أسعار الخضروات والأسماك والدواجن اليوم 8 يونيو بسوق العبور للجملة    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    بالأسماء| مصرع وإصابة 10 أشخاص في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    استشهاد 5 مدنيين بينهم طفلتان في قصف على خيام النازحين غرب خان يونس    وزير الدفاع الأمريكي يهدد بقمع احتجاجات الهجرة في لوس أنجلوس    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الأحد 8 يونيو 2025    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    ترامب يهدد بتدخل فيدرالي في كاليفورنيا ولوس أنجلوس لوقف الشغب والنهب    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    إصابة المرشح الرئاسي الكولومبي ميغيل أوريبي بطلق ناري في العاصمة بوجوتا    مواجهات بين الشرطة ومعارضين للمداهمات ضد المهاجرين في لوس أنجلوس    الشناوي: مباراة باتشوكا إعداد مثالي لمواجهة إنتر ميامي ووجود صورنا مع ميسي فخر لكل الأهلاوية    ألمانيا وفرنسا يتنافسان على برونزية دوري الأمم الأوروبية 2025    أسعار الذهب في بداية ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    إنذار جوى بشأن حالة الطقس: استعدوا «بؤونة» أبو الحرارة الملعونة    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    موعد مباراة البرتغال ضد إسبانيا والقنوات الناقلة في نهائي دوري الأمم الأوروبية    مقتل شاب على يد آخرين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    الدولار ب49.59 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الأحد 8-6-2025    مقتل امرأة برصاص الشرطة بعد طعنها شخصين في ميونخ    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    تريزيجيه يعلق على انضمام زيزو ل الأهلي    زيزو: إدارة الكرة في الزمالك اعتقدت أن الأمر مادي.. وأنا فقط أطالب بحقي وحق والدي    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    مصرع طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة ربع نقل في قنا    إصابة أسرة كاملة في تصادم سيارة بموتوسيكل أعلى دائري الهرم    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    عرض مسلسل فهد البطل على قناة MBC1    نسرين طافش جريئة وميرنا نور الدين أنيقة..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    أصابوه بعاهة.. التعدي على مسؤول حماية الأراضي خلال تنفيذ إزالة بأرض زراعية بسوهاج "فيديو"    «المشروع إكس» يتصدر إيرادات أفلام عيد الأضحى    معتز التوني: الإخراج أقرب لقلبي.. وأتمنى تقديم مسلسل اجتماعي بعيدا عن الكوميديا    محافظ الغربية: ذبح 1168 أضحية مجانًا داخل المجازر الحكومية خلال العيد    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    تعرف على الخطأ الطبي الجسيم وفقا للقانون    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    «باعتبرها أمي».. شريف منير يوجه رسالة مؤثرة إلى زوج ابنته أسما (فيديو)    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    الحجاج يخلدون رحلتهم الإيمانية في مشاهد مصورة.. سيلفى فى الحرم بين لحظة الخشوع وذاكرة الكاميرا    كل عام ومصر بخير    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    البابا تواضروس يلتقي شباب الإسكندرية بمنتدى كنيسة العذراء بسموحة يوليو المقبل    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدي حسين يكتب: الاتفاقيات السرية تؤكد أن الجيش المصري لم يعد يصلح إلا لمهمة الأمن المركزي التي يقوم بها حاليا
