رأت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الإنسان في تقريرها السنوي أن الولاياتالمتحدة وأوروبا تقبلان ب "حكام مستبدين يقدمون انفسهم على أنهم ديموقراطيون" في دول مثل باكستان ونيجيريا وروسيا وكينيا حيث تنتهك حقوق الإنسان. وقال التقرير إن "الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والديموقراطيات النافذة الأخرى، بسماحها للمستبدين بأن يقدموا أنفسهم على أنهم ديموقراطيون، من دون أن تطالبهم بتطبيق الحقوق السياسية والمدنية التي تعطي للديموقراطية معناها، تساهم في تعريض حقوق الإنسان عبر العالم للخطر". انتهاكات أمريكية وتحدث التقرير عن انتهاكات تقوم بها الولاياتالمتحدة في "حربها على الإرهاب"، وبينها اعتقال 275 شخصا لم توجه اليهم اتهامات في غوانتانامو (كوبا)، واللجوء إلى سجون سرية خارج الأراضي الأمريكية وتبرير الحكومة لاستخدام التعذيب في التحقيق مع المشتبه بهم. ولم يسجل تقرير هيومن رايتس ووتش السنوي للعام 2008 أي تحسن في وضع حقوق الإنسان في الولاياتالمتحدة، رغم جهود الكونغرس الأمريكي لإنهاء التجاوزت المفترضة في إطار الحرب على الإرهاب. وقالت المنظمة "لم يسجل أي تقدم واضح بشأن معاملة من يسمون "مقاتلين أعداء"، بما في ذلك أولئك المعتقلون في غوانتانامو باي (كوبا) أو استخدام أماكن اعتقال سرية" في دول أجنبية. وقالت هيومن رايتس ووتش إن 39 شخصا يعتقلون في مراكز اعتقال سرية أمريكية، مشيرة إلى أن الحكومة الأمريكية أقرت باعتقال ما مجموعه 100 شخص. وقال التقرير "بموجب القانون الدولي هؤلاء الأشخاص لا يزالون "متوارين" بشكل غير شرعي حتى تعترف بهم الولاياتالمتحدة". وعلى الصعيد الداخلي اعتبرت المنظمة أن 2,2 مليون شخص كانوا مسجونين خلال العام 2007 في الولاياتالمتحدة أي بارتفاع نسبته 500% في السنوات ال 30 الأخيرة وهو أكثر بخمسة أضعاف عدد السجناء في بريطانيا. وإضافة إلى كونها تضم أكبر عدد من السجناء في العالم أشار التقرير إلى أن عدد السجناء السود يزيد في الولاياتالمتحدة 6,5 أضعاف عن عدد السجناء البيض. حصار غزة على صعيد آخر، دانت "هيومن رايتس ووتش" الحصار المفروض على غزةأ معتبرة أنه يشكل "عقوبة جماعية" تضرب 1,5 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع. واعتبرت أن "الحصار الإسرائيلي يحرم سكان القطاع من الغذاء والمحروقات والأدوية التي يحتاجونها ليؤمنوا بقاءهم، أنها عقوبة جماعية تنتهك القانون الدولي". كذلك، أشارت المنظمة إلى أن المجموعات المسلحة الفلسطينية تواصل "هجماتها العشوائية بالصواريخ على مناطق مأهولة في إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي". وأوضحت المنظمة أن 245 فلسطينيا "نصفهم تقريبا لم يكونوا متورطين في أعمال العنف" قتلوا في هجمات للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية بين يناير وأكتوبر 2007. واتهمت الجيش الإسرائيلي "بتشجيع ثقافة الإفلات من العقاب في صفوفه عبر امتناعه عن التحقيق في مقتل المدنيين. كما اتهمت المنظمة حركتي فتح وحماس المتنافستين بارتكاب "انتهاكات خطيرة للحق الإنساني الدولي" خلال المواجهات الداخلية التي دارت بينهما في 2007 وانتهت بسيطرة حماس على القطاع في يونيو. وتابعت "هيومن رايتس ووتش" أن 318 فلسطينيا قتلوا في المواجهات الداخلية خصوصا في قطاع غزة بين يناير وأكتوبر 2007. حقوق العراقيين وإعدام صدام أما على الجهة العراقية، فرأت المنظمة أن أوضاع حقوق الإنسان في العراق تدهورت خلال 2008، خاصة مع استمرار العنف ضد المدنيين. وأضافت أن "عمليات التطهير الطائفي" التي تقوم بها مجموعات سنية وشيعية مسلحة مستمر أيضا بالرغم من الخطة الأمنية التي بدأ تنفيذها الجيش الأمريكي والقوات العراقية في فبراير. وذكرت المنظمة خصوصا الاعتداء الأكثر دموية منذ الحرب العام 2003 ضد الطائفة الإيزيدية، التي فقدت ما لا يقل عن 500 من أتباعها في شمال البلاد في أغسطس الماضي. وأكدت أن "الجيش الأمريكي يواصل عملياه ضد المتمردين السنة والشيعة في جميع أنحاء البلاد ما يؤدي إلى سقوط عدد غير محدد من الضحايا المدنيين". وقال التقرير إن واحدة من النتائج الأخرى للخطة الأمنية الارتفاع الكبير في عدد المعتقلين، موضحا أن "السجون العراقية المكتظة تستقبل بعصوبة هؤلاء المعتقلين الجدد بينما يغرق النظام القضائي في الملفات ما يؤدي إلى تراجع الأوضاع في السجون حيث باتت تسود الانتهاكات والتعذيب". وقالت إن طريقة تنفيذ إعدام الرئيس الأسبق صدام حسين أواخر ديسمبر 2006 "ضاعفت قلق الأقلية السنية من حكومة الغالبية الشيعية". وأخيرا، أشارت المنظمة إلى أن مقتل 17 مدنيا عراقيا في سبتمبر الماضي بأيدي العالمين في شركة "بلاكووتر" الأمريكية الأمنية كشف "إمكانية الإفلات من العقاب التي تتمتع بها مثل هذه الشركات الأمنية الخاصة العاملة في العراق".