طرح المشاركون في جلسة حول العدالة وحقوق الإنسانضمن المنتدى الدولي حول مسارات التحولات الديمقراطية الذي يواصل فعاليات يومهالثاني والأخير بالقاهرة تحت إشراف برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، قضية العفو عنمرتكبي جرائم الأنظمة الديكتاتورية في الدول التي مرت بتجارب هذه الأنظمة قبل أنتتحول إلى الديمقراطية .وقد أدار الجلسة مدير المكتب الإقليمي لدول أمريكا اللاتينية والكاريبي ببرنامجالأممالمتحدة الإنمائي هيرالدو مونيوز، وتحدث فيها ألبي ساكس القاضي بالمحكمةالدستورية والمعين من قبل الرئيس الجنوب أفريقي السابق نلسون مانديلا .وفي مقارنة سريعة بين ما شهدته جنوب أفريقيا ودولة مثل تشيلي بأمريكااللاتينية، قال ساكس إن العفو بجنوب أفريقيا صدر بقانون وتمت الموافقة عليه منقبل نظام ديمقراطي، ومع الاعتراف والإقرار بحدوث انتهاكات حقوق الإنسان وكل هذاكان على العكس مما شهدته تشيلي، لافتا إلى أن الديمقراطية في جنوب أفريقيا سلكتمسارا سلميا.. وهذا يختلف من بلد إلى آخر.وأضاف أنه ينبغي على مصر أن تصغي لتجارب الدول الأخرى، مؤكدا أنه يدعم العفو عنمرتكبي جرائم النظام السابق فى بلاده .وفي سياق حديثه عن الدستور في فترة الانتقال نحو الديمقراطية في جنوب أفريقيا،لفت ساكس إلى أن المحكمة الدستورية في بلاده قضت عام 1996 بأن الدستور نفسه كانغير سليم وبضرورة تغييره لتصبح البلاد - خلال هذه الفترة - في مأزق كبير يتحتمالخروج منه من خلال وضع إطار يعمل البرلمان في إطاره .وأشار إلى أنه تم وضع عدد من المبادئ الدستورية وإعطاء البرلمان عامين لصياغةالدستور الجديد الذي وافق عليه 89 % من أعضاء البرلمان من خلفيات دينية وعرقيةمتنوعة، موضحا أن الدستور كان يجب أن يحمي الأقلية ضد استغلال الأغلبية .وأكد ساكس أنه لم يكن ثمة فرعون أو رئيس في جنوب أفريقيا يتمتع بصلاحيات مطلقةبل صار الدستور هو الفرعون في البلاد.وشدد ألبي ساكس القاضي بالمحكمة الدستورية على أن السلطة القضائية لعبت دوراأساسيا في تحقيق التوافق الدستوري والاستقرار وإضفاء الموضوعية خلال فترة وضعالدستور .وأوضح أن الإعلان الجديد لحقوق الإنسان بجنوب أفريقيا لعب أيضا دورا رئيسيا فيالوصول إلى حكم الأغلبية، مشيرا إلى أنه لم يكن يختص فقط بالسكان البيض الذينكانوا يملكون 87% من الأراضي و95 % من الاقتصاد والإدارة .وقال ساكس إنه كان هناك إعلان جديد يحافظ على حقوق الفقراء وفي نفس الوقت علىالتنوع ويرفض التمييز، بحيث صار للسود الحق في الانتخاب لأول مرة دون وجود اتجاهثأري ضد البيض، وأن البعض يصف ما حدث في جنوب أفريقيا بالمعجزة لكنها لم تكن كذلكبل كان الجميع حريصين على التوافق وهم اليوم فخورون به.ومن جانبه، قال خورخيه تايانا وزير الخارجية والتجارة السابق في الأرجنتين إنبلاده أمضت عهدا طويلا في ظل نظام ديكتاتوري طويل الأمد قبل أن تستعيدالديمقراطية في عام 1993 بقرار من المجتمع بالعيش في ظل الديمقراطية التي ربما لاتحل كل المشكلات ولكنها سبيل للوصول إلى حلول .