ها هم مدعو الانتصار يعيدون تكرار ترانيم الشكر وزغاريد النصر التي أطلقوا لها العنان بعد إسقاط تمثال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ويعزفون أغاني هادئة لجعلنا نتمتع بهناء النوم ثم نصحوا على فجر جديد, ولا يزال مؤلفو الموسيقى وملحنو الأوركسترا –بوش وبلير وتشيني ورمسفيلد وسترو وهون ورايس- يعتقدون أن التاريخ في جانبهم. هذه مقدمة مقال للكاتبة ياسمين عليبهائي براون بصحيفة ذي إندبندنت بدأته بالتذكير ببعض ما قاله الرئيس الأميركي المنصرف جورج بوش أمام قوات بلاده في العراق عندما زارهم الشهر الحالي حيث قال "للعراق سجل بدعم الإرهاب وتطوير أسلحة الدمار الشامل وإطلاق النار بشكل روتيني على القوات الأميركية وانتهاك قرارات الأممالمتحدة.. أما الآن فالعراقيون الذين كانوا يخشون في السابق الذهاب إلى مدارسهم يذهبون اليوم إليها ويتسوقون في المجمعات التجارية.. والقوات الأميركية ستعود إلى بلادها لأنها حققت النجاح". وردا على بوش قالت الكاتبة "لكن حذاء واحدا, حذاء غير حاد, ألقي عليه من طرف منتظر الزيدي الذي أصر على أن يكون مختلفا". أما رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون فإنه -حسب الكاتبة- "نسج خرافته الخاصة به حول العراق" عندما أعلن أن قوات بلاده تعود إلى أوطانها عودة "الأبطال المغاوير" بعد أن أصبح كل عراقي يعيش بسعادة غامرة. وردا على ذلك شددت الكاتبة على أن براون جانبه الصواب, فالحقيقة هي أن الجنود البريطانيين يعودون إلى بلادهم بعد أن تدمر بعضهم جسميا وعقليا وهو يقاتل في هذه الحرب غير الشرعية وغير الشعبية التي اقترفوا بموجبها فظائع لا يمكن تصورها في أرض الدموع اللامتناهية. وقارنت عليبهائي براون بين ما تحقق في العراق بعد الغزو وما قبله لتكشف في النهاية أن النعم التي وعد بها العراقيون لم تتحقق, بل إن "مليون عراقي فقدوا أرواحهم خلال حملتنا العسكرية وتشرد خمسة ملايين آخرين ولا يزال أطفال العراق يعانون من أنواع شتى من الأمراض بسبب أسلحتنا". وأجرت الكاتبة مقابلات مع عدة لاجئين عراقيين عبروا فيها جميعا عن غضبهم واستيائهم وحسرتهم على ما حلّ ببلدهم, في وقت ختمت مقالها بالقول "الكلمات أضعف من أن تصف الغيظ الذي ينتاب الملايين بسبب هذه الغطرسة المتجددة للأنذال الذين دمروا العراق وهم الآن يتبجحون بالنصر. كذب وهراء والآن خداع وتضليل..".