8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 17 أغسطس 2025    منافسة بنكية ساخنة على رسوم تقسيط المشتريات تزامنًا مع فصل الصيف    بعد قمة ألاسكا.. الاتحاد الأوروبي يطرح مبادرة لعقد لقاء ثلاثي    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة دونجا... وفحوصات جديدة لتحديد موقفه من التدريبات    عمرو الحديدي: مكي قدم مباراة كبيرة أمام الزمالك وناصر ماهر لا يصلح لمركز الجناح    9 إصابات ومصرع سيدة في محور المحمودية بالإسكندرية    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    صوت خالد سليم يعانق وجدان الجمهور في مهرجان القلعة    اليوم.. تشييع جثمان مدير التصوير تيمور تيمور من مسجد المشير طنطاوي    خالد سليم يعانق وجدان الجمهور بصوته في الأمسية الثانية من فعاليات الدورة 33 لمهرجان القلعة (صور)    وكيل صحة سوهاج يحيل طبيبا وممرضا بمستشفى طما المركزى للتحقيق    للمطالبة بإنهاء حرب غزة، إضراب عشرات الشركات والجامعات في إسرائيل عن العمل اليوم    أحمد موسى: قطيع الإخوان هربوا من أمام السفارة المصرية ب هولندا (فيديو)    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    «بأمان».. مبادرات وطنية لتوعية الأهالي بمخاطر استخدام الأطفال للإنترنت    إزالة تعديات على الشوارع بالخارجة.. والتنفيذ على نفقة المخالف| صور    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    "لسه بيتعرف".. أيمن يونس يعلق على أداء يانيك فيريرا في مباارة الزمالك والمقاولون    ملف يلا كورة.. تعثر الزمالك.. قرار فيفا ضد الأهلي.. وإصابة بن رمضان    عمرو محمود ياسين يكشف تفاصيل رحيل تيمور تيمور: «الأب الذي ضحى بحياته من أجل ابنه»    سلة - باترك جاردنر – سعداء بما حققه منتخب مصر حتى الآن.. ويجب أن نركز في ربع النهائي    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    انخفاض الكندوز 26 جنيهًا، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    أول تعليق من فيريرا بعد تعادل الزمالك والمقاولون العرب    الآلاف يشيعون «تقادم النقشبندي» شيخ المصالحات في الصعيد    تعرف على مكان دفن مدير التصوير الراحل تيمور تيمور    نشرة التوك شو| لجان حصر وحدات الإيجار القديم تبدأ عملها.. واستراتيجية جديدة للحد من المخالفات المرورية    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 17 أغسطس 2025    أسباب وطرق علاج الصداع الناتج عن الفك    «صحة مطروح» مستشفيات المحافظة قدمت 43191 خدمة طبية وأجرت 199 عملية جراحية خلال أسبوع    أول يوم «ملاحق الثانوية»: تداول امتحانات «العربي» و«الدين» على «جروبات الغش الإلكتروني»    في أقل من شهر.. الداخلية تضبط قضايا غسل أموال ب385 مليون جنيه من المخدرات والسلاح والتيك توك    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 17 أغسطس 2025.. مفاجآت الحب والمال والعمل لكل برج    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    شهداء ومصابون في غارة للاحتلال وسط قطاع غزة    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    أبرز تصريحات الرئيس السيسي حول الأداء المالي والاقتصادي لعام 2024/2025    تصاعد الغضب في إسرائيل.. مظاهرات وإضراب عام للمطالبة بإنهاء الحرب    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر فلكيًا للموظفين والبنوك (تفاصيل)    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاحتلال يقيم خيام إيواء لسكان مدينة غزة لنقلهم للجنوب.. مظاهرات فى تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل مع حماس.. وميلانيا ترامب ترسل رسالة شخصية إلى بوتين    بريطانيا تحاكم عشرات الأشخاص لدعمهم حركة «فلسطين أكشن»    مسؤول مخابرات إسرائيلى: قتل 50 ألف فلسطينى كان ضروريًا لردع الأجيال القادمة    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 17 أغسطس 2025 فى مصر    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هآرتس: في عهد السيسي.. القانون أبو الدساتير فقط في مصر!
