سعر جرام الذهب يتراجع 110 جنيهات.. كم بلغت خسائر المعدن الأصفر في شهر؟    حماس: إذا أقدم الاحتلال على الحرب في رفح سندافع عن شعبنا    القاهرة الإخبارية: تعرض رجل أعمال كندي يقيم بالبلاد لحادث إطلاق نار في الإسكندرية    عزت إبراهيم: تصفية الوجود الفلسطيني في الأراضي المحتلة عملية مخطط لها    مفيد شهاب: ما قامت به إسرائيل يخالف اتفاقية السلام وتهديد غير مباشر باستخدام القوة    عودة الروح للملاعب.. شوبير معلقًا على زيادة أعداد الجماهير بالمباريات    عاجل.. أول رد من صالح جمعة على إيقافه 6 أشهر    مكاسب الأهلي من الفوز على الاتحاد السكندري في الدوري المصري    حالة الطقس الأيام المقبلة.. الأرصاد تحذر من ظاهرة جوية على القاهرة وسيناء    ياسمين عبدالعزيز ل«صاحبة السعادة»: لا أفرق في الحب بين أبنائي    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 8 مايو.. «هدايا للثور والحب في طريق السرطان»    حسن الرداد: لو حد ضايقني هضايقه ومش هنام مظلوم    تليجراف: سحب لقاح أسترازينيكا لطرح منتجات محدثة تستهدف السلالات الجديدة    البيضاء تعود للارتفاع.. أسعار الدواجن والبيض اليوم 8 مايو 2024 بالبورصة والأسواق    نائب رئيس المصري: مش هنفرط في بالمشاركة الإفريقية    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    بالمفتاح المصطنع.. محاكمة تشكيل عصابي تخصص في سرقة السيارات    تسلا تنهار.. انخفاض مبيعات سياراتها بنسبة 30% في إبريل    نشرة التوك شو| تغيير نظام قطع الكهرباء.. وتفاصيل قانون التصالح على مخالفات البناء الجديد    واشنطن: القوات المسلحة المصرية محترفة ومسئولة ونثق في تعاملها مع الموقف    إسعاد يونس تقرر عرض فيلم زهايمر ل الزعيم في السينمات المصرية... اعرف السبب    موعد عيد الأضحى 2024.. وإجازة 9 أيام للموظفين    الأردن وأمريكا تبحثان جهود وقف النار بغزة والهجوم الإسرائيلي على رفح    ياسمين عبد العزيز: محنة المرض التي تعرضت لها جعلتني أتقرب لله    شاهد.. ياسمين عبدالعزيز وإسعاد يونس تأكلان «فسيخ وبصل أخضر وحلة محشي»    ندوة "تحديات سوق العمل" تكشف عن انخفاض معدل البطالة منذ عام 2017    ماذا يحدث لجسمك عند تناول الجمبرى؟.. فوائد مذهلة    5 فئات محظورة من تناول البامية رغم فوائدها.. هل انت منهم؟    متحدث الزمالك: هناك مفاجآت كارثية في ملف بوطيب.. ولا يمكننا الصمت على الأخطاء التحكيمية المتكررة    تحت أي مسمى.. «أوقاف الإسكندرية» تحذر من الدعوة لجمع تبرعات على منابر المساجد    «العمل»: تمكين المرأة أهم خطط الوزارة في «الجمهورية الجديدة»    مغامرة مجنونة.. ضياء رشوان: إسرائيل لن تكون حمقاء لإضاعة 46 سنة سلام مع مصر    الداخلية تصدر بيانا بشأن مقتل أجنبي في الإسكندرية    رئيس البورصة السابق: الاستثمار الأجنبي المباشر يتعلق بتنفيذ مشروعات في مصر    قبل مواجهة الزمالك.. نهضة بركان يهزم التطواني بثلاثية في الدوري المغربي    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    وفد قومي حقوق الإنسان يشارك في الاجتماع السنوي المؤسسات الوطنية بالأمم المتحدة    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    ضمن مشروعات حياة كريمة.. محافظ قنا يفتتح وحدتى طب الاسرة بالقبيبة والكوم الأحمر بفرشوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرطان ضروريان لإسقاط مبارك.. فهل من مستجيب؟!
نشر في الشعب يوم 18 - 10 - 2006


