أثار القرار الخاص بتحديد الحد الأدنى للأجور إلي 700 جنيه هذه الفترة إلي أن يصل إلي 1200 خلال الخمس سنوات القادمة جدلاً كبيرًا في الأوساط العمالية، خاصة وأن الكثير من القوى العمالية المختلفة رفضت الحد الأدنى الذي حددته وزارة المالية, مشيرين إلى أن الحكومة التفت حول الحكم القضائي الصادر من المحكمة الإدارية العليا، والذي قضى بتحديد 1200 جنيه كحد أدنى للأجور.وكان وزير القوى العاملة والهجرة الدكتور أحمد البرعي، قد صرَّح أن قرار زيادة الأدنى للأجور لم يحسم تطبيقه بالنسبة للقطاع الخاص حتى الآن، ولكنه حسم بشكلٍ نهائي على القطاع العام، مضيفًا أنه لم يتم الرجوع للمجلس القومي للأجور، المنوط به تحديد الحد الأدنى للأجور في تحديد قيمة ال-700 نظرًا لعدم الانتهاء من الدراسات والمناقشات التي كانت تجريها اللجنة الوزارية المكونة من القوى العاملة والتضامن والمالية في ذلك الوقت.بينما أشار وزير المالية الدكتور سمير رضوان في تصريح سابق أن هناك 1.9مليون عامل يستفيدون من قرار رفع الحد الأدنى للأجور، مشيرًا إلى أن الموازنة الجديدة ليست موازنة عادية فهي موازنة إدارة أزمة، ولكنها تستهدف أيضًا تحفيز الاقتصاد المصري في مرحلة ما بعد الأزمة؛ حيث تتوخى ثلاث أمور أساسية وهي زيادة الإيرادات العامة واستخدامها لتحفيز وتنشيط الاقتصاد المصري، والأمر الثاني تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال استخدام الإنفاق العام والسياسة الضريبية، والأمر الثالث ضمان استمرارية وديمومة برامج الإنفاق العام.لذا قامت النهار برصد كافة الآراء حول تحديد الحد الأدنى للأجور ، ومدي ملاءمته للأوضاع الاقتصادية التي يمر بها الشعب المصري في الآونة الأخيرة.أجور غير كافيةفي البداية رفض عبد الرحمن خير عضو المجلس الأعلى للأجور رافضا قيمة الحد الادني للأجور التي أعلنها وزير المالية ووصفها بأنها غير كافية .وقال خير إن رضوان أعلن قيمة الحد الادني للأجور ، دون أن يتشاور مع الأطراف المعنية من عمال وأصحاب أعمال ، وفى الوقت ذاته تجاوز صلاحيات المجلس الأعلى للأجور.وأضاف أن 700 جنيه قيمة الحد الادني غير كافية ولا تتيح للعمال حياة كريمة وتحديدها لم يراع تكاليف المعيشة في مصر مطالبا بتحديد حد أدني وأقصى للأجور .وقال خير أنه في ظل عجز الموازنة العامة ونقص موارد الاقتصاد ينبغي على الحكومة أن تعد الناس بحد أدني معقول إلى أن يستعيد الاقتصاد عافيته وفى نفس الوقت تلتزم بضبط الأسعار في الأسواق .مخالف للقانونكما رفض إبراهيم الأزهري أمين عام اتحاد العمال لقيمة الحد الادني للأجور واعتبر تحديدها مخالفا ويمكن الطعن عليه لان وزير المالية لم يتشاور مع المجلس الأعلى للأجور الذي يضم ممثلين عن اتحاد العمال واتحاد الصناعات.وقال إن اتحاد العمال يرفض قيمة الحد الادني باعتباره غير مريح كما يرفض طريقة تحديدها لأنها مخالفة للقانون مضيفا انه لا بد عند تحديد قيمة الحد الادني للأجور من مراعاة تكاليف المعيشة من إقامة وعلاج ومواصلات وغيرها .ورغم ذلك توقع الأزهري زيارة أسعار السلع الغذائية عند تطبيق الحد الادني قائلا إن الحكومة لن تكون قادرة على ضبط الأسعار كما لا يوجد في مصر جهاز حماية مستهلكفعال يستطيع أن يضع ضوابط لمنع رفع الأسعار وتعطيش السوق ببعض السلع الغذائية التي يحتاجها المواطنون .تضارب تصريحات المسئولينكما رأى رشاد عبده الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة،أن مشكلة الأجور في مصر من أهم المشاكل التي تواجه الحكومة الراهنة بسبب الوضع المتدني لمستوى رواتب العاملين في القطاع العام، حيث تتراوح مرتباتهم بين 300 و500 جنيه مصري شهريًا في أفضل الأحوال.