تقول مصر بكل من فيها حذار حذار من ناري وغضبي .. انه الغضب .. النار تلتهم الهشيم .. كما قالها جيفارا في رسالة لكاسترو .. ان نار الغضب يجتاح اليوم كل أمريكا اللاتينية .. ومن قبل إنها مسيرة الأنبياء .. التي علمت ودربت الذهن البشري على ألا يركع إلا لله ..فلقد كان العبيد والجواري يركعون لأسيادهم قبل مجيء الأنبياء ..فيقوم الأنبياء بالمعالجة العظمى للذهن البشري . وقلب الأوضاع رأسا على عقب ويتساوى بلال مع مقاما مع ابو لهب القرشي.. ولا فضل لعربي على اعجمي ولا لأسود على ابيض إلا بالتقوى .. ولا مجال لاستعباد الإنسان .. قام الانبياء من خلال لا اله الا الله ..في كسر هذا الحصار عن الذهن البشر وفك القيود عن العقول .. لتتشرب البشرية بالثورة و لتستمع بالحرية ..مسكونة بحس التمرد على الأصنام و الطغيان .. وتزداد حبا وتعظيما لإلهها العظيم .. بأنه عتقهم واي عتق .. من عبادة أصنام البشر والحجر .. ولم يختلف مرئيات الثوار عبر التاريخ عن هذا التصور .. انه لا ركوع .. وحذفوا الشطر الأهم من المعادلة وليتكيء جيفارا على عدم الركوع .فقط .قائلا من الأفضل أن تموت واقفا وألا تعيش ركعا على ركبتيك .. I prefer to die standing, rather than live on my knees. .. ولكن كانت الروعة في التصور الإسلامي .. أنها كم تكون تلك النشوة والروعة في الوجود أن يقول الله لك .. يا عبدي .كما قال الإمام علي .. كفي بي فخرا أن تكون لي ربا وكفى بي عزا أن أكون لك عبدا .. ذلك الخط الأهم الفاصل بيننا وبين تصورات الثورة في الإسلام .. والثورة في المذاهب الأخرى . والاعتماد على الله وتغيير القاعدة الاجتماعية . (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الرعد : 11 ) وكان لنا ان نتذكر محمود الزبيري الثائر .. حينما قال .. ( ان مهمتنا ان نمنع حتى الملائكة من مساعدة هذا الشعب لأن العار سيلحق به والى الأبد مالم يقم بنفسه بغسل العار .. ) ان روعة . الوجود ان تركع لله من جهة وتشمخ بوجهك في وجه الطغاة من جهة أخرى.. وهيهات أن تعطيهم صفقة السجود ..لأن السجود للطغيان إخلال بشروط التوحيد حتى وان كانت قبلة اليد التي قالوا عنها السجدة الصغرى ..عندما يكون الاستبداد أشد سوءا .. يكون هناك ثمة رد فعل مناهض أشد نبلا. حينما يصل الاستبداد بالشعوب ان يعتبروا الانتحار هو الخلاص . كما قال المتنبي : كفى بك داء ان ترى الموت شافيا ***وحسب المنايا أن يكن أمانيا .. يكون هناك رد فعل بتدبير السماء.. ببعث الحياة في موات الشعوب وأذهان الجموع.. ويحولون كائنات الجماد و السكون الى كائنات ملؤها.. الغضب والحياة الروح .. و نزق الثوار ..ونبل الثوار.. وعنف الثوار ..كما هو قانون نيوتن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه .. Newton's third law states that every action has an equal but opposite reaction هكذا عندما يكون الاستبداد أشد ولوغا في الدماء .. وانزلاقا في الوحل .. يكون هناك الثوار أشد نبلا. وارتفاعا عن حمأة الأرض والطين .. كان هناك مقوله[لاوسكار ليفانت : ان ثمة خط رائع بين الجنون والعبقرية ، قد محوته ].. وما بين الحياة والموت الخط الفاصل ألا وهو صناعة الثورة . أنها ما كانت بالأمس .. حينما رأى لويس السادس عشر الجموع حول قصره . فقالوا له انها ليست انتفاضة عابرة .. انها الثورة . كانت الصرخات تقول الخبز le pain le pain..فردت ماري انطوانيت لم لا يأكلون جاتوه .. وهذه المفارقة التي لا يعرفها الاستبداد انها يعيش في واد والشعب في واد آخر .. القصر يعيش الترف .. والشعب يتسول .. انها تساؤل ماري ولويس للشعب المطحون .. الذي لا يجد الخبز . يقول لويس عوض: لم يكن التاريخ كريماً مع الملك لويس السادس عشر, ولعل ذلك سببه أن التاريخ نادراً ماكان كريماً مع الفاشلين . فقد وصفه التاريخ بالتفاهة ونقص الذكاء وقلة الفاعلية . ويدل على ذلك أنه يوم أن أقتحم الثوريين الباستيل كتب في مذكراته "لم يحدث شىء"أُعدم بالمقصلة بعد أن أقتيد لها وهو في كامل أبهته كملك وزوجته ماري انطوانيت وبكل مظاهر الاحترام أركبوه عربته المذهبة وداروا به في باريس( بين شعبه الذي لم يحسن التعامل معه ).