بقلم: مجدى أحمد حسين

[email protected]

مصر هى همنا الأكبر .. و الأول. نحن مسئولون عنها أمام الله و أمام أنفسنا و إما أن نهاجر منها أو نصلحها . و الأحوال العامة لا تشير الى جواز الهجرة بل تشير إلى امكانية التغيير ، و تشير على الأقل الى امكانية المقاومة بأقل الخسائر الممكنة ، و ان كانت مقاومتنا فى سبيل الله ، و نحن نسأل الله العافية و لكن لابد أن نكون جاهزين لكل التضحيات لوقف هذا المشهد الخرافى .

شخص واحد متهاوى الصحة حوله أسرته و مجموعة ضيقة من المنتفعين و الآفاقين يذلون أمة من 70 مليون ، لا يوجد ما يمكن هذه المجموعة من إذلال عشرات الملايين إلا لأنهم مستسلمون ، و كأن حكم أسرة مبارك قدر لا فكاك منه ، و تحولنا و كأننا أمة من الأنعام تساق الى الذبح "و هم ينظرون" . حتى ان معظم مكونات أجهزة القمع فقدت حماسها فى الدفاع عن النظام ، و لكنها لاتزال تنفذ التعليمات ، خاصة ازاء المظاهرات الهزيلة العدد على الأغلب ، و ربما اذا زاد حجمها ، لما تعرضت للقمع و لتشجعت القوات الأمنية على عصيان الأوامر .
لا نجد متحمسا واحدا لحكم العائلة إلا مجموعة ضيقة من المنتفعين المباشرين و مجموعة أوسع من الفاسدين الذين يحصلون على مليارات من الصناديق الخاصة ، أو من النهب الخاص .

هذا وضع مثير للحنق .. يمكن تلخيصه فى معادلة بسيطة و مفزعة و حقيرة فى آن معا .. ان شخصا واحدا يستهزئ ب70 مليون شخص و يقال انهم أصبحوا الآن 72 مليون !! و تتذكر الآية الكريمة (استخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين). (أنا ربكم الأعلى) .. ( لا أريكم إلا ما أرى).

وقد لخص الأستاذ طارق البشرى الموقف فى مقاله الأخير بجملة واحدة ( نظام يعلن أنه حليف استراتيجى لعدو الأمة الاستراتيجى). نحن أمام نظام حصل على شهادة الوطنية من بلد آخر أو من مجلس نيابى لشعب آخر ، لكن أبدا ليس من مصر. ربما حصل على شهادة الوطنية من الكيان الصهيونى لان 80% من البترول الذى يستورده يأتى من مصر من حقول بترول سيناء ، و كذلك الغاز المصرى فى الطريق و بأقل من سعره فى السوق العالمى. و لأن مصر بدلا من السوق المشتركة مع العرب و المسلمين ، أقامت سوقا مشتركة مع الكيان الصهيونى فى النسيج (اتفاقية الكويز) و الزراعة و السياحة ، بل ان الصادرات الاسرائيلية لمصر ارتفعت بنسبة 148،5% فى الربع الأول من العام الحالى بسبب الكويز (اتفاقية الكويز تبيح للمنسوجات المصرية أن تدخل السوق الأمريكى بدون جمارك اذا كان بها مكون اسرائيلى لا يقل عن نسبة 11،7%) ، و بلغ عدد المصدرين الاسرائيليين – عموما – الى مصر 257 مصدرا معظمهم فى مجال المنسوجات و المواد الكيماوية و صناعات تكرير البترول .

