تبدأ نيابة الأموال العامة التحقيقات في إهدار ما يقرب من 3 مليارات جنيه على الدولة؛ جراء تسليم أراضٍ بمحافظة الدقهلية لإحدى الشركات الخاصة دون تحصيل فارق سعر تحول نشاط الأرض من زراعي إلى عقاري؛ حيث تقدم هشام فتحي بركة، مدير عام الشئون القانونية السابق بهيئة التعمير والتنمية الزراعية، ببلاغ إلى نيابة الأموال العامة يتهم فيه الدكتور على إسماعيل، رئيس قطاع مكتب الوزير، بإهدار ما يقرب من 3 مليارات جنيه على الدولة وقت أن كان مديرًا تنفيذيًّا للهيئة خلال العامين الماضيين بتسليمه قطعة أرض مساحتها 2000 فدان عليها نزاع قضائي بين الدولة، وشركة «التوفيق»، وذلك بعد صدور حكم قضائي للشركة عام 2011 دون تحصيل فارق السعر جراء ضم الأرض لمشروع مدينة المنصورة الجديدة بمحافظة الدقهلية، وذلك بالمخالفة لتوصيات اللجنة القانونية للهيئة، التي كان يترأسها «إسماعيل» نفسه عام 2012، ودون مراعاة الضوابط الواردة بالحكم القضائي التي أوصت بتولي اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة تقدير أثمان هذه المساحة، وتقدير القيمة الإيجارية. تعود أحداث القضية إلى تقدم على عبدالبصير، بصفته مدير الشركة، بدعوى عام 1992 يطالب فيها بإلغاء القرار السلبى لوزارة الزراعة بامتناعها عن تسليم قطعة الأرض بعد قيام الأخيرة بتخصيص الأرض بغرض الاستصلاح والاستزراع بمعرفة اللجنة الإشرافية، وفى عام 2011 حكمت المحكمة بإتمام إجراءات بيع الأرض للشركة، واستكمال إجراءات التثمين، وفى فبراير من العام قبل الماضي صدرت مذكرة تنفيذ الحكم من هيئة قضايا الدولة، وجاء فيها أن هناك قصورًا في الرد بالمعلومات، والمستندات في موضوع الدعوى من قبَل المختصين بهيئة التعمير، الأمر الذى ترتب عليه صدور الحكم لصالح الشركة، وطالب محمد عبدالوهاب، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، بالتحقيق مع المسؤولين في إصدار خطاب لشركة التوفيق متضمنًا جملة «جارٍ تنفيذ إجراءات التقنين»، والوقوف على المتسببين في تحصيل رسوم المعاينة التي كانت سببًا في صدور الحكم لصالح الشركة ضد الهيئة. فى يوليو من العام نفسه أرسلت الإدارة المركزية للمشروعات المدنية بهيئة التعمير كتابها رقم 948 إلى الإدارة المركزية للملكية والتصرف بنفس الهيئة، تفيد أنه بالبحث والدراسة للمعاينة الاستكشافية التي تمت على الطبيعة من قبَل الهيئة تبين أن مساحة ال2000 فدان تدخل ضمن مساحة القرار الجمهوري رقم 108 لسنة 2000 مجتمعات عمرانية، وداخل أراضي الشركة القابضة محل القرار الجمهوري رقم 371 لسنة 2006، كما يقع بداخلها العديد من المساحات المقدم عليها طلبات لتقنين وضع اليد. واقعة أخرى تكشفها المستندات التي حصلت «الوطن» على نسخة منها أنه بالمعاينة على أرض الواقع، وقبل تسليم الأرض تبين أن مساحة الأرض من واقع الطبيعة تبلغ 2008 أفدنة، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء قانوني؛ لاسترداد مساحة الأرض الزائدة وتبلغ 8 أفدنة. يقول هشام بركة، صاحب