في مارس الماضي، انطلقت أولي حلقات برنامج" مصر النهارده" علي القناة الثانية في التليفزيون المصري، واعتبر امتدادا للبرنامج السابق "البيت بيتك" بنفس فريق المذيعين، لكن مع اختلاف المالك، واختلافات أخري في الفقرات والديكور وغيرها. التقينا الكاتب الصحفي حازم منير، المشرف العام علي تحرير "مصر النهارده" وحاورناه حول سياستهم التحريرية، والخطوط الحمراء التي لايتعدونها، ومدي تدخلات المالك وهي شركة "صوت القاهرة" أو وزير الاعلام في محتوي البرنامج، فضلا عما يميزهم عن البرامج الأخري للتوك شو، وغيرها من الانتقادات الموجهة لبرامج التوك شو.. في البداية ،هل لكم سياسة تحريرية تحدد مضمون برنامج" مصر النهارده" وهل هي مكتوبة، أم معروفة ضمنا؟ منذ ان بدأنا برنامج «مصر النهارده» وضعنا مدونة سلوك مكتوبة تحكم عملنا ونلتزم بها وهي متاحة علي موقع البرنامج، وملامحها الرئيسية هي نقل الخبر للمشاهد كما هو ، والتعليق عليه من المصادر ذات الصلة وليس من طرفنا، لكن اذا ابدي المذيع رأيه، فلا نحجر عليه، لكن في النهاية هو رأي المذيع الخاص، نحرص أيضا علي عدم انتهاك حقوق الاخرين ،وعدم التحريض، واحترام كل الاديان، وتحليل المعلومات من خلال أكثر من طرف، ، أي قواعد العمل الاعلامي بشكل عام. هل من حق المذيع ان يعلن رأيه الخاص حتي لو تعارض ذلك مع سياسة البرنامج واتجاهه؟ هناك اشكالية في برامج التوك شو كلها ، وهي ان مذيعيها يعتقدون ان من حقهم إبداء رأيهم حتي ولو كان عكس سياسة البرنامج التحريرية، ونحن لدينا مساحة تسامح، من منطلق انه ليس لدينا بعد -كما في الصحافة- أشكال تحريرية محددة، فمثلا يمكن نشر الآراء المخالفة لسياسة الصحيفة في باب الرأي . في "مصر النهارده" لدينا درجة مرونة لقبول ذلك، لكن هناك حدودًا أهمها الالتزام بالقواعد المهنية المتعلقة باحترام حقوق الاخرين وحياتهم الشخصية، وعدم الوقوع في دائرة السب والقذف ، ولايسمح بابداء الرأي فيما يمثل الثوابت الاساسية للبرنامج. وما تلك الثوابت؟ نحن ندافع عن الدولة المصرية وننحاز لها ، وننحاز لثنائية الرأي وننحاز للمعلومة ولابداء الرأي، فاذا كان هناك تعليق للمذيع يمس هذه الثوابت فغير مسموح به. هل تتفاجأون برأي المذيع لأول مرة علي الهواء مباشرة ، أم يكون معلوما لديكم قبل الحلقة؟ لا فنحن نتناقش ، وما نتفق عليه يلتزم به المذيع علي الهواء، ممكن بالنقاش نصل الي صيغة نتوافق عليها، فمثلا نقترح عليه أن نستعين بمداخلة تليفونية من أحد المصادر، اذا لم نجد، نلفت انتباهه انه اذا اعلن رأيه في مسألة ما فعليه عدم الوقوع في محاذير معينة ،وبحيث في النهاية يكون المشاهد علي علم بأن هذا هو رأي المذيع الشخصي. المشكلة ان هناك نوعين من المشاهدين،المشاهد البسيط الذي قد يعتقد ان هذا رأي البرنامج ، وهناك النخبة التي ترفض فرض رأي عليها ، كما تعلم أنه ليس من حق الإعلامي إعلان رأيه الخاص؟ أوافقك الرأي وأنا علي المستوي الشخصي ضد فكرة ابداء المذيع لرأيه، فالمشاهد يقتطع من وقته من اجلك حتي يتلقي خدمة لا ان يستمع لنصائحك وارائك الخاصة، فاذا اردت ان تبدي رأيك فلتكتب مقالا ، لكن المشاهد يريد أن يعلم ماذا حدث اليوم في بلده. هل تلقيتم اعتراضات من مسئولين أو شخصيات عامة علي آراء تم إبداؤها في البرنامج؟ نعم ، ومن حقهم الاعتراض، وحدث كثيرا ان تلقينا خلال الحلقات مكالمات ومداخلات منهم علي رأي أو معلومة تم ذكرها خلال الحلقة. هل هناك اي تدخلات من المالك "صوت القاهرة" في عمل " التحرير"؟ ضاحكا: لا .. طالما انه يربح، ونحن اعلاناتنا يمل منها المشاهد، انا شخصيا إذا حضرت إحدي الحلقات في المنزل أمل من الاعلانات، والمالك لا يتدخل طالما اننا لم نتجاوز القواعد. نريد معرفة تلك القواعد التي اذا تخطيتموها "أغضبت" المالك منكم؟ أحدثك بمنتهي الصراحة.. لا توجد لدينا أية خطوط حمراء. ألا يوجد ضيوف ممنوع استضافتهم في البرنامج؟ الإخوان المسلمون.. لانهم جماعة محظورة بحكم الدستور والقانون، ويحظر لدينا كل ما هو غير قانوني او دستوري وخارج اطار الشرعية ، وهذا بقناعة منا علي المستوي الشخصي وليس لمجرد انها "تعليمات"، لكن لا توجد قضايا ممنوع مناقشتها ،و كثيرا ما استقبلنا تليفونات علي الهواء مباشرة لوزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد يشكون من الغلاء وارتفاع الاسعار . ماذا عن أنس الفقي وزير الاعلام ،هل يبدي لكم أي تعليقات ؟ نحن في حالة نقاش دائم، نخطط للبرنامج علي المدي البعيد، وفي حوار مستمر مع رئيس التحرير الكاتب الصحفي عمرو الخياط، قد يطلب منا عدم طرح موضوع معين لعدم ملاءمة التوقيت، لكننا نطرحه لاحقا، رئيس التحرير نفسه قد يطلب منا ذلك. ونعترف أننا أخطأنا مثلا في حلقة مرتضي منصور وأحمد شوبير، وعندما تأملنا الامر بعدها وجدنا بالفعل ان ما حدث يخالف الخطوط التي وضعناها لأنفسنا، وتلقينا لوما قاسيا من وزير الاعلام حينها. كثيرا ما يستطرد الاعلامي محمود سعد في إبداء آرائه وانتقاد الوزارء أو الحكومة ثم نجده فجأة يصمت ويتساءل مازحا " ايه رحنا في داهية"؟ ضاحكا: بالمناسبة تعليقات محمود سعد لا علاقة لنا "كفريق إعداد" بها، ولا ننقلها له مثلا عبر "الاير بيس" لكن المشكلة لدينا دائما في الوقت، فكل فقرة تكون محددة بالدقائق ، وأي إطالة في فقرة ستؤثرعلي بقية الفقرات، فهل اجد نفسي في النهاية مضطرا لحذف فقرة؟! وبالمناسبة محمود سعد يحب المزاح علي الهواء كثيرا واحيانا قد يتصور الجمهور انه جاد. بصراحة هناك انطباع آخر يؤخذ أحيانا ، وهو أن المذيع يقرأ الخبر لأول مرة علي الهواء؟! لدينا مشكلة عموما كما اشرت سابقا وهي ان اسس برامج التوك شو لم تترسخ في مصر بعد، فالتوك شو في مصر مثله مثل كل الظواهر الجديدة ، تولد مشوهة ،ومن ضمن إشكاليات