في صباح كل يوم، تبدأ عملها بالسواقة، وتقود بإحكام، وكأنها ولدت سائقة ميكروباص، عرفها السائقون منذ سنوات، ولم يروا منها سوى الخير والابتسامة المشرقة التي تجلب الرزق. إنها قشطة جمعة التي تعمل سواقة من كفر سندنهور بمحافظة القليوبية، تبلغ من العمر 41 سنة وزوجها متوفى، تعمل بالمهنة منذ 3 سنوات وشغالة على خط الفلل، لأنها منطقة هادئة وأحيانًا تعمل داخل بنها. خفة ظلها وضحكتها التي لا تغيب عن وجهها، هما أهم ما يميزها، تحمل همومًا كثيرة لكنك لا تراها ولا تشعر بها، عانت كثيرًا من أجل الاستمرار في المهنة، فهي "المرأة العاملة التي تكافح في سوق الرجال لتكفي نفسها". فتعرضت لسخرية بعض السائقين ومحاولة تطفيشها والضرب بآلة حادة وسرقة سيارتها، ورغم ذلك استطاعت الاستمرار، وكسب احترام الناس وتسديد الأقساط. وتروي قشطة ل"مصر العربية" قصتها، قائلة إن فكرة العمل كسائقة جاءت لها عندما اشتريت السيارة لابنها، لكي يعمل عليها، "لكنه اشتغل في توشيبا وسابهالي". وتابعت: "بدأت أجيب سواقين يشتغلوا عليها وجابولي مخالفات كتير، وطلع عليا مرة مخالفات ب3 آلاف جنيه، وماكنتش عارفة أجيبهم منين بقيت استلف من الناس علشان أسدد المخالفات، ففكرت إني أبيع العربية ولما عرفوا إني هبيعها بقوا يضعوا سعر رخيص جدًا، واحد يقولي هشتريها ب28 ألف وغيره ب25 ألف، ففكرت وقولت لا، أنا هنزل أشتغل عليها وأبويا شجعني وقالي انزلي". وأضافت: "قابلت ناس فيهم الحلو زي عم شكري وعم سعيد، وعم شكري، قالهم سيبوها تشتغل بعرق جبينها، هو حد بيديها حاجة ومحدش بياخد رزق حد، وفيهم الوحش". وعن المهنة والتي هي خاصة بالرجال، فرد فعل الناس إيه في بداية شغلك؟ قالت: "ناس كتير كانوا ينمون ويقولون "ياعيني دي مش لاقية تاكل"، مش كل واحدة نازلة تشتغل يبقى مش لاقية تاكل، ومش عيب إن الست تشتغل في أي حتة وكل الستات في مكاتبهم بيقعدوا في وسط رجالة، والمصانع بيشتغل فيها ستات ورجالة مش عيب يعني، وأنا شغالة على عربيتي". وتابعت: "سواقين كتير ضايقوني خايفين لستات تانية تنزل تشتغل، وبتخانق معاهم، هعمل إيه؟ واحدة بتجري على أكل عيشها هتقف ليهم سلبية إزاي، لازم أتخانق طبعًا". وتابعت: "مرة واحد ضربني على دراعي ورجلي بالحديدة وروحت اشتكيته، وبصراحة مدير الأمن محمود يسري، قابلني أحسن مقابلة لما لقاني متبهدلة ومضروبة، ووعدني إن هذا لن يتكرر مرة أخرى، وقابلت حرامية وناس حاولت التحرش بي، طلعوا عليا حرامية ومكانشي معايا حاجة تحميني إلا الصاعق الكهربائي، فجريت وراهم بيه، مرة لقيت واحد ناسي "سكينة" لقطع الموز، فشايلاها معايا علشان أدافع عن نفسي". ووجهت للشباب رسالة: "انزلوا اشتغلوا أي شغلانة، الشغل مش عيب ما دام بتجيب قرشك بعرق جبينك ومابتمدش إيدك لحد وتقوله إديني". وقالت: "الست المصرية بميت راجل وبتقوم بأكثر من دور في نفس الوقت، فهي الأم التي تربي والمرأة اللي بتجري على أكل عيشها وبتساعد زوجها".