نشر في الشعب يوم 19 - 10 - 2013

لن يسقط نظام مبارك إلا بإسقاط معاهدة الذل والعار «كامب ديفيد»
«كامب ديفيد» مكنت أمريكا من مفاصل الجيش ثم الاقتصاد ثم باقى جوانب المجتمع
مصر تحكم من واشنطن ثم من تل أبيب.. نقدم مزيدا من الأدلة
السادات سلم أمن الرئاسة للمخابرات الأمريكية منذ عام 1974
250 مليون دولار أول «بقشيش» أمريكى.. طلب السادات بعده مليارونصف المليار دولار لإنعاش البلاد
مصر توقع على اتفاقية تضمن تفوق إسرائيل العسكرى على كل العرب
الاتفاقيات السرية تؤكد أن الجيش المصرى لم يعد له جدوى.. ولم يعد يصلح إلا لمهمة الأمن المركزى التى يقوم بها حاليا
السادات وقع على تعهدات تسمح لأمريكا بضرب مصر إذا هاجمت إسرائيل
اتفاقية مضحكة تضع 10 آلاف احتمال لوقوع الحرب مع إسرائيل.. وتقترح 10 آلاف حل لها.. «الجمسى» يرفض توقيعها و«السادات» وقعها
كان من المفترض أن أكمل حديثى عن المسألة المبدئية المتعلقة بعودة الشرعية وهى التأكيد على السيادة الشعبية، وحرمة الانتخابات لأنها تمثل إرادة الشعب، وكما أن حرمة المساس بها مسألة ديمقراطية تمتثل لها معظم بلاد العالم المتحضر، فالانتخابات الحرة مقدسة فى الإسلام لأنها شكل التعبير عن الشورى والشورى ملزمة بنص القرآن. وقد كان هذا رأى حزب العمل قبل ثورة 25 يناير، أى أن مانقوله اليوم ليس مسايرة لموضة الديمقراطية بعد الثورة. وقد اختلفنا مع الإسلاميين الذين قالوا بكفر الديمقراطية ( من حيث هى آلية )، واختلفنا مع الإسلاميين الذين يقولون إن الإسلام لايتعارض مع الديمقراطية الغربية، على سبيل التكتيك أو على سبيل الخنوع لما هو غربى، فيصبح الغرب هو مرجعية صحة الإسلام ! ورأى الحزب منشور فى دراسة «الإسلام والحكم» الذى صدرت طبعته الأولى عام 2004 وصدرت بعدها طبعتان مزيدتان.
إن دولة المؤسسات هى الشكل الحضارى الذى عرفته البشرية للدولة عبر التاريخ، فمن الخطأ أن يقال إن هذا هو الشكل الحديث للدولة. ولكن العصر الحديث زودنا بوسائل تجعل عمل المؤسسات أكثر يسرا. وبالتالى فإن عودة الحديث عن حكم الفرد أو حكم العسكر فى القرن الواحد والعشرين هو نوع من العبث أومن الرغبة الدفينة فى العبث فى مقالب زبالة التاريخ ، وهو شكل آخر من التخلف العقلى؛ لأن منطق القوة وحدها لايحقق الرغبات. ولكن «المثقفين» الذين يعيشون فى كنف السلطة،كما تعيش الديدان فى المش أو كما يعيش العفن فى جبنة الركفور، ينفصلون عن الواقع، وبينما هم توقفوا عن قراءة الدراسات العميقة إذا كانوا قد قرءوا أصلا فى أول حياتهم، هم معزولون عن الحياة الحقيقية؛ لأنهم كعملاء تتوافر لهم كل الكماليات، هؤلاء المثقفون المزعومون يضحكون على مسكين كالسيسى ( أو مجرم متعطش للسلطة اختر ما شئت !!) ويصورون له إمكانية نجاح مغامرته هو والمجلس العسكرى.
بدون تنازل عن فكرة عودة المؤسسات لعملية إعادة البناء، وبدون تنازل عن ضرورة عودة الشرعية، لايمكن فصل قضية بناء المؤسسات عن قضية استقلال الدولة نفسها، فبدون استقلال تصبح المؤسسات أشكالا فارغة من المضمون، ما دام القرار يتخذ فى واشنطن أو تل أبيب.