(الأهرام 27/9/2006 نقلا عن صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية).

ربما يحصل النظام المباركى على شهادة وطنية من الجهاز المركزى للمحاسبات (الأمريكى) ، الذى أكد فى تقريره للكونجرس أحقية النظام المصرى فى الحصول على المعونات الأمريكية لانه سمح بعبور 36 ألف طلعة جوية أمريكية عسكرية و المرور من الأجواء المصرية لضرب أفغانستان و العراق. و أنها قدمت معلومات استخبارية بسخاء ، و انها تقدمت بمستشفى ميدانى للقوات الغربية فى أفغانستان(فى بجرام تحديدا) .

هل نواصل الحديث عن الانهيار الداخلى الشامل فى شتى مناحى الحياة المصرية ؟

هل الأمر يستحق مزيدا من الجدل و البرهنة ؟!

توقفت مليا عند مقال للأستاذ/فهمى هويدى فى أهرام (19/9/2006) فهو مايزال يتعجب من حصول مسئول كبير باتحاد الاذاعة و التلفزيون على دخل شهرى رسمى تجاوز 60 ألف جنيه فى بلد يقول القانون ان مرتب رئيس الجمهورية السنوى ( لا الشهرى) 12 ألف جنيه. مايزال يتعجب من وجود 5600 موظف يحصلون على 54 ألف جنيه سنويا. و ان سكرتير المحافظة أصبح يحصل على 400 ألف جنيه سنويا ، و يتعجب لماذا؟ و منذ سنوات علمنا أن يوسف عبد الرحمن الساعد الأيمن ليوسف والى يحصل على مرتب شهرى يتجاوز نصف مليون جنيه. و إلى متى ستبقى مهمتنا أن نتعجب من أوجه الفساد الأسطورى المعلن فى البلاد. فالأخطر ان الفعل الفاضح يرتكب على قارعة الطريق ، و هذا لا يحدث فى أكثر البلاد فسادا ، و لكنه فى مصر أصبح مقننا و معلنا ، و مقننا لا تعنى أنه أصبح منظما بالقانون ، بل هو مجرد قانون الأمر الواقع ، كقيام ابن رئيس الجمهورية بالمتاجرة فى ديون مصر ، و أن يصبح اللاعب الأول فى بورصة الأوراق المالية بصورة معلنة و رسمية. هذا فعل فاضح يرتكب فى ميدان عام دون خجل و دون تغطية من قانون أو عرف. بل أحيانا يكون خرقا صريحا للدستور بتشغيل وكلاء و شركات أجنبية وزراء بالحكومة !! (المغربى – رشيد .. الخ الخ ) ، و هى كلها من علامات الساعة .. ساعة هذا النظام باذن الله.

و أهم ما فى مقال الأستاذ/ فهمى هويدي أنه أشار إلى واحدة من مكامن استقرار نظام الفساد ، فمن بين 17 مليار جنيه يتم جمعها فيما يسمى الصناديق الخاصة فان 10 مليارات منها يدخل جيوب كبار الموظفين (الصناديق الخاصة بوزارة الداخلية هى الأكثر شهرة و لكنها لا تحتكرها) و هذه هى طبقة الفساد التى تحمى نظام مبارك .

د.أحمد الغندور رئيس الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى و التشريع و العميد السابق لكليتنا ( الاقتصاد و العلوم السياسية) كانت له كلمات موحية و معبرة عن جوهر الأزمة المستطيلة فى البلاد فعندما سأله صحفى عن تجاوزات هيئات حكومية ب11 مليار جنيه .. قال له :"أنت تتكلم فى تفاصيل صغيرة" !! و هذا صحيح تماما ، ان 11 مليار جنيه أصبحت "فكة" فى عالم فساد عهد مبارك .

