شهدت الأيام الماضية تحقيق مكاسب سياسية وانتصارات استراتيجية مؤثرة للمقاومة الفلسطينية والعراقية وذلك على المستويين السياسي والميداني، جعلت الصهاينة والأمريكان يعيدون حساباتهم في المنطقة بعد أن بات مشروعهم في فلسطين والعراق على شفا حفرة من الانهيار والفشل، وما بين غزة وبغداد والموصل تظل المقاومة هي الأعلى نجمًا والأطول يدًا على الاحتلال وعملائه. ففي فلسطين، وعلى المستوى السياسي، شدد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، أن المقاومة لا ولن تستجدي "التهدئة" من الكيان الصهيوني، وليست هي الساعية إليها، ولكن يريدها الصهاينة ويطالب بها الأمريكان من حين لآخر بعد هزيمة الجيش الصهيوني وخروجه من غزة، معتبرًا أن كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني للدفاع عن حقه وأرضه. وأضاف مشعل أن المقاومة الفلسطينية لن تتجاوب مع أي "تهدئة" مع الاحتلال ما دام يرفض المبادرة المصرية ويضع الشروط والعراقيل أمام تطبيقها، موضحًا أن "حماس" تجاوبت مع مساعي مصر، وأبدت استعدادها وجميع الفصائل بقبول تهدئة مع الاحتلال، مقابل وقف العدوان ورفع الحصار، لكن الصهاينة مصرون على تجاهل المطالب الفلسطينية. المقاومة مستمرة.. ومستعدة وأكد مشعل أن المقاومة الفلسطينية مستمرة من منطلق القوة دون تعويل على الجانب الصهيوني، بل إن المقاومة ستشتد وتزيد من قوتها يومًا بعد آخر، فنحن لا يهمنا إلا تخفيف المعاناة عن أهلنا ودفع العدوان عنهم بكل غال ورخيص، بالإضافة إلى تحقيق الوحدة والقضاء على حالة الإنقسام الفلسطيني. وقلل مشعل من تهديدات الصهاينة بإعادة اجتياح غزة، مرجعًا إياها إلى محاولة الحكومة الصهيونية استخدام أساليب الابتزاز والتخويف للتغطية على أزماتها الداخلية المتلاحقة، لكنه أرجع قسماً آخر إلى المشروع الصهيوني القاضي بالتصعيد والعدوان في المنطقة، سواء ضد سوريا أو لبنان وحتى إيران. واختتم مشعل حديثه بالتشديد على أن المقاومة مستعدة ومتأهبة في جميع الأوقات لصد أي حماقة قد يقوم بها الجيش الصهيوني في غزة، فهي تأخذ تهديداته على محمل الجد.
صواريخ المقاومة تتطور أما على المستوى الميداني، حذر رئيس جهاز الاستخبارات العامة الصهيوني (الشاباك) "يوفال ديسكين" من تنامي القدرات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية وعلى الأخص حركة حماس، معتبراً أن بإمكانها الوصول إلى بلدات صهيونية تبعد أربعين كيلو متر عن الشريط الحدودي لغزة، مثل بلدات "عسقلان" والفالوجا "كريات جات" و"أشدود"، مشيرًا أن الزمن والأحداث يلعب في صالح منظمات المقاومة، وذلك حسبما أورد المركز الفلسطيني للإعلام. وتتناقض تصريحات رئيس (الشاباك) مع تقديرات الاستخبارات العسكرية الصهيونية التي كشف رئيسها الجنرال عاموس يادلين قبل أسبوعين بان "حماس" تحتاج الى عامين حتى تمتلك صواريخ قادرة على ضرب عسقلان و"كريات جات" وبئر السبع ومدن وبلدات على بعد 40 كيلومترا من القطاع، في إشارة إلى البلدات الصهيونية القريبة من قطاع غزة، وهو ما قد يفسر حالة الهلع والتخبط الرسمي الصهيوني بسبب تنامي قوة المقاومة الفلسطينية. جدير بالذكر أن السلاح الصاروخي للفصائل الفلسطينية حقق نجاحاً ملحوظاً خلال الشهر الجاري أيار (مايو)، إذ تمكن من قتل اثنين من الصهاينة، وإصابة العشرات منهم بجروح وحالات هلع، ويعد الهجوم الصاروخي الذي استهدف مركزا ًتجارياً في مدينة عسقلان قبل ما يزيد عن أسبوع أحدث الضربات المؤثرة لهذا السلاح. إخلاء وذعر ومن ناحية أخرى، وتحت الضربات المتكررة للمقاومة الفلسطينية، قرر الجيش الصهيوني إخلاء قاعدة عسكرية استراتيجية هامة