والمصيبة أن غالبية الناس فى مصر لاتريد أن تصدق هذه الحقيقة البسيطة كنوع من خداع النفس، لأن تصديقها يعنى ضرورة تحمل تكاليف الاستقلال. والشعب يجد النخبة الموقرة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ومن أقصى العلمانية إلى أقصى الإسلامية لاتتفق إلا على شىء واحد : عدم المساس بهذه الهيمنة الأمريكية الصهيوينة. إلا من رحم ربى وقليلا ما هم.
كامب ديفيد تمكن إسرائيل وأمريكا من مفاصل الجيش
وقد شرحنا ذلك كثيرا، وهو أمر بديهى، فكيف ستسلحك أمريكا لتهزم إسرائيل حليفتها الاستراتيجية والعقائدية يوما ما؟ وإذا سيطر الطرفان على الجيش فهذا يعنى السيطرة على العمود الفقرى لقوة الدولة الأمنية ولقوة الدولة عموما، خصوصا فى بلد كمصر لها جيش كبير نسبيا.
من خلال كامب ديفيد أيضا، يجب ملاحظة أن هذا المصطلح يلخص عدة أشياء : اتفاقيتا كامب ديفيد + معاهدة السلام + أى تفاهمات واتفاقات سرية مصاحبة بين الأطراف الثلاثة ( مصر – أمريكا – إسرائيل ) مجتمعين أو بين اثنين منهما وتتعلق بالطرف الثالث، كما يعنى مصطلح كامب ديفيد الإشارة إلى عهد العلاقات المثلثة ومصر أضعف أضلاعها، وهى الطرف التابع فى المعادلة، من خلال كامب ديفيد بكل هذه المعانى تمت السيطرة على مفاصل الاقتصاد المصرى : المعونة – القروض – الصندوق الدولى – البنك الدولى.
واستتبع ذلك تدخلات أمريكية فظة وواسعة فى مجال التعليم والإعلام والتشريع والقضاء والثقافة. المهم، لقد سقطت مصر بالكامل فى يد أمريكا فى عهد مبارك، بينما لم تركز ثورة 25 يناير على هذا الجانب، وكنا نأمل أن يدرك الناس الارتباط الوثيق بين فساد حكم مبارك و التبعية، ولكن النخبة المعارضة + بقايا النظام حالا دون تطوير هذا الوعى. وكان خطأ الإخوان الجوهرى، وهو ليس على سبيل السهو، ولكن على سبيل المنهج، أنهم تصوروا أن المعركة ليست مع أمريكا وإسرائيل، ولكن مع بعض بقايا النظام ، وكانوا يعولون على التغيير التدريجى البطىء، وهذا ليس قانون الثورات.
وقد اقترحنا فى المقابل أن تكون عودة الرئيس مرسى مرهونة ومرتبطة بتعهدات مكتوبة ومعلنة عن إلغاء كامب ديفيد، وإنهاء ما يسمى العلاقات الخاصة مع أمريكا، والتعاون الأمنى والتطبيع مع إسرائيل. وهذا هو المعنى الحقيقى لصناعة ثورة جديدة أو هذه الموجة الثانية من الثورة. لا بد من إنهاء لعبة الاعتماد على الغرب وأمريكا لإسقاط الانقلاب. يقولون هذا صعب، ولكنه هو الطريق الوحيد لإنشاء دولة مستقلة بجد. وبدون ذلك تتحول المظاهرات لأداة ضغط لتحسين شروط توليفة جديدة بين الإخوان والعسكر تحت مظلة التبعية. والتحرر من التبعية ضرورة من أجل الحرية ( لاحظ أن الأمريكان وإسرائيل كانوا فى غرفة عمليات واحدة مع الانقلابيين قبل 30 يونيو ) ومن أجل بناء مصر كدولة حرة محترمة مستقلة يتمتع مواطنوها بالكرامة الواجبة والعدالة الاجتماعية. إن دور الإعلاميين والسياسيين هو التعمية على هذا الارتباط. فى المقابل، نحن نقدم لكم كل عدد جرعة من المعلومات تبرهن لك أن مصر كانت ولاتزال تحكم من تل أبيب وواشنطن.