و يقول د.أحمد الغندور – الذى لم يعرف عنه يوما الحدة أو الثورية أو المعارضة الراديكالية – فهو رجل أكاديمى و خبير اقتصادى و مستشار للنظام .. و هو من أنصار الاقتصاد الحر .. يقول: (أنا أتكلم عن ظاهرة القطائع و ما أدت إليه من ظهور أمراء الاقطاع. فقبل ان تتكلم عن التجاوزات أسال بدورى كيف ذهبت المليارات من الجنيهات المخصخصة فى قطاع البترول أو الواردة من ميزانية البترول أو فى ميزانية قناة السويس أو فى الموازنة العامة للدولة. و السؤال هنا: كيف انفقت الاموال التى يتصرف فيها قطاع الأعمال العام ؟! فلو نظرنا الى قطاع المدن الجديدة مثلا سنجد أن أراضيها تخصص بأثمان رمزية لأسماء كبيرة ترتبط بالنظام ثم يعيدون بيعها بأثمان خيالية و الفرق يوضع فى طبقة لا تجيد سوى فنون الفساد).

و عندما سأله الصحفى: هل تقصد ان الخصخصة كانت فرصة للنظام و رجاله ؟

رد قائلا: (بل قل فرصة ذهبية يضاف من خلالها الى ما أخذ من قبل ، و هو يقدر بمئات المليارات مما يؤكد عدم انتماء هذا النظام و رجاله لأى انتماء سياسى أو فكرة يدافع عنها! النظام يعيش فى الحرام و لا حدود لجشعه و هو جشع نتيجة لطبيعة هذا النظام الذى يتحكم و لا يحكم). ان وصف د.الغندور للنظام باللصوصية لا يجعل لنا شيئا لنضيفه لنبرهن على ذلك أو لنحث الناس على العمل لاسقاطه !

* * * *

و كما يقول الأستاذ/طارق البشري ما فحواه لقد تكلمنا كثيرا .. و لم يعد لدينا ما نضيفه، و ليس أمامنا سوى العمل حتى نحصل علما جديدا. و طرح علينا كما طرح أول مرة فى مقال ( أدعوكم الى العصيان) طرح علينا سؤال: ما العمل ؟ أو بالأحرى جواب هو : إلى العمل !

ولابد ان نصارح أنفسنا ، و نصارح القوى الوطنية و الاسلامية ، و كافة قوى و عناصر الأمة الشريفة المخلصة بخلاصة المعاناة فى العمل الجبهوى على مدار العامين الماضيين حتى نستطيع أن نطرح حوارا جادا حول الخطة المقبلة .

و حتى لا ندخل فى قصص و روايات لا طائل من ورائها دعونا نركز على المبادئ.. ان نجاح أى عمل جبهوى ضد نظام مبارك يشمل شرطين أساسيين متكاملين اذا لم يتوفرا لن ينجح عملنا و سيظل نظام مبارك يحكمنا إلى أبد الآبدين (من خلال التوريث العائلى أو السياسى) أو يستبدل الله قوما غيرنا ثم لا يكونوا أمثالنا.



الشرط الأول:

