تراجع للعديد من القرارات التي تخدم العسكر في صالح رأس مال مبارك الذي يتعامل به رجاله في الإعلام والبورصة والركات وكثير من الشركات التي استحوذوا عليها في الآوانة الأخيرة ولعل أبرز تلك التراجعات هو تأجيل فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية بالبورصة، المكاسب المتتالية التي تمكّن رجال الأعمال تحقيقها منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، في الوقت الذي تم فيه تقليص دعم الفقراء وتصعيد الإجراءات التقشفية. وكانت الحكومة قد أصدرت قرارًا منتصف الأسبوع الجاري بتأجيل العمل بضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة مدة سنتين، وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، حسام القاويش، إن القرار جاء بغرض الحفاظ على تنافسية سوق المال. الحكومة بررت قرارها بأنه جزء من الجهود المستمرة في الإصلاح الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار الآثار المترتبة على المناخ العام للاستثمار. ويأتي القرار بعد قرابة عام من تصديق"السيسي"، على قانون يفرض بموجبه ضريبة على التوزيعات النقدية بواقع 10% بجانب ضريبة أخرى بنسبة 10% على الأرباح الرأسمالية المحققة من الاستثمار في البورصة. وجاءت موافقة الحكومة على تأجيل العمل بالضريبة، بعد ضغوط قوية من كبار المستثمرين، وتكبد البورصة المحلية خسائر فادحة خلال الأسابيع الأخيرة. وهو ما دفع خبراء ومحللون إلى وصفه بالانتصار الكبير لرجال الأعمال والأثرياء على النظام في الوقت الذي يعجز فيه المصريون عن دفع الحكومة للتراجع عن قرارات أضرت بهم، ومنها زيادة أسعار المحروقات والكهرباء وتقليص دعم السلع التموينية. الخبيرة الاقتصادية ومستشارة مجموعة البركة المصرفية بسنت فهمي، أدانت تراجع الحكومة عن قراراها، متسائلة "إذا لم يقبل الأثرياء الدفع، فهل من المفترض أن يدفع الفقراء والمعدومين؟". وقالت "فهمي"، إنه ليس التراجع الأول للحكومة أمام رجال الأعمال فقد سبق وتراجعت عن قانوني الاستثمار الموحد والانتخابات البرلمانية. وتابعت "فهمي" أن "الحكومة تعمل لصالح الأثرياء وهو ما قد يؤدي لقيام الثورة الثالثة". وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تستمر فيه الحكومة بالحديث عن خفض الدعم للفقراء وفرض الضرائب على السجائر وغيرها ترضخ لضغوط الأثرياء. واعتبرت الخبيرة الاقتصادية أن القرار غير دستوري لأن الحكومة سبق والتزمت أمام المؤسسات الدولية بخفض عجز الموازنة من خلال فرض الضرائب. وحسب إحصائيات رسمية، بلغ عجز الموازنة العام المالي الماضي (2013/2014) نحو 253 مليار جنيه (33 مليار دولار)، ويأتي ذلك رغم تلقي الحكومة مساعدات خليجية بأكثر من 30 مليار دولار. غير أن الرئيس السابق لاتحاد الصناعات المصري، جلال الزوربا، لم يتفق مع "فهمي"، قائلاً: "الحكومة تراجعت عن فرض ضريبة البورصة لأنها رأت أن التوقيت غير مناسب وأنه ليس من المصلحة العامة فرضها الآن"، نافيا أن يكون ذلك انتصارًا لرجال الأعمال. وتابع "الزوربا"، أن الجميع في سفينة واحدة فرجال الأعمال يعملون لمصلحة مصر. وردًا على سؤال حول ملف التهرب الضريبي قال "الزوربا"، إذا كان لدى مصلحة الضرائب أي أوراق تثبت إدانة أي رجل أعمال فمن حق الدولة وقتها أن تتحدث وتسترد حقوقها، أما غير ذلك فهي أحاديث مرسلة. وحسب محللين، لم يكن إلغاء ضريبة البورصة الانتصار الأول لرجال الأعمال فقد سبقته انتصارات عديده خلال العامين الأخيرين كان أبرزها إغلاق ملف التهرب الضريبي لرجال أعمال ومنهم الملياردير ناصف ساويرس، الذي تفاوضت معه حكومة رئيس الوزراء الأسبق هشام قنديل، في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، حول تهربه الضريبي في صفقة بيع شركة إسمنت لافارج، واتفقت معه على دفع 7.2 مليارات جنيه (نحو 1.1 مليار دولار وفقا لمتوسط سعر الصرف آنذاك) على أقساط، وبالفعل دفع القسط الأول ومقداره 2.5 مليار جنيه، إلا أنه توقف عن السداد عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو عام 2013 الذي أطاح بنظام مرسي، وورفع دعوى على الحكومة وفاز بها. وفي هذا الإطار قال الخبير الاقتصادي المصري رضا عيسي، في تدوينه له عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)،" للتوضيح فقط، قرار تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية يعنى استمرار إمكانية تكرار أي صفقة مشابهة لصفقة بيع ساويرس لشركة الإسمنت لشركة لافارج وتحقيق أرباح أكثر من 60 مليار جنيه بدون دفع أي ضرائب". كما حفظ القضاء قضية التهرب الضريبي لرجل الأعمال ومالك قنوات "سي بي سي" الفضائية، محمد الأمين. وكان النائب العام قد وضع "الأمين" على قوائم المنع من السفر في نهاية يونيو 2013 لتهربه من سداد ضرائب بقيمة 427 مليون جنيه (61 مليون دولار حسب سعر الجنيه آنذاك) قيمة بيع أسهم في إحدى شركاته. أما الانتصار الثالث لرجال الأعمال المصريين هو غلق ملف أراضي الدولة المنهوبة، ففي عهد حكومة قنديل فتحت الدولة ملف رجال الأعمال الذين استولوا على أراضي الدولة، مهددة بسحبها أو التصالح مع الدولة مقابل دفع فارق السعر و فعلًا بدأت إجراءات التصالح بدفع فروق أسعار الأراضي، إلا أن ذلك توقف بعد الانقلاب. وقالت الحكومة وقتها إن هناك ما يصل إلى 30 رجل أعمال، لديهم شركات تورطت في الاستيلاء على أراضي الدولة دون وجه حق، في طريقي القاهرة/إسماعلية، والقاهرة / إسكندرية الصحراويين، كما أن هناك 120 شركة متورطة فى مخالفة بنود العقود المبرمة مع الدولة؛ حيث باعت هذه الشركات مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية على أنها مبانٍ، وتربحت من ذلك مليارات الجنيهات، في مخالفات صارخة للقانون، والعقود المبرمة، ومن قضايا الأراضي المعلقة حتى الآن مخالفات الشركة المصرية الكويتية التي تعاقدت على استصلاح 26 ألف فدان زراعيًّا، في مدينة العياط (جنوبالقاهرة) ثم شرعت في تحويل نشاطها إلى مبانٍ، ما ضيّع على الدولة نحو 47 مليار جنيه، حسب تقارير رسمية.