وأشار إلى أن الديكتاتورية السابقة في الأرجنتين كانت ديكتاتورية نظام عسكريدستوري تتولاه المؤسسة العسكرية، وكان لابد من إصلاح هذه المؤسسة وغيرهاوالاستفادة من المجتمع المدني إضافة إلى ضرورة تغيير العقيدة العسكرية في ذلكالوقت والتي كانت تعنى بمسألة الأمن القومي .وأضاف تايانا أن جزءا من السكان يمكن اعتبارهم أعداء للدولة ومن ثم فإن للقواتالمسلحة الحق وعليها واجب قتال هذا الجزء من السكان، وبالتالي كان يجب تغيير ذلكالوضع وإصلاح دور القوات المسلحة ليصبح دورها فقط هو الدفاع عن البلاد ضد المخاطرالخارجية .ولفت إلى أهمية الفصل التام بين دور القوات المسلحة للدفاع عن البلاد ضدالأخطار الخارجية، أما الأمن الداخلي فقال إنه مسئولية الشرطة لأن الجيش ليس لهخبرة في تحقيق الأمن الداخلي.وأضاف أن بلاده لم تغير الدستور خلال عملية التحول الديمقراطي وإنما عادتأدراجها إلى العمل بالدستور السابق على النظام الديكتاتوري، وكان دستورا ليبراليايكفل حماية الحقوق السياسية والاجتماعية وتم تطبيقه 10 سنوات ثم قرر المجتمع وضعدستور جديد ضم نصوص المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان لتصبح جزءا من الدستور،مشيرا إلى أن ذلك أدى إلى زيادة مشاركة المرأة في البرلمان وأن من يحكم الأرجنتينالآن امرأة .وأوضح خورخيه تايانا وزير الخارجية والتجارة السابق في الأرجنتين أن السلطةالقضائية ذات دور مهم، وأنها لم تكن ثمة مشكلات في التعامل معها في عملية التحوللأن الدستور ينص على أن تعيين القضاة يحتاج لموافقة مجلس الشيوخ .وقال إنه كان هناك غليان مجتمعي بشأن العفو عن مرتكبي الجرائم وانتهاكات حقوقالإنسان وصدر قانون للعفو تقبله المجتمع باستثناء الجمعيات غير الحكومية التيرفعت دعاوى قضائية لمعرفة أماكن المفقودين .وأضاف تايانا أنه فيما يخص حقوق الإنسان فقد شهدت البلاد انتهاكات جسيمة في ظلالحكم العسكري والمجتمع الأرجنتيني الذى لا يقبل الإفلات من العقاب على هذهالجرائم، ولذلك كانت هناك لجنة لتعقب حالات اختفاء الأفراد والتي لم تكن أعمالافردية بل كانت مخططة لتجنب المعارضين وتمت محاكمة الزمرة العسكرية التي مثلت أماممحاكم مدنية وكان لذلك تأثير كبير على المواطنين .وشدد على أن أفضل وسيلة للاهتمام بحقوق الإنسان والتحول الديمقراطي هو دفعالنشاط السياسي، ودعم الأحزاء السيايسة ومؤسسات المجتمع المدني للتعبير عن نفسها .ومن جانبه، أشار توفيق بودربالة رئيس مفوضية حقوق الإنسان في تونس إلى أن عمليةالتصحيح والإصلاح في تونس كانت فريدة من نوعها في منطقتها لأن الثورة التونسيةكانت الأولى في هذا القرن في دولة عربية، كما كانت بغير سلاح بل خرج الشعب وخاصةالشباب ونجحوا في إسقاط الديكتاتور بن علي .وقال إن تونس كان لها ماض متميز ورائد في المجال الدستوري منذ منتصف القرنالتاسع عشر، كما صدر بها قانون لإلغاء الرق ثم منذ استقلالها، كما كانت بهامجانية التعليم الكامل وسياسة لتحديد النسل استفادت منها البلاد بأكملها .