نشر في الشعب يوم 07 - 12 - 2013

قالت صحيفة "هآرتس" إن الدستور الجديد الذي ينتظر أن يصوت المصريون عليه خلال الأسابيع القليلة المقبلة يضمن بالفعل حرية ومساواة، ولكنه يجعلها مرهونة بإرادة النظام، فبدلاً من أن يكون الدستور أبو القوانين، انقلب الأمر وبات القانون أبو الدساتير فقط في مصر.
وأوضحت الصحيفة أن الفجوة ليست فقط بين تعهدات الدستور فيما يخص الحقوق والحريات من جهة والإمكانات المادية للحكومة المصرية كما زعم الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد فقط، بل الفجوة الحقيقية بين تلك التعهدات وإمكانية الوفاء بها في وقت بقيت تلك الحقوق الدستورية مرهونة بيد القانون الذي يحددها.
واعتبرت "هآرتس" أن الدستور كله صيغ انطلاقا من ثلاثة إملاءات: استبعاد الإخوان المسلمين من الساحة السياسية، والحفاظ على الوضع الفوقي للجيش، والحاجة لدفع الانتخابات بسرعة لتحقيق استقرار سياسي، وأشارت إلى الضبابية المتعمدة في مسالة النظام الانتخابي بالدستور جاءت لتمهيد الطريق أمام عبد الفتاح السيسي للرئاسة، متوقعة أن ينتهي بفوزه عملية سيطرة الجيش برعاية الديمقراطية على الدولة.
فجوة مكرم
وتناول محلل الشؤون العربية بالصحيفة "تسفي برئيل" مقالاً كتبه الصحفي "المخضرم" مكرم محمد أحمد بصحيفة الأهرام تحت عنوان "حتي لا يصبح حبرًا على ورق‏!"‏ امتدح فيه الدستور الجديد وقال إنه يشفق "على الحكومة التي تعاني عجزًا فادحًا في الموارد من سخاء الحقوق التي يقدمها الدستور، لأن تدبير الأموال اللازمة لهذه الحقوق يفوق كثيرا قدرة الخزانة المصرية".
وعلق على ما كتبه نقيب الصحفيين الأسبق بالقول: "الفجوة بين الدستور والواقع لا تنتهي بالقدرة المالية على تحقيق الرؤية وتمويل الالتزامات التي يتضمنها الدستور، بل هي موجودة في الحل الوسط بين أهداف الثورة المصرية وبين ما يمليه الجيش لإنهاء الصياغة في فترة زمنية محددة من اجل الانتقال لمرحلة الانتخابات".
قانون فوق الدستور
واعتبر "برئيل" أن الدستور الجديد يقدم بالفعل حقوق أكبر للأقليات الدينية، ويحظر التعذيب ويضمن حرية التعبير واستقلالية الصحافة وكذلك البند الخاص بتحديد مصر كدولة دينية والذي ظل كما كان في عهد نظام مبارك والسادات لكنه أوضح أن الكثير من تلك البنود الليبرالية ترتهن فيها الحقوق بالشكل الذي سيحدده القانون.
وضرب الصحفي الإسرائيلي المثال بالبنود الخاصة باعتقال المواطنين، فشروط الحبس الاحتياطي سيتم تحديدها وفقا للقانون، وإمكانية إطلاع الدولة على الرسائل البريدية العادية أو الإلكترونية سيتم تنظيمها من خلال القانون، كما أن حظر إيقاف وسائل الإعلام ( كقطع الإنترنت) سيتم العمل بها وفقًا لما يحدده القانون.
وعلق على ذلك بالقول: "كان القانون دائمًا ملاذًا آمنا من تنفيذ الحقوق التي حصل عليها المواطنون في الدستور، ودائما ما منح النظام مساحة مناورة واسعة كي يعمل وفقا لما يشاء دون أن يكترث بانتهاكه لمبادئ الدستور".
