كتب كريستين بيتري مقالا حول الاعتقالات التي طالت النساء في مصر إثر الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي. وقال بيتري الذي كان يروي قصة فتاتين اعتقلتا في مصر أنه: في صيف عام 2013 ذهبت سمية وأختاها، الإيرلينديات المنشأ والمصريات الأصل، في زيارة لمصر ولم يكن يعلمن أن رحلة هذا العام ستكون مختلفة عن الرحلات السابقة. وأضاف “وخلال تواجد أميمة، البالغة من العمر عشرون عاما والتي تدرس الإعلام، سمعت بالاحتجاجات في ميدان رابعة العدوية فذهبت الأخوات الثلاث إلى الميدان وتقول أميمة: “أردنا أن نرى بأعيننا ماذا يجري .. كان الجو العام رائعا، لم أشهد أي شيء مثلة في حياتي”، ولكن كانت الطاولة على وشك أن تنقلب. وتابع “وعندما وقعت المواجهات بين قوى الأمن ورافضي الانقلاب الذين كانوا ينادون بعودة الشرعية وجدت أميمة نفسها محاطة بقوى الأمن والجرافات والدبابات”. وبعدها بدأ إطلاق النار، وتقول: “ظننا في البداية أنها العاب نارية ولكنها كانت طلقات بنادق”. كان هذا بتاريخ 14 أغسطس 2013 وهو اليوم الذي أصبح يعرف بيوم “مذبحة رابعة” حيث أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية على المتظاهرين وأصبحت المنطقة “ساحة معركة” بحسب أميمة التي أضافت “ولم يكن معنا ما ندافع به عن أنفسنا”، وبعد ذلك بقليل أصيبت أختها فلجأت إلى مسجد رابع العدوية مع مئات المتظاهرين ولكن المسجد أصبح هدفا واستغرقت أميمة واختها وقتا طويلا حتى استطاعتا مغادرة المسجد. وأوضح بيتري في مقاله الذي نشرته صحيفة ميدل إيست آي “مع استمرار المواجهات خرجت أميمة وأختها وأخوها إبراهيم إلى ميدان رمسيس حيث تقول: “لم أستطع البقاء في البيت .. إنسانيتني منعتي من ذلك”، ومع تزايد حدة المظاهرات انتهى المطاف بالأختين في مسجد الفتح حيث تقدر أميمة أن عدد المحاصرين في المسجد 1000 شخص وكانوا غير قادرين على المغادرة، وتمكنت أخت أميمة، فاطمة من الإتصال بالجزيرة الإنجليزية وتنقل للقناة ماذا يجري حولها. وروى بيتري أنه “بعد حوالي 12 ساعة من الحصار داخل المسجد بدأ جو المسجد بالامتلاء بالغاز المسيل للدموع وانفصلت أميمة عن أختها وأغمي عليها. وعندما أفاقت وجدت نفسها خارج المدخل الرئيسي ومحاطة بأفراد الأمن وتقول: “بقيت قوات الأمن تقول لي: لا تقلقي فالبنات سيتمكن من العودة إلى بيوتهن”، ولكن بدأت قوات الأمن بضربها والتحرش بها وتقول: “شعرت بهم يلمسون أعضائي الخاصة وألقو بي على الأرض وتم تمزيق قميصي وبنطالي”، وتوقفوا فقط لأن أميمة كانت ملقية في الشارع ولكن تفاجأت في أنها ألقيت بأحد سيارات الشرطة مع غيرها من المتظاهرين. وأشار إلى أنه “تم نقل أميمة إلى سجن طرة حيث قضت هي وأختيها أربعة أيام. ووصفت أميمة السجن قائلة: “إن طرة كان أسوأ مكان، لا يمكننى حتى محاولة الشرح لك، لقد عوملنا كالحيوانات” وتصف أميمة كيف تم حبس 600 رجل في زنزانة مصممة لاستيعاب 50 وتضيف: “تم تغطية أعيننا منتصف الليل وأخذنا للتحقيق ولم يسمح لنا بحضور محام أو بالدفاع عن أنفسنا”. وبعد أربعة أيام قيل لهن أنهن سيعدن للبيت، ولكن أميمة لم تذهب إلى بيتها بل نقلت إلى معسكر السلام وتقول: “هنا تم حبسنا في زنزانة تحت الأرض لم يكن فيها كهرباء”. واجتمعت هنا أميمة واختيها مع 15 فتاة أخرى تم اعتقالهن من مساجد أخرى في القاهرة ثم “تم نقلنا في منتصف الليل لسجن القناطر للنساء”. وبين أنه “تم احتجاز أميمة بناء على 16 تهمة بما في ذلك المشاركة في مظاهرات والإنتماء إلى منظمة إرهابية. ولكن قانون منع التظاهر لم يتم إصداره إلا في نوفمبر 2013 ولم يتم إعلان الإخوان تنظيما إرهابية حتى ديسمبر من نفس العام. ولكن أميمة وأختاها كانتا من بين 3000 اعتقلتهم قوات الأمن المصرية مابين 3 يوليو إلى سبتمبر 2013 لعلاقتهم بالإخوان المسلمين، بحسب منظمة العفو الدولية. وبحسب “ويكي ثورة” التي تقوم بالرصد المستقل للأحداث في مصر من ثورة 25 يناير 2011 فإن هذا العدد تجاوز 41000 بتارخ 15 مايو 2014. ولفت إلى أنه “مع وصولهن للقناطر قامت ممرضة بتفتيش أميمة: “بدأت تصرخ بي لأنزع جميع ملابسي أمامها وبعدها وبدون أن تخبرني بدأت تفتشني .. حتى أعضائي الخاصة.. كنت مصدومة جدا وبدأت أبكي بشدة فقالت لي إن لم تتوقفي عن البكاء ستضربني، كنت أحاول إخبارها بأني عذراء ولكن كان من الصعب علي أن أجد الكلمات”. وتم نقل الثماني عشرة فتاة اللواتي اعتقلن من المساجد إلى زنزانة وعين لهن “ماما” و الماما هذه “سجينة مثل البقية ولكنه محكوم عليها بالإعدام لأنها قاتلة وهي تتحكم في كل شيء- متى يسمح الذهاب للحمام متي يسمح لنا بالأكل وكيف يسمح لنا أن نجلس، كل شيء”. وتحدث بيتري أنه “بعد أربعة أيام سمح لأم الفتيات بالزيارة. تقول أميمة: “أحضرت أمي لنا بعض الطعام”، ولكن لأنهن سجينات سياسيات كانت الزيارة كلها مراقبة ولم يسمح بأي حديث خاص بل كان يستمع ضباط الشرطة لكل كلمة نقولها، وكانت الرشاوى جزءا مهما من نظام الزيارات “فكان علينا أن نعطي جزءا مما أحضرته أمنا لضابط الشرطة وللمفتش ول”ماما” والتي عادة ما تأخذ ما تريد”. ونوه إلى أنه “بالرغم من صغر سن الفتيات فأميمة دخلت في الحادي والعشرين من عمرها داخل السجن وأخواتها أعمارهن 23 و28 فإن المعاملة كانت قاسية. “فأي شخص دخل السجن بسبب التظاهر كان يعتبر أنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين ولذلك كنا مكروهين من المجرمين الذين كانوا يضربوننا وحتى ضابطة الشرطة المسؤولة عن زنزانتنا كانت تصرخ علينا وتشتمنا كل يوم. لقد كان ضرب من العذاب النفسي اليومي”. أميمة وأختاها مواطنات أيرلنديات، بنات الشيخ حسين حلاوة إمام أكبر مسجد في جمهورية إيرلندا ولكن جوازاتهم لم تشفع لهم. تقول أميمة “زارنا القنصل الإيرلندي كثيرا ولكن كان بالإمكان عمل أكثر من ذلك”. وفي نوفمبر 2013، وبعد ثلاثة أشهر، مثلت الفتيات الثلاث أمام محكمة لأول مرة حيث قال لهن القاضي “آمل أن تكن تعلمتن الدرس من هذه الأشهر الثلاثة”، وهذا كل ما قاله القاضي وأطلق سراحهن، فلم أطلق سراحهن فجأة؟ تقول أميمة أنها لا تملك أدنى فكرة “فلا أحد يخبرك بشيء”. وختم بيتري مقاله قائلا : “أما بالنسبة لإبراهيم والذي اعتقل في نفس وقت اعتقال أخواته فلا يزال في معسكر السلام “ولا نعلم لماذا فلا أحد يخبرنا بشيء”. وكان من المقرر محاكمة إبراهيم في منتصف يوليو ولكن تم تأجيل المحكمة إلى 12 أغسطس دون إبداء أسباب. وتقول أميمة إن “كل ما أريده الآن هو إطلاق سراح أخي”.