شهدت الصحف الأمريكية والبريطانية إعلانات لتشجيع السياحة في العراق وطرح عطاءات لبناء منتجعات ومتنزهات بكلفة ملايين الدولارات وذلك في إطار حملات الترويج لما تقول الحكومة انه حالة من الاستقرار والأمن. وتشير التقارير الصحفية مؤخراً إلى أن تلك المزاعم لا تتعدى كونها ضباباً يخفي ورائه حقيقة الخطر الأمني في العراق والذي يؤدي الى هجرة أبنائه من المهنيين وأصحاب الكفاءات فيما يشكل تجسيداً حياً لظاهرة 'هجرة العقول' التي بدأت مع بداية الغزو في العام 2003،حسب صحيفة القدس العربي. وكان الأكاديميون والمهنيون تعرضوا لاستهداف الجماعات القادمة من الخارج،وقد اضطر العديد منهم للهجرة أما لسورية أو الأردن، ومن كان منهم محظوظا هاجر إلى الدول الغربية. وجاء في تقرير حديث في صحيفة 'لوس انجليس تايمز' ان العراق ما زال خطيرا، يهرب منه الأطباء والأساتذة والمتعلمون وأصحاب الرؤى العلمانية الخائفين على حياتهم من القتل والخطف العشوائي. ونقلت عن عائلة مسيحية في بغداد باعت كل ممتلكاتها وتنتظر مستأجرا للرحيل من البلاد قولها انه 'لا مكان ولا مستقبل لها في العراق'. وقالت الصحيفة ان رحيل هذه العائلة يرمز إلى مشكلة تواجه العراق في الوقت الراهن الذي تدعو فيه الحكومة العراقية اللاجئين للعودة. ويأتي هذا رغم سياسة التشجيع التي تنتهجها الحكومة العراقية حيث رفعت رواتب الموظفين بداية الصيف بنسبة ما بين 50 70 بالمائة لاجتذاب الأساتذة والأطباء الذين طردوا من أعمالهم بسبب سياسة اجتثاث البعث. وفي الوقت الذي تقول فيه وزارة المهجرين واللاجئين ان عشرات الآلاف عادوا منذ الصيف الماضي إلا أن عملية الرحيل مستمرة، ويرى مسؤلون ورجال أعمال ان العراق يحتاج لسنوات طويلة كي يعوض خسارته من الكفاءات والحرفيين. وبحسب إحصائيات مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فانه من الملاحظ في الفترة ما بين يناير ويونيو من العام الحالي ان 7200 عراقي هاجروا منه وهو عدد يفوق أعداد من عادوا اليه. ويرى مسئولون أن سياسة أمريكا بفتح باب الهجرة السنوية للعراقيين من العوامل التي تعيق عودة اللاجئين. وتقول الإحصائيات إن أكثر من سبعة آلاف طبيب عراقي خرجوا من العراق وأن نسبة قليلة منهم لديهم خبرة تزيد عن العشرين عاما في مجالهم. ومع ان 600 منهم قد عادوا الا ان ايا من هؤلاء لا يملك التخصصات الضرورية التي يحتاجها العراق اليوم. ونقلت عن مسؤول في البرلمان العراقي ان معظم المتخصصين هم من السنة الذين قامت الحكومة الشيعية بتهمشيهم واستهدافهم رغم ان العديد منهم لم يكن ملتزما بالحزب عقائديا. وتساءل المسئول ان كانت الاحزاب السياسية جادة في منح الوظائف للأشخاص المناسبين ام أنها تتعامل معهم كوسيلة لشراء الولاء السياسي. وقال مسؤول آخر في وزارة التعليم العالي انه من بين 6700 استاذ جامعي 'بروفسور' هاجروا من البلاد هناك 150 فقط عادوا اليه فيما قتل اكثر من 300 بعضهم عاد لأول مرة منذ 14 عاما وبعضهم شيعة لم يرق لهم مظهر الجنود والمسلحين لذا فانهم لا يخططون للبقاء. وكان عدد من اللاجئين العراقيين قد عادوا للبلاد بسبب انتهاء تأشيرات العمل ونفاذ أموالهم لان الدول التي هاجروا اليها مثل مصر ولبنان وسورية تحظر عليهم العمل.