اشك أن مهرجان "البسكلتة" العبثي لخص كثيراً من ملامح فكر وأسلوب إدارة الجنرال عبد الفتاح السيسي لمستقبل مصر، إذ أنه وضع النقاط فوق الحروف الضائعة وسط حملات القصف الإنقلابي الإعلامي، وأكد رؤية الثورة حول الخطورة الكبرى للانقلاب العسكري وحكم العسكر، وشكل امتداداً مهماً لمهزلة الجنرال عبد العاطي في اختراع علاج الكفتة. قدم المهرجان العبثي اعترافاً جديداً على جريمة عسكرة الدولة ، فقائد الانقلاب العسكري اختار الكلية الحربية وطلابها ، لخوض المسرحية وفق حراسات أمنية مشددة وخيالية ، فأهان المؤسسة العسكرية التي كان لا يجب أن تتورط في مشهد كوميدي مسف أبدا ، فطلاب الحربية هم كنز عسكري مهم و مستقبل الثغور والحدود ، وأبناء البنادق والدبابات لا التسالي والدراجات ، وحراكهم في أي وقت يجب أن يكون رسالة عسكرية للخارج المعادي لا رسالة سياسية للداخل المعارض. وكشف المهرجان عن وسواس قهري للسيسي وجنده ناجم عن غياب الشباب المصري عن الانقلاب ومقاطعته الواضحة والقوية والكاسحة لجميع مسرحياته العبثية ، ما دفع الانقلابيون لاستبدالهم بالشباب العسكري في رسالة مراهقة سياسية وغير وطنية ، تؤكد العسكرة واغتيال الدولة المدنية والعبث بالمؤسسة العسكرية ومستقبلها النابض في مدارس الحربية ، وتبعث برسائل استفزاز لكل الشباب المدني لن يستطيع الانقلاب الرد على توابعها في المدى القريب خاصة انه تورط في قتل الالاف منهم منذ 25 يناير حتى الآن. أما نبأ حصول السيسي على المركز الأول – لا الثاني ولا العاشر مثلا - في المهرجان العبثي ، فكان كاشفا لرغبته في التفوق المطلق المبني علي ديكور وأوهام ، إذ كيف لرجل فوق الخمسين أن يسبق شباب تحت العشرين ؟! ففي ذلك طعنة لجيل الشباب العسكري وإهانة غير مقبولة مرت وسط ضجيج النفاق ، وهي رغبة كشفها سيناريو مسرحية ترقيته لرئاسة سلطة الانقلاب فقد كانت النتيجة والمناخ والأداء تأكيدا على تلك الرغبة الآثمة. وجاءت "البسكلتة" كاجراء هزلي ينضم لسيارات الخضار واللمبات الموفرة لحل مشاكل معقدة ومتراكمة ، يكشف عن غياب برنامج واضح للحكم عند العسكر ، وأن مصر كبيرة عليهم ، وأن جهودهم التي بذلت للانقلاب على الوطن والشعب وسلطته ورئيس مصر الدكتور محمد مرسي لو بذل منها 10 في المئة في خدمة مصر لكان تغير الحال، ولعل مرور 11 شهرا على الانقلاب دون تحقيقهم لأي انجاز ايجابي يؤكد خطرهم المحدق على مصر. وفضح مهرجان "البسكلتة" العبثي كذلك النفاق المنتشر في وسائل اعلام الانقلاب ، والتي تبارت لتسجيل أراء مستوردي الدراجات في الاشادة بالمسرحية وتجاهلت أراء مستوردي السيارات والتكاتك والموتسيكلات على سبيل المثال أأ، ولم تكلف خاطرها بالنزول إلى سائقي المركبات الخاصة ، إذ انها تعتقد فيما يبدو أن "البسكلتة" كعلم الجمهورية وأن صاحب "البسكلتة" هو الجمهورية ذاتها !. وجاء اهدار المال العام المستمر من مسرحية الترقى إلي مهرجان "البسكلتة"وغيرهما في الحراسات والتأمينات وارهاق الدولة ومؤسساتها في متابعة تجارب الجنرال ، ليكشف عن الفارق بين رئيس مصر الدكتور محمد مرسي الذي كان يمتنع عن اخذ راتبه ويصر على تقليل موكبه الرئاسي وبين قائد انقلابي يصرخ "مفيش .. انا مش قادر اديك " بيتما راتبه زاد وحراسته تكبد الدولة اضعاف المعتاد. وجددت تلك الحراسات المبالغ فيها حقيقة خوف السيسي من المجهول ، والذي ظهر مع بدء حملة ترقيته تحت الأرض وخلف الشاشات والجدران، ولم لا فهو لم يحصن نفسه بالعدل وأصر على الإرهاب فكان الجزاء من جنس العمل: خائفا يحاول بناء جمهورية الخوف ، في مقابل رئيس صامد فتح صدره في ميدان التحرير وسط الملايين وشعب منتفض لا يخاف إلا الله وشباب حر لا يركع . إن عبد الفتاح السيسي يقدم للثورة كل يوم دليل جديد علي فشل حكم العسكر ، وإن مستقبل مصر متوقف خلال الفترة المقبلة على استمرار الثوار - يتقدمهم الشباب والطلاب – في المسار الثوري وتطويره لانقاذ مصر من عبث السيسي المتواصل منذ 11 فبراير 2011 ، فمصر لا تستحق مزيدا من الإهانة والتهريج ولا شعب مصر مستعد لمزيد من تجارب "الكفتجية" و"العجلاتية"، ولا الثورة تقبل باستمرار خطف مصر ! ثوروا تسعدوا .. واصطفوا تنتصروا ----------- *منسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح