بعد مكاسب 39 دولار.. ننشر أسعار الذهب اليوم السبت 20 ديسمبر    قدمها بيضة مقشرة، مسؤول أمريكي: بيان دمشق بعد الغارات يفتح مناطق كانت مقفولة زمن بشار الأسد    مواعيد قطارات الإسكندرية – القاهرة اليوم السبت 20 ديسمبر 2025 ذهابا وعودة    الأمم المتحدة: خطر المجاعة يتراجع في غزة لكن الملايين لا يزالون يواجهون الجوع وسوء التغذية    فصل مؤقت للكهرباء عن مناطق بالحي الترفيهي في العبور لأعمال صيانة اليوم    الأرصاد توجه تحذير شديد اللهجة من «شبورة كثيفة» على الطرق السريعة    ذكرى ميلاده ال95.. صلاح جاهين يصرخ عام 1965: الأغنية العربية في خطر!    «ترامب» يعلن حربًا مفتوحة على داعش.. ضربات عنيفة تستهدف معاقل التنظيم في سوريا    مقتل عروس المنوفية.. الضحية عاشت 120 يومًا من العذاب    وزير الدفاع الأمريكى: بدء عملية للقضاء على مقاتلى داعش فى سوريا    ستار بوست| أحمد العوضي يعلن ارتباطه رسميًا.. وحالة نجلاء بدر بعد التسمم    ماذا يحدث لأعراض نزلات البرد عند شرب عصير البرتقال؟    بعض الأهالي سلموا بناتهم للجحيم.. القضاء يواجه زواج القاصرات بأحكام رادعة    المسلسل الأسباني "The Crystal Cuckoo".. قرية صغيرة ذات أسرار كبيرة!    إرث اجتماعي يمتد لأجيال| مجالس الصلح العرفية.. العدالة خارج أسوار المحكمة    محمد عبدالله: عبدالرؤوف مُطالب بالتعامل بواقعية في مباريات الزمالك    القبض على إبراهيم سعيد وطليقته بعد مشاجرة فى فندق بالتجمع    كيف تُمثل الدول العربية في صندوق النقد الدولي؟.. محمد معيط يوضح    إصابة 4 أشخاص في انقلاب موتوسيكل بطريق السلام بالدقهلية    مصرع شاب على يد خاله بسبب نزاع على أرض زراعية بالدقهلية    موهبة الأهلي الجديدة: أشعر وكأنني أعيش حلما    الولايات المتحدة تعلن فرض عقوبات جديدة على فنزويلا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    مصر للطيران تعتذر عن تأخر بعض الرحلات بسبب سوء الأحوال الجوية    محمد معيط: أتمنى ألا تطول المعاناة من آثار اشتراطات صندوق النقد السلبية    بحضور رئيس الأوبرا وقنصل تركيا بالإسكندرية.. رحلة لفرقة الأوبرا في أغاني الكريسماس العالمية    محمد معيط: لم أتوقع منصب صندوق النقد.. وأترك للتاريخ والناس الحكم على فترتي بوزارة المالية    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    مصر تتقدم بثلاث تعهدات جديدة ضمن التزامها بدعم قضايا اللجوء واللاجئين    روبيو: أمريكا تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة تطالب بإنهاء مشكلات الضرائب وفتح استيراد الليموزين    أرقام فينشينزو إيتاليانو مدرب بولونيا في آخر 4 مواسم    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    حارس الكاميرون ل في الجول: لا يجب تغيير المدرب قبل البطولة.. وهذه حظوظنا    مدرب جنوب إفريقيا السابق ل في الجول: مصر منافس صعب دائما.. وبروس متوازن    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    كل عام ولغتنا العربية حاضرة.. فاعلة.. تقود    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    وزير العمل يلتقي أعضاء الجالية المصرية بشمال إيطاليا    السفارة المصرية في جيبوتي تنظم لقاء مع أعضاء الجالية    الجبن القريش.. حارس العظام بعد الخمسين    التغذية بالحديد سر قوة الأطفال.. حملة توعوية لحماية الصغار من فقر الدم    جرعة تحمي موسمًا كاملًا من الانفلونزا الشرسة.. «فاكسيرا» تحسم الجدل حول التطعيم    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    10 يناير موعد الإعلان عن نتيجة انتخابات مجلس النواب 2025    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البقرة المقدسة" تمارس إرهابها.. سجون إسرائيل السرية تُرتكب فيها فظائع بحق الفلسطينيين والعرب
نشر في الشعب يوم 19 - 03 - 2015

على الرغم من أنّ إسرائيل تعتبر نفسها دولة ديمقراطيّة على النسق الغربيّ، إلّا أنّ العديد من القضايا والمسائل تبقى طيّ الكتمان تحت ذريعة عدم المسّ بالأمن القوميّ، وتُعتبر هذه القضايا من المُسلّمات التي يُسمح لكائن مَنْ كان أنْ يعرف عنها أوْ أنْ يطلب المعرفة عنها.
