زادت حدة المخاوف بالقطاع المصرفى، بعد خروج عدة مصارف أجنبية من مصر، في الأشهر الأخيرة، من تأثير ذلك سلباً على القطاع وجاذبيته لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية. وتطمح الحكومة لجذب استثمارات جديدة لإنعاش اقتصاد البلاد العليل، فيما كثفت من حملاتها الترويجية لاستقطاب رؤوس الأموال، وآخرها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، الذي نظمته منتصف مارس الماضي، وأعلنت خلاله عن إبرام اتفاقات باستثمارات جديدة تصل إلى 92 مليار دولار. وأعلن مصرف بيريوس اليوناني قبل أيام، اعتزامه التخارج من مصر، مؤكداً إبرامه اتفاقا مع البنك الأهلي الكويتي لشراء أصوله. كما سبق أن طلب المصرف الوطني العماني التخارج، وكذلك فعل مصرف "ذي أوف نوفا سكوشيا" الكندي ، كما عرض "سيتي بنك" العالمي أيضا بيع محفظة ائتمانه للأفراد بالسوق المصرية. وأكد المستشار السابق لصندوق النقد الدولي وأستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، الدكتور فخري الفقي، أن تخارج الكيانات الأجنبية من مصر، يعطي صورة سلبية عن الوضع الاقتصادي، ويشير إلى تراجع جاذبية البلاد لرؤوس الأموال الأجنبية. وأضاف الفقي، في تصريحات نقلها "العربي الجديد"، أنه "رغم صغر الشركات المتخارجة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في مصر إلا أن تخارجها في هذا التوقيت يمثل أزمة كبيرة". وقال مسؤول في بنك بيريوس مصر، إن التخارج تم على مراحل خلال العامين الأخيرين، إذ بدأ بالتخارج بطرح الحصص في بعض الشركات، التي يساهم فيها المصرف للبيع. وتبلغ أصول المصرف في مصر 8.6 مليار جنيه (1.13 مليار دولار)، ومحفظة الودائع 7.4 مليار جنيه (973 مليون دولار) ومحفظة القروض 4.5 مليار جنيه (592 مليون دولار). وقال مسؤول في المصرف الأهلي المصري (حكومي)، إن تخارج المصارف الأجنبية في الوقت الحالي يعطى صورة سلبية لدى مؤسسات التصنيف الائتماني رغم تحسنها مؤخرا. من جهتها قالت الخبيرة المصرفية، بسنت فهمى، أرجعت تخارج المصارف الأجنبية، إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية في مصر وانعكاسها على الأوضاع الاقتصادية قائلة إن " عدم وجود مجلس شعب (برلمان) حتى الآن، يعطى صورة سلبية للغاية عن مناخ الاستثمار لدينا". وقالت فهمي " إنه مهما كان حجم المصارف التي أعلنت عن تخارجها سواء كانت صغيرة أو كبيرة، فإن انسحابها من مصر يعطي صورة سلبية عن جاذبية الاستثمار في البلد وقدرته على استقطاب المزيد من رؤوس الأموال". وأضافت أن مصرف سيتي بنك أعلن اعتزامه ببيع محفظة ائتمانه الخاصة بالأفراد، وهو مصرف من أكبر المؤسسات المالية العالمية. وذكرت أن المصارف الأجنبية تقيم المخاطر الموجودة في كل بلد وتأثيرها المستقبلي على خططها التوسعية، وهذا ما تفعله المصارف التي تتخارج من مصر في الوقت الحالي، مضيفة أن "هذا التخارج يعطي صورة أن البلد غير مستقر سواء سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً". وارتفع عجز الموازنة خلال 8 أشهر من العام المالي الجاري، ليصل إلى 185.9 مليار جنيه (24.5 مليار دولار)، ما يمثل نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مقابل عجز بقيمة 123.6 مليار جنيه (16.2 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي، بما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي. وتراجعت الإيرادات إلى 208 مليارات جنيه (27.3 مليار دولار)، مقابل 254.2 مليار جنيه (33.4 مليار دولار) خلال نفس الفترة من العام المالي الماضي. ولم يقتصر التخارج على بعض المصارف الأجنبية، وإنما أعلنت عدة شركات اعتزامها التخارج من مصر، منها شركة "مرسيدس بنز" عملاق صناعة السيارات الألماني، التي قررت أنها ستنقل نشاطها إلى الجزائر بنهاية العام الحالي، لوجود قيود كبيرة على حركة الاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية. كما أعلنت إحدى شركات المستثمر الكويتي الراحل، ناصر الخرافي، العاملة في قطاع السياحة، التخارج، وكذلك شركة أكتيس المصرفية البريطانية، التي باعت حصتها البالغة 6.5% في المصرف التجاري الدولي، وهو مصرف خاص خلال النصف الثاني من العام الماضي.