجل الذي اتهمه بالرشوة أمام جميع المشاهدين، وفجأة ظهر المستشار مرتضى منصور على الهاتف هو الآخر ليضرب ضربته.. فخرج ليطالب بإدخال أشرف السعد مستشفى الأمراض العقلية أو السجن، وقال له بالنص "وحياة أمك يا أشرف لأوديك السجن انت مين عشان تشتم الحكومة وتشتم الإعلام يا حقير". فرد أشرف السعد على سيد علي: "انت لو إنسان محترم تسأل اللي مشغلك ومين اللي بيسرق"، فقال له سيد علي: "انت سرقت فلوس المصريين وأمثالك لا يجب أن يتحدثوا باسم مصر والمصريين". لم تكن هذه الحلقة الإ مسرحية عبثية من فصل واحد، أبطالها إعلامي فقد ظله، وهارب يتسول شهرة ونفوذاً مفقودين، وفتوة الفضائيات الشهيرة الذى يتم استدعاؤه لإنهاء "الخناقات".. تبارى الثلاثة في تقديم أدوارهم بأسلوب صاخب، لحصد تصفيق المشاهدين، لكنهم لم يحصدوا الإ حبات من الطماطم والبيض التي ألقيت على وجوهم جميعاً. ........... السياسي