أجمل البشائر أتتنا اليوم من ثورة الغزيين حيث دفعتهم آلامهم ومعاناتهم الى تحطيم أجزاء من السور الفاصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية , عبر اليوم الآلاف من ابناء غزة المحاصرين الى أسواق رفح المصرية وتزودوا منها ببعض من إحتياجاتهم المعيشية الملحّة . لقد تحدّت غزة القهر وتحدّت الأعداء المحيطين بها من الإتجاهات الأربعة فأعلنت الثورة والتمرد على الطغيان الذي يمارسه عليها معظم الأخوة وجميع الأعداء . غزة فيها الآلام كلها ومنها تنطلق البشائر كلها, إنها تقول كلمتها الآن وتعلن العصيان والثورة على الظلم وبأفعالها لا بأقوالها, غزة تدعو العرب والمسلمين الى النهوض والى السير خلفها ومعها في قافلة الثوار كي يقاوموا طواغيت هذا العصر الذين منهم أعداء أمتنا البيّنين وأعداء آخرين متسترين يرتدون ثيابا كثيابنا وينطقون بلسان مثل لساننا .
يبزغ الفجر بعد أحلك سويعات الظلام فبعد الظلام الدامس يأتي النور وبعد الشدة القصوى يأتي الفرج وبعد التمادي في الطغيان لا تأتي إلا الثورة , هذا ما بدأنا نشاهده في غزة المظلومة وهذه هي رسائل غزة المحاصرة التي انطلقت كأشعة من نور لتأخذ طريقها الى قلب العالمين العربي والإسلامي جالبة معها الأمل في يقظة ساكنيهما وانهاء حالة السبات المزمن والمستفحل. ابتدأت الأصوات العربية والمسلمة تعلو منطلقة من عواصمنا ومدننا وهي مرشحة كي تعم أكثر وتعلو أكثر فنسمعها هادرة في الأرياف والبوادي أيضا فيتردد صداها في كل مكان من بلادنا العربية والإسلامية .
إن غزة المحرومة والمظلومة تتحول شيئا فشيئا الى عنوان للنهوض مثلما هي عنوان للمظلومية , لقد ارتكبت القيادة الحالية للكيان الصهيوني حماقة كبيرة حين أغلقت جميع المعابر التي تزود الغزيين بالإحتياجات المعيشية اليومية وضاعفت من حماقتها حين هددت مصر بالعواقب الوخيمة إن هي أتاحت لأحد من المحاصرين استعمال معبر رفح , يذكرنا هذا التصرف الإسرائيلي العدواني وغير العاقل بالخطأ الذي ارتكبته نفس القيادة حين شنت عدوانا على لبنان وعلى مقاومته الإسلامية في تموز 2006 حيث لم تجن منه سوى الخيبة والإنكسار.
لقد بدأت جماهير شعبنا العربي وشعوبنا المسلمة بالخروج الى الشوارع معلنة عن غضبها وعن وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني المحاصر في وطنه ومطالبة بالنصرة لغزة وداعية حكام العرب للخروج من قصورهم من أجل أن يواجهوا مسؤولياتهم القومية والاسلامية اننا نشاهد في الفضائيات المظاهرات العربية الإنتفاضية ونستمع لأحاديث المنتفضين وهم يصبون جام غضبهم على حكامهم كل في القطر الذي يعيش فيه ومن يتابع الحركة المتصاعدة لهؤلاء المواطنين المقهورين الذي راحوا شيئا فشيئا يحتلون شوارع مدنهم وساحاتها العامة لا يسعه إلا الإحساس بالأمل وبحرارة التغيير الذي تنتظره الجماهير المقهورة منذ عقود. فهل تفعلها غزة فتتحول الى شرارة تشعل نار الحرية التي سوف تنقلنا من العيش في أحلام النصر والوحدة والتحرير الى التمتع بها كحقائق موجودة على ارض الواقع؟