وهذا هو الحال مع السجن السريّ جدًا في إسرائيل، الذي تمنع الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة النشر عن مكان تواجده في العمق الإسرائيليّ، وعلى الرغم من أنّه في الفترة الأخيرة تصاعدت الضجة حول الممارسات الإسرائيليّة داخل السجن الذي يُطلق عليه اسم (1391) وهو سجن سريّ رفضت إسرائيل الاعتراف به لفترات طويلة، ما زالت المنظومة الأمنيّة في تل أبيب متمسكة بعدم السماح لأحدٍ بالكشف عمّا يدور داخله.
التعذيب ممنهج
صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة استطاعت أنْ تكشف بعض أسرار هذا السجن ووسائل العقاب والتعذيب الذي يتعرض لها السجناء والأسرى الفلسطينيين والعرب داخل هذا السجن، وقد فجّر مشروع قانون تقدم به عدد من أعضاء الكنيست لتعزيز الرقابة على المنظومة الأمنية، ويلقى تأييدا واسعًا في الكنيست، فجّر، بحسب المراسل للشؤون السياسيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، «باراك رافيد»، صراعًا بين السياسيين والجهاز الأمنيّ الذي يتمتع باستقلالية وسريّة شبه مطلقة، وأضاف أنّ المسؤولين الأمنيين يقومون بممارسة الضغوط الهائلة لإلغائه قبل طرحه على لجنة التشريع في الكنيست.
البقرة المقدّسة
وتعتبر المنظومة الأمنية الإسرائيلية (البقرة المقدّسة) التي لا ينبغي الاقتراب منها، لكن مشروع القانون الجديد بنظر المعارضين يمس بهذه القدسية؛ حيث يُعزز من الرقابة البرلمانية على عملها من خلال توسيع صلاحية لجنة الخارجية والأمن البرلمانية ولجانها الفرعية، ويُتيح لهم استدعاء أي مسئول أمني للاستجواب. كما يفرض مشروع القانون على المنظومة الأمنية تزويد لجنة الخارجية والأمن أوْ لجانها الفرعية بالمستندات والوثائق التي يطلبونها، ويخولهم بالقيام بزيارات فورية ودون تنسيق مسبق للمنشآت الأمنية، ويتضمن مشروع القانون فرض عقوبات أو غرامات على أي مسئول أمني لا يتجاوب مع اللجنة.
ممنوع النشر أو الاقتراب
ويعترض الجهاز الأمني على مشروع القانون الذي يحمل اسم (تعزيز رقابة لجنة الخارجية والأمن)، ويعمل جاهدًا على إلغائه لأنّه يمس المسلمات في التعامل مع الجهاز الأمني ويقلل من استقلاليته وحرية عمله الشبه مطلقة، لكنّه يُبرر رفضه بأنّ القوانين القائمة تتيح الرقابة الكافية، وغنيٌ عن القول إنّ معارضة مشروع القانون من قبل المنظومة الأمنيّة نابعُ أيضًا في ما هو نابعُ من أنّ السلطات الإسرائيليّة تمنع نشر موقع السجن، ولا تسمح لأعضاء الكنيست بزيارته، وعقب كشف الصحيفة لبعض أسرار هذا السجن لم يكن هناك فّر من اعتراف الحكومة الإسرائيلية بوجود هذا السجن، ولكن هذه الاعترافات جاءت في محاولة لتقليل حجم الهجوم الغربيّ والأمريكيّ والعربيّ بطبيعة الحال على إسرائيل.