البلاغ، إن الدكتور على إسماعيل، المدير التنفيذي للهيئة وقتها، قرر تسليم الأرض لصالح شركة التوفيق، وإنه قام بتحرير محضر تسليم الأرض بغير تنسيق مع أي جهة من الجهات المعنية بالدولة، وقبل التأكد بطريقة قاطعة مما إذا كانت المساحة محل الحكم تدخل في ولاية الهيئة من عدمها، بل قبل تسلم الهيئة للأرض من الشركة القابضة، خاصةً أن مذكرة الإدارة المركزية للملكية، والتصرف المعروضة على اللجنة القانونية بالهيئة أكدت وجود خلاف على ولاية الأرض بين أجهزة الدولة، وأن هذا الموضوع محل دراسة بمعرفة المركز الوطني لاستخدامات أراضي الدولة، وذلك كله بالمخالفة أيضًا لما ورد بمذكرة لجنة تنفيذ الأحكام المشار إليها، وتوصيات اللجنة القانونية التي كان يترأسها الدكتور على إسماعيل في ذلك الوقت، وكأن الحفاظ على أرض الدولة، وهو شرف لكل مواطن حر، أصبح عارًا يجب سرعة التخلص منه. أوضح "بركة" أنه سلم الدكتور على إسماعيل مذكرة قانونية تؤكد أن تسليم الأرض للمحكوم لصالحه تم على عجل، ودون مراجعة الإدارة العامة للشئون القانونية بالهيئة للاستعلام عما إذا كانت هناك أي عقبات قانونية أو منازعات قضائية بشأن المساحة محل التسليم، كما أن التسليم قد تم بمعزل تام عن المستشار رئيس لجنة تنفيذ الأحكام بالهيئة؛ لتجنب تنفيذ ما انتهى إليه سابقًا في مذكرته بشأن تنفيذ الحكم القضائي. جاء في المذكرة القانونية أيضًا أن تسليم الأرض للمحكوم لصالحه تم بالمخالفة للأصول والفروض والسنن، إذ تم مكتبيًّا، وليس من خلال لجنة مشكلة من الفنيين المتخصصين بالهيئة لتسليم الأرض على الطبيعة تسليمًا فعليًّا، وبيان مظاهر وضع يد الشركة، وبيان حالة الأرض وقت التسليم ومصدر الري إن وجد، فضلًا عن خلو محضر التسليم من بيان مساحة، وحدود، وأطوال، وأبعاد المساحة محل التسليم على وجه الدقة، وبالمخالفة لما جاء بمدونات الحكم محل التنفيذ الذى أورد مرتين عبارة: «تسليم الأرض للشركة على الطبيعة تسليمًا فعليًّا»، أشارت المذكرة القانونية إلى أنه من الثابت من خلال المعاينة الاستكشافية التي تمت من إدارات الهيئة على الأرض في يوليو 2012 حيازة شركة التوفيق لمساحة 8 أفدنة و4 قراريط، زيادة على مساحة ال2000 فدان محل الحكم القضائي، إلا أن الدكتور على إسماعيل، المدير التنفيذي للهيئة آنذاك، بلغ منتهاه مع شركة التوفيق فتركها تنعم بهذه المساحة ولم يسعَ لاستردادها من الشركة أو تحصيل ثمنها. أضاف أن تسليم الأرض للمحكوم لصالحه تم دون ورود موافقات الجهات المعنية (الري، القوات المسلحة، المناجم والمحاجر، الآثار)، ودون أن تُخطر اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة لتقدير سعر الأرض لمعرفة مستحقات الدولة، وذلك كله بالمخالفة أيضًا لما جاء بتوصيات اللجنة القانونية بالهيئة، وما جاء بحيثيات الحكم القضائي، بل إنه لم يتم إخطار اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة إلا في يوليو 2014 بطلب من اللواء مهندس مجدى أمين، المدير التنفيذي