تتزايد معاناة الشعب المصرى فى الحصول على حقهم فى الحياة وتوفير العلاج لأمراضهم، وذلك خلال العام الماضى الذى تقلد خلال عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية؛ حيث أرجع مراقبون تدهور الأوضاع الصحية إلى انشغال الحكومة بالسياسة وفرض السيطرة الأمنية على معارضيها. ويقول "وراء الأحداث": وبدأ السيسى عامه بقرارات قاسية على الشعب المصري؛ حيث قام بتقليص الدعم المخصص للتأمين الصحى والأدوية فى موازنة عام 2014 - 2015، ليصل إلى 811 مليون جنيه، مقابل 1.1 مليار جنيه خلال موازنة العام الماضي. وحصدت مصر المركز الأول فى معدلات الإصابة بفيروس سى، وذلك بحسب أحدث الإحصائيات التى رصدتها "منظمة الصحة العالمية" فى نهاية العام الماضى؛ حيث جاءت مصر على رأس قائمة الدول الأكثر إصابة بالفيروس، بنسبة 22% من الشعب المصرى مصابين بفيروس سى. وحذرت المنظمة من دخول مصر فى نفق تحول هذا الفيروس إلى وباء قاتل فى حالة استمرار الوضع كما هو عليه، كما أنها احتلت أيضًا المرتبة الأولى عالميا فى عدد المصابين بأمراض القولون، ووقفت فى مقدمة قائمة الدول الأسوأ فى الرعاية الصحية على مستوى العالم . وانتشار فيروس سى، جاء وسط تأجيل متكرر للقوات المسلحة لبدء العلاج بمشروع جهاز علاج الإيدز وفيروس سي، والذى نال هجومًا شديدًا وسخرية من قبل المتخصصين والنشطاء، الذين وصفوه بجهاز "كفتة"، مؤكدين كذب ادعاء اللواء إبراهيم عبد العاطى فيما يخص مقدرة الجهاز على سلب المرض من المريض واستخراجه على هيئة "صباع كفتة". ارتفاع أسعار الأدوية كما ارتفعت أسعار الأدوية بصورة مفاجئة وبشكل غير مسبوق؛ حيث بلغت نسبة الارتفاع من 100% إلى 300%؛ حيث خالفت شركات الأدوية قرار رقم 499 الخاص بتسعير الدواء، والذى ينص على: هامش ربح الصيدلى فى المحلى والمصنع والمعبأ بمصر: 25%، والمستورد وسعره أقل من 500 جنيه: 18% والمستورد وسعره أكثر من 500 جنيه: 15% المدعم: 8% السداد النقدي: 4.5% إضافى من سعر بيع المصنع، زيادة الربح تسرى للأدوية المسجلة بعد 1- 7- 2012، الأدوية المسجلة حاليا ستزيد تدريجيا بواقع 1% سنويا حتى تصل لنفس نسب هامش الربح السالفة الذكر، 1% زيادة فى خصم كل الفواتير لتعويض التواريخ التالفة مع الاحتفاظ بحق الصيدلى فى الارتجاع إذا زادت النسبة عن ذلك بنسبة مماثلة، جميع الأدوية المصنعة ذات الربح 25% يبقى ربحها 25% إذا تم استيرادها بعد ذلك، حسب وراء الاحداث. كما توقع الدكتور محمود فتوح، رئيس اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين، أن تشهد الأيام المقبلة موجة جديدة فيما يتعلق برفع أسعار الأدوية، مؤكدًا أن أى زيادة فى أسعار الأدوية تكون معتمدة من وزير الصحة، بعد موافقة لجنة التسعير بالوزارة على الطلب المقدم من شركات الأدوية. مصادرة المستشفيات الخيرية ولم تكتف الحكومة بتقليص الدعم الموجه لقطاع الصحة، بل قامت بمصادرة المستشفيات التابعة للجمعية الخيرية، التى تقدم خدماتها الطبية للفقراء بأسعار رمزية. ففى يناير الماضي، أصدرت الحكومة قرارا بمصادرة الجمعية الطبية الإسلامية بفروعها ال 28، والتى تخدم أكثر من 4 مليون فقير؛ حيث تتحمل عبء ثلث مرضى الجمهورية، بحسب تقرير وزارة الصحة عام 2008. وسبق ذلك قرار الحكومة بتجميد ومصادرة 138 فرعا من فروع الجمعية الشرعية، والتى تقدم مستشفياتها والمراكز الطبية التابعة لها، العديد من الخدمات الطبية، وأبرزها توفير حضانات بأسعار رمزية للأطفال المبتسرين؛ حيث تمتلك 1090 حضانة، منتشرة فى 18 محافظة، جعلها تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الحضانات على مستوى العالم، فى الوقت الذى لم تتجاوز فيه عدد الحضانات بمستشفى قصر العينى 25 حضانة تتكلف الليلة الواحدة فيها حوالى ألف جنيه، وتقدمها الجمعية مجانًا. وتمتلك الجمعية الشرعية 90 جهازا لغسيل الكلى؛ حيث تقدم خدمة الغسيل الكلوى لأكثر من 1200 حالة شهريا، كما تقوم بعمل توصيل شريان بوريد بعدد 300 حالة شهرية وعملية قسطرة بعدد 100 حالة شهرية بالإضافة لمعامل التحاليل اللازمة لفحص الفيروسات للمريض. الإهمال فى المستشفيات ويعانى المرضى الذين يلجأون إلى المستشفيات الحكومية - لعدم امتلاكهم الأموال اللازمة للعلاج فى المستشفيات