الصدق, العطاء, المشاركة الوجدانية ..خصال سامية, لاتستقيم الحياة بدونها وبدون غيرها من السمات الأخرى التى يجب ويلزم أن تكون ضمن مفردات قاموس حياتنا .. الغريب أننى كلما تحدثت مع من حولى, مطالبة بأن تسود هذه الخصال, اتهموننى بالغرابة وعدم المنطقية, وأحيانا تكون ردودهم تهكمية قائلين «انتظرى حلم المدينة الفاضلة» ومن شدة العبوس الذى يرتسم على وجوههم أثناء حديثهم عن الفاضلة, تملكنى إحساس, أن هذه الفاضلة.. سيئة السمعة...!! ولأننى أرغب بالفعل فى أن أعيش فى تلك المدينة ولا أرغب أن تكون مجرد حلم لحياتى, أحاول بقدر الإمكان أن أمارس تلك الخصال مع الآخرين, غالبا... ما أجد صعوبة فى هذه الممارسة لأن من حولى «على كل شكل ولون» - يعتقدون في, ماهو ليس في.. - لكننى أجتهد ولى ثواب الاجتهاد, طالما أننى أسعى للخير وليس لغيره. وبالصدفة البحتة ورغم مرور عشرات السنين على نشر هذه الرواية, وقعت تحت يدى»مائة عام من العزلة» لتؤكد أننى لست الوحيدة التى أحلم ب»الفاضلة هذه». ورواية ماركيز»مائة عام من العزلة» نشرت عام 1967، وطبع منها قرابة الثلاثين مليون نسخة، وترجمت إلى ثلاثين لغة. يروي فيها الكاتب أحداث مدينة من خلال سيرة عائلة بوينديا على مدى ستة أجيال والذين يعيشون في قرية خيالية تدعى ماكوندو.. فالرواية فى بدايتها تسلط الضوء على رغبة أبطالها فى حياة يملؤها السلام والسحر، والوصول إلى المكان الحلم, ولكن للأسف هذا المكان اهتدى إليه الغجر. وبعد فترة طويلة من حياة السلم, يطال الخراب هذه القرية مع وصول أول رجل سياسة إليها. لتتحول ماكوندوإلى مدينة عادية جدا بها حروب وكذب ونفاق. ليس ماركيز وحده بل من قبله كان أفلاطون يحلم بالفاضلة... ووجدت نفسى لست وحيدة فى خندق الفاضلة, وجدت معى البعض, قد يكونون قليلين, وقد تكون الظروف لم تجمعنى بهم وجها لوجه, لكننى آمنت وتأكدت بأن الفاضلة ليست سيئة السمعة لامؤاخذه...