أليس من حقنا أن ندافع عن منشآت مصر الحيوية ؟تساؤل ألقاه في وجوهنا المجلس العسكري في بيانه رقم (90) علي صفحته الرسمية لتشعر بالخزي والعار إذا جاءت اجابتك بالنفي أليس هذا وطنك وهذه منشآته ؟ ألست مواطناً تدفع الضرائب وتريد حماية أصول دولتك ؟ثم يعرض المجلس علي نفس الصفحة فيديو (كشف) الحقائق في أحداث شارع مجلس الوزراء الذي شهد واقعة سحل الفتاة المصرية لتري بعينيك الجسد الغض ىُجر علي قارعة الطريق والصدر المحاط بحاملة تركواز ىُسحق بأقدام العسكرية المصرية .. تتوالي حالات الانكار والاستهجان ثم التشكيك : لم تكن بيادة عسكرية بل حذاء رياضي مما يعني أنه ليس عسكري ، وكيف لفتاة مثلها تخرج للتظاهر وترتدي عباءة علي اللحم ؟ هذا المشهد مصنوع ومختلق (فوتوشوب) .. لتتعدد وتتكاثر فيديوهات الواقعة الحقيقية علي الواقع الافتراضي وتخرج فيديوهات تدافع عن الجنود وتزعم محاولة انقاذهم للفتاة من بين أيدي ساحليها الأصليين زملاء الميدان .. ويتم قطع الفيديو قبل أن تشاهد بقيته ومن زاوية تصوير مقابلة وعلي موقع آخر والجندي يدفع الفتاة برجله ويسحق بقدمه قفصها الصدري بعد أن قطعوا بلوزتها السوداء أسفل ملابسها وقبل أن يقوم واحد منهم بمحاولة يائسة بائسة لسترها .. تزداد نسخ الواقعة مشفوعة بالشروح ودوائر التخطيط الحمراء ومونتاج الفيديو يوقف الصورة .. يكبر أجزاءها ، ويلقي بياناً ويلفت انتباهاً : بص .. ركز .. ونعيد تاني عشان الحبايب .. تتزاحم الشروح والحواشي حول النص الأصلي : واقعة تعرية فتاة مصرية بأيدي وأقدام الجيش المصري لتشعر بالخزي والعار لأول مرة .. تستغرقك تلك المشهدية فلا تري في خلفية واقعة السحل تلك دخان المجمع العلمي المصري المحترق .. تتعاطف مع المصرية المنتهكة لتتواري أنَّات صفحات نسخة كتاب وصف مصر الأصلية المتفحمة داخل المجمع العلمي والمستغيثة جرَّاء احتراقها بالمولوتوف ، أو صفحات الكتب الطافية فوق بركة مياه المطافئ التي نجحت أخيراً بعد ليلة كاملة في الوصول إلي المجمع وإطفاء حريقه ولكنها لم تطفئ غليل المصريين من الشعور بالخزي والعار الحقيقيين هذه المرة أيضاً .. متخيلاً آثار مصر وذاكرتها وتاريخها ووثائقها ومخطوطاتها تخرج في مليونية للتحرير تطلب حق اللجوء الثقافي (لا السياسي) إلي بلادٍ تقدر قيمة الإنسان وذاكرته ، وتحترم آدمية مواطنيها وتاريخهم ، أجسادهم الشريفة وعقولهم النىِّرة ، كرامتهم وذاكرتهم الجمعية ، انسانيتهم وهويتهم القومية ، فأي البلاد سيختار تراثنا طلب اللجوء الثقافي إليها لحين التأكد من جدارة الورثة المصريين بهذه الآثار ؟ أي البلاد جديرة بحمل السبعة آلاف عام والقديرة علي التعامل مع ثقلها الحضاري وسائر عبارات (الكلام الكبير) لوصف مصر (المحترق) في مجمعنا العلمي .جاهدت مصر لاسترداد العديد من آثارها وتراثنا الموجود في الخارج ونادت أصوات كثيرة بضرورة عودة تلك الآثار والمقتنيات المصرية رغم ما تجده من اهتمام وتقدير بل وتقديس أحياناً في بلادٍ لا تملك تاريخنا ولا تراثنا الحضاري الذي نتشدق بحمله ونعجز عن حمايته .. فهل تطلب آثارنا حق اللجوء الحضاري لألمانيا حيث تقبع رأس نفرتيتي وتلقي من الألمان معاملة ملكة مصرية حقيقية ؟ أم تطلب مقتنياتنا حق اللجوء لفرنسا حيث لوحة الزودياك بمتحف اللوفر بباريس ؟ وهل تستقر بلندن حيث حجر رشيد ، أم ستختار البقاء في أي بلد أوروبي لحين التأكد من جدارة الورثة لحماية هذه المقتنيات !!!أو ربما ستلجأ للولايات المتحدة حيث لا زالت المسلة المصرية تحرس واشنطن العاصمة حتي الآن وذلك لحين التأكد من ملكية الورثة لهذه المقتنيات !!! أم تختار إمارة الشارقة الذي تعهد حاكمها ببناء مجمعنا العلمي بتكلفة 205 ملايين جنيه واهدائه نسخة أصلية أخري من كتاب وصف مصر بالإضافة إلي كل النسخ الأصلية الموجودة في مكتبته كهدية منه للمجمع المحترق ، بعد أن عجز جيشنا عن حمايته ولم يعتبره منشأة حيوية كمجلس الوزراء أو الشعب أو الشوري الذي تعرض منذ سنتين للحريق وانطفأ باستخدام مطافئ جوية حملتها طائراته الحربية ، أي البلاد ستختار آثارنا التي لم نكن جديرين بحمايتها ولم نكن ورثة حقيقيين لها ؟ لحين التأكد من ملكية الورثة لهذه المقتنيات !!!قبل تلك الفواجع بأسبوع تعلن دار مزادات سوثبي بلندن بيع مخطوطات نادرة لنجيب محفوظ لم يعلن عن مصدرها وحددت قيمتها بمبلغ يتراوح بين 50 و70 ألف جنيه إسترليني ، وهكذا تشعر بالخزي والعار الحقيقيين مرة بعد أخري لأن يباع تراثنا في مزاد بلندن لمن يدفع أعلي ثمن لمحفوظ ونحن نحتفل هذا العام بمئوية مولده ، وبعد اتصالات ومناشدات وجهود دبلوماسية ومراجعة الدار لأسرة محفوظ بشأن علمها بهذه المجموعة تقرر دار المزادات الشهيرة هي الأخري وقف المزاد لحين التأكد من ملكية الورثة لهذه المقتنيات !!!