التوك شو لدينا هي فكرة كيف" يذاكر المذيع جيدا قبل الظهور" ، بمعني ان يكون علي علم بالخطوط الرئيسية للفقرة التي سيناقشها والمحاور المطروحة للنقاش، وذلك بالتعاون مع فريق الاعداد الذي يجب أن يكون مؤهلا لشرح الفكرة جيدا للمذيع، ونحن كإعداد لا نملك فرصة كافية للجلوس مع المذيعين، ولا استطيع مثلا ان اجبرهم علي الحضور قبل الهواء بساعتين مثلا، فعندما سيأتي وقت البرنامج سيكون المذيع قد ارهق ذهنيا. واذا كان هناك قصور في المذيع فأصله يعود الي الاعداد، لكننا نحاول التغلب علي هذه المشكلة من خلال الاتصال الدائم بالمذيعين علي مدار اليوم، ونتناقش في الفقرات، قد نغير بعضها، بعد النقاش، فلن افرض فقرة علي مذيع، لانه لن يتمكن من ادارتها جيدا، والحق ان ما يسهل علينا الامر في "مصر النهارده" اننا نتعامل مع مذيعين محترفين، وملمين بشتي الموضوعات، ويمكنهم إدارة حوار حولها. ما أبرز "التشوهات" التي تعاني منها برامج التوك شو لدينا ؟ التوك شو في مصر هو برنامج" احداث جارية" بينما في الخارج هو برنامج حواري يفتح ملفات وقضايا ويطرحها علي المجتمع ،لكننا في مصر انشغلنا بالاحداث الجارية ،وتلك مهمة البرامج الاخبارية ، ونحن أول ما بدأنا "مصر النهارده" فتحنا ملفات مثل" مستقبل التعليم في مصر"و" دعم التعليم ام دعم البنزين"، وملف" السينما المصرية" ، وكان لدينا في وقت من الاوقات فقرة بعنوان"عقول مصرية" نستضيف فيها شخصية تطرح رؤية لمشكلات المجتمع، أو تطرح طريقة جديدة للتفكير. مهمة البرامج الحوارية ان تفتح ملفات تهم المجتمع وندير حولها حوارا من الاطراف المعنية، لكي نفتح للمسئولين افاقا جديدة، فالانشغال بمشاكل الحياة اليومية يلهينا عن قضايا وملفات مهمة ، من المفترض ان نطرح اجندة لا ان نلهث وراء الاحداث ،و نحن انشغلنا بحوار الديوك والصوت العالي ومن يكون اعلي صوتا "يبيع أكثر". هل تعتقد أن الناس انصرفت عن برامج التوك شو، فهناك حالة من الملل من التكرار سواء في الموضوعات أو الضيوف، وأصبح لديهم إحساس أن تلك البرامج تحولت إلي" مكلمة"؟ احيانا نحدث انفسنا بالفعل ونتساءل هل من المعقول أن يحصل المشاهد علي هذه الجرعة من" العكننة" كل مساء ، وهو اصلا يشعر "بالعكننة "علي مدار اليوم؟ ، فمن حقه ان يجد شئا مبهجا، . في رأيي ان الناس ملت من "الطريقة" ، وكثير من اساتذتنا حذرونا من التكرار الذي سيدفع الناس للملل وعدم الالتفات او الاكتراث او التأثر، الناس ملت من الغلو في الخطاب ،ومن الاصرار علي تطبيق القاعدة المهنية التي تري ان الخبر دائما في الشر، وليس في الخير، نعترف ان هناك تركيزا احيانا علي الجانب المظلم. هل تحاولون عمل توازن بين الجانبين؟ بقدر الامكان طالما انه لا توجد احداث سياسية مهمة مثل " الانتخابات ، مؤتمر الحزب الوطني،.. " ،بالفعل نحاول عند اعداد الخطة الاسبوعية تحقيق التوازن، فيكون لدينا فقرة فنية مع نجم محبوب، بحيث يكون لدينا"خلطة " من السياسي والاجتماعي والفني والرياضي. كيف تختارون اخبار مقدمة البرنامج أو "الانترو"؟ الأخبار بصورتها النهائية يحددها رئيس التحرير ، وهناك قسم لإعداد الأخبار. لا تعنينا اخبار نشرات الاخبار، ونعطي الاولوية للاخبار الاجتماعية، بالطبع هناك اخبار سياسية تهم المشاهد، لكن نضع في اعتبارنا ان المشاهد علي موعد مع برنامج ترفيهي متنوع بالدرجة الاولي ، نهتم بالاحداث الغريبة علي المجتمع، وحوادث الطرق ،والحركات الاحتجاجية، واحكام القضاء، والقوانين الجديدة في مجلس الشعب تكون وثيقة الصلة بالموظفين والعمال، أو أي أخبار اقتصادية مؤثرة، كل العناوين ذات الصلة بالمواطن هي محور اهتمام لنا، لكن ليس من أولوياتنا نشاط الدولة الا اذا كانت هناك احداث سياسية تفرض نفسها. ما مدي اعتمادكم علي الصحف، خاصة انه من الملاحظ أن برامج التوك شو في الغالب تعيد انتاج ما تناولته الصحافة؟ نحن نعتمد بالاساس علي كاميراتنا، ونستقبل مثل الصحف اخبار الأنشطة المختلفة ولنا مصادرنا ، اهم شيء بالنسبة لنا هو الصورة. بما انك أشرت الي هذه النقطة، من الانتقادات الموجهة لمذيعي التوك شو هو الاستطراد في الاستئثار بالكاميرا والحديث المباشر، فيمل المشاهد؟ نعود للمشكلة السابقة وهي ان المفهوم المؤسسي للتوك شو لم يستقر بعد، حتي الان التواصل المباشر مع المشاهد يكون من خلال المذيع، ولهذا تسقط البرامج عندما يتركها مذيعوها، فلا توجد مؤسسة، الاولوية لدينا للفرد، وفكرة المؤسساتية مشكلة في مصر عموما وليس في برامج التوك شو فقط.، المذيع يريد ان يكون هو النجم. في رأيك ما الذي يميز "مصر النهارده " عن غيره من برامج التوك شو؟ هناك بالطبع درجة منافسة لكن هناك تكاملاً. نحن نتميز بالتنوع في الموضوعات عن كل البرامج، نحن اكثر استقرارا في الاداء وفي شكل البرنامج، فلابد ان يكون هناك فورمات ثابت، ونادرا ما تكون الحلقة مكونة من فقرة واحدة، لدينا تنوع ما بين الاجتماعي والسياسي والرياضي والفني، حتي داخل الفني نحاول ان نرضي جميع الاذواق، فالاعلامي بطبعه طماع ويريد الوصول الي الجميع. هل تعتبرون الاعلانات مقياسا للنجاح؟ هي أحد المعايير الأساسية ، لكن بالطبع نعتمد علي قياس نسب المشاهدة. أخيرا ما طموحك للبرنامج كمشرف عام علي التحرير؟ طموحي ان نصل بالفعل لمفهموم التوك شو، لن نبتعد عن الاحداث الجارية، لكن لابد ان نطرح أجندة علي الناس، وأكثر ما يسعدالاعلامي ان يلقي استجابة لما يقول ، وطموحي ان تكون الاستجابة لما نطرحه سمة تميزنا دائما، والحمد لله لا توجد مشكلة طرحناها الا وتلقينا استجابة فورية. طموحي ايضا ان نغطي مصر كلها ومحافظاتها وليس فقط القاهرة، وحاولنا لكن واجهتنا صعوبات كثيرة، علي رأسها الامكانيات، واتمني ان نغطي مصر ليس فقط في الاحداث الجسيمة لكن ايضا في الإيجابيات.