وتابع "برئيل": "يحتوي الدستور المصري على بنود جديدة مهمة مثل حماية حقوق الطفل، والدعوة لتنفيذ المعاهدات التي وقعت عليها مصر في مجال حقوق الإنسان، وكذلك حقوق الأقليات الدينية التي وصفت ب"المطلقة". ولكن في هذا البند يقضي الدستور بأن تنفيذ هذه الحقوق، مثل بناء دار عبادة، يتم تنظيمه بالقانون، والقانون أثبت أنه لا يميل للموافقة على إقامة كنائس أو معابد جديدة".
وأضاف: "هناك أمران لامسا آمال حركات الاحتجاج، إلغاء محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، والمطلب الخاص بمنع حبس الصحفيين على خلفية التعبير عن الرأي، لن يتحققا بالكامل. حيث يحدد الدستور بشكل عام أن يحاكم المواطنون أمام محاكم مدنية، ولكن في حالات معينة كالإضرار بمنشآت عسكرية أو عسكريين أو مدنيين يعملون بالجيش، فمن الممكن محاكمتهم عسكريا.كذلك على سبيل المثال إذا ما مس مواطن عامل قي متجر أو محطة وقود تابعة للجيش فإنه سيحاكم عسكريًا".
كذلك يرى المحلل الإسرائيلي أن الدستور يحدد إمكانية اعتقال وحبس الصحفي ( بعد محاكمة) في حال أضر بأمن الدولة أو باقتصادها، ولكن ليس بسبب تعبيره عن الرأي، مضيفا أن تفسير ماهية الأضرار بأمن الدولة أو باقتصادها يتم تحديده بالطبع على يد النائب العام.
إملاءات ثلاث
وزاد "برئيل" : "صياغة الدستور من قبل مجموعة قوامها 50 من القانونيين والمفكرين وممثلي الحركات السلفية والشخصيات العامة برئاسة عمر موسى، يترك الانطباع بأن الدستور تمت كتابته تحت ثلاثة إملاءات: استبعاد الإخوان المسلمين من الساحة السياسية، والحفاظ على الوضع الفوقي للجيش، والحاجة لدفع الانتخابات بسرعة للوصول إلى استقرار سياسي".
وقال إنه في مقابل عملية صياغة الدستور في عهد محمد مرسي والتي حاز كل حرف أو فاصلة فيها على تغطية إعلامية واسعة، ونقاشات لاذعة وحتى توجه للمحكمة، فإن الدستور هذه المرة جاء إقصائيًا إلى حد كبير حيث لم يشارك الإخوان بالمرة في لجنة الصياغة ورفضوا النسخة التي تم إقرارها، كذلك فقد اعرب السلفيون الذين شاركوا باللجنة عن تحفظهم واعتراضهم، ووجدوا أنفسهم عند التصويت على كل بند أقلية منبوذة دفعتهم أحيانًا للتفكير في الانسحاب من اللجنة، وفقًا لتعبير الإسرائيلي "تسفى برئيل".
جيش فوق الجميع
وواصل صحفي "هآرتس" استعراضه لوجهة نظره في الدستور المصري الجديد بالقول: "إذا ما كانت حقوق المواطن مرهونة بالتفسير، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لوضع الجيش ومن يقف على هرمه. لن تخضع ميزانية الجيش لرقابة البرلمان وسيتم تحديدها وفقًا لحاجته التي تتحدد طبقًا لما تراه قيادة الجيش".
وأردف: "هذا ما كان في عهد مبارك وما سيكون في عهد (الرئيس) القادم. تعيين وزير الدفاع أيضًا تم سلبه من صلاحيات رئيس الحكومة ولن يستلزم تصديق البرلمان. حيث سيتم تعيين وزير الدفاع من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذ من الممكن أن يتولى منصبه لفترتين متتاليتين منذ موعد التصديق على الدستور".
غموض مقصود
وأرجع "برئيل" بقاء مسألة النظام الانتخابي غامضة في الدستور، حيث لم يتضح إذا ما كانت انتخابات البرلمان سوف تسبق انتخابات الرئاسة، أو "كما يريد السيسي، تسبق الانتخابات الرئاسية انتخابات البرلمان" إلى تمهيد الطريق أمام وزير الدفاع المصري للرئاسة.