عُرف عنه عناده الشديد الذي تجلى في يوم الباستيل , وظهر في احتقاره للطبقة الثالثة يوم ميثاق ملعب التنس. كذلك رفضه للتصديق على الدستور المدني للكنيسه والقوانين الصادره . ومصادرة أملاك النبلاء الهاربين , ونفي رجال الدين الرافضين لأداء يمين الولاء لدستور الكنيسة المدني الذي يجعل من الكنائس تابعة للدولة لا إلى روما . قالت لقد أزرى بك الدهر بعدنا فقلت**** معاذ الله بل أنت لا الدهر .. انه الخط الفاصل بين جنون السلطة وعبقرية الثوار .. هذا أشد سوءا وذاك من جهة أخرى أشد نبلا.. يقوم الثوار بمحو الخط الفاصل .. There's a fine line between genius and insanity. I have erased this line. إنها مهمة الانبياء والثوار عبر التاريخ .. الخط الفاصل عادة ما يتمثل في اشد اللحظات سوادا قبل سطوع الفجر .. عند الخط الأبيض من الخط الأسود من الفجر..كما قال المصطفى عند هذا الخط الفاصل يأتي آذان الفجر الرائع بكلمة الله أكبر،لتهيمن كلمة الله أكبر على الوجود في لحظة انزواء الظلام.. وسطوع الفجر الباهر .. في تلك اللحظة الفاصلة في حيثيات الوجود والخط الفاصل ما بين اليأس والأمل والدمعة والضحكة والموت والحياة ..كان لابد أن تربط بها ألله أكبر ..لذلك قال السياب أسطع من أذان فجر .. أهو أذان فجر أم تكبيرة ثوار .!! عندما تقف على شاطيء الشاطبي في الإسكندرية .. وفي لحظة الغروب الغارق في الاحمرار تنظر على الأفق البعيد على امتداد البحر والخط الفاصل بين السماء والأرض .. وانسلاخ النهار وقدوم الليل .. لابد أن يكون الموعد مع [ الله أكبر] حتى وان لم تسمعها من أذان المغرب .. فهي تخرج من قاع الذاكرة .. ومضغة القلب .. فقط روعة المشهد .. تقول الله أكبر في هذا الابداع .. كنداء من طيات الضمير وداخل الذات ..انه الله الذي أحسن كل شيء خلقه . (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) (السجدة : 7 ) في مسيرة الحياة لابد .. ان ندرك أن الليل لا يبقى سرمدا الى يوم القيامة ولا النهار سرمدا .. (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ) (النور : 44 ) وقال تعالى ..(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ) (آل عمران : 190 ) ..في هذا الخط الفاصل ما بين الأشد بؤسا والأشد بهجة .. والأشد موتا والأشد حياة .. تكون كلمة[ الله اكبر] .. كأذان أو تكبير ثوار .. وروعة الهتاف بكلمة الله اكبر من هنا كان دور الأنبياء والثوار ..أن من حمل القرآن بين جنبيه قد حمل كل مقومات الثورة من المنظور الاسلامي .. حينما كان سياق قوم نوح أظلم وأطغى (وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى) (النجم : 52 ).. كان مجي نوح الاشد نبلا . ذلك النبي ونعبير القرآن( انه كان عبدا شكورا) .. والمصطلح القرآني (عبدنا ) ياله من تصوير رائع .. ان يقول الله [ عبدنا ].. الذي حمل الراية ضد الأظلم والأطغى من الاقوام .. أي بالاختصار المعاصر [ ضد الظلم والطغيان ].. أو موسى عليه السلام هذا النبي الكريم .... الذي ذهب الى فرعون المفسد .. العالي في الارض .. (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص : 4 ) كان دور موسى .. الذي ذهب الى فرعون رمز الطغيان .. (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) (طه : 24 ) هو أن يمحو مسيرة الاجرام ..