كانت نتائج الانتخابات التشريعية مفاجئة للمُتابعين من حيث انحصار أغلب الأصوات بين حزبي «نداء تونس» الليبرالي وحركة «النهضة» الإسلامية، فقد بدأ مبكرًا الحديث عن ملامح الحكومة المقبلة، وما هي الأحزاب التي ستختار أن تكون جزءًا من الائتلاف الحاكم الجديد والأخرى التي ستصطف في المعارضة. وأولى المعطيات الواردة، تؤكد أن كل الاحتمالات تبقى واردة باعتبار أن حزب نداء تونس والمتحصل على الأكثرية ب83 مقعدًا حسب النتائج الأولية، قد أكد ناطقه الرسمي لزهر العكرمي «أننا في الحزب لن نتحدث عن تشكيل الحكومة رسميًّا إلا بعد وضوح معالم الانتخابات الرئاسية». وهو تصريح يحمل أكثر من دلالة سياسية منها إمكانية عقد صفقات سياسية محتملة مع أطراف سياسية ومن بينها حركة «النهضة»، تربط تشكيل الحكومة وتركيبتها بدعم المرشح الرئاسي للنداء أي الباجي قايد السبسي. وينتظر أن يختار «النداء» أحد السيناريوهين التاليين: أن يشكل حكومة وحدة وطنية موسعة أو بالأحرى حكومة تعايش مع صاحب الثلث المُعطل، أي حركة النهضة التي تحصلت موضوعيًّا على 75 مقعدًا، خاصة وأن طبيعة الصعوبات والتحديات الاقتصادية كبيرة، وقد تستدعى الأطراف الاجتماعية وأحزاب سياسية أخرى بغض النظر عن نتائجها. أما السيناريو الثاني فهو أن يختار النداء تشكيل الحكومة فقط مع حلفائه السابقين في المعارضة ممن لهم مقاعد في المجلس النيابي على غرار الجبهة الشعبية وحزب «آفاق تونس» ( 7 مقاعد) وهو في هذه الحالة مضطر للبحث عن حلفاء آخرين؛ لأن تشكيل الحكومة يتطلب الأغلبية النسبية (51 بالمئة)، أي أنه في حاجة موضوعيًّا لأحزاب أخرى لها حوالي 8 مقاعد. وأكدت مصادر أن حزب «الاتحاد الوطني الحر» بقيادة سليم الرياحي يرغب في البقاء ضمن المعارضة على المشاركة في الحكومة، رغم تصريح القيادي فيه محسن حسن أن كل الاحتمالات تبقى واردة. ويبدو أن الاحتمال الثاني أقرب موضوعيًّا بسبب خلافات داخل قيادة الحزب حول التعايش مع حركة النهضة، بسبب الاختلاف حول النموذج المجتمعي ومواقف البعض من القادة «اليساريين» من علاقات "النهضة بالتيار الإخواني، ولكن التمسك بهذا الخيار قد لا يكون نهائيًّا إذا ما عجز الحزب في الحصول على 108 مقاعد هو وحلفاؤه الموضوعيون للمصادقة على الحكومة الجديدة من طرف المجلس النيابي