الخطة بدأت قبل وفى أثناء وبعد حرب أكتوبر
كان السادات يجرى مفاوضات سرية من خلف كل مؤسسات الدولة قبل حرب 1973، وقد تضمنت المفاوضات عروضا قريبة جدا من تلك التى تحققت فى كامب ديفيد؛ لذلك فإن الإسرائيليين يلومون أنفسهم على الحرب التى كلفتهم 2500 قتيل. واستمرالتفاوض السرى مع أمريكا فى أثناء الحرب، وفى مفاوضات وقف إطلاق النار قام كيسنجر وزير خارجية أمريكا اليهودى والحاكم الفعلى لأمريكا؛ بسبب ضعف الرئيس نيكسون فى ذلك الوقت بسبب فضيحة ووتر جيت ، قام برحلات مكوكية بين مصر وإسرائيل، وكان السادات يتفاوض معه بمنتهى السذاجة، بينما كان هو يرتب كل شىء مع جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل. كان يتفق معها على التشدد إلى حد دفع المصريين إلى الانسحاب من المفاوضات. ورغم أنها يهودية خبيثة مثله، إلا أنها سألته : لماذا ؟ فقال لها : من أجل ترويض مصر لإسرائيل خلال هذه المفاوضات على أن تعيد هى إلى الولايات المتحدة مصر. هذه الكلمات القليلة تلخص ماحدث لمصر منذ 73 حتى الآن. وشرح كيسنجر : أن النهاية المحتومة للمفاوضات بين مصر واسرائيل ستكون سلاما دائما شاملا، وأن النهاية السياسية الدرامية لذلك السلام ستجبر مصر على أن تدفع ثمنا باهظا أمام العرب؛ مما سيعزلها عن الحاضنة العربية والإسلامية، ووقتها لن تجد مصر إلا الولايات المتحدة صديقا تحتمى به. فوافقت «مائير» بالطبع!!
وبينما كانا يتآمران على مصر، انظروا ماذا فعل السادات مع كيسنجر فى أحد اللقاءات المبكرة، وهو مانقله كيسنجر لمائير بقوله ( لقد فاجأنى السادات كعادته وطلب منى خبراء من وكالة المخابرات الأمريكية لفحص وتفتيش مكتبه ومنزله؛ لأنه يخشى أن هناك فى النظام المصرى من يتجسس عليه عن قرب، كما يريد أن نؤمن له طائرات الرئاسة ). انظروا كيف ترتبط المؤسسية مع الاستقلال. فهذا الرئيس يطلب هذا الطلب الشاذ من العدو الذى لايزال يحاربنا فى الواقع من خلال الجسر الجوى الممتد مع إسرئيل، يدخل هذا العدو فى أخص أعصاب الدولة ( مؤسسة الرئاسة ) دون مراجعة أى مؤسسة أمنية فى الدولة، وهو يسلم نفسه لأمريكا صراحة لتحمى أمنه. وهنا لا بد من الإشارة لموضوع عجيب، ذلك أن الرئيس عبد الناصر كان يطلب العلاج فى بعض الحالات من أحد أطباء المخابرات الأمريكية ( بالبحرية الأمريكية )، وفقا للوثائق الأمريكية المفرج عنها.
أشرف مروان.. جانى أم مجنى عليه؟!
