أثار التقرير الذي أصدره البنك المركزي مؤخراً حول تجاوز الدين المحلي لمصر لأول مرة حاجز التريليون ليصل إلى 1001.9 مليار جنيه مقارنة ب 962.3 مليار جنيه وهو حجم الدين المحلى قبل ثورة 25 يناير ، تخوفاً كبيراً بين الاقتصاديين، لاسيما وانه تأكد بذلك بالفعل دخول مصر مرحلة الإفلاس،الأمر الذي يضع الحكومة المصرية في ورطة لاسيما وأن بوادرها قد حذر منها المجلس العسكري مسبقاً .ارتفاع الخسائرولم يقتصر الأمر علي ذلك بل كشف تقرير آخر صادر عن وزارة المالية، عن ارتفاع إجمالي المصروفات العامة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي بنسبة 5.7%؛ لتصل إلى 161.1 مليار جنيه، مقارنة بنحو 152.4 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام المالي السابق، على الرغم من أن مؤشرات أداء الموازنة العامة خلال النصف الأول من العام المالي الحالي أشارت إلى قدرة الاقتصاد المحلي على تحمل الخسائر الناجمة عن الأحداث الأخيرة، واستيعاب زيادة الإنفاق العام لدفع التعويضات لكل من أضير في تلك الأحداث.وأرجع التقرير الزيادة في المصروفات العامة إلى ارتفاع فاتورة الأجور وتعويضات العاملين بنسبة 11.7%؛ لتصل إلى 42.5 مليار جنيه خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر من العام المالي الحالي، كذلك ارتفعت مدفوعات الفوائد بنسبة 7.4%؛ لتسجل نحو 35.7 مليار جنيه، كما سجلت مدفوعات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية ارتفاعاً بلغ 5.4%؛ لتصل إلى 41.6 مليار جنيه، وفي المقابل انخفض الإنفاق على شراء السلع والخدمات بنحو 3.9%؛ ليسجل 9.3 مليار جنيه، والإنفاق على الاستثمارات العامة بنحو 11.3%؛ ليسجل 16.3 مليار جنيه.لذا قامت النهار برصد كافة أراء خبراء الاقتصاد لمعرفة السبب الحقيقي وراء تلك الأزمة.توقف سياسة الاقتراضفي البداية حذر الدكتور مختار الشريف خبير اقتصاد من مخاطر توسّع الحكومة المصرية في سياسة الاقتراض من الخارج في ظل ارتفاع ديون مصر لمستوى غير مسبوق، والتي تعدت حاجر التريليون و80 مليون جنيه.وقال الشريف أن الأزمة تزداد سوءا يوم عن يوم ، لاسيما وأن الحكومة المصرية في الوقت الراهن تعاني من أزمة داخلية خاصة باحتجاجات فئوية تتعلق بتثبيت مواطنين وتعيين عمالة جديدة، وأزمة خارجية خاصة بانخفاض الاستثمارات الأجنبية وإيرادات السياحة وتحويلات المصريين بالخارج.وتوقع الشريف أن ديون مصر قد تتسبب في كارثة مستقبلية أخري وهي حدوث ارتفاع كبير في العجز الكلي بالموازنة العامة للدولة بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي ما قد يدفع الحكومة للجوء إلى طرح سندات خزانة بمبالغ ضخمة؛ لتغطية هذا العجز، لكنهم طالبوا بترشيد الاستهلاك وتعظيم مصادر الدولة حتى لا يتم إغراق مصر في ديون ضخمة يصعب في ما بعد تسديدها.لذا طالب الشريف بضرورة توقف الاقتراض من الخارج ، للحد من الأزمة ، مشيراً إلي أنه لا يؤمن بسياسة الاقتراض علي الإطلاق، حيث إن المقترض يخضع للمقرض، ناصحا مصر بعدم الاقتراض، واللجوء إلي البدائل الداخلية لتوفير السيولة اللازمة لها وإنه إذا كانت هناك حتمية للاقتراض فيجب أن تتم في أضيق الحدود.