الخاصة - من الإهمال الطبى والطوابير، والقمامة، وسوء المعاملة، والخدمة الطبية السيئة، والاستهانة بأرواحهم. وتمتلك مصر 660 مستشفى حكوميا، تعانى نقصا خطيرا فى الخدمة الصحية والأدوية، يبلغ 52% فى الحضر و82% فى الريف، والمعدات يصل النقص فيها إلى 51% فى الحضر و70% فى الريف والأخصائيين بنسبة 36% فى الحضر و80% فى الريف، وذلك بحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وتكررت خلال العام الماضى حوادث طرد المرضى من المستشفيات، ما يدفعهم إلى افتراش الأرض لعلهم يجد من يعطيهم الدواء، ففى أسوان، افترش مريض الأرض أمام مستشفى أسوان الجامعى؛ غارقًا فى سبات مرض، بعد طرده منها. كما قامت سيدة بوضع مولودها على رصيف مستشفى كفر الدوار العام بمحافظة البحيرة، بعد أن قام طبيب بطردها من المستشفى، لعدم امتلاك زوجها ثمن عملية الولادة القيصرية. انتشار الأوبئة والتسمم وارتفعت نسب انتشار الأوبئة والأمراض المعدية إلى معدلات غير مسبوقة فى مصر، ما ينذر بكارثة صحية على المستوى القريب، بحسب خبراء ومراقبين، ففى شهر ديسمبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة عن 1823 حالة إصابة بمرض الغدة النكافية، و1115 بالجديرى المائي، و1356 بالحصبة، و15 بإنفلونزا الطيور خلال العام الماضي، حسب وراء الأحداث. كما ارتفعت حالات الإصابة خلال 2014 فقط إلى 26 حالة، توفى منهم 10 حالات على الأقل، وشفى 12 حالة شفاء، بحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة. وفى محافظة مطروح، سادت حالة من الرعب والقلق بين أهالى "سيوة"، فى شهر ديسمبر الماضي، بعدما حصد مرض "الحصبة" أرواح 8 أطفال، وارتفاع حالات الإصابة بالمرض لأكثر من 200 حالة؛ بسبب انعدام الرعاية الصحية وعدم توفير التطعيمات اللازمة للوقاية من المرض. وفى محافظة الشرقية، أصيب ما يتراوح بين خمسمائة إلى ألف مواطن بحالات تسمم جماعى من مياه الشرب، فى شهر إبريل الماضي، حسب التصريحات الحكومية وغير الحكومية، وقد سبقتها حالات تسمم بين الطلاب بالمدينة الجامعية بجامعة الأزهر؛ حيث وصلت حالات تسمم طالبات جامعة الأزهر بمحافظة أسيوط إلى 1600 طالبة، فى شهر يناير الماضي. الإهمال الطبى للمعتقلين ويعانى المعتقلون - الذين تتكدس بهم السجون وأقسام الشرطة - من أوضاع صحية متردية؛ حيث تتعنت وزارة الداخلية فى تقديم الرعاية الطبية المناسبة للمرضى، فضلا عن إدخال الأدوية الخاصة بعلاج الأمراض المزمنة. ورصدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" لحقوق الإنسان وفاة أكثر من 95 معتقلا فى زنازين أقسام الشرطة خلال العام الماضي، بزيادة 40% عن العام الذى يسبقه، وذلك فى تقرير لها صدر فى يناير الماضى بعنوان "مصر.. موجة من الوفيات داخل السجون". وقالت المنظمة: إن المعتقلين يتعرضون للضرب حتى الموت فى زنازين الشرطة والسجون المكتظة بشدة، بخلاف حالات وفاة أخرى لمعتقلين لديهم أمراض القلب، والسرطان، أو أمراض أخرى، وتم رفض علاجهم، وسط تردى الخدمات الصحية داخل السجون. ومن أبرز المعتقلين الذين لاقوا مصرعهم داخل السجون بسبب الإهمال الطبي، الدكتور فريد إسماعيل، البرلمانى السابق والقيادى بجماعة الإخوان المسلمين، وذلك بعد دخوله فى غيبوبة كبدية لأكثر من 5 أيام، دون تقديم المساعدة الطبية له، ثم تم نقله لمستشفى السجن بطرة، وازدادت حالته الصحية تدهورًا؛ نظرًا لانعدام الرعاية الصحية داخل السجن، بحسب تصريحات أسرته. وكان الدكتور طارق الغندور، أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس، قد توفى أيضًا داخل سجن مزرعة طرة، بعدما تعرض فى سجنه لنزيف حاد استمر ثمانى ساعات بلا مغيث؛ وذلك نتيجة إصابته بفشل كبدي، ما جعل أسرته تتهم الداخلية بتصفيته من خلال القتل العمد، وتركه ينزف لثمانى ساعات دون إسعاف، إلى أن تم التأكد من وفاته، بحسب تصريحات أخيه أسعد الغندور. وكانت وفاة الدكتور صفوت خليل، القيادى الإخوانى فى محافظة الدقهلية، أولى حالات الوفيات داخل السجون نتيجة الإهمال الطبي؛ حيث توفى فى سبتمبر 2013 بسجن المنصورة العمومى بسبب الإهمال الصحى والتعنت فى استمرار حبسه رغم إصابته بمرض السرطان، ورفضت إدارة السجن السماح له بتلقى العلاج؛ ما أدى إلى تدهور حالته الصحية.