جاءت القمة العربية فى دورتها السادسة والعشرين فى شرم الشيخ برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى تعد أول قمة عربية يترأسها، وسط أزمات جسيمة تعانيها المنطقة فى اليمن وسوريا وليبيا والعراق وغيرها، لتشكل منعطفا تاريخيا مهما خاصة بقرار القادة العرب وتأييدهم المقترح المصرى بإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة للدفاع عن الأمن القومى العربى وردع الإرهاب. وعلى الرغم من أن المشاركة العربية فى هذه القوة العسكرية اختياريا الا أن مراقبين يرون بضرورة تشكيل هذه القوة بأسرع وقت لتكون جاهزة للدفاع عن سيادة الدول العربية والتصدى لمخططات وأجندات الخارج لتقسيم المنطقة والنيل من مقدراتها . وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن القمة العربية نجحت فى ضخ دماء الأمل والتضامن فى شرايين العمل العربى المشترك". وقال فى كلمته فى ختام القمة العربية إنه "فى الذكرى ال70 لرفع لواء جامعة الدول العربية سنعمل على بلورة أهداف سنعمل على تحقيقها، بخطوات فعالة وإرادة سياسية. وأضاف أن التحديات التى تواجه أمننا القومى فى الوطن العربى تحديات جسيمة، نجح القادة العرب فى تشخيصها، وهو الأمر الذى سنعمل على استمرار بحثه لصيانة الأمن القومى وتحقيق تطلعات شعوبنا نحو مستقبل أفضل، وفى سبيل ذلك وارتقاء إلى مستوى المسئولية، فقد قرر القادة العرب اعتماد إنشاء قوة عسكرية مشتركة، على أن يتم تشكيل فريق رفيع المستوى لدراسة جميع الجوانب المتعلقة لإنشاء هذه القوة". وتعهد السيسى باستمرار العمل والتواصل والتنسيق لخدمة القضايا العربية المشتركة فى شفافية وجد وإخلاص، وقال إن المحن التى تمر بها أمتنا العربية كشفت عن المعدن الأصيل لرجال هذه الأمة. وقرر القادة العرب اعتماد مبدأ انشاء قوة عسكرية عربية تشارك فيها الدول اختياريا. وينص القرار على أن هذه القوة ( تضطلع بمهام التدخل العسكرى السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التى تهدد أمن وسلامة أى من الدول الاعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومى العربى بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية بناء على طلب من الدولة المعنية . وكلف القادة العرب الأمين العام للجامعة العربية بالتنسيق مع رئاسة القمة بدعوة فريق رفيع المستوى تحت اشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الاعضاء للاجتماع خلال شهر من صدور القرار لدراسة كافة جوانب الموضوع واقتراح الإجراءات التنفيذية وآليات العمل والموازنة المطلوبة لإنشاء القوة العسكرية العربية المشتركة وتشكيلها وعرض نتائج أعمالها فى غضون ثلاثة شهور على اجتماع خاص لمجلس الدفاع العربى المشترك لاقراره.. وقد تحفظ العراق على القرار. إعلان قمة شرم الشيخ أكد إعلان شرم الشيخ الصادر عن القمة العربية فى دورتها السادسة والعشرين برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى على التضامن العربى قولا وعملا فى التعامل مع التطورات الراهنة التى تمر بها المنطقة وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة فى مواجهة كافة التحديات...وفى نص الإعلان : نحن قادة الدول العربية المجتمعون فى الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة فى شرم الشيخ /جمهورية مصر العربية يومى 28 و29 مارس، والتى كرست أعمالها لبحث التحديات التى تواجه أمننا القومى العربى وتشخيص أسبابها، والوقوف على الإجراءات والتدابير اللازمة لمجابهتها بما يحفظ وحدة التراب العربى ويصون مقدراته وكيان الدولة، والعيش المشترك بين مكوناته فى مواجهة عدد من التهديدات النوعية، وهو الأمر الذى يتطلب تضافر جهودنا واستنفار إمكانياتنا على شتى الأصعدة، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية: إذ نؤكد اعتزازنا بجامعتنا العربية فى الذكرى السبعين لإنشائها، فإننا نجدد التزامنا بمقاصد الزعماء والقادة المؤسسين من ضرورة توثيق الصلات بين الدول الأعضاء وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها ومحافظة على تراثها المشترك والتى تجسدت فى ميثاق جامعة الدول العربية 1945 . وإذ ندرك أن مفهومنا للأمن القومى العربى ينصرف إلى معناه الشامل وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، من حيث قدرة الدول العربية على الدفاع عن نفسها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها وتقوية ودعم هذه القدرات من خلال تنمية الإمكانات العربية فى مختلف المجالات، استنادا إلى الخصائص الحضارية والجغرافية التى تتمتع بها، وأخذا فى الاعتبار الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة والإمكانيات المتاحة والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية التى تؤثر على الأمن القومى العربي. وإذ نستشعر أن الأمن العربى قد بات تحت تهديدات متعددة الأبعاد فبنيان الدولة وصيانة أراضيها قد أضحيا محل استهداف فى أقطار عربية عديدة ونتابع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة فى المنطقة العربية بمشروعات هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرغ القضايا العربية من مضامينها وتمس بالتنوع العرقى والدينى والطائفى وتوظفه فى