متاخمة للحدود مع غزة، وذلك إثر تكرار تعرضها للقصف ولعمليات المقاومة الفلسطينية، معللة بذلك ب "خشية تعرّض الجنود في القاعدة للخطر". وقام الصهاينة أيضًا بإخلاء عدد كبير من الجنود من على حاجز بيت حانون "إيرز" بعد ما تمكنت المقاومة من تنفيذ ثلاثة عمليات حتى الآن ضد أهداف عسكرية على المعابر التي تحاصر غزة، آخرها استهدف معبر "إيرز". وأضافت المصادر أن الجنرال مشليب أصدر أمراً بإخلاء مقر الارتباط الكائن بالقرب من معبر "إيريز" إلى قاعدة "جوليس" التي تبعد 17 كيلومتراً عن حدود قطاع غزة، الأمر الذي احتج عليه بعض الضباط متسائلين "أنهم (أي جنود الارتباط) يشكلون فاصلا بين العدو (الفلسطينيين) والسكان المدنيين (المغتصبون الصهاينة)، وحين يفرون ماذا سيقول سكان نتيف هعسراه"، على حد تعبيرهم. واعتبر عدد من المراقبين قرار الإخلاء بأنه سابقه تاريخية فيما يتعلق بالسياسة التي تتبعها المؤسسة الأمنية الصهيونية، حيث أثار انتقادات حادة داخل الجيش الذي اعتبر القرار "إشارة سيئة يفهم منها عجز الجيش عن حماية جنوده"، وفقاً لأقوال ضباط كبار لموقع "يديعوت أحرونوت" على شبكة الانترنت، مشيرين إلى أنه "من الخطأ إخلاء أي قاعدة أو موقع بسبب تهديد معين". يجدر بالذكر أن المقاومة الفلسطينية بدأت في شن حرب منظمة على المعابر الصهيونية التي تحاصر قطاع غزة؛ وقد تم رصد ثلاث عمليات خلال شهري نيسان (إبريل) الماضي، وأيار (مايو) الجاري، وآخر هذه العمليات العملية الاستشهادية "براكين الغضب" التي نفذتها سرايا القدس وكتائب الأقصى الأربعاء (21/5)، ضد معبر بيت حانون (إيرز)، بتفجيرها شاحنة مفخخة، رداً على الجرائم الصهيونية وعمليات التوغل في الضفة الغربية وقطاع غزة. وسبق هذه العملية، عملية "نذير الانفجار" ضد معبر كرم أبو سالم يوم (19/4) لكتائب القسام وعملية ضد معبر "ناحال عوز" يوم (9/4) التي أوقعت عدة إصابات في صفوف الجنود الصهاينة، بعد تمكن المقاومين من اختراق الموقع، دون اكتشافهم، والاشتباك مع الجنود وإيقاع خسائر في صفوفهم، ثم الانسحاب من الموقع. المقاومة العراقية تأبى الانكسار أما في الشأن العراقي، فقد فشلت حملة الاعتقالات والمداهمات الواسعة التي شنتها القوات الأمريكية وعملائها من الجيش والشرطة العراقية في مدينة "الموصل" في تحقيق أهدافها في القضاء على المقاومة العراقية التي تعد "الموصل" من أقوى معاقلها. وذكرت عدة فصائل عراقية مقاومة، منها "دولة العراق الإسلامية" و "كتائب ثورة العشرين" أن أكثر كوادرها لا يزالون بخير وأن الاعتقالات طالت عددًا من الوطنيين وبعض ضباط الجيش العراقي السابق أثناء عهد صدام حسين مما يدلل أنها كانت عملية ثأرية شارك فيها فيلق بدر بجانب القوات الأمريكية والعراقية. وأضافت تلك الفصائل أنها لا زالت لها اليد الطولى في الموصل وهي من ستحدد ساعة ومكان المواجهة القادمة مع الاحتلال الأمريكي وعملائه، معربة عن أسفها في تورط "الحزب الإسلامي العراقي" و"جبهة التوافق العراقية" في تغطية تلك الحملة لأهداف ضيقة، وتوعدتها بالرد المناسب!! وقد نفى شهود عيان ما رددته القوات الأمريكية والعراقية من نجاحها في اعتقال أبرز قادة تنظيم "دولة العراق الإسلامية" المقاوم، مؤكدين أن كل المعتقلين كانوا من المواطنين المدنيين العزل، ولم يكن من بينهم أحد من قادة المقاومة. وفي دليل آخر على فشل تلك الحملة، أوضح ضباط من الجيش العراقي أنه "لو تم الاستعانة بشباب الموصل المنخرطين في سلك الجيش والشرطة لكانت النتائج أكثر إيجابية كونهم أكثر معرفة بالمنطقة ويمكن لأهالي الموصل امدادهم بالمعلومات عن الجماعات المسلحة من دون خوف"!!