التقيته أول مرة منذ خمسة عشر عاما فى جامعة المنيا فى مؤتمر "أعلام الصعيد"، الذى عقد فى كلية دار العلوم (الدراسات العربية فى ذلك الوقت) وكانت دورة رائد النهضة الحديثة جده رفاعة الطهطاوي ..جاء ممثلا للأسرة، وكان فى حضور كوكبة من العلام من الشرق والغرب، من المستشرقين والمستعربين وكل المفكرين الإسلاميين، جاء دور السفير محمد فتحى رفاعة الطهطاوي ، القائم بأعمال سفارة مصر فى طهران فى ذلك الوقت، فقال كلمة رائعة البيان قالها من الذاكرة لم يلحن فى كلمة واحدة ، وكان يظهر عليه سمت الصالحين ، فجذب كل القلوب بكلمته العذبة، التى جذبت شجوننا فتعجبت من هذا الأمر ولم أتعود من سفير هذا الكلام الذى يعتز العروبة والإسلام، فكل السفراء فى بلادنا يلوون لسانهم ويحشون كلامهم بكل اللغات ، أى كلام خليط من كل اللغات فرنسي على إغريقي على انجليزي على إيطالي ويذكرنا أحاديثهم بالسيدة التى وقفت تخطب فى فيلم ("القاهرة30" بتاع محجوب عبد الدايم)، هؤلاء الذين ينتهجون سياسة دبلوماسية الملوخية، وليس لهم أدنى مسئولية تجاه المغتربين المصريين فى كل الدول، هؤلاء المغتربين المصريين لم يشعروا بالاهتمام إلا فى ظل ولاية الدكتور محمد مرسى الرئيس الشرعى للبلاد، الذى كان يلتقى بهم فى جولة خارجية له، لم يتهرب منهم ويفتح لهم قلبه، لذا أحبوا مصر وأحسوا بالانتماء الحقيقى لمصر على إثر ذلك حولوا أموالهم إلى مصر لأن هناك إدارة وطنية شريفة.. لم يتهم أى مسئول فيها فى قضية أخلاقية أو مالية مثل لصوص مبارك، الذين جردوا مصر من كل شىء ، وجاء عساكره فهدموا منجزات ثورة قامت على قائدهم الذين كانوا يدينون له بالولاء التام وكان يحتفون به فى كل مناسبة ويقيمون له الحفلات الأسطورية التى كانت تتجاوز مئات الملايين، على حساب ميزانية القوات المسلحة التى لا يعرف المصريون عنها أى شىء ..فهى من أدق الأسرار... ظهرت المواقف الشجاعة لهذا السفير خلال ثورة يناير 2011، وكان يعمل وقتها مستشار شيخ الأزهر أحمد الطيب عضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى، والذي قدم استقالته بعد أن استأذن ولى أمره حسنى مبارك، وقد وقف الطيب موقفا سلبيا من هذه الثورة، وحرم الخروج على الحاكم وهو الذى صرح بأن العلاقة بين الحزب الوطنى والأزهر كالعلاقة بين الليل والنهار ..الكل يدعم الأخر ويخدمه، قدم حفيد رفاعة الطهطاوي استقالته من مشيخة الأزهر وذهب إلى ميدان التحرير ليرابط مع خيرة شعب مصر الذين خلعوا أكبر ديكتاتور فى الشرق الأوسط ..خلعوا كنز إسرائيل الاستراتيجي، وظل يناصر الثورة فى خطواتها ..صحيح أن عسكر مبارك نزعوا كل مزية من ثورة يناير وأتوا برجل مبارك داهية السياسة كمال الجنزورى، ليقضى على الثورة ويدفع بالفلول من جديد ليظهروا على الساحة ...ذلل لهم العقبات فى الانتخابات البرلمانية ولكن الشعب خذلهم، فكاد للمجلس لدى المحكمة الدستورية العليا، التى اختار رجالاتها الرئيس المخلوع مبارك، والعجيب أن يتم تهديد رئيس هذا المجلس ويقول له ورقة حل المجلس فى درج رئيس المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذى كذبه الجنزورى كسبا للوقت، حتى كانت الضربة القاضية للمجلس قبيل صعود الرئيس مرسى للرئاسة، حتى يظل وحده يحارب الفلول الذين أخرجهم الجنزورى من الجحور وأنشأوا بالأموال المسروقة قنوات ظلت تهدم فى مؤسسات الدولة حتى قضوا على ثورة يناير تماما....
وقد اختاره الرئيس مرسى رئيس لديوان رئاسة الجمهورية، فى يوم انتهاء دولة البيادة الأولى يوم 12/8/2012 التى انتهت بعزل المشير طنطاوي والفريق سامى عنان بعد أن عربدت على أرض النيل قرابة الستين عاما، لنزاهته بعد أن رأوا فساد زكريا عزمى ومن على شاكلته، ولم يثبت الانقلابيون أى شبهة مالية أو أخلاقية على هذا الرجل الذى تولى منصبه فى ظروف سيئة للغاية، كانت الاحتجاجات والمظاهرات المدبرة التى تنفق عليها فلول الحزب الوطنى المجرم وجبهة الخراب المتآمرة، ورجال الأعمال الطائفيين المرجفين الذين يسعون وراء خيالات يستحيل حدوثها فى واقع التاريخ، لأنه يستحيل أن ترتد مصر إلى ما قبل عام 18ه /641م، لأنها رمانة الميزان للإسلام فى العالم ،فإذا سقطت مثل الأندلس والحبشة فلا إسلام بعد هذا الأمر.."هلاوس" وأضغاث أحلام وأمراض نفسية تسيطر على غلاتهم لم تكن حديث اليوم وإنما ينتهجها هم منذ مئات السنين وترتد إلى نحورهم وسيموتون بغيظهم كما مات أجدادهم منذ مئات السنين وسيتعرض أحفادهم لنفس الصنيع.
وبعد الحشد الطائفى، الفلولى، الشرطى، المخابراتى، بالإضافة على المغيبين ممن خدعتهم لميس وأخواتها وإعلام المسيخ الدجال الممول من غسيل الأموال من رجال مبارك اللصوص وهو الذى يسمونه ثورة 30يونيو الذى سلمت مصر فى أحضان العسكر ارتدت مصر على الوراء مئات السنين، وصارت خرابة ينقع فى دروبها الغربان والبوم، يغرق من يتحكمون فى مصيرها فى شبر من المياه، وتم اختطاف الرئيس المنتخب فى مكان غير معلوم لمدة أربعة شهور ..ظهر بعد ذلك فى محاكمة هزلية كشفت واقعهم السقيم، لم يترك السفير الرئيس محمد مرسى وفضل المكوث معه فى الأسر حتى يقصم الله ظهر هذا الانقلاب ...طبعا لفق له الانقلابيون العديد من القضايا الهزلية التى سينتصر فيها هذا الرجل الشريف بعد أن تتحرر مصر من الاحتلال العسكرى البغيض الذى وضع مصر فى سجن كبير ...