وقال: "إذا ماكانت الانتخابات الأولى بعد التصديق على القانون للرئاسة وخاضها السيسي وفاز، فمن المتوقع أن تنشأ حالة يقف فيها جنرال على رأس الدولة وإلى جانبه وزير دفاع يتم تعيينه من قبله، وبذلك تكتمل، بعملية ديمقراطية، سيطرة الجيش على الدولة، والعرف الذي كان متبعًا في عهد عبد الناصر، والذي يقضي بتولي رجال جيش سابقين الرئاسة، سوف يعود للانتعاش".
نهاية الحلقة
واعتبر أن انتخاب السيسي سوف يمنحه قوة كبيرة أيضًا في تشكيل منظومة الانتخابات البرلمانية، والتي لن يشارك فيها الإخوان المسلمين على أي حال، على الأقل كحزب مبلور، ذلك لأن الدستور الجديد يحظر تنافس أحزاب قائمة على أساس ديني، مضيفًا "بذلك سوف تنتهي أيضًا الحلقة القصيرة التي كان فيها الإخوان المسلمين للمرة الأولى في تاريخهم حزب سياسي معروف وتنظيم وصل للحكم".
منتج عسكري
واختتم بالقول: "بقي الآن انتظار الاستفتاء الشعبي الذي سيتم تنظيمه خلال الأسابيع القادمة للتصديق على الدستور ولرؤية نسبة المشاركين به. في الاستفتاء السابق على الدستور الذي صيغ في عهد مرسي، شارك فقط 33% من أصحاب حق التصويت. نسبة التصويت المنخفضة أوجدت سببًا هامًا للاعتراض عليه. شرعية الدستور الجديد ستكون على محك شعبي صعب، ليس فقط لأن الإخوان المسلمين ومؤيديهم سيمتنعون عن التصويت أو سيعارضونه؛ بل أيضًا لأنه بالنسبة لنشطاء ليبراليين كثيرين يبقى الدستور الجديد نتاج عسكري لا يحقق أحلام الثورة".
قالت صحيفة "هآرتس" إن الدستور الجديد الذي ينتظر أن يصوت المصريون عليه خلال الأسابيع القليلة المقبلة يضمن بالفعل حرية ومساواة، ولكنه يجعلها مرهونة بإرادة النظام، فبدلاً من أن يكون الدستور أبو القوانين، انقلب الأمر وبات القانون أبو الدساتير فقط في مصر.
وأوضحت الصحيفة أن الفجوة ليست فقط بين تعهدات الدستور فيما يخص الحقوق والحريات من جهة والإمكانات المادية للحكومة المصرية كما زعم الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد فقط، بل الفجوة الحقيقية بين تلك التعهدات وإمكانية الوفاء بها في وقت بقيت تلك الحقوق الدستورية مرهونة بيد القانون الذي يحددها.
واعتبرت "هآرتس" أن الدستور كله صيغ انطلاقا من ثلاثة إملاءات: استبعاد الإخوان المسلمين من الساحة السياسية، والحفاظ على الوضع الفوقي للجيش، والحاجة لدفع الانتخابات بسرعة لتحقيق استقرار سياسي، وأشارت إلى الضبابية المتعمدة في مسالة النظام الانتخابي بالدستور جاءت لتمهيد الطريق أمام عبد الفتاح السيسي للرئاسة، متوقعة أن ينتهي بفوزه عملية سيطرة الجيش برعاية الديمقراطية على الدولة.
فجوة مكرم
وتناول محلل الشؤون العربية بالصحيفة "تسفي برئيل" مقالاً كتبه الصحفي "المخضرم" مكرم محمد أحمد بصحيفة الأهرام تحت عنوان "حتي لا يصبح حبرًا على ورق‏!"‏ امتدح فيه الدستور الجديد وقال إنه يشفق "على الحكومة التي تعاني عجزًا فادحًا في الموارد من سخاء الحقوق التي يقدمها الدستور، لأن تدبير الأموال اللازمة لهذه الحقوق يفوق كثيرا قدرة الخزانة المصرية".
