كشفت أسماء محمد -شقيقة المعتقلة في سجون الانقلاب عائشة محمد عبد الفتاح الفرقة الأولى كلية التجارة، جامعة الأزهر، والتي تم اعتقالها منذ 28 من ديسمبر الماضي- عن حجم المعاناة التي تتعرض لها شقيقتها، تقول: اعتقلت أختي من داخل الجامعة مثل غيرها الكثيرات، حيث سألها أحد الضباط عن بطاقتها ولم تكن معها سوى البطاقة الجامعية، فقال لها ما يعني أنه سيعتقلها على أية حال، وبالفعل اعتقلها هي وإحدى زميلاتها في حين أنهما كانتا على سلم الجامعة. وفي المجمل فقد كان مجموع من تم اقتيادهن من الفتيات المصاحبات لعائشة في القضية نفسها 14 فتاة من كليات مختلفة. تضيف "أسماء" في حوارها الخاص ل"الحرية والعدالة": عقب الاعتقال ذهبوا بها إلى قسم ثاني مدينة نصر، ومنه إلى معسكر أمن مركزي بالقرب من موقف الحي العاشر بأكتوبر، ومنه إلى سجن القناطر. وقد ظللنا ثلاثة أيام نبيت أمام المعسكر ليلا نهارا في حين لم يسمحوا لأحد بالدخول أو رؤية الفتيات. ولم نستطع رؤيتها أو زيارتها إلا بعد تحويلها إلى السجن أي بعد ما يقرب من 10 أيام، كنا سنموت من القلق عليها! تتابع: عندما قابلنا "عائشة" حكت لنا بعضا مما جرى لها منذ الاعتقال؛ في حين أني كنت ألحظ أنها لا تريد ذكر كافة الوقائع لخوفها على صحة والدتها وأبيها، وقد كان مما حكته أنها وزميلاتها تعرضن للضرب داخل القسم، ويبدو أنه ضرب بالعصي لأنه ترك آثارا زرقاء وتخطيطا على أجسادهن من شدة الضرب، فضلا عن الألفاظ النابية والسب وغيرها مما يصعب حتى سماعه. أما في معسكر الأمن المركزي فقد كان مبيتهن على الأرض بلا فرش أو أسرة وحتى بلا أغطية في هذا البرد القارس. ورغم حرصنا منذ اليوم الأول على أن نأتي لها بالملابس والطعام والعصائر وتسليمها داخل المعسكر حتى دون السماح لنا بالدخول أو رؤيتها؛ إلا أننا علمنا بعد ذلك من "عائشة" أنه لم يصلها شيء من هذا كله بالمرة، ولا نعلم أين كانوا يذهبون بتلك الأشياء. أما في السجن؛ فالحالة مما يرثى له، فبداية ومخالفة للقوانين يتم تجديد الحبس لهن دون أن تذهب الفتيات للعرض على المحكمة، ولكن يتم التجديد تلقائيا ودون حضورهن، وعندما زاد هذا الأمر عن حده قامت "عائشة" ومعها عدد من زميلاتها بالإضراب عن الطعام، حتى يتم السماح لهن بحضور الجلسات، واستمر هذا الإضراب مدة ثلاثة أيام؛ بعدها تم تهديدهن بمنع الزيارات عنهن، وتفريقهن بين العنابر، بعدها تراجعت الفتيات عن الإضراب، ولكن في العرض التالي لم يُسمح لهن أيضا بحضور الجلسة؛ فأعدن الإضراب مرة أخرى، وفي هذه المرة تم عقابهن بتفريقهن على عنابر الجنائيات، ولكن تم حضورهن الجلسة في حين تم التجديد لهن 45 يوما كاملة، ثم عدن لعنابرهن العادية السابقة. - أختي تعرضت للضرب وللألفاظ النابية في قسم