أن تعلن الجبهة الوطنية (أى جبهة و بأى اسم) هدفها النهائى ، و ان هدفها النهائى فى هذه المرحلة هو اسقاط مبارك ، و تعلن عدم مشروعية هذا النظام ، و تعلن التعبئة الشعبية من أجل محاصرة و مقاطعة ثم اسقاط هذا النظام. و أحيانا كثيرة كان يدور الخلاف حول شعار "إسقاط مبارك" أو "حكم مبارك" باعتباره من قبيل التطرف أو الغلو أو التشدد غير المفيد ، الذى قد يعرض الحركة الاسلامية و الوطنية لضربات بلا طائل. و بطبيعة الحال نحن لا نتحدث عن شروط الجبهة بشكل نظرى لكل زمان و مكان. نحن نتحدث عن شروط الجبهة فى مصر فى هذا الزمان ، حيث يجمع العقلاء و الوطنيون على أن النظام الحالى قد أنهى عمره الافتراضى و ان استمراره يضر الوطن أكثر مما ينفع إن كان قد بقى له أى نفع ما. فاذا كان هذا النظام قد فقد مشروعيته الوطنية و القومية و الاسلامية ، فمن واجب هذه التيارات أن تتكاتف معا من أجل إسقاطه. و من أهم عناصر النجاح فى تقويض النظام الاعلان عن عدم مشروعيته و اعلان الكفاح الوطنى و الاسلامى من أجل اسقاطه. هذا جزء لا يتجزأ من العملية الكيميائية ، حتى تنجح ، فلم يعرف التاريخ نظاما سقط من تلقاء ذاته ، و لكن بقوى مضادة له أسقطته ، و ان الاعلان عن ضرورة إسقاطه شرط ضرورى لحدوث التفاعلات الكيميائية الموصلة إلى هذه النقطة ، و ليس من المهم متى يتم هذا ؟ بمعنى ان الاعلان بعدم مشروعية نظام لا تؤدى فورا إلى اسقاطه ، هذا مؤكد ، و لكن المؤكد أيضا أنه لن يسقط أبدا طالما لم يتصد أحد لهذه المهمة ، و بالتالى فان هذا الاعلان يقرب من لحظة السقوط. و عندما يكون النظام متهاويا ، و ينخره السوس بتقدير مختلف الفرقاء ، فان الاعلان عن عدم مشروعيته ، و اعلان الكفاح من أجل اسقاطه لا شك أنه يقرب جدا من هذه اللحظة. و فى كل الأحوال نحن نكسب الدنيا و الآخرة ، ففى هذه المواجهة سنحترم أنفسنا و كرامتنا فى الدنيا ، و نضمن حسن ثواب الآخرة اذا حسنت النوايا ، هذا فى حالة عدم التوفيق لا قدر الله. و هى حالة أشار إليها القرآن فى أكثر من موضع مثل (فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء) الأعراف 165. و أيضا (فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم و اتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه و كانوا مجرمين) هود 116.

و لكن الأصل أن يسعى المؤمنون للنصر ، و الآيات التى تبشر بالنصر هى الأساس و هى الغالبة فى آيات القرآن ، و آيات الواقع ، و الصنفان من سنن الله و لا تعارض بينهما.. ان هذا الشرط الذى نتحدث فيه: و هو اعلان البراءة من النظام الفاسد هو قانون يحكم حركة الأنبياء و الرسل بدءا من نوح عليه السلام حتى محمد عليه الصلاة و السلام.

(يمكن الرجوع لعشرات بل و مئات الآيات بالقرآن الكريم حول هذا المعنى).

ولم يكن اعلان عدم مشروعية النظام له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقوة الفعلية المادية للنبى أو الرسول فهو يقول الحق ، و ان كان وحده ، (قصة تحطيم سيدنا ابراهيم للأصنام) و يعلن ضرورة إسقاط النظام الطاغوتى دون أن يملك تنظيمات قوية أو جماهيرة منظمة أو غير منظمة ، و لكن هذا ضرورى ، و يأتى بعد ذلك ، و فى سياق المواجهة و التعبئة .

واذا قمت بالتوازى بدراسة مختلف أنواع الثورات التى غيرت مجرى التاريخ فى الأوطان أو على مستوى العالم فسنجد أنها التزمت بهذا الشرط: اعلان عدم مشروعية النظام ، و اعلان الكفاح من أجل إسقاطه.. لأن هذه سنة من سنن الله فى خلقه .