وعلق على ما كتبه نقيب الصحفيين الأسبق بالقول: "الفجوة بين الدستور والواقع لا تنتهي بالقدرة المالية على تحقيق الرؤية وتمويل الالتزامات التي يتضمنها الدستور، بل هي موجودة في الحل الوسط بين أهداف الثورة المصرية وبين ما يمليه الجيش لإنهاء الصياغة في فترة زمنية محددة من اجل الانتقال لمرحلة الانتخابات".
قانون فوق الدستور
واعتبر "برئيل" أن الدستور الجديد يقدم بالفعل حقوق أكبر للأقليات الدينية، ويحظر التعذيب ويضمن حرية التعبير واستقلالية الصحافة وكذلك البند الخاص بتحديد مصر كدولة دينية والذي ظل كما كان في عهد نظام مبارك والسادات لكنه أوضح أن الكثير من تلك البنود الليبرالية ترتهن فيها الحقوق بالشكل الذي سيحدده القانون.
وضرب الصحفي الإسرائيلي المثال بالبنود الخاصة باعتقال المواطنين، فشروط الحبس الاحتياطي سيتم تحديدها وفقا للقانون، وإمكانية إطلاع الدولة على الرسائل البريدية العادية أو الإلكترونية سيتم تنظيمها من خلال القانون، كما أن حظر إيقاف وسائل الإعلام ( كقطع الإنترنت) سيتم العمل بها وفقًا لما يحدده القانون.
وعلق على ذلك بالقول: "كان القانون دائمًا ملاذًا آمنا من تنفيذ الحقوق التي حصل عليها المواطنون في الدستور، ودائما ما منح النظام مساحة مناورة واسعة كي يعمل وفقا لما يشاء دون أن يكترث بانتهاكه لمبادئ الدستور".
وتابع "برئيل": "يحتوي الدستور المصري على بنود جديدة مهمة مثل حماية حقوق الطفل، والدعوة لتنفيذ المعاهدات التي وقعت عليها مصر في مجال حقوق الإنسان، وكذلك حقوق الأقليات الدينية التي وصفت ب"المطلقة". ولكن في هذا البند يقضي الدستور بأن تنفيذ هذه الحقوق، مثل بناء دار عبادة، يتم تنظيمه بالقانون، والقانون أثبت أنه لا يميل للموافقة على إقامة كنائس أو معابد جديدة".
وأضاف: "هناك أمران لامسا آمال حركات الاحتجاج، إلغاء محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية، والمطلب الخاص بمنع حبس الصحفيين على خلفية التعبير عن الرأي، لن يتحققا بالكامل. حيث يحدد الدستور بشكل عام أن يحاكم المواطنون أمام محاكم مدنية، ولكن في حالات معينة كالإضرار بمنشآت عسكرية أو عسكريين أو مدنيين يعملون بالجيش، فمن الممكن محاكمتهم عسكريا.كذلك على سبيل المثال إذا ما مس مواطن عامل قي متجر أو محطة وقود تابعة للجيش فإنه سيحاكم عسكريًا".
كذلك يرى المحلل الإسرائيلي أن الدستور يحدد إمكانية اعتقال وحبس الصحفي ( بعد محاكمة) في حال أضر بأمن الدولة أو باقتصادها، ولكن ليس بسبب تعبيره عن الرأي، مضيفا أن تفسير ماهية الأضرار بأمن الدولة أو باقتصادها يتم تحديده بالطبع على يد النائب العام.
إملاءات ثلاث
وزاد "برئيل" : "صياغة الدستور من قبل مجموعة قوامها 50 من القانونيين والمفكرين وممثلي الحركات السلفية والشخصيات العامة برئاسة عمر موسى، يترك الانطباع بأن الدستور تمت كتابته تحت ثلاثة إملاءات: استبعاد الإخوان المسلمين من الساحة السياسية، والحفاظ على الوضع الفوقي للجيش، والحاجة لدفع الانتخابات بسرعة للوصول إلى استقرار سياسي".