اتضح أن «عبد الناصر» كان يستخدم أشرف مروان كقناة اتصال خفية مع أمريكا من خلال سفارتها فى لندن. كل حكامنا يتصلون بأمريكا سرا وكأنهم يؤدون صلاة التطوع ليلا وخفية عن الأعين. ولا شك أن أشرف مروان تعرض للتجنيد من كثرة هذه الاستخدامات التى استمرت مع السادات. فى أوائل عام 1974 كان هناك اجتماع سرى ضم السادات وكيسنجر وأشرف مروان سكرتير الرئيس للأمن والسياسة، حيث طلب مروان من كيسنجر معدات لمنع التنصت على مكالمات الرئيس أو أحاديثه فى الغرف. ومن شدة حماس كيسنجر حدد لهما موعد تسليم هذه الأجهزة، وهذا لايحدث عادة فى الاجتماعات ( 6 مايو 1974 ). هذه الوقائع أخطر من اتفاقية كامب ديفيد. فالنصوص ليست هى المشكلة، المهم هو الوقائع التى تبنى على الأرض وتجعلك رهينة لأمريكا. وهل يوجد أهم من أمن الرئيس والرئاسة ؟!!
قطعة الجبن
عندما تدخل عند البقال الشاطر لشراء نوع من الجبن فإنه يسارع بإعطائك قطعة جبن لتتذوقها، وقد يؤدى ذلك إلى أن تشترى كيلوجراما إذا أعجبتك.
أعطت أمريكا لمصر عقب حرب أكتوبر 250 مليون دولار لتطهير القناة وتعمير مدن القناة من بينها 10 ملايين تبغ أمريكى .على طريقة الرئيس الذى يقول لمرءوسه «خذ يابنى المبلغ ده نظف نفسك واشترى بدلة جديدة».
ضرب ليبيا
تثبت الوثائق الأمريكية أن كيسنجر شجع السادات على ضرب ليبيا، فى إطار ضرب النفوذ السوفيتى. مع وعود بتقديم أسلحة أمريكية، وقد حدث الهجوم فعلا فى 1977. كما بدأ كيسنجر يطلب دعم مصر لرفع المقاطعة عن إسرائيل ووعده السادات خيرا. وكل هذا عام 1977 وسيناء محتلة.
الآلية الأمريكية الصهيوينة
كل عمليات الترويض السابقة وغيرها أوصلت للهدف الجوهرى وهو السيطرة المطلقة على آلة الدولة المصرية، حيث تثبت الوثائق أن السادات هو الذى طلب المعونة ( مليار ونصف المليار دولار) فى إطار حديث الابن لأبيه، ورد فورد وقال له : كفاية عليك 500 مليون وسأجمع لك الباقى من دول الخليج !
وكان من شروط السلام السرية :
أمريكا هى الضامنة للاتفاقية وليس من حق مصر حاليا أو مستقبلا تغيير الاتفاقية بدون موافقة الطرفين الآخرين معا ! من حق أمريكا التدخل عسكريا إذا تعرضت إسرائيل لأى مضايقة فى حرية الملاحة فى مضائق تيران أو قناة السويس والملاحة الجوية فى تلك المناطق. لا دخل للأمم المتحدة بهذا الاتفاق، بل هو تحت الإدارة الأمريكية. لايمكن لمصر أن تستخدم القوة مع إسرائيل مهما كان الأمر. إلغاء المقاطعة لإسرائيل. وكانت مصر قد وافقت سرا على ذلك فى لقاء التهامى دايان فى المغرب. ( لا مؤسسية ولا استقلال ). استخدام أمريكا لحق الفيتو ضد أى قرار يصدر ضد إسرائيل، وهذا ما التزمت به أمريكا فعلا. عدم دفع إسرائيل تعويضات عن نهب البترول المصرى. التزام أمريكا بتحديث الجيش الإسرائيلى ليظل متفوقا على الجيوش العربية. وهذا التزام سابق، ولكن من المزرى أن توافق عليه مصر.
اتفاق سرى أمريكى إسرائيلى
وهذا اكتشفته مصر ولم يعرض عليها، رغم أنه يمسها ويتضمن إقامة ستة مخازن كبرى للسلاح الأمريكى المتطور فى إسرائيل، ولايحق لإسرائيل استخدام هذه المخازن إلا فى حالة الحرب مع مصر أو السعودية. وقد استخدمت هذه المخازن بالفعل فى العدوان على لبنان 1982
ويشمل الاتفاق السرى بندا عجيبا، وهوالتزام الولايات المتحدة بمسعى إسرائيل لردم البحر المتوسط بما يزيد مساحتها بمقدار الثلث !!