ثاني مدينة نصر وتضيف "أسماء" عن أختها "عائشة" المعتقلة في سجون الانقلاب، أنه غالبا ما يتم التفتيش الدائم لعنابرهن؛ بحيث إذا وجدوا معهن أية كتب أو حتى مصاحف تتم مصادرتها؛ فليس مسموح لهن حتى بمجرد القراءة في المصحف. وفي بعض الأحيان يوقظونهن في الليل بدعوى تفتيش العنبر، وقلب محتوياته وتفتيشها، بخلاف تعرضهن في إحدى المرات لسرقة الطعام وبعض المقتنيات الأخرى كالملابس. وفيما يخص أحوال الزيارة تقول "أسماء" إنه لا يوجد ضابط لها؛ فرغم أنها في البداية كانت مرتين في الأسبوع كزيارة عادية وأخرى استثنائية؛ إلا أنهم تراجعوا عن ذلك، ولا يسمحوا لنا إلا بيوم واحد للزيارة في الأسبوع، ومدة تلك الزيارة تحددها إدارة السجن كل مرة بحسب هواهم بلا ضوابط، فرغم أنها تصل أحيانا إلى نصف ساعة، إلا أن الكثير من الأحيان لا يسمحوا بأكثر من عشر دقائق فقط. وفي المقابل نتعرض للتفتيش الشديد أكثر من مرة، وكذلك نتعرض للتفتيش الذاتي؛ ورغم أن من يقوم بالتفتيش سيدات، إلا أن التفتيش شديد جدا بلا مبرر، وكذلك فقبل أن يأتوا لنا ب"عائشة" لنراها تخضع هي أيضا لتفتيش شديد. فضلا عن كمّ من الممنوعات في الزيارة حتى من الطعام؛ وعلي سبيل المثال فالمخبوزات جميعها ممنوعة. ومع ذلك فالطعام الذي يقدمونه داخل السجن سيئ للغاية ويكاد لا يؤكل؛ حتى إني تصادف ورأيت بعضا منه وقد كان عبارة عن "شوربة عدس" ولكنها خفيفة جدا وتعافها النفس، ولذا فنجتهد أن نأتِ بكم من الطعام يكفي الفتيات مدة ما من الوقت حتى إننا نأتي بمياه الشرب، وكذلك تفعل أسر الفتيات الأخريات. تردف"أسماء" أن الفتيات بالداخل يتعرضن لمخاطر جمة نتيجة عدم الرعاية وعدم الاستعداد لاستقبال هذا الكم الكبير من المعتقلات، ومن ذلك أن إحدى الفتيات أصيبت بالغدة، وأخرى أصيبت بنوبة صرع؛ في حين كانت المستشفيات أو العيادات الملحقة غير مجهزة للتعامل السريع والجيد مع المرضى. وعن حالة الأسرة في ظل غياب "عائشة" تقول أسماء: والدتي مريضة، ووالدي رجل بسيط يعمل "استورجي"؛ وقد أجرت والدتي مؤخرا بعد اعتقال عائشة جراحة استئصال للمرارة، كما اتضح لديها عدد من الأورام في الكبد، ولذا ورغم أني متزوجة ولدي أسرتي الخاصة، إلا أنني اضطررت إلى اللبث بجانب والدتي لحالتها الصحية الصعبة؛ لأن حالتها النفسية تأثرت جدا مما أخر علاجها، خاصة أننا وعائشة ليس لدينا أخوات بنات أخريات، وإنما ثلاثة صبية أكبرهم في الصف الأول الثانوي. وتضيف "أسماء": حكت لنا عائشة كذلك عن بعض إيجابيات تلك المحنة، وهي أن حالتها الإيمانية قد زادت جدا داخل المعتقل، بحيث تلتزم الفتيات بالداخل بورد عبادة خاص بهن، يتضمن قيام الليل والأذكار والدعاء، وهو ما كان ينشغلن عنه كثيرا في زحام الأيام العادية بالخارج.