وقال إنه في مقابل عملية صياغة الدستور في عهد محمد مرسي والتي حاز كل حرف أو فاصلة فيها على تغطية إعلامية واسعة، ونقاشات لاذعة وحتى توجه للمحكمة، فإن الدستور هذه المرة جاء إقصائيًا إلى حد كبير حيث لم يشارك الإخوان بالمرة في لجنة الصياغة ورفضوا النسخة التي تم إقرارها، كذلك فقد اعرب السلفيون الذين شاركوا باللجنة عن تحفظهم واعتراضهم، ووجدوا أنفسهم عند التصويت على كل بند أقلية منبوذة دفعتهم أحيانًا للتفكير في الانسحاب من اللجنة، وفقًا لتعبير الإسرائيلي "تسفى برئيل".
جيش فوق الجميع
وواصل صحفي "هآرتس" استعراضه لوجهة نظره في الدستور المصري الجديد بالقول: "إذا ما كانت حقوق المواطن مرهونة بالتفسير، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لوضع الجيش ومن يقف على هرمه. لن تخضع ميزانية الجيش لرقابة البرلمان وسيتم تحديدها وفقًا لحاجته التي تتحدد طبقًا لما تراه قيادة الجيش".
وأردف: "هذا ما كان في عهد مبارك وما سيكون في عهد (الرئيس) القادم. تعيين وزير الدفاع أيضًا تم سلبه من صلاحيات رئيس الحكومة ولن يستلزم تصديق البرلمان. حيث سيتم تعيين وزير الدفاع من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذ من الممكن أن يتولى منصبه لفترتين متتاليتين منذ موعد التصديق على الدستور".
غموض مقصود
وأرجع "برئيل" بقاء مسألة النظام الانتخابي غامضة في الدستور، حيث لم يتضح إذا ما كانت انتخابات البرلمان سوف تسبق انتخابات الرئاسة، أو "كما يريد السيسي، تسبق الانتخابات الرئاسية انتخابات البرلمان" إلى تمهيد الطريق أمام وزير الدفاع المصري للرئاسة.
وقال: "إذا ماكانت الانتخابات الأولى بعد التصديق على القانون للرئاسة وخاضها السيسي وفاز، فمن المتوقع أن تنشأ حالة يقف فيها جنرال على رأس الدولة وإلى جانبه وزير دفاع يتم تعيينه من قبله، وبذلك تكتمل، بعملية ديمقراطية، سيطرة الجيش على الدولة، والعرف الذي كان متبعًا في عهد عبد الناصر، والذي يقضي بتولي رجال جيش سابقين الرئاسة، سوف يعود للانتعاش".
نهاية الحلقة
واعتبر أن انتخاب السيسي سوف يمنحه قوة كبيرة أيضًا في تشكيل منظومة الانتخابات البرلمانية، والتي لن يشارك فيها الإخوان المسلمين على أي حال، على الأقل كحزب مبلور، ذلك لأن الدستور الجديد يحظر تنافس أحزاب قائمة على أساس ديني، مضيفًا "بذلك سوف تنتهي أيضًا الحلقة القصيرة التي كان فيها الإخوان المسلمين للمرة الأولى في تاريخهم حزب سياسي معروف وتنظيم وصل للحكم".
منتج عسكري
واختتم بالقول: "بقي الآن انتظار الاستفتاء الشعبي الذي سيتم تنظيمه خلال الأسابيع القادمة للتصديق على الدستور ولرؤية نسبة المشاركين به. في الاستفتاء السابق على الدستور الذي صيغ في عهد مرسي، شارك فقط 33% من أصحاب حق التصويت. نسبة التصويت المنخفضة أوجدت سببًا هامًا للاعتراض عليه. شرعية الدستور الجديد ستكون على محك شعبي صعب، ليس فقط لأن الإخوان المسلمين ومؤيديهم سيمتنعون عن التصويت أو سيعارضونه؛ بل أيضًا لأنه بالنسبة لنشطاء ليبراليين كثيرين يبقى الدستور الجديد نتاج عسكري لا يحقق أحلام الثورة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.