ولكن الجانب الحربى هو الذى نفذ ويجعل شن مصرحربا نظامية على إسرائيل مسألة مستحيلة. وهو مايطرح سؤالا مهما : لماذا نحن فى حاجة لكل هذه المؤسسة الرهيبة التى تسمى الجيش؟.ولماذا لا نحولها إلى مجموعة من الكشافة؟. وقد تحولت بالفعل إلى قوات أمن مركزى لقمع المدنيين.
ليس لهذا الاتفاق فحسب، وليس لاعتمادنا على التسليح الأمريكى فحسب، وليس لاعتمادنا على الشحاذة الاقتصادية من أمريكا فحسب، ولكن لسبب مضحك مبكى إضافى. فقد تلازم مع كامب ديفيد اتفاق سرى من نوع آخر لم يسمع عنه أحد من قبل فى العلاقات الدولية. فقد تحول التزام السادات بأن حرب أكتوبر هى آخر الحروب إلى اتفاق يبحث سد كل ثغرات الحروب، وقد اكتشف جهابذة علماء أمريكا أن هناك 10 آلاف احتمال لاندلاع الحرب بما فى ذلك المياه والطاقة. وستكشف الأيام أن هذا الاتفاق استخدم لتوريد الغاز المصرى لإسرائيل شبه مجانى !! ووجدوا لها 10 آلاف حل، فأمريكا لديها إمكانيات بشرية لكتابة مثل هذا التهريج، وعلى سبيل الشكل تم تعيين حاييم فيتسمان من الجانب الإسرائيلى والجمسى من الجانب المصرى، وقد أنهوا المشروع خلال 4 أشهر. ولكن الجمسى كما بكى عدة مرات أمام تنازلات السادات التى ضيعت دماء أبنائه وانتصارهم فى الحرب، تصرف مرة أخرى كموظف نبيل، حيث التزم بتعليمات السادات وشارك فى هذا العمل الكريه، ولكنه رفض التوقيع عليه وترك التوقيع للسادات !! هذه الوثيقة السرية، التى لم ينشر نصها حتى الآن، هى نوع من التهريج كما ذكرت، بمعنى أن أمور الحرب والسلام لا تناقش هكذا بالبحث عن 10 آلاف احتمال للحرب. ولكنه كان نوعا من التهريج الجاد لأن الهدف هو تكبيل مصر من أى محاولة للتفكير فى الحرب. وبدون خوض فى تفاصيل السياسة، فهذه الاتفاقية الملحقة بكامب ديفيد وكل كامب ديفيد تتعارض مع نصوص القرآن الكريم؛ لأنها تلغى إلى أجل مفتوح كل آيات الجهاد، وكل الآيات التى تشير إلى عداوة اليهود للمؤمنين، وقد برهنت الأيام على ذلك فى فلسطين ولبنان والعراق وسوريا والسودان. ولكن ما يعنينا هنا أن الاتفاقية دخلت فى آليات تمنع حق مصر فى بناء قوتها العلمية والاقتصادية والبحثية والتكنولوجية، ومن ثم العسكرية. ونعلم لماذا مُنعت مصر من دخول عصر الصواريخ والأقمار الصناعية وكل مجالات التكنولوجيا الفائقة. بينما استمرت إسرائيل تحتكر كل هذه المجالات لاينافسها فى المنطقة إلا إيران. ونكتشف ذلك أكثر فى بعض البنود المسربة من الوثائق الأقل سرية، والتى وقعت عليها مصر، حيث يجرى الحديث عن أمريكا باعتبارها الآمر الناهى فى أمر هذه المعاهدة، وأن قائد القوات الموجودة فى سيناء يتبدل كل 4 سنوات بقرار أمريكى مقره روما ومهمته مراقبة تنفيذ الاتفاقية وهو ملزم بتقديم تقاريره الدورية للإدارة الأمريكية. ومن حق الإدارة الأمريكية أن تقوم بما تراه مناسبا دون الرجوع لأحد الطرفين. وبالتالى فإن سيطرة أمريكا الأمنية على سيناء ليست محل شك، وسيطرتها على التسليح المصرى ليست محل شك. ماذا تبقى إذن من الأمن القومى المصرى؟!