سجون بريطانية
وقد قال المتحدث باسم وزارة الأمن الإسرائيلية إنّ هذا السجن كان موجودًا أساسًا حتى قبل إنشاء دولة إسرائيل، وكان أحد سجون القوات البريطانية أثناء الانتداب البريطانيّ على فلسطين، وكلّ ما فعلته إسرائيل هو أنّها قامت بتطوير هذا السجن وقامت باستخدامه كي تضع فيه العناصر الفلسطينية التي تتهمهم إسرائيل بالخطيرة على الأمن الإسرائيليّ وأمن اليهود، على حدّ تعبيره.
واعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنّ السجن تمّ وضعه تحت نطاق من السريّة الشديدة حتى تمنع أية محاولات للإعلام للكشف عما يحدث داخله، خاصة وأنّ إسرائيل تستخدم السجن للتحقيقات التي تجري مع المعتقلين الفلسطينيين من أجل نزع المعلومات التي يمتلكونها حول المقاومة الفلسطينية، وبالطبع فإنّ هناك بعض الأساليب الخاصة جدًا التي يستخدمها المحققون الإسرائيليون مع هؤلاء الفلسطينيين.
منظمات حقوق الإنسان غائبة
بعد نشر بعض تفاصيل ما يحدث داخل هذا السجن فإنّ بعض منظمات حقوق الإنسان والعديد من الدول العربية طالبوا بضرورة أنْ تُحقق الأمم المتحدة في الأمر وإرغام إسرائيل على فتح السجن أمام زيارات مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان الدولية لتقصي الحقائق وتخفيف الضغوط التي يتعرض لها الأسرى والمعتقلين داخل هذا السجن الذي وصفته صحيفة (يديعوت أحرونوت) بالرهيب.
ولم تتوقف الانتقادات بخصوص هذا السجن على الانتقادات الخارجية فحسب بل إن رئيس كتلة (ميرتس) في الكنيست تقدمت بشكوى ودعوى قضائية أمام المحكمة الإسرائيلية العليا حتى تصدر الأوامر بالسماح لوفد من أعضاء الكنيست لزيارة السجن السري والتفتيش على ما يحدث داخل هذا السجن، وقالت «زهافا غلئون» إنّها طلبت من وزير الأمن الإسرائيليّ أنْ يسمح لها وللوفد الذي شكّلته بزيارة السجن وتفقد أحواله، ولكنّه رفض رغم إنها كررت هذا العمل عدّة مرات، كان في كلّ مرة يُواجَه طلبها بالرفض التام.
ووصفت «غلئون» الرفض المتتالي من جانب وزير الأمن بأنّه محاولة لتضليل الرأي العام العالميّ ومنع الجميع من معرفة ماذا تفعل إسرائيل للأسرى الفلسطينيين. كما أنّ معارضة المؤسسة الأمنيّة لهذا القانون نابعُ أيضًا من منع لجنة الخارجيّة الأمن من مراقبة موازنة المنظومة الأمنيّة، التي لا يُسمح لأحدٍ من خارجها معرفة قيمتها وكيف تُوزّع كما قالت الصحيفة العبريّة.
