ظهر حقيقة المبانى التى بنتها الحكومة لأصحاب عشش بولاق الدكرور، في العام قبل الماضي، تزينت من الخارج باللون الأصفر إلا أن حالة المباني رديئة وضيقة، ودورات المياه، رشحت بقع كبيرة على الجدران من الخارج. في الطابق الثانى من إحدى المبانى تجلس صديقة محمد، صاحبة ال101 عاما، أول امرأة معمرة في منطقة العشش، منحتها الحكومة شقة "حجرة وصالة وحمام"، لهجتها صعيدية قاحلة رغم مرور الزمن عليها إلا أن المجتمع القاهري لم يؤثر فيها. "محدش هيكد عليا ولا هيجيني" هكذا عبرت العجوز عن تعامل أولادها الخمسة القاسي معها بعد أن اشتكت فجوة الهجر بينها وبينهم.. فهي أم ل3 رجال وبنتين كلهم تزوجوا وتركوها. في ركن الحجرة قبعت كنبتها الصغيرة عليها مرتبة مهلهلة تنام العجوز عليها، أعطتها لها إحدى السيدات اللاتي يسكن بحي المهندسين من سنوات مضت. وعلى اليمين منها وضعت بعض الأواني" حلتين وطبق" تطهى فيهم طعامها كلما جاءها رزق يستحق اشعال النيران من "وابور الغاز" الصغير الذى احتفظت به من أيام العشة القديمة، وتلفازا " أبيض وأسود" أعطته لها إحدى جيرانها بعد أن رزقوا بتلفاز جديد. كسرة خبز وقرصين من الطعمية هو ما وضعته "صديقة"، على قدمها وبدأت في تناولهما بفمها الذى فارقته أسنانه، كوجبة إفطار، كل ما حصلت علية من الدنيا هي "حجة لبيت الله الحرام".. حصلت عليها من الإعلامي عمرو الليثي أيام كانت في العشش القبلية. حسب وصفها. تتلخص مطالب السيدة في " الستر" وعدم دفع الإيجار الذي تطلبه الحكومة منها بدفع مبلغ 160 جنيهًا شهريًا إيجارًا للحجرة التي تسكن بها لتعبر بقولها: "إزاي نقدر ندفع من المعاش إيجار يا ولدي.. هما اللى بقبضهم بفضل الكريم بقبض 215 من الشئون". ترى السيدة أن سكنها في العشة القديمة تحت كوبري انفرست ببولاق، أفضل بكثير من سكن الشقق الحكومية، فلم تكن مرتبطة بأي تكاليف شهرية. تتمنى صاحبة ال 101 عام أن تعود لسكن العشش مرة أخرى، قائلة إن رائحة الجيران تؤذيها لعدم صيانة سباكة دورات المياه في المباني، حتى إنها وضعت زجاجة عطر بداخل كيسها البلاستك لطرد الرائحة الكريهة عنها، قائلة: "أنا هنا مدفونة بالحيا.. والعشش أرحم".