إن اعلان الهدف النهائى لمرحلة ما ، مهم للغاية ، من أجل تعبئة قوى الأمة تجاه النظام الفاسد ، و عزله و حصاره فى أضيق مربع ممكن ، و أهم شئ فى عزله هو البرهنة على عدم مشروعيته و هدم الأساس الفكرى له أو المرجعية التى يتشبث بها. مثلا عندما أكتشف أئمة قريش أن محمد يصلى مع أصحابه بهيئة أخرى غير هيئة صلاتهم لم ينزعجوا ، و لكنهم كانوا ينزعجون من ارتفاع صوتهم بالقرآن الذى يزلزل أركان النظام (كانت قريش تحاصر النبى صلى الله عليه و سلم من أن يعلن بالقرآن ، فكان صلى الله عليه و سلم و هو مختف بمكة اذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فاذا سمعه المشركون سبوا القرآن و من أنزله و من جاء به) (دراسات فى السيرة – الجامعة الاسلامية – غزة). ثم بعد الجهر بالدعوة كانت مشكلة نظام قريش مع الدعوة الجديدة بالأساس أنها تقوض مشروعيتهم بالقول أن محمدا (سفه أحلامنا ، و شتم آباءنا ، و عاب ديننا و فرق جماعتنا و سب آلهتنا).

و مرة أخرى فى شكوى الى أبى طالب (إن ابن أخيك يؤذينا فى نادينا و فى مسجدنا فانهه عن أذانا).

و فى شكوى ثالثة (ان ابن أخيك يشتم آلهتنا فأرسل اليه فانهه)

و عندما واجههم النبى لم يتراجع و قال أمامهم انما أريدهم على كلمة واحدة.... لا اله الا الله .

فقاموا و هم ينفضون ثيابهم و هم يقولون: أجعل الآلهة إلها واحدا؟ إن هذا لشئ عجاب (مسند أحمد).

لم يقل الرسول عليه الصلاة و السلام نحن جميعا مسلمين و أنتم تحجون بيت الله و نحن نحج ، و أنتم تدعون الله .. و نحن ندعو الله .. و أن هناك قواسم مشتركة ، (ودوا لوتدهن فيدهنون). إن المفاصلة هنا هى الشئ الحاسم ، و هو البداية الحقيقية لتقويض النظام. و نظام قريش أدرك خطورة ذلك ، رغم النفر القليل الذى كان حول محمد (صلى الله عليه و سلم) و الذى لم يتجاوز العشرات.

و الخلاصة ، اذا كان رأيك أن النظام الحاكم فاسد و لا يمكن اصلاحه بعمليات ترقيعية فلا بديل سوى الاعلان عن هذا الهدف اذا كنت تريد أن تحققه بالفعل. لان المستكبرين عادة يملكون قوى مادية و هم يسيطرون على مراكز ادارة المجتمع و حتى على ثقافته ، و لا يمكن ازاحتهم اذا كانت لك رسالة اصلاحية شاملة (ولا تهدف لمجرد عمل انقلابى للوصول الى الحكم) إلا بالاستناد لجموع الشعب ، و بالتالى فان حشد الأمة لا يتأتى حقا بدون هدف مقدس كبير جامع مانع يحفز الأمة على ضم الصفوف و التقدم للأمام و احتمال المشاق و الأذية و الابتلاءات فى سبيل الهدف الكبير .

اذا كان هذا هو الشرط الأول فما هو الشرط الثانى ؟!



الشرط الثانى:

المكون الثانى الرئيسى للمعادلة الكيمائية التى لا يفلح التفاعل المؤدى للتغيير بدونها: البديل .

فاذا كان التغيير يستهدف اصلاح أحوال الأمة بصورة شاملة فانه يعتمد على القوى الأساسية للأمة نفسها ، و اذا رأينا فى الشرط الأول ان حشد الشعب لا يتأتى بدون هدف كبير و مقدس. فمن باب أولى فان حشد قوى الشعب لا يتأتى دون أن يكون البديل واضحا أمامه ، و ملموسا فى قوة حية تطرح نفسها كبديل عملى برؤية فكرية متكاملة .