نموذج من حالات التعذيب في احد السجون السرية رقم 1391:
سجن 1391، بناية مبنية من الأسمنت في وسط فلسطين المحتلة، يتوسط قرية استيطانية بالكاد ترى في أعلى التلة لأنها محاطة بالأشجار الحرجية والجدران المرتفعة. ويبدو السجن من الخارج كأي مركز شرطة بناه البريطانيون إبان انتدابهم لفلسطين، له برجا مراقبة توفر الحراسة العسكرية والمراقبة المكثفة لمحيط المنطقة. والشهادات التي أدلى بها عدد من المعتقلين السابقين في ذلك السجن تفترض بأن السجن مزدحم بالمعتقلين.[25]
وفي المقابل، ذكر الأسير المحرر سامر المصري أنه يعتقد أن السجن في مكان قريب من الساحل، لأنه كان يسمع أصوات بعض الطيور البحرية كطائر النورس بالقرب من المكان المذكور، وكذلك نظرًا لقصر المسافة نسبيًّا عندما تم نقله من التحقيق داخل هذا المعتقل إلى محكمة التمديد في سجن الجلمة بشمال فلسطين. ووصف الأسير المحرر طبيعة هذا المعتقل، بأنه بناء قديم، وجدرانه مهترئة ولونها قاتم، والإضاءة في الغرف ضعيفة جدًا، وكل هذه العناصر تؤثر على نفسية المعتقل، خاصة - حسب المصري - أن الغرف في هذا السجن موجودة تحت الأرض، وذلك لشعور الأسير بأنه ينزل بالسيارة منحدرًا قويًّا قبل الوصول إلى المكان المنشود لبدء جولات التحقيق القاسي معه.[26]
الداخل والخارج مفقود
تقول المحامية الإسرائيلية "ليئا تسيمل"، المتخصصة في الدفاع عن الفلسطينيين: "أي شخص يدخل هذا السجن يختفي، ومن المحتمل للأبد". وتضيف: "لا فرق بينه وبين سجن يديره الديكتاتوريون العنصريون من جنوب أفريقيا". وقد طالبت المحامية "ليئا تسيمل" و"مركز الدفاع عن الفرد" واسمها المشهور "هاموكيد" عام 2002 بمعلومات عن هذا السجن، وإظهار الفلسطينيين المفقودين لبرهنة أنهم لا زالوا على قيد الحياة، وقد اعترفت السلطات الإسرائيلية بأن المعتقلين المفقودين كانوا محتجزين في السجن السري، لكنها لم تعط أي تفاصيل، لكنها أحالت جميع المطالب إلى ما يسمى رئيس شعبة مكافحة الإرهاب بالقرب من حيفا.[27]
سجون خاصة بالتعذيب
وهنا قامت منظمة "هاموكيد"، برفع دعوى قضائية إلى المحكمة العليا الإسرائيلية تطالب فيها الحكومة بكشف المعلومات حول هذا السجن واستندت إلى أن القانون الدولي والإسرائيلي يعارضان وجود سجون سرية، وقد اعترف الادعاء العام بوجود السجن، وأنه يستخدم لحالات خاصة وغير مخصص للأسرى الفلسطينيين، وأنهم توقفوا عن استخدامه منذ مدة ولم يبق فيه إلا عدد قليل من الأسرى الذين رفض الادعاء كشف هوياتهم وظروف اعتقالهم.
قامت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، ببث تقرير مفصل عن هذا السجن وكشفت العديد من المعلومات المستقاة من "هاموكيد"، ثم توالت التقارير الصحفية في الصحف العبرية مثل الخبر الذي نشرته "يديعوت أحرونوت" في 3/8/2003، والخبر المنشور يوم 27/8/2003 في "معاريف".[28]
أما في التحقيق الصحفي الذي كتبه أفيف لافي في صحيفة "هآرتس" العبرية، فقد فضح فيه ممارسات شعبة الاستخبارات العسكرية داخل المعتقل، ووصفه أنه نسخة جديدة لغوانتنامو. وجاء في هذه التفاصيل: يتذكر الجندي (م) المرة الأولى التي أرسل فيها لتنفيذ مهام حراسة في معسكر 1391. فقبل أن يصعد إلى برج الحراسة، تلقى أمرا صريحًا من الضابط المسئول: "عندما تكون فوق البرج، لا تنظر إلا إلى الإمام. إلى خارج القاعدة، وإلى الأطراف. أما ما يحدث خلفك فهو ليس من اختصاصك. إياك أن تدير رأسك إلى الوراء.
جدران شائكة ومزدوجة
لكن جندي الاحتياط في سلاح الاستخبارات، لم يكن قادرًا على ضبط نفسه، إذ راح يسترق النظر بين حين وآخر، إلى الوراء. شاهد من فوق نقطة حراسته الجدران الشائكة المزدوجة المحيطة بالمعسكر، وكلابا هجومية مدربة تجول في الشريط الواقع بين الجدارين، وسيارة جيب عسكرية تقوم بأعمال الدورية في الجانب الداخلي للسياج، والمركبات التي يستخدمها أفراد الوحدة التي تتولى إدارة القاعدة، والمبنى الإسمنتي الضخم، القديم، الذي استخدمته الشرطة البريطانية في عهد الانتداب والذي تحيط باسمه الآن هالة من الغموض: معسكر الاعتقال السري في دولة إسرائيل.
