أثارت موافقة مجلس الوزراء على مشروع تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بسماع الشهود، حالة من الجدل حول مدى دستورية وقانونية ذلك التعديل . وجدير بالذكر أن التعديل يتعلق بالمادتين 277 و289 من قانون الإجراءات الجنائية، والذى يصبح بمقتضاه من حق القاضي التجاوز عن سماع الشهود، سواء شهود الإثبات الذين تقدمهم النيابة أو شهود النفي الذين يقدمهم دفاع المتهمين، وهو التعديل الذي أرسله مجلس الوزراء إلى مجلس الدولة لمراجعته، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإصداره. وعن هذا أوضح عماد عبدالعزيز الفقى المحامى أن السبب المعلن لإصدار هذا القانون هو سرعة الفصل فى القضايا أمام محكمة الجنايات، مشيرا إلى أنه يمكن تحقيق سرعة الفصل فى القضايا بعدد من السبل غير إلغاء شهادة الشهود أمام المحاكم عن طريق إيجاد عدد من البدائل منها على سبيل المثال سرعة تجهيز النيابة للدعاوى أو أن تعطى المحاكم أجلا أقل للجلسات بدلا من تأجيل الدعاوى لفترات طويلة. وأضاف الفقى أن القانون يعطى سلطة مطلقة للقاضى أثناء سير الدعوى فعلى سبيل المثال إذا كانت هناك جريمة قتل فإن القاضى طبقا للقانون الجديد سيحكم بالورق الموجود فى الدعوى والذى عادة ما يكون هو تحريات المباحث، الأمر الذى يضرب العدالة فى مقتل، كما ان شهادة الشهود دوما ما تخالف تحريات المباحث الأمر الذى يجعل القاضى ينظر للدعوى التى تنظر أمامه بعين واحدة فقط سواء الإدانة أو البراءة، الأمر الذى يمكن معه القول بأن عدم الاعتداد بشهادة الشهود تهدم ركنا أساسيا فى الإثبات أو النفى. وأكد أن إلغاء شهادة الشهود أمر مخالف للشريعة الإسلامية حيث يقول الحق سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم فى عدد من الآيات: «وأشهدوا ذوي عدل منكم» ، «وأشهدوا إذا تبايعتم»، الأمر الذى يؤكد أهمية سماع شهادة الشهود سواء فى الشريعة الإسلامية أو فى القوانين الوضعية الحديثة. ورد الفقى على الرأى القائل بأنه يمكن الاستغناء عن شهادة الشهود نظرا لانتشارالتكنولوجيا الحديثة والتى قد تثبت الأحداث أفضل وأصدق من شهادة الشهود قائلا بأن التكنولوجيا الحديثة قد تصور الحدث لكن المادة التى تم تصويرها لا تثبت حالته النفسية أو الأجواء التى تمت فيها الجريمة، الأمر الذى لا يغنى أبدا عن شهادة الشهود . من جانبه أبدى ناصر أمين المحامى وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان اعتراضه على مشروع قانون إلغاء الاستماع لشهادة الشهود أمام المحاكم، حيث أوضح أمين بأن القانون نفسه يمثل تهديدا على ضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، حيث إن الشهود هم أهم ضمانة للمتهم سواء كانت الدعوى مدنية أو جنائية وتكاد تكون الدليل الوحيد الذي يثبت حقهم وبالتالى إذا كانت هذه الأدلة قد سحبت من المتهم فإن هذا يؤثر بالتأكيد على موقفه. وأضاف أمين أن هذا القانون يحدث خللا فى قانون العدالة المستمر فى قانون الإجراءات الجنائية والذى تم إقراره منذ عقود فضلا عن أن هذا القانون يغل يد رقابة محكمة النقض للرقابة على الأحكام وبالتالى فسلطتها هنا ستكون سلطة مبتسرة مما يجعل القانون غير دستورى لأن به إخلال بمبدأ ضمانات المحاكمة العادلة بالإضافة إلى ان هذا القانون به إخلال بحق الدفاع الذى من حقه الإستعانة بكل شيء خاصة شهادة الشهود لإثبات براءة موكله، وشرح أمين أن تكوين المحكمة الجنائية يقوم على قناعة القاضى والذى يستمدها من مجريات الدعوى والتى يكون طرفا اساسيا فيها شهادة الشهود فإذا تم إلغاء هذا فإن هذا بالتأكيد سيؤثر على سمعة مصر الدولية لأنه لا يوجد نظام قضائى فى العالم يمنح القاضى سلطة مطلقة فى الحكم . وعن التوقيت الذى ظهر فيه مشروع هذا القانون أوضح أمين بأن القانون ظهر فى هذا التوقيت لأنه يوجد من يفكرون بطريقة خاطئة بأن يقوم بالإسراع فى إجراءات المحاكمة وأن الهدف من هذا القانون هو تعطيل يد محكمة النقض وهذه جريمة يجب المحاسبة عليها. وفى الختام تمنى أمين ألا يظهر هذا القانون وأنه على ثقة كبيرة فى السيد الرئيس بأنه لن يدع هذا القانون يمر. على الجانب الآخر رحب رئيس محكمة جنايات شبرا الخيمة، المستشار أمير رمزي فى تصريحات صحفية، بالتعديل الجديد للقانون معتبرا أنه هام جدا في الوقت الحالي لأنه سيعجل من الإنجاز في القضايا بمحاكم الجنايات ويغلق الباب على الدفاع الذي يهدف لتعطيل الدعوى بسؤال الشهود، كما سيترك هذا الأمر لتقدير المحكمة حتى تكون هي من يفصل في مدى أهمية سماع الشاهد من عدمه، و يكون هذا ضرورة ملزمة للمحكمة. وأضاف المستشار رمزى انه ليس هناك أهمية لسماع كافة الشهود، فالشاهد المهم هو الذي تقدر المحكمة أهمية استماع لشهادته هو من حضر الواقعة، لكن هناك بعض المحامين يطلبون استحضار شهود لم يشاهدوا شيئا كدرب من دروب الدفاع لتعطيل سير الدعوى لذا يجب غلق هذا الباب .