مخاوف من عجز الميزان التجاريبينما يتخوف د. حمدي عبد العظيم، الرئيس السابق لأكاديمية السادات، من ارتفاع العجز في الميزان التجاري إلى مستويات لم تشهدها البلاد من قبل، مؤكداً أن ذلك يدعم هبوط الصادرات إلى أدنى مستوياتها خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي.وأشار إلى أن الأزمة التي تمر بها البلاد أثرت على الصادرات بشكل كبير؛ لتنخفض بنحو 6%، فضلاً على زيادة أعباء الواردات وانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية، موضحاً أن كل ما سبق سيساهم بشكل أو بآخر في رفع معدلات التضخم والبطالة وزيادة ديون مصر، خاصة أن خطوط الإنتاج لم تعمل بكل طاقتها حتى الآن مع توالي الاعتصام الفئوية التي تهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية.وتوقع عبد العظيم أن يرتفع العجز الكلي بالنسبة للناتج المحلي بنسبة 6%؛ ليصل إلى 6.6 مليار دولار، كما يتوقع أن يحقق ميزان المدفوعات أكبر عجز في تاريخ مصر خلال الربع الثالث من العام الحالي، وذلك بعد تراجع الفائض الذي حققه الميزان من ملياري دولار إلى 15 مليون دولار، وطالب رئيس أكاديمية السادات السابق بالابتعاد عن فرض أية ضرائب جديدة لزيادة الإيرادات، خاصة أن الرؤية في مصر لم تتضح معالمها بعد.دعم الصادرات وتقليل الاستيرادبينما يتوقع أستاذ الاقتصاد حسن حامد حدوث ارتفاع كبير في العجز الكلي بالموازنة العامة لمصر بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي وانخفاض معدل النمو إلى 3.5 %، نظراً لأن سياسة الحكومة الجديدة، على حد تعبيره، تقوم على إرضاء المواطنين بكل السبل وتهدئة الرأي العام وتثبيت جميع العاملين وارتفاع قوائم المرتبات وتعيين عمالة جديدة، بالإضافة إلى المعاشات والتعويضات التي ستقدمها الدولة لأهالي ضحايا ثورة 25 يناير والمتاجر التي تضررت من تلك الاحتجاجات، بالإضافة إلى الاحتجاجات الفئوية والخسائر التي مني به الاقتصاد، مشيراً إلى أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على الاقتصاد وسيرفع ديون الحكومة إلى مستوى غير مسبوق من خلال اللجوء إلى طرح سندات خزانة؛ لتغطية هذا العجز.ونوّه حامد أن الديون المصرية تخطت الحدود الآمنة حيث وصلت إلى تريليون و80 مليون جنيه، مؤكداً ضرورة ترشيد الإنفاق قبل إغراق مصر في ديون مرهقة.وطالب حامد بضرورة أن تتبع الحكومة المصرية سياسية اقتصادية متوازنة، مشيراً إلى أن على الحكومة التركيز في الإنتاج لدعم الصادرات المصرية وتقليل الاستيراد.ترشيد الإنفاق العام هو الحلبينما أكدت بسنت فهمي خبيرة اقتصاد ، أنها بالفعل تخشى على مستقبل الاقتصاد المصري في حالة لجوء الحكومة إلى طرح سندات أو أذون جديدة لتغطية العجز المتوقع في عجز الميزانية.وأضافت فهمي إلي أن ديون مصر وصلت إلى مرحلة غير آمنة؛لاسيما بعدما أكد البنك المركزي ذلك، مشيرةً إلى أن ذلك سيكون له تأثير سلبي على الاقتصادودعت الحكومة المصرية إلي ضرورة تبني سياسة ترشيد الإنفاق العام والارتقاء بموارد الدولة السيادية مثل السياحة وقناة السويس وجذب استثمارات أجنبية جديدة وتحسين مناخ الإنتاج بغرض التصدير وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية التي نعتمد على استيرادها من الخارج والتي ستكون المخرج الرئيسي لتلك الأزمة الراهنة.