وكان تدبير السماء الرائع والاستدراج الرهيب لفرعون من حيث لا يعلم .. وثمة تساؤل من كان يدرك ان هذا الطفل الصغير الذي يحبو بين غرف قصر فرعون .. سيزيل هذا العرش وسيهوي بهذا الملك من القواعد ؟!!.. من كان يعلم ان هذا الطفل الرضيع .. كان تحت دائرة ضوء السماء .. (ولتصنع على عيني ) (أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي [وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي]) (طه : 39 ) من كان يدرك . هذه العناية والقدرة والفائقة التي تحتاج إلى التمعن واستلهام معاني الأمان والخوف ..في معايير السماء ..وكيف كان موسى بالرغم من انه تربى في ذلك القصر الا انه لم يتشرب من سلوكيات وأخلاق فرعون .. بل رضع المجد والثورة من آل عمران .. (إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) (آل عمران : 33 ) وانحسرت رضاعة الثورة من صدر أم موسى .. كان موسى على خط النقيض والمعاكس فهذا النبي الكريم يحمل نبل وسمو وعدل رسالة السماء وذاك يحمل ظلم رسالة القتل والاجرام ..نعم لم يتشرب موسى من آل فرعون ..بالرغم من سكناه للقصر وكان بمثابة العدو والحزن . يقول الأستاذ فهمي هويدي ..عن مأساة الخبز في القاهرة: مثل هذه الشواهد لا حصر لها، وكلها تقول بصوت مدو يخرق الآذان ان غول الغلاء قد توحش واصبح ينهش اجساد الفقراء النحيلة، على نحو بات يضغط عليهم بشدة بصورة اذلتهم وكادت تقصم ظهورهم. وهؤلاء الفقراء اصبحوا يشكلون الكتلة الكبرى والاغلبية الساحقة فى المجتمع، الذى بات مقسما بين اثرياء- بعضهم لا حدود لثرائهم- وفقراء لا نهاية لاحزانهم وفقرهم. وهى صورة لا تدع مجالا للشك ان مصر تمر الان بلحظة حرجة للغاية، لا تصلح معها المسكنات والمهدئات، وتتحول معها التصريحات المتفائلة الى مصدر للاستفزاز والسخط، ودليل يعزز من ازمة الثقة ويعمق فى الشرخ الموجود فى المجتمع.... قالوا ان الإبداع هو حالة توقف مفاجيء للغباء .. . Edwin Land: Creativity is the sudden cessation of stupidity... وفي هذا التصور .. الذي اشارت إليه كفى الزغبي الرواية الأردنية ..في العدد الأخير من القدس العربي . كنا نجلس في مقهي مع صديقنا الروسي عازف الكمان نتحدث عن الموسيقي الكلاسيكية، وكان صديقنا يتحدث عن أهم السمات التي تميزها أي الموسيقي عن باقي الفنون: التطور! التطور المفاجئ! قال باختصار، ثم ولكي يوضح الفكرة أكثر استطرد وهو ينهض ويمسك طرف الطاولة بيديه قائلا: كأن أقلب الطاولة الآن وأهجم عليكم بهذه السكين . فقلنا له ونحن نضحك: نتوسل إليك... دع الأمر يمضي بلا سكاكين! . لكنني فهمت قصده: فبينما نجلس في مكان هادئ نتحدث بروية وبروح ودية للغاية، ينهض هو فجأة ويقلب الطاولة ويهجم علينا بالسكين.... وتحول المشهد في مخيلتي إلي موسيقي: تنساب بهدوء فأكاد أغفو علي أنغام الكمان وهو يغرق في الشجن، لكن الطبل ما يلبث أن يقرع وآلات النفخ تهدر ويموج البحر وتهيج عاصفة كأنما كانت محبوسة في قلب اللحظة وانفجرت فجأة. انه الانفجار المفاجيء للثورة حيث تتميز الثورة بفجائية الانفجار .. لدى الشعوب .. إذ أن الشعوب .. في العادة تبلغ أحيانا الذروة .. فتخرح حمم البركان .. الذي يتلظى بها الطغيان . انه الانفجار الذي ينفجر بلا سابق إنذار .. وان كان هناك كثير من النذر الاولى .. .كان لنا ان نتمعن تدبير لسماء البالغ الإحكام . وبعيدا عن الرصد الذهني لفرعون واستيعابية مخ فرعون .. حينما تتدخل السماء بعنايتها وتدبيرها المحكم .. فكان السياق الطبيعي انه يوما بعد يوم يضع فرعون رأسه داخل حيل المشنقة .. كيف يدرك فرعون ان هذا الطفل الرضيع والمخلوق الضعيف الذي لا حول له ولا قوة سيدخل يوما في إطار المواجهة .. وجها لوجه .. ويهوي بالعرش .. فسبحانه من اله عظيم فائق التدبير .. دوما الطغيان يغفل عن تدبير السماء .. لأنه مصاب بضمور في البنية العقلية . وبالرغم من انه ذكي ويعرف كيف يكيد ويخطط .. ويتكيء على اجهزة مخابرات تستجوب احلام الرضيع .. وباستيل يمزق الاجساد .. ولكن السماء اشد مكرا .. ( قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ) (يونس : 21 ) وقال تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (النمل : 50 ) الطغيان يظن انه في مأمن عن مكر الله ..