صراعات دموية برعاية أطراف خارجية ستعانى هى نفسها من تدمير كل موروث حضارى كان لشعوب المنطقة دور رئيسى فى بنائه فضلا عن التحديات التنموية والاجتماعية والبيئية، وإزاء كل ما يحيط بالأمن القومى العربى من تهديدات وتحديات فى المرحلة الراهنة تهدد المواطنة كأساس لبناء مجتمعات عصرية تحقق الرفاهية والازدهار لشعوبها كى تستعيد الأمة العربية مكانتها المستحقة، فإننا: نؤكد على التضامن العربى قولا وعملا فى التعامل مع التطورات الراهنة التى تمر بها منطقتنا، وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة فى مواجهة كافة التحديات، ونجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن اجابات على الأسئلة الرئيسية للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن فى هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البينية وتنقة الأجواء. نجدد تعهدنا بالعمل على تحقيق إرادة الشعوب العربية فى العيش الكريم والمضى قدما فى مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة وصون الحريات الأساسية والكرامة الإنسانية وحقوق المرأة وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وندرك أهمية تلك الأهداف كأدوات رئيسية وفاعلة تصون منظومة الأمن القومى العربي، وتعزز انتماء الإنسان العربى وفخره بهويته. ندعو المجتمع الدولى إلى دعم الجهود العربية فى مكافحة الإرهاب واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية، كما نشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية فى هذا المجال من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية والتعاون القضائى والتنسيق العسكرى مشددين على حتمية الشمولية فى الرؤية الدولية فى التعامل مع الإرهاب دون اتقائية أو تمييز بحيث لا تقتصر على مواجهة تنظيمات بعينها وتتجاهل أخرى خاصة وأن كافة تلك التنظيمات يجمعها نفس الإطار الأيديولوجى وتقوم بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والمقاتلين والسلاح فيما بينها، ونؤكد فى هذا الإطار على رفضنا الكامل لأى ربط يتم لتلك الجماعات أو ممارساتها بالدين الإسلامى الحنيف. - ندعو كافة المؤسسات الدينية الرسمية فى عالمنا العربى إلى تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها نحو التصدى للأفكار الظلامية والممارسات الشاذة التى تروج لها جماعات الإرهاب والتى تنبذها مقاصد الأديان السماوية وندعوها إلى العمل على تطوير وتجديد الخطاب الدينى بما يبرز قيم السماحة والرحمة وقبول الآخر ومواجهة التطرف الفكرى والدينى ودحض التأويلات الخاطئة لتصحيح المفاهيم المغلوطة تحصينا للشباب العربي. كما نشدد فى هذا السياق على دور المثقفين والمفكرين العرب والدور الرئيسى لوسائل الإعلام العربية والقائمين على منظمة التعليم فى العالم العربى بما يستهدف نشر قيم المواطنة والاعتدال . ندرك أن التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا نحتاج إلى استرسال فى التوصيف بقدر الحاجة إلى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدى لها، وقد تجلى ذلك بشكل ملموس فى المنزلق الذى كاد اليمن أن يهوى إليه، وهو ما استدعى تحركا عربيا ودوليا فاعلا بعد استنفاد كل السبل المتاحة للوصول إلى حل سلمى ينهى الانقلاب الحوثى ويعيد الشرعية وسيستمر إلى أن تنسحب الميليشيات الحوثية وتسلم أسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا إذ نجدد تأكيدنا على محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربى فسيظل التأييد العربى التاريخى قائما حتى يحصل الشعب الفلسطينى على كامل حقوقه المشروعة والثابتة فى كل مقررات الشرعية الدولية وفقا لمبادرة السلام العربية، أما فى ليبيا فقد أورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2011 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا إثر انتشار سيطرة قوى متطرفة معادية لمفهوم الدولة الحديثة على مناطق ليبية فضلا عن تدخلات قوى خارجية تسعى لتوجيه مستقبل الشعب الليبى، كما يعانى العراق منذ عام 2003 من عمليات إرهابية ممنهجة أثرت سلبا على قدرته فى بسط سيطرته على كامل أراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلا عن عنف فى سوريا أنتج تطرفا حولها إلى ساحة لصراعات إقليمية ودولية بالوكالة، مما أفضى إلى غياب دور الدولة ومؤسساتهاعن ربوع البلاد، وعدم قدرتها على حماية شعبها والحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها. نتعهد أن نبذل كل جهد ممكن وأن نقف صفا واحدا حائلا دون بلوغ بعض الأطراف الخارجية مآربها فى تأجيج نار الفتنة والفرقة والانقسام فى بعض الدول العربية على أسس جغرافية أو دينية أو مذهبية أو عرقية، حفاظا على تماسك كيان كل دولة عربية وحماية لأراضيها وسيادتها واستقلالها ووحدة ترابها وسلامة حدودها والعيش المشترك بين مواطنيها فى إطار الدولة الوطنية الحديثة التى لا تعرف التفرقة أو تقر التمييز. نعقد العزم على توحيد جهودنا والنظر فى اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية لصيانة الأمن القومى العربى فى مواجهة التحديات الراهنة والتطورات المتسارعة وخاصة تلك المرتبطة بالممارسات لجماعات العنف والارهاب.