وطالب رشاد عبده إن الإنتهاء لاتفاق موحد حول وضع حد أدني للأجور في أقرب وقت بدلاً من التصريحات المتضاربة بين وزارة المالية المصرية ووزارة القوى العاملة حول الاتفاق علي الحد الأدنى الجديد للأجور الذي اعلنه وزير المالية ، مشيرا إلي أنه ينبغي تطبيقه علي القطاع الخاص وليس علي القطاع العام فقط .وأشار عبده إلى بعض العوامل التي يجب أن يقوم المجلس القومي للأجور بوضعها في الحسبان عند تحديد الحد الأدنى للأجور أهمها الدرجات الوظيفية ومهارات العمال، بالإضافة إلى ضرورة وضع حد أدنى وأقصى للأجور وتحديد الطريقة التي يتم بها تمويل هذه الزيادات في الأجور بحيث لا تمثل عبئًا على موازنة الدولة.أجور مقنعةبينما اختلف معه رئيس نقابة النقل البحري عادل الصبحي الذي رأى أن الحد الادني المعلن مقنع ومعقول في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري مشيرا إلى أن قيمة هذا الحد ستكون مجزية بمرور الوقت.وأوضح الصبحي انه يمكن بعد أن يسترد الاقتصاد عافيته رفع الحد الادني مجددا متوقعا أن يستغرق الاقتصاد قرابة عامين للعودة إلى وضعه السابق .ودعا الحكومة إلى التفاوض مع القطاع الخاص ودعمه لتطبيق الحد الادني للأجور مطالبا إياها بضرورة ضبط الأسعار التي ستشهد قفزة غير مبررة عند تطبيق الحد الادني .تمويل الأجوروقال عبد الرحمن شرف، عضو المجلس الأعلى للأجور سابقاً، إن تحديد الحد للأدنى للأجور أمر جيد إلي حد ما ، لاسيما وأنه أفضل مما كان يتقاضاه العامل قبل قرار وزير المالية حيث أن الحد الأدنى للأجور أصبح ضعف ما حدده رئيس المجلس السابق عثمان محمد عثمان والبالغ 400 جنيه فقط.ولفت إلى أن تمويل هذه الأجور قد يأتي عن طريق تقليل نسبة المخصصات المالية التي كانت تذهب إلى مؤسسات سيادية، بالإضافة إلى زيادة الدعم للمشاريع الصغيرة ووضع حد أقصى للأجور، مع الأخذ في الاعتبار مصالح أصحاب مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وهي المؤسسات التي تعتبر مصدرًا رئيسيًا لخلق الوظائف الجديدة للشباب.بدون جدوى مع ارتفاع الأسعاروعن وجهة نظر المواطنين،رفض حسين محمد (موظف) الحد الادني للأجور الذي حدده الدكتور سمير رضوان وزير المالية وهو 700 جنيه علي أن يصل إلي 1200 خلال خمس سنوات ، موضحا أن هذا لن يكفي نظراً لأن النظام السابق تعمد ترك الأسعار لترتفع للمستويات العالمية دون أن يقابل ذلك ارتفاع الأجور للمواطنين المصريين حتى إلى مستويات الدول المجاورة لمصر، فضلاً عن مستوى الأجور في باقي بلدان العالم وهو ما أدى إلى انهيار المستوى المعيشي للأسرة المصرية وتآكل الطبقة المتوسطة في مصر.بينما يقول سالم الحسيني موظف إن الرواتب في مصر حتى لو تم رفعها إلي 1200 فإنها لن تكفي كافة المتطلبات الأساسية لأي أسرة فضلاً عن حالات الطوارئ التي تتعرض لها الأسرة المصرية، موضحاً أنه متزوج وأب لثلاثة أطفال ويجد نفسه في دوامة من المتطلبات اليومية الأساسية التي لا يمكن الحياة دونها، بالإضافة إلى الأعباء الإضافية التي يتحملها لتعليم أطفاله مع تدهور منظومة التعليم في مصر واضطراره مثل ملايين الآباء لدفع معظم راتبه مقابل حصول أبنائه على دروس خصوصية فضلاً عن نفقات العلاج وارتفاع تكلفة الخدمات، خاصة الكهرباء.وأضاف الحسيني أن رفع الحد الادني للأجور قد يساهم في حل مشكلات أي أسرة بنسبة قليلة وليس بشكل كبير لاسيما وأن ارتفاع الأسعار بالسوق المصري قد تجعل رفع الأجور بدون أي جدوى .