ثمة أوجه شبه معينة بين معسكر الاعتقال الأمريكي في كوبا وبين هذا المعسكر، وخصوصًا بكل ما يتصل بعلامات الاستفهام القانونية والقضائية التي تحوم حول المعسكرين والشكوك المريبة حول ما إذا كان وجودهما أو نشاطهما يتماشى مع مبادئ الديمقراطية. ولعل معسكر غوانتانامو الأمريكي يتقدم على نظيره الإسرائيلي من حيث الموقع الجمالي على الأقل، إذ تشاهد أبراج الحراسة الأولى من مياه البحر الكاريبي، في حين يقع السجن السري الإسرائيلي بجانب شارع اعتيادي وسط البلاد.
حقيقة السجون السرية من الداخل
يبدو السجن كأي قاعدة عسكرية اعتيادية، عنابر للجنود وغرفة طعام وورشة لتصليح وصيانة السيارات. وباستثناء الحراسة الجسدية، التي أوكلت لمجندين جدد في الغالب، فقد أحيط المعسكر 1391 من جانب دولة إسرائيل بسور حصين من التكتم والسرية.
فمنذ الثمانينيات، حينما نقل المعسكر من موقعه السابق في جنوب البلاد إلى موقعه الحالي، تبذل إسرائيل كل جهد مستطاع في سبيل إبقاء وجود هذا السجن في حد ذاته طي السرية التامة. وحتى بعدما كشف أمره، لا تزال الدولة ترفض إشراك العالم والجمهور الإسرائيلي في طائفة التساؤلات المتعلقة بالسجن: مكانه، وهوية المعتقلين، وأسباب سجنهم هناك، ومدة سجنهم، وهل حوكموا قبل سجنهم، أو هل ينتظرون المحاكمة، وما هي الظروف التي يتم اعتقالهم فيها، وغيرها من التساؤلات التي تكون إجاباتها في أي معسكر أو منشأة اعتقال أخرى في إسرائيل واضحة وخاضعة لرقابة خارجية وقضائية.
لا يعرف المعتقلون أماكن احتجازهم
سجن 1391، حسبما هو معروف، هو السجن الوحيد الذي لا يعرف المعتقلون فيه مكان احتجازهم، فعندما حاول أحد منهم الاستيضاح، رد عليهم الحراس بأنهم محتجزون "في المريخ" أو في "الفضاء الخارجي" أو "خارج حدود إسرائيل". وهذا هو السجن الوحيد الذي رفضت الدولة السماح لممثلي الصليب الأحمر بزيارته. كما أن أعضاء الكنيست لم يقوموا بزيارته مطلقا، حتى أن السياسيين الإسرائيليين، وبضمنهم مسؤولون سابقون في الحكومة، أبدوا جهلا تامًا بشأن وجوده عندما سئلوا عنه.
يقول المحامي دان باكير، المستشار القانوني لجمعية حقوق المواطن في إسرائيل إن أي منشأة اعتقال سرية تعتبر منافية للمبادئ الأساسية في أي مجتمع ديمقراطي، وللشفافية والرقابة العامة على سلطات الحكم. كما إن وجود معتقل من هذا النوع يثير مخاوف مزدوجة، أولاً مخاوف بوجود اعتقالات سرية وحالات اختفاء أو مفقودين، وثانيا مخاوف من إساءة استخدام القوة وإساءة المعاملة وممارسة العنف والتعذيب.
هذه المخاوف لها أساس من الصحة كما سنبين لاحقاً، إذ تقول عضو الكنيست زهافا غالئون والتي طلبت السماح لها بزيارة سجن 1391، لكنها لم تلق جوابا إن حقيقة وجود سجن كهذا، لا يعرف أحد مكانه من ناحية رسمية، هي من سمات الأنظمة الديكتاتورية، الشمولية ودول العالم الثالث
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.