لكن الأمر لم يتوقف على المجالات العسكرية، ونحن كما نعلم فإن الأمن القومى موجود فى كل الموضوعات، بدأت أمريكا تتدخل فى التعيينات فى كبار المسئولين والوزراء.
فالرئيس فورد هو الذى طالب السادات بتعيين مبارك نائبا له.والسفير الأمريكى هو الذى طالب بتعيين يوسف بطرس غالى وزيرا للمالية، والرئيس كارتر هو الذى طالب بتعيين أسامة الباز مستشارا للسادات. وهى قصة تستحق أن تروى مرة أخرى.
أصبحت مصر تحكم من واشنطن وتل أبيب. وقد قالها مصطفى الفقى ولم يستطع أحد أن ينكر عليه : إن الرئيس القادم لابد أن يحصل على موافقة أمريكا وعدم اعتراض إسرائيل. كانت كلمة دقيقة، وكان مبارك فى الحكم، ولم يزعل منه لأنه قال حقيقة لاتضايق مبارك أبدا. مجىء الرئيس مرسى لم يكن خروجا عن هذه المعادلة، فقد وافقت أمريكا، بل ضغطت من أجل إعلان النتيجة كما هى. وإسرائيل كظمت غيظها مؤقتا. ولذلك كان نجاح مرسى وفقا لموازين الحكم فى مصر التى لم تتبدل بعد ولم يبدلها مرسى والإخوان، كان نجاح مرسى على الحركرك بالمعنى الرقمى والحقيقى، ولم ينجح فى الاختبار الأمريكى الإسرائيلى فانقلبا عليه سريعا. وعادت القاعدة من جديد وأصبح الاختيار( كما يحلمون ) بين أحمد شفيق والسيسى وعنان. وكلهم مرضى عنهم أمريكيا وإسرائيليا.
لن ننتصر إلا إذا كسرنا هذه المعادلة ونحن خارج الحكم، لا بد من تمزيق كامب ديفيد، وإهالة التراب على قداستها المزعومة التى ارتفعت فوق القرآن والسنة عند بعض الإسلاميين، وظلت من أبرز علامات الرشد والعقلانية عند كثير من العلمانيين.
من يرفض الخوض فى موضوع كامب ديفيد فعليه أن يقبل بالحلول الغربية للمصالحة بين العسكر والإخوان. لأن السلطة الراهنة مركبة على أساس معادلة كامب ديفيد التى تحولت من مجرد نصوص إلى واقع سياسى واجتماعى واقتصادى، وسيظل هذا الواقع يغذى سلطة الانقلاب التى هى الاستمرار الأمين لنظام مبارك، بل هى الصورة الأكثر توحشا له، لأن الثورة المضادة تكون بالغة القسوة بعد أن خبرت مصيبة الحرمان من السلطة.
تحرير مصر من اتفاقية الذل والعار، من قيود أمريكا وإسرائيل هو الهدف العظيم الذى سيوحد الأمة ( عدا حفنة من العملاء ) ويمكننا من الإجهاز على الانقلاب.
*معظم المعلومات الواردة في هذا المقال مستفادة من كتاب آخر الحروب للزميل توحيد مجدي الذي يعرض الوثائق الأمريكية والإسرائيلية المفرج عنها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.