ان الجماهير لا تدرس النظريات فى الاكاديميات ، و لكنها بحسها التاريخى و ثقافتها المركوزة فى أعماقها ، و حضارتها المختزنة عبر الأجيال ، تنحاز لمشروع ضد مشروع و لبرنامج ضد برنامج .. الخ

و نحن لسنا فى بلد محتل بصورة تقليدية بحيث يكون الهدف المرحلى طرد المحتل الأجنبى. إن اسقاط النظام المصرى لابد أن يعنى احلال نظام بديل له نسق فكرى – اجتماعى – سياسى مختلف ولابد أن يقتنع به الجمهور الأعظم من الأمة .

إن الأشكال الجبهوية لم تقدم نفسها كبديل عملى للنظام القائم من خلال تقديم قيادات بصورة متوازنة تعبر عن القوى و الموازين الحقيقية ، و ان كانت قد قدمت برنامجا انتقاليا يستهدف الاصلاح السياسى. و هو برنامج الحد الأدنى الذى توافقت عليه قوى المعارضة.

و قد يصلح هذا البرنامج كأساس لمناطحة النظام (حتى وان كان برنامجا انتقاليا لا يفصح بعد عن الأبعاد الايديولوجية و الاجتماعية المقبلة ) ، على أساس أنه برنامج اصلاحى سياسى يستهدف تحكيم ( الصندوق الانتخابى) بدون تزوير لاختيار الحكام و النواب و الجمعية التأسيسية لصياغة دستور جديد. و على أساس ان التمايز الفكرى سيأتى فى مرحلة قادمة .

أقول قد يصلح هذا البرنامج الانتقالى لخوض معركة شرسة لاسقاط النظام و لكن شريطة أن تحمله جبهة مقاتلة و تعلن أن تشكيلها القيادى المحدد من هذا التنظيم أو ذاك ، و من هذا الشخص أو ذاك ، هو الهيئة التى ستشكل الحكومة الجديدة.

و لكن الأشكال الجبهوية الثلاث (كفاية – التحالف – الجبهة) لم يعمل أى منها بهذه الروح كبديل تنظيمى سياسى محدد يطرح نفسه لاستلام السلطة بعد اسقاط النظام الحالى..كما ان الشكلين الأخيرين لم يطرحا أصلا فكرة اسقاط النظام .

و بعد ذلك نلوم على الشعب أنه لم يلتف حول هذه الأعمال الجبهوية.

ان الشعب لا يلتف حول قوى تنتقد النظام ، انما حول قوى تطرح اسقاط النظام و تطرح نفسها كبديل .

و اذا عدنا للشرط الثانى نحدد اذن أنه البديل الفكرى و التنظيمى معا ، أى البرنامج و أداة تنفيذه أو مشروع الحكومة المقبلة .

ان البديل الديموقراطى وحده، أى برنامج الاصلاح السياسى كبرنامج اجماع لكافة القوى الوطنية قد لا يكون كافيا لحشد و تعبئة الشعب .

ان الطابع الاسلامى للمشروع البديل من أهم المحفزات لتحريك الملايين فى مصر ، مصر التى اشتهرت بالتدين كأبرز ملامح شخصيتها ، كيف تتخلف عن محيطها فى السودان و الصومال و غزة و كل فلسطين و تركيا و لبنان و ايران و العراق و أفغانستان و باكستان حيث الرايات المرفوعة التى حركت الملايين هى رايات اسلامية .

و لا نقول ذلك على سبيل الاكراه و الفرض للقوى الأخرى فى المعارضة و لكن من أجل الحوار الصريح و المناقشة .

إنه لا يضير الحركة الاسلامية أن تسير فى التغيير على مرحلتين ، (1)مرحلة الوصول الى نزاهة صندوق الانتخاب. (2)مرحلة الحصول على الأغلبية.