وقتها، أكدت المذكرة القانونية وقتها أن تسليم الأرض للمحكوم لصالحه تم دون أن تُسدد شركة التوفيق أي مستحقات مالية للهيئة، وحتى تاريخه لم تسدد أي مستحقات، بل من المقطوع به أنه حتى إبعاد المعروض ضده عن الهيئة فى أكتوبر 2011 لم يوجه أي مطالبة للشركة لسداد أي مستحقات لهيئة. لفتت المذكرة القانونية إلى أن تسليم الأرض للمحكوم لصالحه على عبدالبصير إنما تم لكونه مدير شركة التوفيق الزراعية، ولو تم مطالعة نسخة حديثة من السجل التجاري للشركة عند التسليم لتبين زوال هذه الصفة عنه بموجب عقد تخارج موثق مع محمد كامل أبو مطر، وهو ما حدا بمحمد كامل أبو مطر إلى إقامة الدعوى رقم 659 لسنة 35 ق قضاء إداري المنصورة باعتباره «المدير المسؤول بشركة التوفيق الزراعية» للقضاء لصالحه بذات الحكم محل التنفيذ، وما تزال هذه الدعوى متداولة حتى تاريخه. أكدت المذكرة أيضًا أن تسليم الأرض للدكتور محمد على عبدالبصير، نجل المحكوم لصالحه، تم بموجب توكيل لا يتيح له التعامل مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية على وجه الخصوص أو حتى الجهات الحكومية على وجه العموم، ولا يتيح له كذلك تسلم أي أراضٍ من الهيئة أو تنفيذ الأحكام، وإنما هو توكيل يقتصر فقط على حق التوقيع على عقود البيع الابتدائية أو النهائية وتحرير عقود تأسيس الشركة أو تعديلها والتعامل مع البنوك من سحب وإيداع المبالغ المتقدمة، وتسليم الأرض للدكتور محمد على عبدالبصير، نجل المحكوم لصالحه، تم دون كتابة رقمه القومي كاملاً أو حتى الحصول على صورة ضوئية لبطاقة رقمه القومى لإثبات شخصيته، من جانبه، قال الدكتور على إسماعيل، رئيس قطاع مكتب الوزير، إنه سلم الأرض بصفته رئيسًا لهيئة التعمير في ذلك الوقت تنفيذًا لحكم المحكمة الصادر في ذلك الوقت، مؤكدًا أن تسليم الأرض تم بشكل قانوني وفق منطوق الحكم الصادر، وقيام صاحب الشركة برفع جنحة مباشرة لتنفيذ الحكم، أكد أن محضر تسليم الأرض تم بشكل قانوني من خلال لجنة مشكلة من جميع الأطراف المسئولة بهيئة التعمير والتنمية الزراعية، التي كان هشام بركة عضوًا بها بصفته مدير عام الشئون القانونية، ولم يعترض أو يبدِ رأيًا مغايرًا خلال الجلسة، متسائلاً عن سبب سكوته لمدة عامين منذ تسليم الأرض وحتى اليوم؟! وفيما يتعلق بتغيير نشاط الأرض من زراعي لعقاري أكد «إسماعيل» أن الأرض لم يتم بيعها حتى الآن، وتسليمها بغرض الزراعة، ولم يتم تسليمها لغرض البناء وبنظام حق الانتفاع. أشار إلى أن تثمين الأرض تم بعد تركه لمنصبه في هيئة التعمير العام الماضي، وأنه في حال لم يقم صاحب الأرض بزراعتها فإنه سيتم سحبها منه تنفيذًا للقانون، وكل ما يقال عن تسليم الأرض بغرض البناء هدفه الشوشرة، وإحداث بلبلة في الرأي العام. يأتي ذلك فيما أكدت مصادر بوزارة الزراعة أن أسباب استبعاد «بركة» من هيئة التعمير جاء بتعليمات من الأمن بعد اكتشاف انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، واعتصامه في "رابعة" مع أنصار المعزول "مرسى".