ولم يدرك ان هناك تدبير لسحب البساط من تحت إقدام فرعون ..ان الله تعالى في الارض إله كما هو في السماء إله وان إله العالمين . (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (الزخرف : 84 ) لم يدرك انه ُملك الله يؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء .. فهو مالك الملك ., يعز من يشاء ويذل من يشاء .. وبيده الخير(قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران : 26 )..وانه ناصر المستضعفين وقاصم الجبارين .. (وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص : 5 )..وانه لا مجال للحذر .. (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص : 6 ) كيف يترك إله الأرض والسماء للاجرام الحبل على الغارب .. ويعربد في الأرض بدون تحجيم حاشى لله ان يكون غافلا عمل يعمل الظالمون .. (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) (إبراهيم : 42 ) لقد اقتضت حكمة الله ان يتربى موسى في داخل قصر فرعون ، كي يعرف كيف يتعامل مع عدو اله عن كثب .ويفهم نقاط ضعفه اذ تقتضي الضرورة في المواجهات ان ترصد إمكانيات الخصم خاصة كم كان غريب ان يكون الملاذ والنجاة من الذبح ونجاة الشعب من داخل قصر فرعون .. أن كان بهذا النوع من الاجرام .. ان درس موسى وفرعون يعطيك كيف تتدخل القدرة الإلهية بشكل مرتب مباشر في صف الضعفاء والمذبوحين والمظلومين .. انه تخطيط السماء البالغ في الاعجاز والقدرة والتدبير .(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة : 164 ) ..غريبة مسالك الطغيان في واقع السياسة والعبادة والاقتصاد . فلئن كانت مشكلة الخبز نوع من إفرازات الفساد إلا ان هناك إفرازات اشد سوا .. كانت على الواقع الفكري والثقافي والعقدي . فهذا الإنسان بشكل عام ( من صنع الله ) ولا يصلح مع الاله العظيم الا التأدب والسجود فهو رب الأرض والسماء الذي خضعت له الجباه ورغمت له الأنوف . إلهنا الذي مهما أدينا من عبادات لن نوفي يوما ما تكرم به كيف وأن كل ما بنا من نعم منه تعالى ..وبالطبع كانت أساليب التنكر والجحود والكفر او البيضة والحجر .و الصفاقة وقلة الأدب سلوكا متداول وافراز للفساد الفكري كجزء من منظومة الفساد ..من هنا نحن ملتزمون كعباد الله وأنصار الله وكجنود الله ألا ننزل الله تعالى من مقامه الرفيع في المعركة مع أعداء الله من هؤلاء الأوباش دون ذلك دماؤنا ونحورنا .. لا بأس إذن ان يقدم أولئك للمحاكمة ..فإن كان حق الشعوب في الخبز قد خرجت من أجله الحمم .. فحق الله من أجله تعصف البراكين .. ولا تنازل .. فلم خاص الأنبياء التجربة حتى وان كانت إلقاء في النار أو الذبح أو القتل.. انه( حب الله ) (وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ) (البقرة : 165 ) ومد اليد الى البشرية رحمة وحنانا عليها .. وما زالت الحرب لم تضع أوزارها ما بين عبيد البطون وعباد الله .. أجل لابد من القصاص لكلمة الله اكبر .. وإله عظيم له الكبرياء في الارض ..كما له الكبرياء في السماء .. (وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الجاثية : 37 ) لا مناص من القصاص لإله رغمت له أنوفنا وذلت له جوارحنا وسجدت له رؤوسنا.. وإلا كان كل أولئك ممن يعملون للمذاهب الأرضية أشرف منا من ناحية التطبيق .. فلتعدمنا أمهاتنا إن لم نثر ونثأر لله تعالى .. أجل انها حمم براكين الغضب على سيمفونية الفساد ..