لكى تعرف مدى ما وصلت إليه الدبلوماسية المصرية فى عهد مبارك خصوصا خلال سنواته الأخيرة من انهيار وتبلّد وضعف وهذيان عليك متابعة السفير محمد رفاعة الطهطاوى فى ما يقوله ويخرج عنه هذه الأيام، وهو السفير الذى كان يشيد به البعض باعتباره حفيد رفاعة الطهطاوى. ولكى تعرف مدى الفشل العظيم الذى وصلت إليه حالة الرئاسة المصرية عليك أيضا متابعة السفير محمد رفاعة، فهو كبير موظفى محمد مرسى ورئيس ديوانه الذى يظهر بليل الآن فى القنوات التليفزيونية بعد اختفاء طويل ليدلى بتصريحات عن تراجع الرئاسة ومحمد مرسى عن قرارات أصدرها.
وتتسم تلك التصريحات باللف والدوران كما جرى فى قرارات زيادة الأسعار التى صدرت من خلال سلطة مرسى التشريعية «المغتصبة» بقرار بقانون وبتاريخ قديم. وتقف القرارات بكلام شفهى من رئيس الديوان أو ببيان ضعيف تافه يصدر عن المتحدث باسم الرئاسة، فى حين لم يصدر أى قرار بقانون يوقف ذلك القرار.. إنهم يضحكون على الناس.. ويستغفلوهم.
ويسير السفير محمد رفاعة الطهطاوى على نهج رئيسه والجماعة التى ينتمى إليها محمد مرسى فى اتهاماتها للثوار والمتظاهرين السلميين الذين ذهبوا إلى قصر الاتحادية للاحتجاج يوم الثلاثاء الماضى «4 ديسمبر» على إعلان مرسى الديكتاتورى والذى يجعله فرعونا جديدًا -رغم أن الرجل ليس له فى الطور أو الطحين، وإنما هو مندوب جاعة الإخوان ومكتب إرشادها فى قصر الرئاسة- ودستوره المشبوه الذى يؤصل لدولة طائفية فاشية.. ولعل ما يحدث من أتباع الجماعة الذين تم استدعاؤهم بالأمر للخروج ومحاصرة المحكمة الدستورية لوقف نظر قضايا تتعلق بقرارات فاسدة أصدرها مرسى وتتعلق بمستقبل الأمة، والبناء على أصول قانونية دستورية لا على مصالح شخصية لجماعة الإخوان وحلفائهم وخروجا على مبادئ ثورة 25 يناير التى دعت إلى إسقاط مبارك من أجل بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة قائمة على القانون والعدل والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إلا أنهم يريدونها دولة دينية فاشية. فيروّج حفيد رفاعة كبير موظفى مرسى للأكاذيب التى أطلقها الإخوان من قبيل أن المحتجين الذين ذهبوا إلى قصر الاتحادية كانوا ينوون احتلال القصر الرئاسى وإعلان مجلس رئاسى مدنى.. ومن ثم جاء أنصار الرئيس إلى الرئاسة فى اليوم التالى «الأربعاء الأسود 6 ديسمبر» بتعليمات من جماعة الإخوان لحماية رئيسهم والقصر وضرب المعتدين الذين يريدون إعلان مجلس رئاسى جديد.
ومن ثم قاموا بالاعتداء على المتظاهرين المعارضين للرئيس وأقاموا غرف تعذيب لهم للحصول على اعترافات بأن وراءهم شخصيات معارضة وفلولا ومعادين للثورة «تخيل الآن أن الإخوان أصبحوا هم الثوار».. وذلك لكى يخرج محمد مرسى ويقول إن هناك مؤامرة عليه من أطراف كثيرة داخلية وخارجية، وإن شباب الإخوان الذين قبضوا على معارضيه هم الذين أُصيبوا واستشهدوا أمام القصر الرئاسى، وهو نفس الكلام الذى قاله بعد ذلك خيرت الشاطر الذى قدم محمد مرسى لانتخابات الرئاسة، وهو الذى يدير الموقف بشكل عام داخل الجماعة وخارجها وذلك قبل إجراء أى تحقيقات، والذى اتضح فى ما بعد كذب وتضليل الإخوان فى ادعاءاتهم عن المصابين والشهداء.
ومع هذا يكرر محمد رفاعة الطهطاوى نفس الكلام ويتهم المتظاهرين السلميين الذين كانوا يوم الثلاثاء والذين سماهم الطرف الآخر أو الآخرين بالاعتداء على أنصار الرئيس رغم أن هناك توثيقا عرضته جميع الشاشات والفضائيات توضح قيام ميليشيات الإخوان التى حضرت إلى القصر الرئاسى يوم الأربعاء بفض الاعتصام السلمى بالقوة وفض المخيمات القليلة.
ألم يرَ محمد رفاعة الطهطاوى الشاب الذى هتف «ومعاهم كمان جبنة نستو»؟!
وألم يرَ محمد رفاعة الطهطاوى الشباب الذين تم تعذيبهم على يد ميليشيات الإخوان؟
ألم يرَ محمد رفاعة الطهطاوى تعذيب زميله الدبلوماسى يحيى نجم؟
يا خسارة على حفيد رفاعة الطهطاوى!
وبالمناسبة.. هل يحصل محمد رفاعة الطهطاوى على نفس المميزات التى كان يحصل عليها زكريا عزمى أيام مبارك خصوصا أن قانون رئيس الديوان الذى عدّله مبارك يجعل صاحب هذا المنصب تابعا للرئيس.. فهو الذى يجدد له بعد أن يصبح على المعاش «والسفير محمد رفاعة على المعاش الآن» وكذلك مرتبه ومكافآته؟!