و لكن هذا الأسلوب لا يفيد إلا فى تأجيل التغيير أو تعطيله ، فالكل يدرك ان التيار الاسلامى سيحصل على الأغلبية على الأقل فى هذه الآونة من حياة الأمة ،فلماذا نستبعد الشعار الاسلامى من العمل الجبهوى رغم انه هو الشعار الذى يحرك شغاف قلب الأمة ؟ و ليس بالضرورة أن تكون صياغته (الاسلام هو الحل) ، ان الهدف العاجل هو الخلاص من كابوس حكم مبارك . و المهم هو وضع الآلية الديموقراطية لما بعد الاطاحة بحكم مبارك حتى نضمن تكريس تداول السلطة من خلال الانتخابات الحرة.

و لكن حكم مبارك لن يزاح أبدا بأى آلية ديموقراطية لأنه لن يسمح بها باستخدام الحديد و النار. و لن يفل طغيانه الا العصيان المدنى أو الثورة الشعبية السلمية سمها ما شئت .

إن استبعاد الاسلام و استبعاد المشاركة المسيحية من منطلق دينى للاصلاح الوطنى ، أمر عجيب ، و كأنك تستبعد عنصر النجاح الاساسى ثم تعود لتبكى على مشاهد الفشل !

نتذكر ثورة 1919 و كيف خرجت من المساجد و الكنائس ، أعرف ان القيادات الكنسية الراهنة محورت اهتمام جمهورها حول المطالب الطائفية ، و لكننا يجب ألا نيأس و نواصل مطالبة الاخوة المسيحيين مشاركتنا فى اصلاح الوطن .

ان اندفاع الشعب المصرى الى الدين و هذا الاقبال الهائل على العبادات فى المساجد يؤكد ان الدين و الايمان هما القوة المحركة الاساسية لهذا الشعب .

و ان هذا الشعب ثار من أجل فلسطين و العراق و لبنان فى السنوات الأخيرة بأكثر مما ثار من أجل الخبز. و اعتقد ان الدافع الدينى كان هو الدافع الأول

أى دافع التضامن الاسلامى (انما المؤمنون أخوة). و التبرعات الشعبية السخية للبنان و العراق و فلسطين ، و مقاطعة البضائع الأمريكية هى فروع من ذلك الموقف الايمانى .

لا يفل الحديد إلا الحديد ، و لا يقضى على نظام دموى كنظام مبارك إلا انتفاضة شعبية مليونية تحمل راية "لا إله إلا الله" ، و جربوا ذلك بعد أن جربتم شعارات سياسية مفرغة من أى مضمون ديني.

هذه طبيعة شعبكم فكيف تريدون أن تغيروا به و تقودنه من أجل التغيير.

قد يكون للحديث بقية و لكن يجب أن نقر فى البداية أن معظم القوى أو لنقل كل القوى عدا حزب العمل و أنصاره و من يفكر بمنهجه – لم تلتزم بالشرطين معا أو بأحدهما. بل و المثير للانتباه أن الاخوان المسلمين لم يلتزموا بالشرطين معا فى العمل الجبهوى ، و بالتالى لم يقترحوا فى العمل الجبهوى أى شعار اسلامى و رفضوا شعار اسقاط مبارك، و لان تنظيم الاخوان هو التنظيم الجماهيرى الأكبر. فقد وصلت الأشكال الجبهوية الثلاثة الى طريق مسدود .

و نحن ندعو الاخوان المسلمين – الذين نقدر جهادهم و تضحياتهم – و كافة الفرقاء الى إعادة تقييم الموقف على ضوء هذه المعادلة ذات الشرطين.

و نحن على استعداد لسماع كافة الآراء المخالفة و الحوار معها و حتى ذلك الحين سنسير فى طريقنا حاملين راية واحدة على أحد وجهيها: لا إله إلا الله ، و على الوجه الآخر يسقط مبارك .

و سنحمل لافتة واحدة تقول: نحتكم و نوافق على أى نتيجة لصندوق الاقتراع النزيه غير المزور ، كوسيلة دائمة لاختيار الحكام و النواب.

(و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.